النار بين أصابع امرأة (الحلقة الأخيرة)

23-07-2007

النار بين أصابع امرأة (الحلقة الأخيرة)

فكرت غبريلا, ثائرة الأعصاب, بما كانت قد فكرت فيه وأمها عند أيهم: أن تقتله بيدها , أن تستأجر من يقتله, أن تنضم إلى عصابة تساعدها في قتله, أن تعشق مجرما ينتقم لها منه.

ومن شدة انفعالها عمدت إلى السكر, تناولت من الكحول ما أسكرها وبعد السكر وجدت نفسها كما جرى مع أمها منطرحة على الأرض تغط في نوم عميق دون قلق أو أحلام.‏

في اليوم التالي ظهراً أفاقت مخمورة مصدوعة...روعها أن أمها السيدة مارغريت لم تأبه لها وأن والدها أنداش إلى جانبها وفي يده حبوب وكأس ماء وهو صامت آسف, مشفق, حدب, دون أن يقول شيئاً...رفضت تناول الحبوب في البدء إلا أن والدها خاطبها, لأول مرة, بلهجة آمرة:‏

- اشربي‏

بكت لكنها شربت الحبوب, عادت إلى الاستلقاء حيث هي لم تنم, بكت ثانية, البكاء نافع المطر يغسل الأرض, الدمع يغسل القلب, الأم تبقى أُماً, اقتربت على وجل من ابنتها, وجدتها تبكي, بكت معها, انحنت عليها قبلتها, ضمتها إلى صدرها أنهضتها بصعوبة, أجلستها على الخوان, أعدت القهوة, شربتاها معاً, تذكرت قول أيهم: (داوني, قالت لأمها من نفس الداء, أعطني قليلا من النبيذ, سامحيني يا أماه, على كل ما قلت, كل ما فعلت, كل ما خطر على بالي وأنت فوق, لقد انحلت العقدة, نعم! العقدة انحلت, أعيدي علي ما قاله لك وأنت عنده بكل تفاصيله حتى الدقيقة أو التافهة منها لا تخفي علي شيئاً, أتذكر القليل مما قاله, أنا لست كما تشدق, أدنى من عاهرات شارع بيغال في باريس, كان عليه أن يخجل وهو يقول ذلك, هذا المنحط السافل!..‏

تابعت الأم شرب قهوتها بغير كلام, ماذا يفيد الكلام? أيهم ليس بالمنحط أو السافل, وهي لا تدافع عنه, وهو في موقفه, لا يحتاج إلى دفاع موقفه من غبريلا جيد, أما خارج ذلك فإنه حر فيما يفعل, سافلاً كان أم نبيلاً!‏

- لماذا أنت ساكتة? قالت غبريلا‏

أجابت أمها: لأنه ليس لدي ما أقوله...أمس قلت كل شيء, لم أخف شيئا, فماذا تريدين? أن نعيد تراجيديا أمس!? أن أجعلك تهسترين من جديد? كفى جنوناً أنا بعد كل شيء أم والأم تغفر, إنها خلقت لتغفر, لو كنت أما لأدركت ماذا تعني المغفرة, إنني أقول ذلك من باب التذكير لا الاستفزاز, أنت يا غبريلا بحاجة إلى الراحة إلى النسيان فالموضوع انتهى وماذا يفيد تكرار الكلام على الذي انتهى?‏

- انتهى هكذا بكل بساطة!? هذا من الخسّة‏

- كلاكما خسيس هذا كل ما عندي‏

- أنا لست خسيسة, إنني أدافع عن كرامتي‏

- هذا هراء الدفاع عن الكرامة لا يكون بالتعري.‏

- ولا يكون بالاستعطاف من طلب منك أن تصعدي إليه?‏

- عيناك!‏

- انظري في عيني, هل تبدل لونهما?‏

- تبدلت نظراتهما!‏

- أنت معي أم معه?‏

- مع الحق!‏

- وما هو الحق? وأين الحق في هذه الدنيا? لقد أخطأت حين تعريت, وأخطأ هو أكثر عندما وضعني خارج الباب عارية, هل هذا جزاء حبي له?‏

- وهل جزاء حبه لك أن تقولي, وأنت عارية (هذا هو جوابي!)‏

- أنا قلت هذا في لحظة غضب, وكان عليه أن يستوعب غضبي, لا أن يبعث إلي معك بخاتم الخطوبة!‏

