المساعدات الإنسانية في اللاذقية برسم البيع

04-04-2018

المساعدات الإنسانية في اللاذقية برسم البيع

رغم وسم “غير مخصص للبيع”, تنتشر في محافظة اللاذقية أسواق سوداء للمتاجرة بالمساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات الدولية للمهجّرين، حيث باتت هذه المساعدات تباع على الأرصفة وداخل بعض المحال التجارية بأسعار منخفضة لتغدو تجارة مربحة للتجار الذين يشترونها بأثمان بخسة مقابل بيعها بأسعار لا تقل كثيرا عن أسعار مثيلاتها في السوق, مستغلين بذلك حاجة المتضررين الذين يجدون أنفسهم مجبرين على بيع المعونة مقابل مبالغ مالية تمكّنهم من توفير مستلزمات معيشية أخرى وتسديد بدلات إيجار المنازل التي يسكنونها وتكاليف التداوي وتامين حاجات عائلاتهم التي لا تقف عند الزيوت والحبوب والبطانيات والفرشات التي تتضمنها المساعدات.

ومحافظة اللاذقية كغيرها من المحافظات السورية التي تنتشر فيها المساعدات الإنسانية على الأرصفة وعلى رفوف بعض المحال التجارية كغيرها من السلع لتكون خاضعة للعرض والطلب ومنافسة قوية غالبا ما تجذب الزبون الذي يرغب بشراء السلعة الأرخص ولو كان على حساب النوع والجودة والمنشأ. وعليه فقد تحوّلت المساعدات الإنسانية التي من المفترض أن تصل إلى المتضررين، إلى سلع تباع في المحافظة وبأسعار منخفضة لتغدو الهدف الأول لكل من يقصد أسواق المواد الغذائية، وتتربع في صدارة قائمة المشتريات.

والانكى انه انتشرت في الأسواق -أخيرًا- ظاهرة شطب كلمات ” توزع مجانًا، غير مخصص للبيع” من السلع بعد جمعها ممن يرغبون في بيعها؛ لتعلن عن نفسها دون مواربة على البسطات في أسواق اللاذقية. ”
بحصة بتسند جرّة” تتنوّع مواد المساعدات الإنسانية المعروضة للبيع في السوق السوداء ما بين برغل وأرز وعدس وزيت وسكر وبقوليات، وتباع بأسعار أدنى من أسعارها المعتادة بكثير.

أم أحمد واحدة ممن هجرهم الإرهاب من ادلب والتي لا تخفي أنها تبيع ما تحصل عليه من مساعدات اغاثية لتشتري بثمنها الخضار ومواد غذائية أخرى لأفراد أسرتها, تقول هناك سلع مهمة أخرى نحتاجها غير تلك الموجودة ضمن السلال الغذائية، لذلك نضطر لبيع بعض المواد للحصول على المال لشرائها.

وتضيف: صحيح أنّنا نبيع المعونة رغم حاجتنا لها, لكننا مجبرين على البيع بأسعار منخفضة لأننا نملك خيارات أخرى “شو جابرك عالمر غير الأمر منو”. بدوره يؤكد أبو أمجد مهجر من ديرالزور أنه يبيع السلة الغذائية وما توزعه أحيانا منظمات الاغاثة من بطانيات وفرشات ليس طمعا بالمال وإنما لحاجته لدفع إيجار المنزل ودفع معاينة الطبيب وشراء الدواء لابنه المريض، ناهيك عن شراء ما يحتاجه أفراد عائلتي من مستلزمات أخرى غير موجودة في المعونة, ويضيف: لم أجد عملاً وليس لدي مصدر رزق يساعدني على تحمل غلاء المعيشة, فالحاجة تدفعنا إلى بيع السلة بـ7000 ليرة.. والبحصة بتسند جرّة”.
محمد النعسان مهجّر من حلب يقول : رغم أننا نعلم أن التاجر يشتري منا السلال الغذائية بأسعار زهيدة ويبيعها بأسعار مرتفعة, إلا أننا مجبرون على بيع قسم من المساعدات لسد احتياجات أخرى بحاجة إليها, ويضيف: نبيع الأرز والسكر والزيت والمعلبات والبرغل والعدس وغيرها مقابل أن نشتري الخبز والخضار وندفع إيجار المنزل.


