الروح العسكرية الأمريكية ( 5-9 )

22-05-2006

الروح العسكرية الأمريكية ( 5-9 )

آلة الحرب ـ الأحلاف ـ القواعد وأعمال العدوان


نقله إلى العربية: محمود شفيق شعبان
الكسييف ـ كروتسكيخ ـ سفيتلوف


الحلقة الخامسة

الاسلحة الاستراتيجية


إن برامج زيادة المقدرة العسكرية الامريكية تتناول قبل كل شئ القوات النووية الاستراتيجية الهجومية.
وقد أعلن ر. ريغان في 2/10/1981 عن برنامج التطوير السريع للقوات الاستراتيجية الهجومية في الثمانينات.
يشير تحليل الاتجاهات الرئيسية لهذا البرنامج بدقة إلى نية واشنطن لخرق التوازن القائم بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة في مجال الاسلحة الاستراتيجية.
فخطط واشنطن تقضي بالتطور النوعي الجاري في وقت لكل جزء من أجزاء الترسانة الامريكية الاستراتيجية النووية: الصواريخ البالستية العابرة للقارات ذات التمركز الارضي (MBR)، والصواريخ البالستية في الغواصات، وكذلك الغواصات الصاروخية الذرية والطيران الاستراتيجي.
وبالاضافة إلى ما يسمى بالثالوث الاستراتيجي الامريكي فقد طورت أمريكا وسائط "الدفاع الاستراتيجي" كثيراً وخاصة السلاح المضاد للصواريخ وللاقمار الصناعية وكلك اهتمت بالتطوير الجذري لانظمة الادارة بواسطة القوات الاستراتيجية.
فقرار ادارة الولايات المتحدة الامريكية حول تجديد القوات الاستراتيجية حدد بدرجة كبيرة سياسة هذه الدولة العسكرية لسنوات عديدة إلى الامام.
ومقاييس الاستعدادات العسكرية لم يكن لها سابقة من قبل.
وجزء الصدم الهام في القوات الاستراتيجية الامريكية ـ هو الصواريخ البالستية العابرة للقارات ذات التمركز الارضي.
وعملياً فإن أمريكا تسلحت في نهاية عام 1984 بـ 550 قاعدة لاطلاق صواريخ "مينيت مين ـ 3" و450 قاعدة لاطلاق صواريخ ـ "مينيت مين ـ 2" و32 ـ لاطلاق صواريخ "تيتان ـ 2" التي بمقدورها أن ترفع في الاطلاق الواحد 2132 رأس نووي مدمر بطاقة تترواح بين 300 ك ت و10 م ت لكل رأس
إن برنامج تعزيز هذا الجزء من الترسانة الاستراتيجية يحتاج، انسجاماً مع بيان البيت الابيض إلى انتاج 223 صاروخ بالستي عابر للقارات من طراز "MX" بالجملة، وكل من هذه الصواريخ يستطيع حمل 10 رؤوس مدمرة ذات تسديد ذاتي، قوته ـ 600 ك ت ودقة اصابته عالية.
(الانحراف الدائري المحتمل ـ 90 م). وتختلف صواريخ "MX" عن الصاروخ الموجود "مينيت مين ـ 3 "بعدد الرؤوس المدمرة أكثر بـ 3 مرات، وباستطاعة كل رأس مدمر ـ تقريباً بمرتين وبدقة الرماية ـ بمرتين.
وطبقاً لتقييمات المختصين فهذا الصاروخ من حيث قدراته المذهلة على الاهداف المحمية بشكل ممتاز يساوي 15 ـ 20 صاروخ بالستي عابر للقارات من طراز "مينيت مين ـ 3".