- قولي هذا له, رجوته أن يستقبلك فقبل رجائي..‏

- رجاؤك هذا هو الذي أثارني أمس! مَن طلب منك ذلك? وهي يستحق? ولماذا?‏

- لأنك تحبينه...نصيحتي كأم, يا غبريلا, أن تصعدي إليه, وأن تتفاهما.‏

- أصعد إليه أنا التي تفكر بقتله?‏

- وماذا بعد قتله? حبل المشنقة مثلا? ربطك إلى عمود وإطلاق الرصاص عليك? من الخير أن الإعدام ألغي في بلدنا, إلا أن السجن المؤبد أقسى من الإعدام...وكي أريحك أقول لك: أنت لن تقتليه, ولن تستأجري من يقتله, كل كلام على القتل هراء, لسبب قلته لك ولن أكرره...تزيني كما ينبغي واصعدي إليه وقولي له قولاً جميلاً!‏

قالت غبريلا بعد لحظة: قبلت نصيحتك يا أماه, لكنني سأشرب قليلاً قبل أن أصعد..‏

- خطأ! قبولك نصيحتي يسعدني, أما الشرب فالأفضل أن يكون معه...إنه يعرف جيدا كرم الضيافة.‏

قالت غبريلا بتصميم:سأصعد إليه لكن متحدية, لا راكعة أمامه...فهمت?‏

- افعلي ما يحلو لك..‏

فعلت غبريلا ما حلا لها, تعرت على عتبة الباب, رنت الجرس, وعندما فتح أيهم لها قالت:‏

- عارية خرجت, وعارية أدخل!‏

- ادخلي كيف شئت!‏

- هل هذا من التحدي?‏

- لا! من كرم الضيافة! ما رأيك بفنجان من القهوة أعده لك بنفسي?‏

(هذا الانسان الغامض, غريب التصرف, من جلوسه على حقيبة سفره, إلى ارجاع خاتم الخطوبة, كيف لي أن أفهمه? تحديته, فكان تحديه أفظع, أخرجني عارية, قذف ثيابي ورائي, فجئته عارية, وثيابي معي, لكنه لم يدهش, الأنكى أنه وجد الأمر طبيعياً وزاد عليه, من باب المكر أو الكبرياء, إنه ذهب ليعد لي فنجاناً من القهوة, دون أن يقول لي: (ارتدي ثيابك!) فهل أنا, بالنسبة إليه غير مثيرة, عارية أو كاسية!? وهل كان من الخطأ, أنني أسلمته نفسي, قبل الزواج? لقد شتمته, فكانت ردة فعله السكوت, لم يشتمني, لكنه ,قبلاً, صفعني, وبغير كلام, وضعني عارية خلف الباب, وكي أتحداه, كي استفزه, دخلت عليه عارية كما خرجت, فابتسم, دون أن يتكلم, ابتسامته كانت خنجراً في كبدي, وكانت, في عين الوقت, ترحيباً مقتضباً بي, وبلطف قال لي: (سأعد لك فنجانا من القهوة بنفسي!) ولم يبق عليَّ, لو كانت هناك أفعى, إلا أن أضع رأس الأفعى على حلمة نهدي, كما فعلت كليوباترا, إخلاصاً لحبيبها يوليوس قيصر, إلا أن هذا حين تبين الغدر له, صاح: (حتى أنت يا بروتس!?) بروتس هو أيهم, والغدر واحد, غدر بي, جسدي, أرسل لي خاتم الخطوبة مع أمي, فعلام صعدت إليه إذن? ونتفاهم, على ماذا بعد أن قطع الحبل بسكين شبيهة بالسكين التي أخفيتها في جيب معطفي? لقد سخر مني يومها, قال لي: ( احتفظي بها, فقد تنفعك في تقشير البصل!) وسخر مني اليوم, وهو يقول : (سأعد لك القهوة بنفسي) كأنني ما شتمته أمس, ولم أتحدّه اليوم, وكأنه غير مبالٍ بالشتم أو التحدي معاً!‏

قدم أيهم القهوة لغبريلا قائلاً: لتتفضل مليكتي, وتتذوق قهوتي!‏

ترددت غبريلا, فما كان منه سوى وضع فنجان القهوة أمامها على التربيزة, آخذاً مكانه إلى جانبها, بغير اكتراث, كأنما لا يعنيه أشربت القهوة أم لا! ( لقد أذلني هذا الشرقي, أنا غبريلا التي من الغرب)...أ مي قالت لي: (جرحت كرامة أيهم, بغوغيتك كامرأة من الغرب, وها هو يرد لي التحية, يجرح كرامتي برفضه الدونية التي توازي فوقيتي, قائلا لي, من خلال سكوته: (واحدة بواحدة يا غبريلا!)‏

قالت وهي ترتدي ثيابها: رسالتك وصلت يا أيهم!‏

قال أيهم: أنا لم أبعث إليك بأية رسالة يا غبريلا!‏

قالت غبريلا:أخطأت!‏

قال أيهم: وأنا أخطأت أيضاً!‏

فوجئت غبريلا بهذا الجواب غير المتوقع...إنه يعترف بخطئه, لكن بعد اعتراف غبريلا بخطئها, هذه بهلوانية: السير على سلك دون وقوع, كلاهما سار على السلك بغير وقوع: تعادل من غير تصفيق, إلا أن لعبة السيرك الأصعب لم يؤن أوانها بعد...من منهما سينجح في اللعبة الصعبة, الآتية من غير ريب?‏

