ثرثرات المجتمع ملعب للنساء والرجال

25-06-2008

ثرثرات المجتمع ملعب للنساء والرجال

على الرغم من ضيق الوقت الذي نعانيه بعض الأحيان إلا أن الثرثرة جزء أساسي من الحياة اليومية التي يعيشها مجتمعنا، إنها ملح الحياة كما يصفونها خصوصاً في المجتمعات الأقل ثقافة أو التي تعاني من أوقات فراغ كبيرة إنها ملعب للنساء في الاستقبالات والصبحيات والاجتماعات النسائية التي تجمع عدداً من النساء وقد تكون مجموعة منهن مثقفات وحاصلات على مستوى تعليمي جيد، ولكن الطبع غلب التطبع.
 
حتى إنه في كثير من الأحيان إن لم يجدن من يتحدثن عنها أو «يغتبنها» يتحدثن على بعضهن البعض وينتقدن أنفسهن انتقاداً لاذعاً حتى إنه في كثير من الأحيان ينتهي بخلاف بين الجميع.

إن الثرثرة ثقافة قديمة منذ الأزل، وهي تتقدم مع تقدم الزمن وتتطور وحتى مع وجود التكنولوجيا لم يتغير هذا المفهوم وحافظ على أصالته حتى بتنا نلاحظ أن هناك بعض القنوات متخصصة بالثرثرة، وقد استخدمت شبكة الإنترنت أغلب الأوقات للثرثرة تحت عنوان «دردشة» ولم تقتصر على ذلك فقط بل تعدت إلى الصحف والمجلات بإظهار الخلاف بين الفنانين أو بين السياسيين وإشعال نار الفتنة أو اختلاق مشكلة بينهم من نسيج الخيال وتسليط الضوء على أمور تافهة جداً لا تهم المجتمع من قريب ولا من بعيد، ويكون دور الصحفي هنا نقل الثرثرة من وإلى ونشر الفضائح على العلن في الصحف والمجلات وهي ما تسمى «الصحافة الصفراء» التي يتغنى بها أناس يدعون الثقافة وباتت تغزو مجتمعنا الآن، وأصبح من الواجب تسليط الضوء عليها.
ترى هل يهم المشاهد أو القارئ هذه الثرثرات؟ أو أنها مجرد كلام منطوق أو مكتوب لتعبئة فراغ أو لمجرد التسلية مع إن هذه التسلية تجرح أناساً كثيرين وتشهر بهم إلى درجة معيبة جداً وتخدش الروح وتترك آثارها عبر الزمن وتسبب الآلام والمتاعب لأصحابها.
الثرثرة لم تقتصر على النساء فقط بل توسطت مجالس الرجال أيضاً، فأصبحت هناك شريحة من الرجال الثرثارين بجدارة حتى إنهم يسبقون النساء في بعض الأوقات ويترقبون الأحداث عن كثب حتى يجدوا أي شيء يتحدثون عنه فنراهم في العمل يختلقون الأكاذيب والقصص عن أناس أكفياء في عملهم وجديرين بالثقة وهو ما يسمى بالمصطلح العامي «طقطقة البراغي» أمام المدير وذلك طمعاً في منصب أو مكافأة أفضل، ضاربين بعرض الحائط كل المفاهيم العظيمة والأخلاق الحسنة ما يسبب الأذى والألم لأناس لا يتقنون فن الثرثرة وخلق الأكاذيب.
ترى من أين جاءت هذه الثقافة.. هل من وقت الفراغ، أم إنها عادة مكتسبة كمثل بعض العادات السيئة المتوارثة؟ وهل المجتمعات الصناعية تعيش معنا هذه الثقافة أم صدرتها وتصدرت في صناعة ما هو أهم لخدمة مجتمعاتها.
لاشك في أن قضاء أوقات الفراغ بما هو مفيد يشكل الجزء الأهم وهذا يقع على عاتق الأسرة منذ الصغر أن تعتني بأطفالها وأن تملأ أوقات فراغهم بما هو مفيد فإلى جانب الدراسة يجب أن تنمي لهم هواياتهم بـ«الموسيقا، الرياضة، الرسم، القراءة، الشعر، الأدب..» وكذلك من الممكن تحويل الثرثرة السخيفة إلى حوار إيجابي من خلال عمل ندوات أو مخيمات أو رحلات تثقيفية نطرح من خلالها مواضيع جادة للنقاش والحوار بين الشباب.
هكذا نكون قد وجهنا مفاهيم وأفكار أطفالنا وشبابنا إلى العمل والمنافسة الجادة وقضاء أوقات فراغ مفيدة تعود بالمنفعة للجميع للأسرة والمجتمع والعالم بأسره.
أما إذا عدنا بذاكرتنا إلى الوراء قليلاً نجد أنها عادة متوارثة ورثها المجتمع، فجلسات النساء التي لا تخلو من الأحاديث والنمنمات واحتساء القهوة مع مفهوم «الداية» التي تجول وتصول بين البيوت ناقلة للأخبار مع وضع البهارات وذلك لإضفاء روح النكتة والفكاهة للقصة لاشك في أنه كان لها الأثر الكبير على نشر تلك الثقافة حتى يومنا هذا.

ديمة عبد الحميد

المصدر: الوطن السورية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...