وفي أبريل (نيسان) 1983 وافق ر. ريغان على توصية اللجنة الرئاسية الخاصة حول القوات الاستراتيجية التي ترأسها الجنرال المتقاعد ب. سكوي كروفت ، وأبلغ الكونغرس الامريكي رسمياً عن نية الادارة بنشر 100 صاروخ "MX" في وحدات العمل المنجمية] مينيت مين" (69 صاروخ في ولاية وايو مينج و31 صاروخ في ولاية نيبراسكا).
وقد حددت بداية نشر هذه الصواريخ في عام 1986.
تمت الموافقة من قبل الكونغرس على انتاج الصفقة الاولى المؤلفة من 21 صاروخ "MX" في عام 1983.
وفي عام 1985 المالي خصص الكونغرس 1.5 مليار دولار لانتاج بـ 19.9 مليار دولار (هذا المبلغ يشتمل على 4 مليارات تم تبذيرها أو تبديدها في اطار الدراسات والبحوث حول هذا النظام الصاروخي).
وتكمن خطط الاستراتيجيين الامريكيين المرتبطة بـ "MX" في أن الولايات المتحدة الامريكية قد تسلمت فعلياً بوسيلة "الضربة النووية الاولى". وأظهرت بذلك النزعة العدوانية لمبدئها العسكري ثانية.
وفي أيار 1985 وافق مؤتمر مجلس الشيوخ الامريكي على النسخة التي تقدم بها البيت الابيض لتقليص عدد صواريخ "MX" ضعفين، ويحدد السقف الحالي لعددها بمعدل 50 صاروخ فقط.
هذا التخفيض ـ خدعة دورية لادارة ريغان وأنصاره في مجلس الشيوخ الذين سعوا لتخفيف توتر الاحتجاجات الواسعة في البلد ضد الزيادة التي لا سابقة لها لترسانات أسلحة الولايات المتحدة الامريكية.
وانسجاماً مع "الحل الوسطي" بين البيت الابيض ومجلس الشيوخ فإن التحديدات حملت طبيعة مؤقتة مضاعفة وستلغى حالما يحقق البنتاغون مجموعة من الشروط وتقدم شكلاً جديداً لتأسيس صواريخ "MX".
وفضلاً عن صواريخ الـ "MX" فقد نصحت لجنة سكوي كروفت البيت الابيض باعداد وتطوير الصاروخ البالستي العابر للقارات الوحيد الكتلة والدقيق والخفيف الحركة من الجيل الجديد "مينيت مين" الصعب المواجهة من قبل العدو.
وطبقاً لخطط البنتاغون المسبقة فإن عدد الصواريخ بالاجمالي يجب أن يكون 1000 صاروخ من هذا النوع.
قدرت ادارة الكونغرس المالية الامريكية كلفة هذا البرنامج بـ 106 مليار دولار، باشتمال النفقات السنوية على صيانة الصواريخ الموزعة والتي تقدر بـ 3 مليار دولار مما يتطلب 50 ألف إنسان مستخدم.
يُفترض أن يجري الاختبار الأول لهذا الصاروخ في عام 1988 ، أما نشرها الفعلي ـ ففي بداية التسعينات.
وبشكل متوازٍ مع تأسيس صواريخ بالستية جديدة عابرة للقارات في الولايات المتحدة بوتائر مسرعة يجري تطوير الصواريخ الموجودة. فمنذ عام 1979 بدأ ببرنامج اعادة تزويد 300 صاروخ بالستي عابر للقارات من طراز "مينيت مين ـ 3" بأجزاء رأسية جديدة
 "MK 12 A وبثلاثة رؤوس مدمرة باستطاعة عالية جداً 350 ك ت لكل رأس، وبدقة رماية عالية (الانحراف الدائري المحتمل ـ 180 م).
واشترط البنتاغون رفع عدد صواريخ "مينيت مين ـ 3 " من 550 إلى 600 في الملاك القتالي على حساب نشر 50 صاروخ في الوحدات التشغيلية لـ "مينيت مين ـ 2".