(أنا) قالت غبريلا في نفسها, وهي تتذوق القهوة...(لا يهم!) قال أيهم في نفسه بعد أن تذوق قهوته, وكي تجس النبض قالت غبريلا: شكراً على القهوة اللذيذة التي من صنع يديك!‏

قال أيهم: وسيأتي دوري في الشكر, حين تعدين لنا كأسين من المشروب الذي تفضلين.‏

(خطوة أخرى في اتجاه المصالحة)‏

- أنا أفضل الريزلنغ!‏

- على أن نتذوق نبيذ توكاي أولاً‏

- أنت بارمان رائع!‏

كان همنغواي صديق البارمانات, ويطلق على البارمان لقب (المايسترو الأعظم) أنت هي البارمانة التي يليق بك لقب (المايسترو الأعظم)!‏

التفتت إليه, شع في نظراتها وميض برق كما في السابق, تساءلت:( هل يعقل وبهذه السرعة?) أضافت: هذا هو أيهم الذي أعرف, والذي أحب, والذي ملك الشجاعة ليقول: (أخطأت أنا أيضاً) إنما هذا هو أيهم الذي صفعني والذي قذف بي خارج الباب عارية, والذي أعاد إلي خاتم الخطوبة مع أمي!‏

تحفظت غبريلا وهما يشربان نبيذ التوكاي, غدت نهباً لحيرة مربكة, هو وليس هو هذا أيهم وليس بأيهم, إنه ماكر, أمام إنسانة لم تتقن أصول المكر: والدي قال لي: يا غبريلا, يا صغيرتي, السيد المسيح قال: (لم آت لأنعّض الناموس) رد بولص الرسول: (إذا لم ننعض الناموس, ماذا نفعل إذن?) بولص أوقف المسيحية على قدميها بعد ان كانت واقفة على رأسها, والسيد المسيح لم يذهب إلى مصر, بل إلى الشرق الأقصى, هناك أخذ المسيحية من البوذية, وهناك تعلم أن يكون له سلطان فيقول للمقعد :(قم وامش!) وهناك تعلم كيف يبعث الحياة في أليعازر الميت...الشرق منبع الحكمة...وعلينا أن نعي حكمته جيداً.‏

قالت غبريلا لأيهم: لا لأجلك, بل لأجل نفسي, علي أن أحترم الشرق, أرض الديانات السماوية الثلاث المقدسة...والدي قال لي كذا وكذا..‏

- والدك حكيم يا غبريلا, وأفكاره ليست بعيدة عن أفكاري.‏

- لكن والدي أوصاك بي.‏

- وأنا عند وصيته.‏

- لماذا أعدت إلي خاتم الخطوبة إذن?‏

- لكي يحب أحدنا الآخر أكثر من السابق...مؤسسة الزوجية لها أنصارها,ولها أيضا معارضوها...أنا من هؤلاء المعارضين?! وإذا كنت قد أقدمت على الزواج بك, وكانت البداية هي الخطوبة, فإنه من الخير لنا, ألا نتسرع...حين تصبحين زوجتي, ستفتقدينني كحبيب, أفقدك كحبيبة!‏

امتقع وجه غبريلا, هذا هو المكر الذي كانت تخافه, خاتم الخطوبة الذي في جيبها, والذي أملت قبل قليل أن تعيده إلى إصبعه, سيبقى في جيبها, أيهم يريدها عشيقة لا زوجة, وهذا نكوص, هذا رجوع عن الرباط المقدس الذي كانت تحلم به, والكلام على الحب الأكثر أكذوبة, إنها ترغب في الحب الأقل, في إطار الزوجية, ,وعليها أن تدافع عن حبها, إنما بلباقة, ومن غير تعسف, أو شتائم, أو فوقية ودونية, وكل الذي حدث في وضع التحدي المتبادل.‏

قال أيهم: الخلاف الصغير, مقدر له أن يصبح خلافاً كبيراً, كل الخلافات الكبيرة, كانت في الأصل, خلافات صغيرة...تريدين أن أتزوجك, ثم أهجرك, كما تزوج والدك أمك وهجرها? أنا موافق على ذلك, لكنه في غير مصلحتك, صدقيني.‏

ردت غبريلا:تزوجني واهجرني, هذا هو رأيي!‏

- ورأيي أنا أليس له قيمة عندك? أم أن المسألة فرض إرادة? لقد جربت يا غبريلا, يا عزيزتي, لي الذراع فما نجحت, وعمدت إلى التحدي, فما عاد التحدي عليك بنفع...لا أريدك عشيقة ولاصديقة, أريدك جارة طيبة, فكوني, رجاء, هذه الجارة الطيبة, وبذلك لا تخسرينني ولا أخسرك.‏