ع عينك يا تاجر أمام مراكز توزيع المساعدات الإنسانية للمهجرين في المحافظة، ثمة العديد من الأشخاص الذين يسارعون باتجاه من يستلم معونته ليعرض عليه شرائها لقاء مبالغ زهيدة مستغلّين حاجة بعضهم إلى المال بقدر ما هم في حاجة لما بداخل السلة، ثم يقوم أولئك الأشخاص ببيعها في السوق بسعر أعلى أو يستهلكوها بأنفسهم.


أبو فادي واحد من الذين يشترون المعونات من المتضررين الراغبين ببيع حصصهم, مستفيدا من أن المتضررين يبيعونها بسعر ارخص من السوق ، اذ يقول لـ”عاجل”: اشتريها لبيتي وليس للمتاجرة بها فالمواد الموجودة داخل السلة ضرورية لكل بيت وخاصة الزيت والسكر والأرز, ويضيف: “معلومك الحياة صعبة وبدنا نعيش”, فيما يؤكد التاجر أبو إسماعيل أنهم تجار يتعاملون مع من يبيع لنا بسعر أقل لأنهم بالنهاية يتطلعون للربح, ويضيف: لسنا معنيين بالتأكد من مصدر هذه البضائع، فعندما نتعامل مع التجار لا نسألهم عن قانونية الأشياء التي يبيعونها أو طريقه الحصول عليها.


وفي بعض الأحيان يكون هناك وسيط بين المهجرين الراغبين ببيع معوناتهم وبين التاجر الراغب بالشراء, أبو ياسر وسيط يشتري المعونات وينقلها إلى تجار السوق السوداء, يقول لـ”عاجل”: بعد أن اشتري السلال أنقلها إلى التجار وأحصل على نسبة من الأرباح, موضحاً أن التجار يبيعونها بربح كبير بالمقارنة مع سعر الشراء، ويملكون مخازن كبيرة يحفظون فيها تلك المساعدات. وأضاف: عدم الرقابة من قبل الجهات المعنية تركت الحبل على الغارب لكي تباع هذه المعونات وعلى عينك يا تاجر في بعض المحلات وعلى أرصفة الشوارع, كما في الشيخ ضاهر و سوق الريجي وساحة الحمام وسقوبين وغيرها من المناطق التي باتت مقصداً لكل من يريد شراء مواد المعونة . من جهته، قال أبو علي صاحب احد المحال التجارية التي يبيع فيها المواد الاغاثية: تتوافد إلى دكاني يوميًا عشرات العائلات التي حصلت على سلال غذائية لبيعها، وأنا اشتريها لأنهم بكل الأحوال سيبيعونها لأنهم مضطرون للحصول على المال، لافتًا إلى أن بعض الأهالي الذين لا يستفيدون من الحصص الإغاثية شراء تلك المواد؛ بسبب انخفاض ثمنها، مقارنة مع أسعار المحلات التجارية.


حالات فردية أحمد نجم مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في اللاذقية أكد لـ”عاجل” قيام بعض المهجرين ببيع بعض محتويات سلتهم الغذائية من اجل الحصول على المال لسد احتياجات معيشية أخرى, مشيراً إلى أن معظم الحالات تكون لأطفال ومراهقين يبيعون كميات قليلة من المواد الغذائية مثل كيلو رز أو عبوتين زيت لقاء بعض المال, مشيرا في الوقت ذاته إلى أن ليس كل المتضررين يبيعون معوناتهم, وإذا كان هناك بعض الحالات فلها أسبابها. وأوضح نجم أن عملية بيع المعونات تحدث بشكل مباشر عندما يخرج المواطنين من مركز الهلال الأحمر حيث يكون بعض الأشخاص بانتظارهم ويشترون منهم السلل الغذائية، علماً أن بيعها ممنوع منعاً باتاً والتموين يحاسب كل من يقوم ببيع المعونات تحت أي ظرف كان, مبينا أن قيمة الضبط تبلغ 25 ألف ليرة ويتم تحويل المخالفين إلى القضاء المختص بتهمة المتاجرة بالمواد الاغاثية.


ويضيف: منذ نحو ثمانية أشهر تم ضبط كميات كبيرة من المواد الاغاثية تباع لأحد التجار داخل مركز إيواء في منطقة الكورنيش الجنوبي, مؤكدا انه تم إحالة التاجر والبائع إلى القضاء موجودا. كما ناشد نجم المواطنين الذين لديهم معلومات حول معونات تباع بكميات كبيرة في أي مكان بالمحافظة, الاتصال بمديرية حماية المستهلك ليصار إلى إجراء اللازم.

 

باسل يوسف - عاجل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...