وفي الملاك الحربي للقوات الاستراتيجية الصاروخية ذات التمركز البحري الولايات المتحدة الامريكية كان يوجد في نهاية عام 1984 ، 39 غواصة ذرية صاروخية مسلحة بالصواريخ البالستية "ترايدينت ـ 1" (312 وحدة تشغيل)، "بوسيدون س ـ 3" (304 وحدات تشغيل) و"بولاريس أ ـ 3 ت" (48 وحدة تشغيل)، والتي وزع عليها حوالي 6 ستة آلاف حشوة نووية أو أكثر من نصف جميع الذخائر الاستراتيجية النووية الامريكية.
وفي تشرين الثاني 1981 دخلت في حيز العمل الغواصة الذرية الصاروخية العملاقة ذات النموذج الجديد ـ "أوهايو" (حمولة 18.7 ألف طن، كحمولة البارجة فوق سطح الماء) مع 24 وحدة تشغيل ومزودة بالصواريخ البالستية من طراز "ترايدينت ـ 1".
وفي أيار 1985 نزلت إلى الماء الغواصة السادسة من هذا النوع ـ "الاباما". ومن المتوقع أنه سيكون 15 غواصة من نوع "اوهايو" حتّى عام 1987 في مرحلة البناء والتركيب، والتي سيستمر انشاؤها في السنوات التالية.
وخلال الثمانينات يستكمل تشكيل الاسطول بقوام 10 غواصات ذرية للصواريخ من طراز "أوهايو" في المحيط الهادي وسيتم البدء بتوسيع الاسطول الثاني في المحيط الاطلسي. ومن ناحية الامكانيات القتالية فكل غواصة ذرية حاملة للصواريخ من طراز "اوهايو" يفوق 10 غواصات ذرية تحمل 160 صاروخ من نوع "بولاريس ـ A3- ".
مواصفات الصواريخ
الاستراتيجية الامريكية مينت
مين ـ 2 مينيت
مين ـ 3 تيتان ـ 2 MX بوسيدون
ـ س ـ 3 بولاس ـ A-3 ترايدنيت
ـ 1
(C-4) ترايدنت
مدى الرمي (كم) 11.300 13000 15000 13000 4600 4000 7400 100000
الدقة (KVO) 400 180 1300 90 500 900 460 90
رمي (م) كمية
واستطاعة الحشوات النووية  1×
2 م ت  

350 ك ت  1×
9 م ت  
10×
600 ك ت  14×
50 ك ت 3×
200 ك ت  8×
100 ك ت  

600 ك ت أو 14× 150 ك ت
عدد قواعد اطلاق
الصواريخ في الغواصة الواحدة  
ـ
 ـ 
ـ
 ـ 16 16 24 
24

( 1 طبقاً لمعلومات معهد الدراسات الاستراتيجية في لندن عام 1984).
ومن كانون الثاني عام 1977 إلى كانون الأول 1984 قام البنتاغون بـ 47 إطلاق تجريبي لصاروخ "ترايدينت ـ 1".
وفي عام 1982 بوشر بالعمل على تحقيق دقة إصابة عالية وكبيرة للصاروخ البالستي ذات التمركز البحري "ترايدينت 2" الذي سيدخل عملية التسلح، كما خطط، منذ عام 1989.
وهذا الصاروخ من حيث المواصفات التكنيكية ـ التقنية في الدرجة القصوى قريب من صاروخ "MX" البالستي العابر للقارات ويعتبر هذا السلاح (الصاروخ الأول والثاني) ـ السلاح ذات الضربة النووية الاولى.
تبلغ الكلفة الاجمالية لبرنامج "ترايدينت" (الغوصات الذرية والصواريخ)، طبقاً للحسابات التقديرية، 28.5 مليار دولار.
وقد وضعت ادارة ريغان إعادة تزويد الطيران الاستراتيجي القاذف كله نصب عينيها. بلغ عدد الطائرات القاذفة في القوات الاستراتيجية الامريكية في عام 1984 617 (553 طائرة قاذفة ثقيلة B _ 52  و96 طائرة قاذفة للقنابل من نوع B _ 52 H لكي يكون بمقدور كل منها حمل 20 صاروخ مجنح ذات مدى بعيد ومزودة برؤوس نووية مدمرة.
