محصّـلـة رمضـانـيـة

30-09-2008

محصّـلـة رمضـانـيـة

عبد الحكيم قطيفان وأسعد فضة في «رياح الخماسين». ستكون سهرات العيد مسرحاً لنهاية عشرات المسلسلات التي وجدت طريقها إلى الشاشة الصغيرة وشغلت الناس على مدى شهر كامل. ستكون الخاتمة لشهر كامل من المتابعة الواسعة في العالم العربي كله. وكما في كل عام، تغيب الاحصاءات الدقيقة عن نسب المشاهدة الخاصة بكل مسلسل، لكن الأكيد ان عدداً من المسلسلات استطاع أن يثير جدلاً واسع النطاق، وان يستقطب جماهير كثيرةً. في هذا الاطار، يحتل مسلسل »أسمهان« رأس القائمة، إضافة إلى مسلسل »ناصر«، اللذين أثبتا أن للسيرة الذاتية جاذبيتها الخاصة بالنسبة إلى المشاهد العربي.
حضرت الرقابة بقوة في رمضان هذا العام، وشهدنا على شد حبال بين برامج لعبت على الوتر السياسي أكثر من مرة. وقد يكون المسلسل السوري »بقعة ضوء« صاحب النصيب الأكبر من الاعتراضات الرقابية على أكثر من حلقة، كان أبرزها حلقة تناولت الأمن الجنائي وتسببت بتدخل شخصي من وزير الداخلية السوري. كما لم يسلم مسلسل »رياح الخماسين« الذي تناول قصة سجين سياسي سابق من مقص الرقيب، وبعد طول نقاش استكمل عرضه ولكن مع تعديلات رقابية، وهو ما لم يفلح به مسلسل »أسمهان« الذي لم يعرض على التلفزيون السوري بعد اعتراض من فيصل الاطرش ثم توصية وزير الإعلام السوري بإحالة المسلسل إلى لجنة تقرر ما إذا كانت شكاوى الأطرش في محلها.
أما المسلسل البدوي »فنجان الدم«، فكان منعه مفاجأة اللحظة الأخيرة بعدما أدرج في جدولة قناة »أم بي سي« ثم سحب بسبب ما قالت القناة انه استجابة لاعتراضات من عدة قبائل، فأتت الخطوة لتشكل ضربة رمضانية قاسية للفنان جمال سليمان الذي اقتصر حضوره على في مسمن »ليل ورجال«.لسل »أهل الراية«. لم يكن مصير مسلسل »سعدون العواجي« أفضل حالاً، إذ أوقف بعد عرض حلقات قليلة منه على شاشة »أبو ظبي« بتدخل من الرئيس الإماراتي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان »استجابة لناشدات تقدمت بها العديد من القبائل العربية التي يحاكي المسلسل حقبة من تاريخها«. الحادثتان أعادتا طرح السؤال حول مصير الدراما البدوية والخطوط الحمر الكثيرة التي قد تعيقها في السنوات المقبلة بعدما انتعشت إنتاجياً ولكنها تعثرت رقابياً.
في رمضان هذا العام أيضاً، لم تكن المسلسلات التي حققت نجاحاً جماهيرياً بارزاً العام الماضي واستكملت بأجزاء إضافية على قدر التوقعات، فبدا واضحاً ان »باب الحارة ٣« و»الدالي ٢« و»الحصرم الشامي ٢«، حافظت على جماهير الأجزاء الأولى ولكن من دون حماسة، ولم تستطع كسب المزيد من المشاهدين، في وقت استطاعت مسلسلات أخرى فرض نفسها وبقوة على الساحة. وبعدما لمع نجم يحيى الفخراني ونور الشريف وتيم حسن وسوسن بدر وجمال سليمان وغيرهم العام الماضي، بدا ان هناك نوعاً من خيبة الأمل التي طالت كثيرين هذا العام، خصوصاً بعدما فشل أداء الفخراني المتمكن من رفع رصيد مسلسل »شرف فتح الباب« الذي وقع بخسارة شعبية كبيرة. لكن تلك لم تكن مشكلة بالنسبة إلى المشاهد الذي وجد نفسه أمام خيارات كثيرة تفوق قدرته على المتابعة، فلاحق وجوهاً جديدة كان أكثرها حضوراً هند صبري وسلاف فواخرجي ومجدي كامل وأحمد شاكر وغيرهم.. أما في ما خص الوجوه »المكرسة« جماهيرياً فقد بدا واضحاً ان هاجس الشباب الدائم قد ارتد عليها، فيسرا (في »إيد أمينة«) وشريف منير (في »قلب ميت«) وفيفي عبده (»قمر«) مثلاً، كلهم جسدوا شخصيات في مقتبل العمر وهو ما أخذ ضدهم وليس لمصلحتهم، هذا علاوة على حرصهم على تقديم صورة ملائكية خيّرة لشخصياتهم. وقد يكون مسلسل »أسمهان« قد ساهم في تظهير انطباع كهذا، خصوصاً اننا شاهدنا الشخصية المحورية فيه وقد شذت عن النمط المتبع في بقية المسلسلات.
استطاعت مسألة الانتاج المشترك ان تأتي بثمارها في أكثر من انتاج ضخم وتحديداً بين مصر وسوريا، وهو ما وضع مسألة »التناحر الفني« بين مصر وسوريا على الهامش بعض الشيء بعدما كان نقاشاً حامياً العام الماضي عقب النجاح الذي حققه كل من تيم حسن وجمال سليمان في مصر، ثم قرار نقيب الفنانين المصرين الذي منع مشاركة الممثلين العرب غير المصريين سوى بعمل واحد في العام وما تبعه من بلبلة في الوسط الفني.
الأكيد في رمضان ،٢٠٠٨ ان الكثير من المسلسلات قد ظلمت، فمن أصل أكثر من مئة مسلسل أنتجت هذا العام لم يتسن للمشاهد أن يتابع بدقة إلا نزراً قليلاً منها، وبالتالي فإن بعض المسلسلات عليها أن تنتظر ما بعد رمضان كي تأخذ المساحة التي تستحقها.
أما الغائب الأكبر هذا العام، فبقيت الفوازير الرمضانية التي يبدو انها لم تجد من يخوض غمارها ويعيدها إلى الواجهة بالمستوى اللائق، فيما تنتشر حمى تسويق حثيثة لأجزاء جديدة من مسلسلات انخفضت قيمتها الفنية ولكنها حصدت أرباحاً على صعيد الحسابات التجارية.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...