الحريّات الإعلامية محاصرة في الأمم المتحدة؟

02-03-2009

الحريّات الإعلامية محاصرة في الأمم المتحدة؟

هل هي نكسة للحريات الإعلامية، أم حرب صامتة واستلهام من زمن غوبلز الإعلامي؟ طائفةٌ من الأسئلة يثيرها الحصار المفروض على الإعلاميين في مقرّ منظمة الأمم المتحدة. والأكيد أنّّ الحواجز هذه المرة ليست من صنع الاحتلال الإسرائيلي الرابض على نقاط التفتيش في فلسطين. إنّها من صنع دائرة فريق إعلامي يحيط بالأمين العام بان كي مون ويمارس رقابة على التصريحات والمعلومات لا تختلف عن بعض أشكال الرقابة في الأنظمة الشمولية، أو الرقابة الذاتية التي يمارسها الإعلام الغربي في الشأن العربي. وهذه النكسة هناك يشهدها الإعلاميون العرب قبل غيرهم: مثلاً، خلال الحرب على غزة، مُنع هؤلاء من طرح أسئلة على الأمين العام لم تُبرمَج مسبقاً مع فريقه الإعلامي.
ويحارُ الصحافي القابع في ردهة المؤتمرات الصحافية في تحليل ما يجري خلال مؤتمرات بان. إذ يظهر ضعفه الشديد عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية أو بجورجيا وكوسوفو، ويتحول نمراً شرساً عندما يتعلق الأمر بالسودان وإيران، وحتى لبنان. المسائل في البلدان الأخيرة واضحة له: إنّه يطالب إيران دوماً بالتوقف عن تخصيب اليورانيوم الذي يجده «تهديداً غير مقبول لأمن إسرائيل». ويطالب حكومة السودان باحترام القانون الدولي والتوقف عن ملاحقة المتمردين. أما في الشأن اللبناني، فيطالب بوقف تهريب السلاح، ويتّهم الفلسطينيين بممارسة الإرهاب على إسرائيل!
ازدواجية المعايير التي يستخدمها الأمين العام ليست أكثر ما يضايق الجسم الإعلامي هناك، بل الانتقائية التي يدير بها مستشاروه المؤتمرات الصحافية. إذ إنّ الحق في طرح الأسئلة يُمنح دوماً لإعلاميين ينتمون إلى مؤسسات يمينية بينما يقوم التمييز على أساس ميول الصحافيين السياسية. والغريب أنّه حتى خلال الإحاطة اليومية التي تقدمها المتحدثة الرسمية باسم الأمين العام ميشال مونتاس وتُنقل مباشرةً عبر وسائل الإعلام، يُسمح للمراسلين الأميركيين والإسرائيليين بطرح أسئلة تشوبها خطابات مسيّسة وتحريفٌ للوقائع. لكن إذا طرحت أسئلة تتضمن انتقادات للممارسات الإسرائيلية وتقاعس الأمم المتحدة عن حلّها، سرعان ما تنبري مونتاس لانتقاد طريقة طرح السؤال قائلةً: «هذا بيان وليس سؤالاً». مثلاً، خلال العدوان الأخير على غزة، لجأت مونتاس إلى أسلوب تهديدي غير مسبوق. قبل بدء مؤتمرها، قرأت بياناً على الصحافيين حذّرت فيه من استغلال بعضهم للمؤتمر «كمنتدى للنقاش العام أو الجدل أو الدعاية، أو للتعبير عن وجهة نظر المراسل». بيانٌ أثار استغراب المراسلين الذين رأوا أنّه موجه إلى حرية طرح الأسئلة.
أهو نوعٌ جديد من الترهيب الإعلامي في المنظمة الدولية؟ سؤالٌ يطرحه الإعلاميون الذين لم يعهدوا هذه الرقابة في عهد الأمين العام السابق كوفي أنان وقبله.

نزار عبود

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...