وفي عام 1982 تم ادراج السرب الأول من الطائرات القاذفة الثقيلة B _ 52 مع صواريخ مجنحة ذات مدى بعيد على متنها في القوام القتالي للقيادة الاستراتيجية الجوية الامريكية.
وفي عام 1984 كانت الولايات المتحدة تملك 4 أسراب من الطائرات القاذفة B _ 52 G  (64 طائرة، وكل طائرة قادرة على حمل 20 صاروخ مجنح ذات مدى بعيد)
وحتى بداية عام 1989 تتوقع الادارة الامريكية أن تمتلك 195 طائرة من نفس النوع. ويجري العمل على قدم وساق لتنفيذ برنامج بناء الطائرة القاذفة الاستراتيجية العابرة للقارات والفوق الصوتية الجديدة B_ 1B (مسافة الطيران ـ 9.8 آلاف كم، الشحن القتالي الاقصى ـ 34 طن).
وابتداءاً من عام 1986 وخلال عامين تم وضع خطة للتسليح بـ 100 طائرة قاذفة استراتيجية من هذا النوع، التي تستطيع كل طائرة منها استخدام القنابل النووية والصواريخ النووية المجنحة ذات المدى البعيد (يمكن تحميل 32 صاروخ من هذا النوع في كل مرة شحن).
وسيكلف تنفيذ برنامج إنتاج 100 طائرة من نوع B_ 1B، الخزينة الامريكية أكثر من 29.5 مليار دولار.
وفي مرحلة التصنيع أيضاً توجد طائرة قاذفة استراتيجية "غير مرئية" جديدة باسم "ستيلت"وبفضل استخدام المواد الجديدة والنظام الايروديناميكي الخاص التي تُقلّل انعكاس الاشعة الرادارية سيكون، حسب تقديرات البنتاغون، من الصعب الكشف عن هذه الطائرة بواسطة وسائط الـ PVO المعاصرة .
تبلغ كلفة مشروع بناء الـ 150 طائرة من طراز "ستيلت ـ 22 مليار دولار.
وبنتيجة تحقيق جميع برامج تطوير الاسلحة الاستراتيجية الامريكية النووية في الحياة ازدادت خلال الثمانينات إمكانيات القوات الامريكية الاستراتيجية لتوريد الذخائر النووية بما لا يقل عن 1.5 مرة في الاقلاع الواحد.
وستزداد المقدرة الهجومية للسلاح الواحد النووي أكثر كما يستعد البنتاغون للتسلح بنوع جديد من توريدات الوسائط الاستراتيجية ـ الصواريخ المجنحة ذات المدى البعيد (مسافة الرمي أكثر من 600 كم) لجميع أشكال التمركز.
وبتكليف من البنتاغون سيصنع أو سينتج "نموذجاً من الصواريخ المجنحة ذات التوظيف المختلف.
وتفترض الولايات المتحدة الامريكية أن يكون بحوزتها فقط على 154 سفينة حربية وغواصة من القوات البحرية حوالي 4 آلاف صاروخ مجح من نوع "توما جافك"، قوة الحشوة النووية لكل صاروخ 200 ك ت.
هذه الصواريخ بالاضافة إلى 4.3 آلاف صاروخ ذات تمركز بحري و560 صاروخ ذات تمركز أرضي (كلفة كل صاروخ من هذا النوع 1.2 مليون دولا) مخصصة لالحاق الضربات النووية المفاجئة والدقيقة جداً في كل عمق أراضي الاتحاد السوفييتي تقريباً.
