في سوريا، الحياة مكلفة، لكن الموت أغلى

21-03-2010

في سوريا، الحياة مكلفة، لكن الموت أغلى

ثمة هاجس يشغل بال السوريين هذه الأيام وخاصة سكان مدينة دمشق ويتعلق بعدم وجود قبور تكفي لدفن موتاهم، وفي حال توافرت فثمنها يبلغ أرقاما فلكية تترواح بين 150 و500 ألف ليرة سورية (حوالي 11 آلاف دولار).

وتحوي دمشق أكثر من 50 مقبرة تتوزع بين مناطق دمشق القديمة والميدان وقاسيون والمزة وغيرها، لكن تلك المقابر على كثرتها لا تكفي لدفن جميع الموتى ما يدفع الدمشقيين إلى شراء قبور لهم ولعائلاتهم خارج مدينة دمشق.

وتشير إحصاءات المكتب المركزي للإحصاء في سوريا بأن عدد الوفيات في سوريا بلغ حوالي 58 ألف شخص عام 2004، وهو رقم كبير قياسا بعدد الوفيات عام 1950 الذي لم يتجاوز 3800 شخص.

وتؤكد بعض التقديرات –حسب موقع سيريا نيوز- أن عدد الوفيات في سوريا بلغ في العقود الخمسة الأخيرة حوالي 1.5 مليون شخص، بينما يُتوقع أن يرتفع العدد في الخمسين عاما القادمة إلى 14 مليون حالة وفاة طبيعية.

ويشير تقرير لمعهد السلم والحرب بأن أزمة العقارات المرتفعة في دمشق انعكست سلبا على سعر القبور فيها، معتبرا أن قبور ريف دمشق أرخص من مثيلاتها في العاصمة، إلا أن أسعارها تتجه للارتفاع تزامنا مع زيادة الطلب عليها.

ويضيف التقرير "ليس من الغرابة أن تجد قبورا كُتب عليها تاريخ ولادة شخص دون ذكر تاريخ وفاته لأنه حي يرزق".

وينقل التقرير عن محمود كعبور قوله "ذهبت للمعضمية فطلبوا مني سعر القبر 30 ألف ليرة سورية (حوالي 660 دولار)، والشخص لا يعرف متى يموت، فاضطررت لشراء قبرين بسعر 60 ألف ليرة (حوالي 1330 دولار) وأعطوني فيهم أوراق طابو أخضر نظامي".

وثمة قرارات كثيرة صدرت حول منع المتاجرة في مقابر مدينة دمشق، إلا أن الكثيرين يتخوفون من استمرار هذه السوق في الخفاء.

ويدفع السوريون الكثير من المال لشراء قبر في إحدى المقابر وسط العاصمة، أما المرحلة الثانية فتتعلق بثمن التابوت الذي يُفترض أن يُصنع من أفضل أنواع الرخام ليتباهى به ذوو المتوفى.

وينقل التقرير عن صانع التوابيت توفيق الحلاق قوله "الذي لديه قبر هنا وكأنه ملك الدنيا، جاءني ذات يوم شخص يريد شاهدة ليضع فيها أربعة عشر ورقة واستغربت من الأمر لكني اكتشفت لاحقا أنه يحب رقم 14".

أما فهد سرميني (صانع توابيت) فيؤكد أنه صنع قبر رخام كلفته أكثر من 150 ألف ليرة (حوالي 3300 دولار).

وتم مؤخرا افتتاح مقبرة في قاسيون مساحتها 700 دونم وتتسع لـ 2 مليون قبر بالإضافة إلى بعض المقابر الصغيرة المتوزعة في عدد من المناطق.

ويشير موقع سيريا نيوز إلى أن كل ميت يشغل مساحة وسطية قدرها 2 متر مربع، ويضيف "سنحتاج الى 28000 دونم أي 40 مقبرة مثل مقبرة "قاسيون" لتتسع لـ "جموع" المتوفين في السنوات الخمسين القادمة".

ودفعت أزمة ضيق المساحة المخصصة للمقابر المشرفين على مقابر مدينة دمشق في العقود الأخيرة إلى دفن الموتى الجدد فوق ذويهم.

وينقل تقرير المعهد عن أبو تيسير (حارس مقبرة) قوله "هذه القبور يتوارثها الناس كأي شيء آخر، كل خمس سنوات يتبدل صاحب القبر".

ويرى قاسم زين الدين المشرف على مقبرة المعضمية في ريف دمشق أن تدفق الأموال من الدمشقيين لعب دورا كبيرا في رفع أسعار مقبرته.

ويضيف "الذي سيشتري من خارج البلد ليس لديه أرض ويجب عليه دفع ثمنها فتراه دفع حق الأرض ولوازم القبر أيضا".

ويعكس ارتفاع تكلفة القبور الواقع الدمشقي الذي يعاني أصلا من غلاء في أسعار العقارات ومرافق الحياة الأخرى.

ويرى خبير العقارات عمار يوسف أن ارتفاع عدد السكان ووجود بعض التغيرات الاقتصادية أدى لارتفاع أسعار المقابر أسوة بأسعار أي شي موجود ضمن المنظور العقاري لمدينة دمشق.

و يبدو من الصعب تحديد عدد الأموات يوميا في دمشق في ظل عدم وجود إحصاءات دقيقة تماما مع الزيادة الكبيرة التي تشهدها أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ والتي تحوي أيضا أقدم قبر في التاريخ وهو ضريح النبي هابيل عليه السلام.

 

حسن سلمان

المصدر: ميدل ايست اونلاين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...