معن خليفة والعمل على تجديد شباب الأغنية السورية

07-01-2008

معن خليفة والعمل على تجديد شباب الأغنية السورية

يهم الموسيقي السوري معن خليفة تقديم نفسه كمدافع عن أغنية بلده المحلية، والتي تمر في أزمة عصيبة بسبب اهمالها ولأن روادها صاروا على حافة العمر، وليس من رديف لهم.

يتصدى خليفة للأمر من باب المضي في إثبات مقولته عن «الأكاديمي الحقيقي». وهاهو يطرح هذه المقولة عبر 6 أغنيات معظمها من تلحينه وتوزيعه، كتب كلمات 3 منها، وصدرت قبل أشهر قليلة ضمن أسطوانة بعنوان «مطرّز».

بداية هو موسيقي أكاديمي، تخرج من المعهد العالي للموسيقى في دمشق، متخصصاً بآلتي العود والـترمبون. وأكمل دراسته في فرنسا. وهو اليوم أستاذ مساعد لمادة التوزيع الموسيقي في المعهد الذي تخرج منه. ويرى ان الموسيقي يكون أكاديميا حقيقياً «إذا بقي مخلصاً للأشياء الصغيرة التي تربّى عليها وأحبها، وعندما يستمر في العمل على موروثه الموسيقي ولا يخجل منه». وبهذه الطريقة تجسّد اسطوانة «مطرّز» وجهة نظره الشخصية جداً، أو مقولته «مؤلفة وملحنة وموزعة».

لا نصادف في الاسطوانة خطأ واحداً. لا طبيعة الموسيقى توحي بانسجام أغانيها، ولا الكلمات كذلك. هناك أكثر من نمط موسيقي في مشروع واحد، أرادها خليفة خيوطاً ملونة ليطرّز لوحته الخاصة. لكن هل كانت النتيجة لوحة مبتكرة أفادت من تنوع، وتباين، مكوناتها؟ هل اقنعنا بوجهة نظره؟

أغنيتان باللغة الفصحى، يقدمهما المغني سومر نجار في شكل إنشادي. تتكرر الموسيقى فيهما بنسق واحد، يناسب الانشاد ولا يدخل عليه تنويعاً. وكلمات الأغنيتين تشكلان عوناً جيداً لمن يحاججون بثقل غناء الفصحى، على طيش نظرتهم وتعميمها. جمل مشتتة من شعر الشطرين، تقدم غزلاً مرتبكاً بمفردات ثقيلة، يصعب ان تترك في النفس انطباعاً وجدانياً لحال «الهيام»، حتى لو أعطى سامعها من نفسه.

في أغنية «طيري»، يخال السامع انه أمام غناء لشارة مضجرة تخص مسلسلات الكرتون المحلية. أما اغنية «أمي» التي يخاطب فيها الابن أمه، متذكراً لحظات وصوراً، طالبا منها أن تتركه يرحل بحرية ولا تحزن لذلك، فيمكن إسماعها لأي أم تفتقد ابنها من دون أي خوف عليها من انفعال أو مشاعر فيّاضة. مشكلة الكلمات هي ذاتها، مضافاً إليها افتعال المغني لميلودراما تفتقد، في الأساس، معنى يحملها.

كلمات الأغنيتين كتبهما شخص مجهول، على الأقل كما يقول خليفة. يكتب على الغلاف ان الكلمات لشاعر سوري معاصر يدعى «الحارث»، ولا يقول أكثر من ذلك. لكن في مكان آخر من الغلاف نعلم أن الاسطوانة من انتاج «الحارث غروب».

الأغاني الشعبية هي الوحيدة التي نجت بجلدها في الاسطوانة، سالمة ببهجتها غانمة بالأكاديمية! «عالعين» المأخوذة من التراث أرادها معن تحية للمغنية سميرة توفيق التي اشتهرت بتأدية هذه الأغنية، وليقول انها أبدعت في أجوائها، وامعانا منه في «الاعتزاز» بهذا التراث يلفت إلى استخدامه أفضل عازف ترومبيت في سورية (نزار عمران) ليقدم السولو الخاص ب»التشييل» (الذي يقدمه عادة عازف أورغ او ناي ليحمّس راقصي الدبكة الشعبية)، والذي يخجل به زملاؤه الأكاديميون على حد تعبيره. والأغنية الشعبية الأخرى التي ألفها خلفية (مطرّز)، ذات مستوى جيد، وهي من تلحينه.

الاسطوانة ككل لا توحي بمشروع ناضج. فيها حماس؟ نعم؛ بداعي المغامرة في انتاجها وتوزيعها. فيها موسيقيون؟ نعم؛ وهم أكاديميون وبارعون، ومعهم مغنون أصواتهم لا غبار عليها. المشروع فيه كل شيء، تقريبا، لكنه يفتقد روحا تجمعه وتقوده، وهي مسؤولية الملحن والموزع خليفة، إضافة إلى تعثره في تأليف الكلام، و(تبنيه) كلاماً فصيحاً لا شعر فيه ولا موسيقى، من دون التقليل من أهمية مبادرته وجهده فيهما. ففكرة التشبيك، والمزاوجة، بين التراث والموسيقى الأكاديمية ممتازة، لكن ليس «مطرّز» مثالا مناسباً على نجاحها، ولا حتى على جدواها. ومع وجود معضلة الامكانات المتواضعة، بما فيها الافتقاد لاستوديو محلي جيد للتسجيل، والتي يدركها خليفة ويرفض الاستسلام لها، تشكل هذه الاسطوانة مسودّة جيدة، أو بروفة متقدمة، لمشروع قادم، تحتاجه الأغنية المحلية بالتأكيد، سواء في الفولوكلور أو في التراث الطربي.

وسيم إبراهيم

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...