فمنذ عام 1982 بدأ البنتاغون بتزويد الطائرات القاذفة الاستراتيجية بالصواريخ المجنحة ذات التمركز الجوي. ومنذ عام 1983 شرع البنتاغون أيضاً بتسليح السفن الحربية والغواصات بالصواريخ المجنحة ذات التمركز البحري.
وطبقاً لمعلومات المجلة الامريكية الشهرية "آرمز كنترول تودي" التي تصدرها منظمة أنصار الرقابة على الاسلحة فإن كلفة برنامج تصنيع هذا السلاح تزيد على (60) مليار دولار.
وتتابع الطغمة العسكرية الامريكية تخطيطها لامتلاك أكثر من 12 ألف صاروخ مجنح لكل أشكال التمركز يمكن تزويدها برؤوس نووية مدمرة أو برؤوس اعتيادية مدمرة.
وقد حذر الاتحاد السوفييتي مراراً بأنه لن يسمح بخرق التوازن القائم وسيتخذ الاجراءات الجوابية المناسبة، وفي كانون الأول 1982 أعلنت القيادة السوفييتية أنه يجري في الاتحاد السوفييتي تجريب للصواريخ المجنحة ذات المدى البعيد.
وفي اكتوبر 1984 بدأت القوات المسلحة السوفييتية بتوزيع الصواريخ المجنحة ذات المدى لابعيد على الطائرات الاستراتيجية القاذفة وعلى الغواصات الحربية.
هذه الاجراءات تتناسب عملياً مع الخطر المتصاعد على أمن الاتحاد السوفييتي وبلدان المنظومة الاشتراكية الاخرى من جانب الولايات المتحدة.
ولم يخيم على البشرية أبداً من قبل خطر مرعب إلى الحد الذي هو عليه في أيامنا الحالية. وقد أكد الاجتماع الاستثنائي للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي الذي عقد في آذار عام 1985 على أن المخرج العقلاني الوحيد من الوضع المتشكل هو اتفاق القوى المتنازعة على الوقف السريع لسباق التسلح ـ وبالدرجة الاولى النووي على الأرض وعدم السماح بالتسلح في الفضاء.
السيطرة العسكرية على الفضاء
اتخذت الادارة الامريكية الحالية خطوات عملية لعسكرة الفضاء في آن واحد مع سباق التسلح النووي.
وقد أعلن القادة الامريكيون الحكوميون على مستوى رسمي عن برامج الاستخدام العسكري للفضاء التي لم يسبق لها مثل من حيث الحجم والنفقات.
"إن الذي يسيطر على الفضاء يستطيع أن يضع الكرة الارضية كلها تحت نقطة تسديده" ـ على مثل هذا الفهم للمسائل الاستراتيجية الامريكية بنيت نشاطات البنتاغون للسيادة على الفضاء الكوني.
وفي آذار 1983 أعلن ريغان عن خطة لتنفيذ برنامج "السيادة" الواسعة على الفضاء. وأبلغ خاصة، عن الاشارة التي أعطاها للبدء في الجهود الكلية والمكثفة لاعداد برنامج البحث والعمل الطويل الاجل في مجال تكوين الدفاع المضاد للصواريخ (PRO) المشتملة على عناصر التمركز الفضائي.
وانسجاماً مع تعليمات مسائل الدفاع للاعوام 1985 ـ 1989 المالية وبرنامج الخطة الخمسية للبناء العسكري فقد طُرحت أمام القوات الجوية الامريكية مهمة إحداث النظام الاستراتيجي الحربي الامين للسلاح المضاد للاقمار الصناعية أملاً بتطويره في عام 1987.
وحددت الاتجاهات الاساسية للبرنامج الامريكي العسكري في الفضاء في السنوات العشر القادمة بواسطة الامر الرئاسي الخاص رقم 119 حول السياسة الفضائية القومية الذي أصدره البيت الابيض في 6/1/ 1984.
وكما ينتج عن هذا الامر فإن خطط البنتاغون تقضي بنشر السلاح الفضائي الصارم في الفضاء وإخراج المحطات الفضائية العسكرية إلى المدار.
