المشكلة السورية وطنية أم توراتية ؟

08-03-2013

المشكلة السورية وطنية أم توراتية ؟


من حق الشعوب التي تعتقد بأنها مقهورة ان تثور على واقعها و تغْير الانظمة القائمة التي لا تلّبي تطلعاتها و تطورها.
ان هذا الامر لا يختلف عليه اثنان, وليس هناك اي مجال لنقده او رفضه.
لكن في الحالة السورية , من يتابع الاحداث و يحللها بمصداقية ,يرى ان ما يحدث موْخراّ ابعد و اعمق من ان يكون هو الحاجة الى التغيير و التحديث. انه حرب ابادة و تدمير بامتياز, و لا يرقى الى مفهوم التغيير او صراع على السلطة او حرب اهلية او خلاف طائفي او حتى انتفاضة شعبية.
لقد وصلت الحالة السورية المؤلمة ليس فقط الى طريق مسدود, بل ان هذا الدمار و سيلان الدم الذي لا يتوقف قد يدخل ( و يا للاسف) في كتاب جينيس للأرقام القياسية لسرعة و شدة القتل و التدمير المنقطع النظير في التاريخ البشري .
لقد اضحى المواطن السوري البسيط كالمعلق بالهواء لا يعرف متى يسقط و يتحطم. و اصبح الخوف هاجسه اليومي و الدائم , الخوف من كل شيىْ , الخوف من القتل , الخوف من تأمين لقمة العيش, الخوف حتى من جاره,,. و رغم ذلك ازداد تعلقه في بلده اكثر و تعاظم حبه لها كلما تدمرت اكثر و اكثر .
في اعتقادي يخطيْ الكثيرين بأتهام السوريين بدموية هذه الاحداث, وان كان بعضهم اداة لذلك, و ليس موضوعي هذا مّن من الاطراف المتنازعة على حق و من على خطأ , مّن الظالم و من المظلوم , مّن الخائن و من الشريف.
الموضوع هو ابعد و اعمق بكثير من ان يكون صراع سوري,سوري او داخلي و خارجي , او امدادات خطوط الغاز و النفط في المنطقة و عبرها ,انه مشكلة تتعلق بالخيال التاريخي الاسطوري لفئة مريضة من البشر مصابة بجنون العظمة .
فألشعب السوري , بكل اطيافه, و ككثير من الشعوب , ليس ميالاْ بطبيعته الى العنف. بالعكس , ان عنده من التنوع الاثني و الطائفي و الديني , ما لم يوجد بأي مجتمع في العالم , و مع ذلك عاش مئاّت من السنين في وحدة ثقافية و اجتماعية متميزة بعيدة عن اي خلاف جوهري , او ارادة تقسيم من اي نوع, او انهاء الاخر.
اذّن اين المشكلة ؟ ما هو سببها ؟ و ما هي تداعياتها ؟

المشكلة هي الصهيونية اليهودية
سببها , كتاب دموي
تداعياتها , الانتقام و الخراب المفرط لكل من لا يواليها, و رسم خريطة للعالم تتناسب مع كتابها و تفسيراته .
عبث اليهود الصهاينة بكل دول العالم سياسياّ و اقتصاديأ و اخلاقيأ و حوّلوا اهتمام الشعوب للتعاطف معهم و تفرغوا هم للدسائس و تخطيط خراب المجتمعات الاخرى .
قد يقول قائل بأننا دائمأ نبرر فشلنا بسبب اسرائيل( الصهيونية) , و انها الشّماعة الدائمة التي نعّلق عليها تخلفنا و تراجعنا و تأخرنا,,
نعم,,في هذا شيىْ من الحقيقة ,و لكن الحقيفة الكبرى ليست كذلك..
الحقيقة الكبرى ان اليهود الصهاينة يعيشون في التاريخ, تاريخهم المصنّع الاسطوري و كأنه واقع يجب ان ينفذ بحذافيره
لقد وضعوا انفسهم ( وراء الكواليس) حكّام و منفذين شرائع و تنبؤات التوراة , و عملوا على فرضها كحقيقة تامة يجب تحقيقها مهما كّلف الامر من تدمير .
في عام 1979 عندما وقّعت معاهدة السلام بين مصر و اسرائيل و زيارة السادات للكيان الصهيوني, لم يفسروها على ان الشعوب الاخرى تريد السلام لا الحرب بل هرعوا يتصفحون كتابهم و يقلبون به حتى توصلوا الى تفسير هذه الزيارة من خلاله بأنها تحقق نبوءة من التورات,عندما قال الههم مخاطبأ ابنته المدللة اسرائيل :
( بالوجوه الى الارض يسجدون لك , و يلحسون غبار رجليك ) (اشعيا 49|22)
بعد الغزو الاميركي للعراق عام 2003 , وما نتج عنه من دمار و تشرد,هرع المفسرين التوراتيين الى تفسير الاحداث على انها حكم و انتقام الهي على ما حدث في السبي البابلى .
ان سوريا الجريحة ليس من المستبعد ابدأ ان تكون جزء من هذه الهلوسة التاريخية, بل بالنسبة لي و للأسف حقيقة واضحة, ان دمار سورية بالنسبة لهم يعني الكثير, ليس فقط مكاسب سياسية و استراتيجية, كأنهاء مقدرات دولة عدوة مجاورة. ان همهم هو تحقيق النبوأت الالهية التوراتية.
لقد تأخر الله عن وعوده, او ضعف, لذلك جاء دورهم ليحققوا نبوْات, تحايلوا في تفسيرها ,و ظلوا مهووسين بها عبر الاف السنين.

ان دمار سورية يحقق نبوءة عظيمة طالما انتظروها و سالت رياقهم عليها و هي :
( وحي من جهة دمشق. هوذا دمشق تزال من بين المدن و تكون رجمة ردم. مدن عروعير متروكة. تكون للقطعان فتربض و ليس من يخيف. و يزول الحصن من افرايم و الملك من دمشق و بقية اّرام. فتصير كمجد بني اسرائيل يقول رب الجنود...... ( اشعيا الاصحاح السابع عشر )
انه من المؤلم حقأ ان نساعد جميعأ في تحقيق هذا الفكر الابليسي , و لا ننتبه الى النية ( السيا-دينية) من وراءه فنكون بذلك حققنا ( بلا قصد) نبوءة اخرى طالما كانوا فخورين بها دائمأ وهي :
( ويقف الأجانب ويرعون غنمكم ويكون بنو الغريب حراثيكم وكراميكم.أما انتم فتدعون كهنة الرب تسمون خدام إلهنا تأكلون ثروة الأمم وعلى مجدهم تتآمرون) (اشعيا 61|5 )
ملاحظة : اسهم الكثيرون في تفسير هذه الايات, و ايات اخرى حسب هواهم او لنقل ايمانهم, لكن في اعتقادي انها لا تحتاج الى تفسير فهي واضحة الا اذا كنا نريد ان نغير معناها و نعطيها ايجابيات لا تستحقها.

                                                                                                               ريمون دكدان:أوقات الشام

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...