فلسطين: هل تخرج حكومة الوحدة من نفقها

07-11-2006

فلسطين: هل تخرج حكومة الوحدة من نفقها

دفع العدوان الإسرائيلي المتصاعد في قطاع غزة الذي حصد حتى الآن 57 شهيدا وحوالى 270 جريحا، وتفاقم الأزمة المعيشية الناجمة عن استمرار الحصار، قادة كل من حركتي فتح وحماس إلى تقريب المواقف والاتفاق الأولي على تشكيل حكومة فلسطينية جديدة. وبرغم دخول عدد من القوى الفلسطينية والعربية على خط الاتصالات بين الطرفين، إلا أن ما تحقق من تقدم حتى الآن يسجل في خانة الوساطة القطرية. ومع ذلك فإن مصادر فلسطينية مطلعة تشدد على أن هناك تفاؤلا حذرا بالتوصل إلى اتفاق برغم أن الاتصالات لم ترق بعد إلى مستوى الإعلان عن حكومة فلسطينية جديدة.
وكان من المقرر أن يتم خلال اجتماع الرئيس محمود عباس (ابو مازن) ورئيس الحكومة إسماعيل هنية في غزة امس، وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق إعلان الحكومة الجديدة. غير أن الخلافات حالت دون إعلان أي اتفاق سوى استعداد الطرفين لمواصلة الاتصالات والمشاورات بحثا عن مخارج للأزمة الفلسطينية.
ميدانيا، وفي اليوم السادس من حربها على بيت حانون وغزة، وجهت إسرائيل نيرانها إلى التلامذة الفلسطينيين، فقتلت اثنين منهم وأصابت تسعة آخرين في غارة جوية على حافلة تقل أطفالا إلى مدارسهم، فيما استشهد خمسة فلسطينيين برصاص الاحتلال الذي عمد الى سرقة منازل السكان خلال عدوانه .
ويبدو أن الحكومة الفلسطينية الجديدة باتت مطلبا داخليا وخارجيا على حد سواء، وأن الموضوع يناقَش ليس فقط في الأوساط الفلسطينية والعربية وإنما كذلك في الدوائر الإسرائيلية والأميركية والأوروبية. وليس صدفة أن التلفزيون الإسرائيلي أشار أمس الأول إلى اتصال بين وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس ورئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت للبحث في هذا الأمر وفي قضية تبادل الأسرى. وقالت مصادر إسرائيلية إن الإدارة الأميركية تبحث في بلورة مبادرة سياسية لتحريك الموضوع الفلسطيني وتشمل قضية الأسير جلعاد شاليت. وأوضحت أن هذه المبادرة سوف تعرض على أولمرت الذي اعلن البيت الابيض ان الرئيس الاميركي جورج بوش سيستقبله في 13 تشرين الثاني الحالي.
وجرت الإشارة إلى أن رايس استفهمت من أولمرت حول إمكان الإفراج عن النائب في فتح الاسير مروان البرغوثي لمصلحة عباس بعدما أدرج اسمه في رأس قائمة من تطالب حماس بالإفراج عنهم في مقابل شاليت. وشدد مراسل القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي على أن أولمرت رفض طلب رايس.
وفي إشارة ذات مغزى حول تغيير ما في موقف الإدارة الأميركية، تحدثت رايس أمس عن حماس بقولها لست واثقة من أنه من الأفضل أن يتراكض هؤلاء في الشوارع، مقنّعين ويحملون البنادق، وليس التنافس أمام مقترعين يغدون ملزمين بتقديم كشف حساب أمامهم. وقالت رايس إن انتخابات حرة ونزيهة أوصلت حماس إلى السلطة، لكن هذه الحركة أخفقت في مسؤوليتها بالحصول على الاعتراف الدولي، الأمر الذي حرم الشعب الفلسطيني من المساعدات الدولية. وخلصت إلى أنه على الأسرة الدولية القيام بالمزيد من أجل إقناع مختلف الجماعات في الشرق الأوسط بالمشاركة في العملية السياسية والتخلي عن الإرهاب.