وطبقاً لهذه السياسة يجب على وزارة الدفاع والادارة القومية للطيرانيات ودراسة الفضاء الكوني (ناسا) أن تبحث في آفاق تصنيع وإعداد تقنية فضائية لجيل جديد.
وبواسطة المذكرة التي جاءت في 27/3/ 1980 حدد في الولايات المتحدة التعاون بين ناسا ووزارة الدفاع في مسائل استغلال السفن الفضائية "شاتل".
وحتى عام 1994 سيكون لنصف جميع طيرانات السفن من سلسلة "شاتل" تقريباً غرضاً عسكرياً.
ومنذ 1/9/ 1982 أدت القيادة الفضائية الخاصة للقوات الجوية الامريكية (سبيسكوم) وظيفتها بهدف "تركيز" نشاطات أو أعمال القوات العسكرية الجوية في الفضاء.
وفي عام 1983 شكلت القيادة الفضائية للقوات البحرية الامريكية (نافسبيسكوم).
وفي كانون الأول 1984 اتخذ الرئيس ريغان قراراً بتشكيل القيادة الفضائية الموحدة للقوات المسلحة الامريكية التي ستخضع مباشرة لوزير الدفاع وهيئة رؤساء الاركان.
فهي "توحد الوظائف الفعالة" للقيادات الفضائية التي أحدثت سابقاً. فإحداث القيادة الفضائية الموحدة الخاضعة لوزير الدفاع الامريكي سيعني إكمال الاعدادات التنظيمية للاستعمال العسكري للوسائط الفضائية.
وفي كانون الثاني ـ تشرين الثاني 1984 جرت في الولايات المتحدة اختبارات جديدة لنظام ACAT الجديد المضاد للاقمار الصناعية في قاعدة الطائرات المقاتلة F _ 15  المزوجة بالصواريخ "SRAM _ ALTAYR" المخصصة لتدمير الاهداف على ارتفاع حتّى 1 كم.
والبنتاغون عازم على استخدام هذا النظام في التسلح في 1987 بالاضافة إلى مزودين بـ 40 طائرة من هذا النوع.
وفي آذار 1984 تم في وزارة الدفاع احداث الادارة التي كلفت بتنفيذ المبادرات في مجال الدفاع الاستراتيجي "المرتبط باحداث نظام الدفاع المضاد للصواريخ الواسع النطاق.
ترأس هذه الادارة الجنرال ـ الملازم في القوات الجوية الامريكية ج. أبراهامسون. وتخضع الادارة لوزير الدفاع مباشرة.
وفي اكتوبر 1984 وقع الرئيس ر. ريغان وثيقة تشريعية حول إحداث لجنة قومية خاصة بالفضاء. شكلت هذه اللجنة بهدف تحديد وصياغة الاهداف البعيدة المدى ومهام البرنامج الفضائي الامريكي وتحليل الامكانيات الامريكية الكافية وتقديم التوصيات المناسبة في غضون عام واحد.
ومن أجل ضمان الوجود العسكري الدائم للولايات المتحدة الامريكية في الفضاء أُعدت خطة لاحداث المحطة المدارية التي تنوي إدارة ريغان أن تنفق على بنائها 8 مليار دولار.
بلغت مخصصات البنتاغون للبرنامج الفضائي العسكري في الاعوام 1983/ 1984 و1985 بالمقابل 8.5 مليار دولار، 9.3 مليار دولار و12.9 مليار دولار.
ففي السنة المالية 1985 رُصد 1.4 مليار دولار من الميزانية العسكرية الامريكية من أجل البحث فقط في مجال بناء نظام الدفاع المضاد للصواريخ بالاضافة إلى عناصر التمركز الفضائي، ويجري التخطيط لصرف 26 مليار دولار لهذه الاغراض حتّى عام 1989.