- وحبك الذي في قلبي, الذي زرعته أنت في قلبي, تديرين ظهرك له بهذه البساطة?‏

- أنا لست يوحنا مقطوع الرأس, وأنت لست سالومي وهيروس مات من زمان, ولن تستطيعي أبداً أن تقطعي رأسي وترقصي به على طبق إرضاء لنزوة غضب, أو إزالة لعقبة زواج بنت العم من ابن العم...يوحنا كان يعارض هذا الزواج, لأنه ضار طبياً, وقد ثبت أنه ضار طبياً رغم أن أحداً في زمننا هذا, لا يأبه لهذه المضرة..كلنا, في الغرب والشرق, يتزوج ابنة عمه, أو تتزوج ابنة العم من ابن عمها, وفي شرعنا, نحن, ذلك حلال, إلا أن الذي ينتج, من اختلاط الدم الواحد,له بعض الأذى في بعض الأحيان...كل هذا لا يعنيني, فلست ابن عمك ولا أنت ابنة عمي, كل الذي أرغب فيه هو لفتك إلى أنك لن تبلغي أن تقطعي رأسي وأن ترقصي به على طبق, إرضاء لأي هيروس في هذه الدنيا...سالومي كانت غانية, وأنت غير ذلك, ويوحنا كان قديساً, وأنا لست بقديس, إنني أيهم, فلماذا إصرارك على قطع رأسي? ولماذا تضعين الزواج شرطاً مقابل الحب, ونحن في بودابست ولسنا في أنطاكية!?‏

قالت غبريلا: وبعد? هل أنت معي أم ضدي?‏

قال أيهم: هذا السؤال موجه إليك يا غبريلا...هل أنت معي أم ضدي?‏

- معك وبشكل قاطع, سواء تزوجتني أم لا!‏

مدّ يده وقال: ضعي الخاتم في إصبعي, سنرجع الى المودات التي كنا عليها قبل الخطوبة وبعدها, وسنمضي معاً أياماً جميلة, لكنني أقترح أن يكون الزواج مدنياً, كما يفعل غيرنا هذه الأيام, هل توافقين?‏

قفزت غبريلا فرحاً, قالت وهي تقبله: موافقة يا أيهم! موافقة يا حبيبي! لكن دعني أضع الخاتم في أصبعك أولاً, وبعد ذلك نشرب نخب هذا اليوم السعيد...أنا كنت أفكر بالزواج المدني, وأنا مثلك لا أؤمن بالمؤسسة الزوجية, أو بالرباط المقدس كما يسمونه...أي رباط هذا وأي مقدس? زوجي هجرني, وما دمت مهجورة فلا أستطيع الزواج الكنسي, إنه هناك, في ألمانيا, يعشق من يريد, فماذا أفعل أنا هنا? اضطرني إلى اتخاذ عشيق, أنا الأخرى, إلا أن هذا العشيق تكشف عن مجرم لسوء الحظ, وأنت من أدبه, قبل أن يأتي الأمن ويعتقله, ويشاع الآن, أنه هرب من السجن لذلك لا أنام إلا قليلاً, من القلق والخوف, وعشيق أمي, اندرياش زولتان, عاد إلى التهديد والابتزاز, فلم يكن ثمة من يحميناغيرك, وفي هذا الجو الذي أعيشه متكتمة, ألقى علينا والدي الطيب, محاضرته عن العدالة الاجتماعية, وفي يوم خطوبتنا, وأنا معه في كل ما قاله, معك في كل ماقلته, عن البؤساء في الأرض, إلا أن صدري ضاق رغماً عني, وتصرفت تصرفاً أرعن, لم تستطع استيعابه, بسبب جهلك ما أعاني..‏

قال أيهم: هذا صحيح يا غبريلا, ولكن الحق على مَنْ?‏

- علي.‏

- وعلي أيضاً!‏

- رغم هذا شبهتي بسالومي, الغانية عند هيرودس, ماذا أردت أن تقول من خلال هذه القصة الجميلة?‏

- إن المرأة, حين يقف أحد في طريق زواجها, لا تتورع عن وضع رأسه المقطوع في طبق, والرقص به..هناك أوبريت جميلة, موضوعها هذه القصة!‏

- نعرف نحن, أو نسمع, بيوحنّا مقطوع الرأس, لكننا لا نعرف من قطع رأسه, ولماذا!? شكرا لأنك رويت لي قصته الممتعة, إنما ما هو الهدف من روايتها هذا اليوم بالذات, وأنا عندك متحدّية?‏