كما أن الاتصالات بين حماس وفتح حول تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة تواصلت بعد زيارة وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني للقطاع الشهر الفائت، وأنه تم التوافق عبر هذه الاتصالات على أن تسمي حماس رئيس الحكومة بالتوافق مع عباس بأن تعرض عليه حوالى خمسة أسماء مرشحة شرط ألا يكون أي منهم قياديا بارزا في حماس أو حركة الإخوان المسلمين.
وفي الوقت الذي كان فيه عباس يعتقد بإمكان التوافق حول أشخاص مثل الدكتور جمال الخضري أو الدكتور محمد شبير أو الدكتور سمير أبو عيشة، طرحت حماس، وفق مصادر في الرئاسة الفلسطينية، اسم الدكتور باسم نعيم فقط. وقالت جهات أخرى إن اسم الدكتور كمالين شعث عرض هو الآخر كمرشح. وأشارت جهات فلسطينية إلى أن التراجع عن عرض أسماء عديدة والتركيز على اسم واحد جاءا، ربما، لإرضاء التيار المتشدد في حماس الذي انتقد استعداد حماس للبحث في حكومة جديدة. وعزت جهات فلسطينية أخرى من خارج حماس وفتح اختيار نعيم إلى خشية قادة حماس من ترشيح شخصيات قوية بذاتها تجنبا لخلافات مستقبلية معها.
غير أن التفاؤل الحذر يتراجع عند بعض المقربين من عباس، فيتحدثون عن أن التقدم في موقف حماس من تشكيل الحكومة الجديدة مشكوك فيه بسبب ما يسمونه الألغام المزروعة في هذا الموقف. ويقول هؤلاء إن أول هذه الألغام إصرار حماس على أن يكون رئيس الحكومة من قطاع غزة. ويشير هؤلاء الى أن اللغم الثاني هو أنهم يريدون لحماس 11 وزيرا من بين 24 على أن تكون الوزارات مناصفة بين الضفة والقطاع. وأخيرا فإن حماس، وفق مصادر رئاسية، تربط كل الاتفاق حول الحكومة الجديدة بإنهاء قضية تبادل الأسرى وضمان فك الحصار عن السلطة الفلسطينية.
كما ناقش عباس مسألة ضمانات فك الحصار عن السلطة مع القنصل الأميركي في القدس المحتلة جاكوب واليس أمس، ومع المبعوثين الأميركيين ديفيد ولش وأليوت أبرامز يوم الخميس الفائت. وأبلغ الأميركيون عباس أنه إذا توافق برنامج الحكومة مع برنامج الرئاسة فإن الولايات المتحدة سوف تعيد النظر في موقفها من الحصار.
وقالت مصادر فلسطينية إن المداولات بين فتح وحماس تتركز على جانبي الأسماء والوثيقة البرنامجية للحكومة. وتجري المباحثات حاليا حول رسالة التكليف التي ستشكل أرضية عمل الحكومة حيث تصر حماس على أن تستند في تعابيرها إلى وثيقة الوفاق الوطني، في حين يشدد عباس على ضرورة تضمينها فقرات من خطابه الأخير أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وترى هذه المصادر أن حماس لا تمانع في الجوهر استخدام فقرات من خطاب الرئيس الفلسطيني شرط ألا يكون ذلك ملزما لها.
وتخشى مصادر فلسطينية أن تثير الوساطة القطرية بذاتها عراقيل إقليمية، نظرا للخلافات القائمة بين الدوحة وعدد من الدول العربية. غير أن مصادر أخرى تشير إلى أن قطر نالت الرضا العربي في مؤتمر الستة زائد اثنين في القاهرة مع رايس الشهر الفائت. وعدا ذلك، فإن الجمود والتراجع في الحالة الفلسطينية يدفعان كل القوى العربية المختلفة مع قطر، من مصر إلى الإمارات مرورا بالأردن والسعودية، كي تتمنى لهذه المبادرة النجاح.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...