فخطط البنتاغون التي تمت الموافقة عليها حسب فترات التنفيذ في مجال زيادة الاسلحة الاستراتيجية الهجومية وابتكار السلاح الفضائي الصادم وتطوير نظام الدفاع المضاد للصواريخ والسلاح المضاد للاقمار الصناعية موجهة لاحراز التفوق العسكري للولايات المتحدة على الاتحاد السوفييتي وإكمال تكوين المقدرة ذات الضربة النووية الاولى تمازجاً مع إجراءات الدفاع ضد الضربة الجوابية المنهكة.
فظهور سباق التسلح في الفضاء الكوني يمكن أن يصبح عملية غير قابلة للعكس، إذا لم يتم وضع حداً له في الوقت المناسب، ويمكن أن تكون له عواقب خطيرة جداً على الحد من التسلح في المجالات الاخرى، وبالدرجة الاولى في المجال الاستراتيجي.
ولابد من الاجراءات الفعالة للمحافظة على الفضاء السلمي. وخلافاً لواشنطن التي اتجهت نحو عسكرة الفضاء فقد اقترح الاتحاد السوفييتي في عام 1981 وفي الدورة السادسة والثلاثين للجمعية العمومية لهيئة الامم المتحدة عقد "اتفاقية لمنع تركيز أي نوع من السلاح في الفضاء الكوني" وقدم مشروع نص هذه المعاهدة وفي عام 1983 اقترح الدخول إلى أبعد من ذلك ـ عقد اتفاق حول حظر استعمال القوة في الفضاء الكوني ومن الفضاء باتجاه الأرض.
وقد أعلن الاتحاد السوفييتي من ناحيته تأجيل الدفع (الموراتوريوم) في إخراج السلاح المضاد للاقمار الصناعية إلى الفضاء مادامت أمريكا والدولا الاخرى ستسير بهذا الشكلز
وفي عام 1984 اقترح الاتحاد السوفييتي ادراج مسألة "استخدام الفضاء الكوني" كمسألة هامة وعاجلة في جدول أعمال الدورة الـ 39 للجمعية العمومية لهيئة الامم المتحدة التي لاقت رداً إيجابياً من قبل أغلبية أعضاء هيئة الامم المتحدة.
وأصبحت المبادرة التي قدمت في مذكرة الحكومة السوفييتية في 30/ 6/1984 التي اشترطت اجراء محادثات سوفييتية ـ أمريكية للحيلولة دون عسكرة الفضاء الكوني هي الفعل الجديد الضخم.
ينطلق الاتحاد السوفييتي من أن الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الامريكية يجب عليهما كدولتين عظيمتين رئيسيتين في مجال السيطرة على الفضاء، أن يبذلان كل الجهود من أجل أن يبقى الفضاء سليماً ووضع أساس للاتفاق المتعدد الجوانب في أهداف حل هذه المهمة.
ويقترح الاتحاد السوفييتي إبعاد إحتمال تعميم سباق التسلح في الفضاء ورفض صناعة الاسلحة الفضائية الصادمة كلياً وتدمير النظام المضاد للصواريخ الذي تملكه أمريكا.
وبعبارة أخرى ـ حتّى لا يكون هناك تهديد عسكري للارض من الفضاء وللفضاء من الأرض وتهديد للفضاء ذاته. وكخطوة أولى اقترح الاتحاد السوفييتي إقرار موراتوريوم (تأجيل الدفع) متبادل على تجريب وتطوير الانظمة الفضائية الصادمة في وقت واحد مع بداية المحادثات.
إن مثل هذه الاتفاقية كان بمقدورها ليس منع سباق التسلح في الفضاء فقط، بل وكانت يمكن أن تساعد على حل مسائل تحديد وتقليص الاسلحة الاستراتيجية الاخرى.
لكن الولايات المتحدة الامريكية بذلت أقصى ما تستطيع دون إجراء المفاوضات التي اقترحها الاتحاد السوفييتي في عام 1984 بشأن منع عسكرة الفضاء.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...