- خرجت عارية, ودخلت عارية, ومقابل الصفعة قطع الرأس, وقد رويت هذه القصة لسببين: أولهما التمسك بالمبدأ, حتى لو دفع الإنسان حياته ثمناً لذلك, كما فعل يوحنا وثانيهما إرشادك إلى الطريقة المثلى لقتلي, لقطع رأسي لأجل الشيطان, لا لإرضاء سالومي من قبل هيرودس...أنت كنت تفكرين بقتلي, أعمال الغضب ففكرت بقتلي, وكان علي, من خلال هذه القصة, أن أدلك على الطريقة الأسهل لقتلي, حتى ولو لم تضعي هذا الرأس في طبق, وترقصي به أمام ملك الموت...إنني, يا غبريلا, تاجر الآن, لكنني تعلمت, قبل التجارة, فهم سيكولوجية الناس, على نحو ما, ورامبو, الشاعر الفرنسي النابغ, كان بعد الشعر, تاجراً, إلى أن أصيب, وهو شاب, بمرض سرطان العظام, فتعذب كثيرا قبل أن يموت! إنني لا أريد أن أتعذب مثله, فقطع الرأس, بضربة واحدة, مريح, ما رأيك أن تكوني السياف والغانية في آن, لدي سكين حادة النصل في المطبخ, صالحة جداً لقطع رأسي, يا سالومي العقد الأخير من القرن العشرين, وبالمناسبة, القرن العشرون كان مجيداً وسافلاً كما قال الشاعر التركي ناظم حكمت, مجيدا في بدايته, وسافلاً في نهايته, هيا يا سالومي عصرنا, اقطعي رأسي وارقصي به على طبق, وبذلك تأخذين بثأرك!‏

قبلته وقالت:لا ثأر لي عندك! وهل يعقل أن يكون لغبريلا ثأر عند أيهم? نعم فكرت بقتلك, لكن لماذا? لأنك حبيبي أنت قلت: (أعماني الغضب) لا أعماني الحب, وهذا كله صار وراءنا, أطلب أطع, ماذا تطلب من سالومي القرن العشرين? أن تقطع رأسك الجميل? هذا لن يصير أبداً, سالومي تحبك, ومستعدة للتضحية في سبيلك, إلا أن سالومي المنتقمة من يوحنا, كانت غانية, كانت راقصة, كانت عاهرة في بلاط هيرودس وأنا شريفة في بيتك, وأنت مَنْ طلب إعادة الخطوبة إلى أصبعك, وهذا مفاجأة, لا يزال شهدها على لساني وزدْت في نبلك والكرم, فأخبرتني أنك ستتزوجني, وهذا الخبر بعث الغبطة في كياني, أنا لست سالومي القرن العشرين, أنا أنّاكارانينا القرن العشرين, وقد فكرت بقتلك, لكنني فكرت أيضا بقتل نفسي لأجلك!‏

قال أيهم مسروراً:عشيق أنّاكارانينا كان نذلاً, تخلى عنها, بعد أن تخلى زوجها عنها لأجله, وأنا لم أكن زوجك, لم أكن عشيقك, كنت حبيبك, كما كنت حبيبتي, والفارق هنا كبير, بين الموقفين, وبين الرجلين!‏

- تظن!?‏

- بل أؤكد!‏

- لا تؤكد شيئاً...الرجل هو الرجل, والمرأة هي المرأة, والتضحية مكتوبة على المرأة غالباً...أنّاكارانينا ليست واحدة, أنّاكارانينا هي النساء جميعاً, وعشيق أنّاكارانينا هم الرجال جميعاً, مع كسر في القاعدة...مصيري, يا أيهم, قد لا يكون الانتحار تحت قطار, وإنما الانتحار تحت ترامواي, أو في مياه الدانوب أو بطلقة مسدس...عندما تهجرني, كما هجر والدي أمي!‏

- الهجر ليس من عاداتنا في الشرق و..‏

قاطعته غبريلا: من عاداتكم الطلاق, وهذا يعني قطع العلاقة تماماً, وترك الأسرة في مهب الريح! إلا أن الغرب, في مباراة الطلاق, تفوّق الآن, فلا تبالِ..انتهى دور التوكاي, جاء دور الرزلنغ, أو أي نبيذ فاخر غيره...أريد أن أنتشي, أن أنام معك, قبل أن تتراجع عن الخطوبة, وفكرة الزواج كلها...ألا تريد أن تراني عارية, كما قذفت بي وبثيابي خارج بابك هذا?‏

