معابر الذل السبعة في غزة

25-01-2008

معابر الذل السبعة في غزة

بعد انسحاب إسرائيل من القطاع عام ,2005 أغلقت معابر غزة أكثر مما فتحت، وتجاوزت نسبة الإغلاق منذ ذلك التاريخ وحتى منتصف عام 2007 نسبة 80 في المئة. لكن بعد سيطرة حركة حماس على القطاع منتصف حزيران من العام ذاته، اغلقت المعابر بشكل نهائي مع السماح بدخول بعض الشحنات التي تحمل «فتات» المساعدات الإنسانية، ما أدى إلى خسائر في الاقتصاد الفلسطيني تقدر بمليارات الدولارات، كما تسبب في وفاة اكثر من 75 فلسطينياً منعهم الاحتلال من الخروج لتلقي العلاج اللازم.
لا تتعدى مساحة قطاع غزة، المنطقة الأعلى كثافة سكانية في العالم، 360 كيلومتراً مربعاً، يعيش فيها اكثر من 1.5 مليون فلسطيني. هذا المكان الضيق محاط بسبعة معابر تحدد حركة الدخول والخروج إليه، وكلها تخضع للسيطرة الإسرائيلية باستثناء معبر رفح الحدودي جنوبي القطاع، الذي من المفترض أن تديره السلطة الفلسطينية بالتعاون مع الحكومة المصرية، وبإشراف أوروبي. فما هي طبيعة هذه المعابر، وكيف يتم تحديد حركة الدخول والخروج فيها؟
معبر المنطار (كارني):يقع إلى الشرق من مدينة غزة، وهو المعبر الأهم في القطاع كونه اكبر المعابر المخصصة للحركة التجارية، من الضفة والعالم إلى إسرائيل ثم القطاع أو بالعكس، وهو المعبر الأكثر إغلاقاً من بين بقية المعابر، وأعقدها خضوعا لإجراءات التفتيش. وتشير بعض الإحصاءات الى انه أغلق، عام ,2007 اكثر من 250 يوماً.
من جهتها، تعتبر الحكومة الإسرائيلية إنه لا يمكن العمل في هذا المعبر من دون وجود «شريك فلسطيني» يقوم بإجراءات تفتيش أولية للبضائع الفلسطينية، قبل أن تنقل إلى القسم الثاني من المعبر الذي يخضع لسيطرة شركة إسرائيلية متخصصة، تجبر الشحنات على تفريغ حمولتها للتفتيش، ثم تقوم بتعبئتها من جديد، ما يتطلب وقتاً طويلاً يؤدي إلى إتلاف جزء كبير من صادرات القطاع الزراعية وأهمها «التوت الأرضي والورد».
وكانت أكثر من 500 شاحنة تتبادل البضائع على جانبي المعبر، خلال عام ,2007 لكن ومنذ سيطرة حماس على القطاع، صارت إجراءات التفتيش في المعبر أكثر تعقيدا، وحركة الشاحنات المحملة بالبضائع شبه معدومة.
وأكدت وزارة الاقتصاد الوطني الفلسطيني أن إسرائيل فرضت قيوداً جديدة على انواع البضائع التي يجب أن تدخل منه، بينها الطحين والقمح والسكاكر ومنتجات الألبان والفواكه، فيما نفد مخـزون القطاع من مواد البناء. ولوحــظ توقف العديد من مشاريع البناء، كما منعت دخول بضائع مثل لعب الأطفال، وبعض المواد الكيميائية بدعوى أنها «قد تستخدم في صناعـة المتفجرات»، ويجري حاليا إدخال البضائع إلى غزة، كالقــمح، عبر قيام شاحنات إسرائيلية بتفريغ حمولتها في وعاء كبير، مقام أسفل شريط دوار، ينقلــها إلى وعاء مشابه في الجانب الفلسطيني، ويجري تعبئتها هناك من قبل الفلسطينيين بواسطة جرافات أحيانا، ما يعرضها للتلف. وكان هذا الوعاء والشريط، يستخدمان في السابق لنقل الرمل والحصى المستخدمة في البناء.
أما البضائع الفلسطينية فخروجها من القطاع شبه مستحيل في هذه الآونة، وتقدر الخسارة السنوية الناجمة عن عدم تصدير التوت الأرضي والورود لوحدها بنحو عشرين مليون دولار.
معبر بيت حانون (إيريز): يقع شمالي مدينة غزة وهو نقطة اتصال بين القطاع وإسرائيل، ويخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، وهو مخصص لمرور الحالات المرضية التي يتم تحويلها للعلاج في إسرائيل أو إلى الأردن والضفة مرورا بالمناطق الإسرائيلية، كما يمر منه الدبلوماسيون، والبعثات الأجنبية، والصحافيون، والعمال، والتجار الفلسطينيون الذين يدخلون إلى إسرائيل بتصاريح، وكذلك تمر منه الصحف وبعض المطبوعات.
وكان هناك تنسيق بين الفلسطينيين والإسرائيليين في هذا المعبر، قبل الانقلاب العسكري لحماس، لكن سلطات الاحتلال دمرت نقطة الشرطة الفلسطينية التي كانت في المكان، والتنسيق الذي يجري الآن يتم من خلال مؤسسات الصليب الأحمر.
ويواجه الفلسطينيون إجراءات تفتيش مذلة لدى المرور على المعبر، ويمشون مسافة تزيد عن الكيلومتر للوصول إلى الجانب الإسرائيلي منه، كما أنهم يضطرون لقضاء ساعات طويلة في انتظار السماح لهم بالمرور، ما ادى الى وفاة عدد كبير منهم. وبرغم أن المعبر مخصص لاستيعاب مرور 20 ألف شخص في اليوم، الا ان سائقي السيارات العمومية الذين يعملون هناك يشرون الى ان الحركة اليومية للمعبر لا تتعدى مرور «20 الى 30» شخصاً غالبيتهم من الأجانب.