دهش أيهم من تبدل مزاج غبريلا بهذه السرعة...إنهما في أسعد يوم, كما قالت, وقد ألبسته خاتم الخطوبة مبتهجة, مشرقة, منضّرة, وقالت كل ما عندها حول سالومي ويوحنّا وهيرودس, ولم تشرب إلا القليل من التوكاي الذي لا يسكر, فما هو السبب في انتقالها من سالومي إلى أنّاكارانينا? (الرجل هو الرجل, قالت, والمرأة هي المرأة, مع كسر في القاعدة وأنّاكارانينا هي النساء جميعاً, وعشيق أنّاكارانينا هو الرجال جميعاً, وأنها فكرت في قتلي, لكنها فكرت أيضا, في الانتحار لأجلي, وهذا رهيب, هذا مروّع, هذا غباء مني, وهذا فضح مخزٍ لكل ادعائي عن فهم سيكولوجية الناس, في حين فاتني فهم نفسية غبريلا وهي إلى جانبي...فاتني أن أفهم أن الوجه الآخر للتحدي هو الاستسلام, والوجه الآخر للقوة هو الضعف, والوجه الآخر للنبل هو النذالة, وأن ما فعلته غبريلا بنفسها, وأمها عندي, لم يكن احتجاجا لأن أمها عندي, وأن هذا الذي فعلته هو سوداوية تبحث لنفسها عن منفذة بيضوية, وفي هذا البحث يكمن الاحتجاج عليّ وعلى أمها وعلى نفسها والدنيا كلها, وأن الذي أساء إليها, هو عدم فهمي لها, والذي فجر هذه الإساءة هو الخوف من عشيقها السابق, غابور مولينار, الذي أشيع أنه هرب من السجن...إن الخوف, في تخفيه والتمظهر, هو الأساس لكل نزوة, لكل طيش, لكل انحراف نفسي, ولكل يأس يؤدي إلى الانتحار, وما هو مطلوب مني الآن, أن أتزوجها بغير إبطاء, وأن أقيم عندها, كي أحميها من عشيقها المجرم, وذلك وحده يسكن خوفها, وتنقشع, تدريجياً, غمامة سوداويتها.‏

أعدت غبريلا, بعض ما يؤكل مع النبيذ, غابت قليلاً, غابت طويلاً, المهم غابت, وفي غيابها أتاحت لأيهم أن يفكر, أن يتلمس بعض الجوانب النفسية للمرأة التي تحب,لذلك قال , بعد جرعات من النبيذ , وبضع قبلات من الفم: قررت , يا غبريلا , أن نتزوج غداً وأن اسكن معك تحت مباشرة بعد الزواج.‏

ابتسمت غبريلا وقالت:هل أتعبك لو جلست, كفتاة غريرة , في حضنك , ولو قبلتك كثيرا في فمك وعنقك وصدرك بعنف , كأمرأة مجنونة?‏

أبداً!‏

هل تعرف لماذا?‏

لأنك تحبينني, ولأن عنفك في تقبيلي , وأنت في حضني, إحدى نزوات المحبين!‏

لا ليس هذا.. أنت مراوغ , أنت مجنون على طريقتك, كما أنا مجنونة على طريقتي, ألم تذكر أنك حدثتني عن عمر الخيام وقوله:) اليوم لي)?‏

أذكر .. إذن علي أن أستمتع ما دمت اليوم لي.. قرارك بان نتزوج غداً, فيه شيء من التسرع, وهذا يدل على أنك ستتزوجني كعجوز مطلقة, من عند القاضي الذي يبرم عقد الزواج المدني الى الفراش.. لا ليس هكذا يكون عرس غبريلا! وأنت تسرع بالزواج غداً, لأنك تشك في وفائك لي بعد غد, بت أعرفك جيداً.‏

ولأنك تعرفينني جيداً, وتريدين أن يكون لنا يوم, لأنك تشكين في وفائي غداً أو بعد غد, فإنني في متعة تبعث على الانتشاء, سأبقيك في حضني, يا قطتي المجرية الصغيرة, وسأقبلك بهوس, بعنف , حتي أدمي شفتيك أو آكلهما أكلاً!‏

كلهما اذا استطعت, لكنك لا تستطيع لأن النار تشتعل على شفتي, كما بين أصابعي , وقد أعجبني جداً قولك قطتي المجرية فالناس في المجر والغرب يقولون ( قطتي السيامية) هل وصل هذا التعبير الى الشرق?‏

قال أيهم:وصل يا طفلتي, ولكن سواء وصل أم لم يصل فأنت قطتي المجرية, الأجمل من القطة السيامية.. أما شفتاك التي عليهما نار وأصابعك التي بينهما نار, فأنا الذي خلق لإطفاء هذه النار, لأن لظاك .. في جسمي وثأري في فمي ! وقد جربت أن تكوي ظهري بالنار التي بين أصابعك , ونجحت , وجاء دوري كي اكوي كل جسمك في جحيم من القبل وانجح.‏