معبر العودة (صوفا): يقع إلى الشرق من مدينة رفح، وهو الآخر مخصص للحركة التجارية باتجاه واحد، من إسرائيل إلى غزة فقط، وقد استخدم في بعض الأحيان كبديل عن معبر المنطار، وأدخلت من خلاله مواد غذائية، لكنه صغير نسبياً مقارنة بالأخير، والحركة فيه تقتصر على المواد المخصصة لعملية البناء.
يخضع المعبر للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، ويعمل لأوقات قليلة جداً، وهو يخضع للمزاجية الإسرائيلية في الفتح والإغلاق والتفتيش، إذ يتم إفراغ الحمولة من شاحنات إسرائيلية في ساحة كبيرة، بعد خضوعها لفحص امني إسرائيلي معقد يستمر ساعات، وبعد ذلك يخلي الإسرائيليون المكان، ويسمح للفلسطينيين بالذهاب لتحميل البضاعة في شاحناتهم. ولم تتعد حركة الشاحنات على جانبيه، في أفضل حالاتها، الـ200 شاحنة، وفي هذه الآونة المعبر مغلق بشكل كامل، ولم يفتح خلال العام الماضي إلا 65 يوما، بحسب تقرير «المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان».
معبر الشجاعية (ناحال عوز): يقع إلى شرقي القطاع وهو الأكثر حساسية كونه المعبر الوحيد المخصص لإيصال الوقود إلى غزة، وتشرف عليه شركة دور الإسرائيلية، المورد الرئيسي لوقود القطاع، وهو عبارة عن بناء مربوط بأنابيب كبيرة على جانبيه، تستخدم لتفريغ حمولات الشاحنات الإسرائيلية من الوقود (غاز، بنزين، سولار السيارات، وسولار الصناعة).
معبر كرم أبو سالم (كيرم شالوم): يقع على الحدود المصرية الإسرائيلية، ويخضع لإشراف إسرائيلي، بتنسيق مع الجانب المصري، وهو مخصص للحركة التجارية بين الجانبين، لكنه يستخدم في بعض الأحيان لإدخال المساعدات إلى القطاع، كما تحول في الفترة الأخيرة إلى منفذ يدخل منه الفلسطينيون إلى غزة ـ خصوصا الذين علقوا على معبر رفح ـ بتنسيق مع الجانب الإسرائيلي، ويخضعون لتفتيش مذل، ومعقد، وابتزاز من رجال الاستخبارات الإسرائيلية.
معبر القرارة (كيسوفيم): أغلق هذا المعبر بشكل كامل بعد انسحاب إسرائيل من القطاع، وهو يقع بين منطقة خان يونس ودير البلح، ومخصص فقط للتحرك العسكري، ويستخدم لدخول الدبابات والآليات العسكرية حال تقرر تنفيذ اجتياح أو عمليات في القطاع. وكان يستخدم، خلال وجود الاحتلال في غزة، للحركة العسكرية، ولحركة المستوطنين، وقد استخدم في بعض الأحيان لنقل الاسمنت وبعض المواد الأخرى.
معبر رفح: المعبر الفلسطيني الوحيد، وقد أصبح كذلك بعد الانسحاب الإسرائيلي من القطاع عام ,2005 حيث أحيلت السيطرة عليه إلى الجانب الفلسطيني، شريطة التنسيق مع الجانب المصري، وبوجود مراقبين اوروبيين. افتتح المعبر ضمن اتفاقية خاصة ـ سميت اتفاقية المعابرـ تسمح بدخول أي فلسطيني يحمل هوية فلسطينية، لكنها تشترط على السلطة الفلسطينية إبلاغها بأسماء كل من يريد استخدام المعبر قبل 48 ساعة، لتقرر ما إذا كانت ستسمح له بالعبور أو تمنعه بحجج «أمنية».
ويجوز للفلسطينيين، وفقاً لنص اتفاق المعابر، استخدام المعبر في تصدير البضائع الفلسطينية، لكن إسرائيل ترفض ذلك. وبرغم أن الاتفاقية لم تمنح إسرائيل حق إغلاق المعابر من طرف واحد، فهي تتحايل على ذلك بمنع حضور مراقبي الاتحاد الأوروبي ـ الذين كانوا يمرون يومياً إلى معبر رفح عبر معبر كرم ابو سالم ـ مستفيدة من بند في الاتفاقية يمنع فتح المعبر إلا بوجود البعثة الأوروبية.
إضافة إلى المعابر السبعة السابقة، هناك ميناء غزة البحري ـ الذي يطمح الفلسطينيون الى إنشائه يوماً ما وفق اتفاقات أوسلو ـ فيما دمرت إسرائيل الميناء الجوي ـ مطار الشهيد ياسر عرفات ـ وبالتالي حرمت الفلسطينيين من الحركة جواً وبحراً، كما تهدد يومياً بقصف معبر رفح الفلسطيني حال تم فتحه وتشغيله عنوة.
ويرى الصحافي صفوت الكحلوت، من مدينة رفح المصرية،  ان ثمة معبراً جديداً تم افتتاحه أمس بواسطة المتفجرات، على امتداد الشريط الحدودي على محور صلاح الدين (فلادلفي)، مشيراً إلى أن هذه الفتحات المؤقتة أصبحت المتنفس الوحيد المتاح لأهالي غزة حالياً.

أمجد سمحان

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...