لن تنجح!‏

لماذا?‏

لانك لن تنجح, ودون شرح.‏

ولكن هذه استثارة حواء التي من الجحيم!‏

انا الجحيم! وبغير عودة الى التحدي.. ماذا قلت قبل قليل?‏

( في جحيم من قبل!)‏

لا ! ليست هذه..‏

لظاك في جسمي وثأري في فمي‏

نعم ! هذه .. ولكن لا تكن, يا حبيبي مغروراً, الى درجة ان تنسى أن لي في جسمي لظاً أيضاً, وأن لي في فمي نيوباً للثأر! وأن المرأة لبوة, حين تصمم أن تكون لبوة, وقد صممت, فمتى ترغب أن تكون ليثاً أمام اللبوة التي هي أنا!‏

ابتسم ايهم وقال:ليس الآن على كل الأحوال , ولكن لماذا تكررين عبارة ( النار التي بين أصابعي)?‏

لأن بعض الرجال لايعرفون استعمال أيديهم!‏

لكنهم يعرفون استعمال شفاههم.‏

ليس كلهم هناك أسود وهناك ثعالب, فإذا أنجبنا, بعد الزواج , صبياً, فعلمه أن يكون أسدا تأكل الثعالب فضلاته, لا أن يكون ثعلباً يأكل فضلات الأسود!‏

هذه نصيحة رائعة, وسيأخذ بها ابننا المقبل, اقتداء بأبيه وامه, انما من اين لك هذه المقولة, التي سبقك اليها غيرك?‏

هذه مقولتك بغير كلام, ويسرني أن تكون سبقتني إليها, بالفعل لا بالقول .. تذكر أنك أنقذتني مرة من مجرم , وأنت تسرع بالزواج لتحميني منه, لا لأنك تتحرق لاحتواء جسدي وهو بين يديك.. ماذا تنتظر?‏

اشعال النار حولنا , حتى نغدو لها دخانا كما قال أحد شعرائنا!‏

سألت غبريلا وهي تضم أيهم الى صدرها بقوة:‏

لماذا ننتظر الآخرين لإشعال النار حولنا? ولماذا لا نشعلها بانفسنا?‏

ثم أي نار تقصد: نار الهشيم أم نار الصنوبر? اللهب أم الجذوة!?‏

أنت يا حبيبي ,علمتني أشياء كثيرة ومنها نشوة الصمت, حين الكلام نظرة, ونشوة البحة, حين الصوت تهدج, ونشوة السفر الى بعيد, حين الغروب في العينين, ارتحال الى ما وراء الافق وحين الغضب , قذف امراء عارية خارج الباب, وحين الرضى, استقبال امرأة عارية داخل الباب , فمتى تستقر على حال واحدة? والى متى انا قطة مجرية او سيامية تلهو بتمرير راحتك على وبرها الناعم? القطة يا أيهم لا تبقى وديعة كل حين تنقلب أحيانا, الى شرسة لأنها من فصيلة النمر! لقد احببتك حب ديدمونة لعطيل , غيران عطيلاً كان من الشرق وتصرف مع ديدمونة تصرف الرجل الشرقي, فخنقها وأنت كعطيل رجل شرقي , فهل ستخنقني أنا ايضا , غيرة لمجرد اشاعة? فكر بما اقول وكن صادقاً مع نفسك ومعي, لست بالجارية التي تدخل الحريم, وانت لا تنوي ادخالي الحريم, انت تريدني زوجة , وديدمونة كانت زوجة والغيرة حارسة الحب, والغيرة المرضية قاتلة الحب, وأنا كما قلت لك , أحترم الشرق من خلالك وأحبه من خلالك أيضاً , وسنذهب بعد الزواج الى الشرق, في زيارة أو اقامة فماذا سيكون مصيري? إنه سؤال يسأل أليس كذلك!?‏

بحركة عفوية , تلقائية لا جامع بينها وبين الفكر أنزل أيهم قطته المجرية, عن ركبتيه, أجلسها الى جانبه وقال:أصغيت بكل انتباه بكل ما قلته يا غبريلا.. لم أقاطعك, لم أزعجك, لم أستثر لانك لا تزالين عاتبة, وربما غاضبة, لأني قذفت بك عارية خارج الباب, ولأنك تحدياً, عدت عارية الى داخل الباب أو لأنك شبهتيني بعطيل الشرقي, وديدمونة غير الشرقية, ومسألة الغيرة حارسة الحب , والغيرة المرضية قاتلة الحب, لا! كل هذا لم يستفزني , فمن حقك أن تسألي, ومن حقي أن اجيب: عطيل كان صناعة انكليزية, والانكليز , قبل شكسبير وبعده لهم نظرة أحادية الى الشرق: إنه مستعمرة! واذا كان الاستعمار قد زال من البلاد العربية, فإن نظرة بريطانيا, الى هذه البلاد لم تتغير, مع أن هناك أشياء كثيرة تغيرت , وحسب تعبير والدك الدكتور انداش تكاتش , إن الزمن يتغير ونحن في الغرب والشرق نتغير, ولن ادخل في الاقتصاد وفلسفة الاقتصاد, لأقول إن المرأة الغربية تحررت مع العصر الصناعي, ولكن سأقول إن المرأة العربية, تغيرت أيضاً مع العلم والعمل, صحيح أن هناك تخلفاً في بلادنا لا يزال,وأن رواسبه لن تزول بسهولة, لكنني ألفتك الى مسألة بسيطة: أمريكا بكل صناعتها, وكل طبقتها العاملة لا تزال متخلفة حضارياً, وهذا كما أرجح قلته سابقاً.. إنني لست عطيلاً ولن أخنقك غيرة هنا أوفي بلادي يا ديدمونة, وفي الشرق عندما نزوره معاً, مؤقتاً أو بصورة دائمة, ستجدين رجالاً أو بعض الرجال اذا أردت الدقة, مثقفين حضاريين, ونساء على درجة رفيعة من الثقافة والأناقة وهذا ليس دفاعا عن العرب او البلاد العربية او عن الشرف والانسان الشرقي إلا أنه توضيح بسيط على تساؤلاتك غير البسيطة.. نشرب قليلاً أيضاً, ولنفكر, اذا ما كنت راغبة بالزواج بي, في ترتيبات هذا الزواج, وهذا أفضل!‏

قالت غبريلا وبصورة غير متوقعة:‏

إنني أخطأت, في بعض ما قلت وأنت أجبتني لكنك لم تقنعني , في بعض ما قلت , إلا أن الحب يشفع لك ذلك.. إنني احبك, وعلى يقين أنك تحبني, ضعني مرة أخرى, في حضنك, وقبلني بعنف بأكثر ما يكون العنف ولو كنت مجرباً بما فيه الكفاية, لأخذتني الى السرير أولاً, فالمرأة بعد السرير تتقبل , وتتعلم الأشياء, لا قبله, إنك طفلي الذي أحب, والذي آمل أن يأخذ عني بعض الحقائق التي يحتاج اليها.‏

أخذها في حضنه قبلها بعنف كما طلبت, اعترف , في ذاته أن ليس من أحد في وسعه أن يقول ( ختمت كتاب التجارب) فالتجارب دائمة ما دامت الاخطاء دائمة, وقد أخطأ أيهم وأخطأت غبريلا , وليس هذا وقت تعداد الأخطاء أو المحاسبة عليها.. هذا وقت الكلام على ترتيبات العرس وهو جاهل بها تقريباً!‏

قالت غبريلا, بعد أن ارتوت بجدية كاملة: اهتف الى ابي واطلبني منه, ولو شكلياً فهذا يسره!! أما أمي فأنا التي سأخبرها, هتف أيهم إلى فندق انتركونتناتال, وحجز قاعة العرس, اتصل بالدكتور أندش وأبلغه النبأ الذي سره كثيراً, رغم أنه كان يتوقعه, كما قال ضاحكاً, ووافق على دعوة بعض أصحابه المقربين وزوجاتهم هاتفياً, بسبب السرعة, وقالت غبريلا: لا داعي لفستان العرس ففستان عرسي من امري ألا يوش, ولم ارتده إلا مرة واحدة.. تكفل أنت بالباقي, ريثما أهبط الدرج كالنسمة لإبلاغ والدتي مارغريت بالنبأ السعيد.‏

هبطت غبريلا, فتحت الباب , دخلت غرفة أمها, وجدتها مقيدة اليدين, مكممة الفم, حاولت أن تصرخ إلا أن غابور مولينار عاجلها بطلقات من مسدسه.. وفر من النافذة, في حين كان أيهم يقفز من الشرفة ويرى القاتل هارباً ومعه كيس النقود والحلي والمجوهرات, ولا سبيل الى اللحاق به, ولا وقت لذلك.. دخل غرفة السيدة مارغريت , رآها مقيدة, مكممة غادرها , قافز الخطوات الى غرفة غبريلا, التي تسبح في بركة من الدم انحنى عليها , سمع منها كلمة واحدة, وحيدة: أحبك.‏

انتهت الرواية‏

حنا مينة

المصدر: الثورة

 

حنا مينة: النار بين أصابع امرأة (14)

حنا مينة: النار بين أصابع امرأة (13)

حنا مينة: النار بين أصابع امرأة (12)

حنا مينة: النار بين أصابع امرأة (11)

حنا مينة: النار بين أصابع امرأة (10)

حنا مينة: النار بين أصابع امرأة (9)

حنا مينة: النار بين أصابع امرأة (8)

حنا مينة: النار بين أصابع امرأة (7)

حنا مينة: النار بين أصابع امرأة (6)

حنا مينة: النار بين أصابع امرأة (5)

حنا مينة: النار بين أصابع امرأة (4)

حنا مينة: النار بين أصابع امرأة (3)

حنا مينة: النار بين أصابع امرأة (2)

حنا مينة: النار بين أصابع امرأة (1)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...