التلفزيون المصري: ولا قولك؟ بلاش «ثورة»!

01-02-2011

التلفزيون المصري: ولا قولك؟ بلاش «ثورة»!

 ترك المتحدثون الحكوميون المصريون ما يحدث في الشارع، وركزوا على أنّ قناة «الجزيرة» هي التي تحرّض الناس على مواصلة العصيان. بعد إغلاق مكتبها في القاهرة، سرعان ما ردّت القناة القطرية أمس بلقطات تظهر الوحشية التي تعاملت بها الشرطة المصرية مع المتظاهرين يوم الجمعة الماضي. وما بين المشهدين، اتخذت كل قناة موقفها من الثورة المصرية وفق اتجاهاتها السياسية.

التلفزيون المصري الذي تعامل مع الأحداث ببرود حتى مساء الجمعة، دخل أتون المعركة مرغماً بعدما بدأت عمليات السلب والنهب تطال المواطنين والمحال التجارية بدءاً من منتصف ليل السبت. إذ كان قد اكتفى في البداية بتلقي بلاغات الاستغاثة قبل أن يتأكد بوضوح أن وزير الإعلام المصري أنس الفقي لن يغادر موقعه حتى بعد إقالة الحكومة، وأن سياسة النظام الإعلامية ـــ حتى لو لم توجّه إدانات مباشرة إلى المتظاهرين ـــ ستعمل على فك الارتباط بينهم وبين المصريين في البيوت. وستحقّق ذلك عبر التأكيد أن ما يتعرّضون له من سلب ونهب سببه المباشر استمرار التظاهرات، وبالتالي عجز الجيش عن ضبط الشارع بسهولة. وجاء قرار إغلاق مكتب «الجزيرة» ليؤكد أنّ النظام ووزير الإعلام يدركان أنّ المعركة لا تزال طويلة، وأنّ التعتيم الإعلامي سيظل سلاحاً فعالاً لضمان الاستمرار لأطول فترة ممكنة. واللافت أنّ اتهامات المحللين الحكوميين لم تقتصر على «الجزيرة» فقط. فقد طاولت هذه الاتهامات «بي. بي. سي.» أحياناً، لكنّ التضييق عليها لم يكن وارداً بالطبع. وحتى قناة «الحرة» بثت أخباراً تبين عدم دقتها بعد ذلك. لكن المواجهة المباشرة كانت مع «الجزيرة» بسبب شعبيتها الكبيرة في مصر من جهة، ولأنّ «الجزيرة مباشر» فتحت الهواء طوال الوقت للغاضبين من سياسة الرئيس مبارك وإصراره على البقاء.
وكما أجمع كثيرون على أنّ الانفلات الأمني كان يهدف إلى تخيير المصريين بين الحرية والأمن، استفادت القنوات المصرية الخاصة من هذا الموقف لتركز تغطيتها على عودة الأمان إلى الشارع المصري، وعدم الدخول في المناطق السياسية الشائكة. وبينما كانت منى الشاذلي تتوقع عدم عودتها إلى الشاشة بعد حلقة يوم الأربعاء الماضي، أطلّت أمس من جديد على قناة «دريم» لتواصل انتقاد موقف الحكومة الجديدة. وبعد هجوم عنيف على «الجزيرة» في حلقة أمس من برنامجه «48 ساعة»، أعلن مذيع قناة «المحور» سيد علي أن القناة وبرامجها مع الشرعية وضد التخريب. بينما واصلت قناة «أون تي في» تقديم تغطية إخبارية تعتمد على القصص الإنسانية ودور الناس في الدفاع عن أرواحهم، مع تكرار نفي هروب مالك القناة نجيب ساويرس خارج مصر. فيما حشدت قناة «الحياة» ستة مذيعين لتقديم تغطية يومية جمعت بين التحليلات السياسية والتوعية الإعلامية لكيفية تعامل المواطنين مع الجيش والشرطة. لكن الحدث الأبرز في هذه التغطية كان عودة عمرو أديب إلى تقديم البرامج على شاشة «الحياة» منتقداً الحكومة. هو الذي غاب عن الجمهور منذ أيلول (سبتمبر) الماضي عندما بدأت الحكومة المصرية تستبعد كل الأصوات التي كان يتوقع أن تنتقد الانتخابات البرلمانية التي جرت في كانون الأول (ديسمبر) الماضي... وكانت نتائجها الشرارة التي أطلقت ثورة الغضب المصرية. مع ذلك، خلت كل القنوات المصرية الخاصة من انتقاد واحد لـ... «الريّس»!

مفاجأة الموسم فاجأ رجل الأعمال نجيب ساويرس الجميع في تصريحه الأخير، بعدما أعلن أن «التطورات الأخيرة في البلاد هي خير لمصر». ولم يتوقّع أحد هذا التصريح من المليونير المصري المشهور بعلاقته الجيدة مع نظام الرئيس حسني مبارك.

محمد عبد الرحمن

مثقفون مصريون في المواجهة
 «الوحش يطلق صرخته الوداعيّة». هذه العبارة تلخص اقتناع العديد من المثقفين المصريين، بعد إجراءات العنف الأخيرة التي يرتكبها نظام الديكتاتور حسني مبارك. أبرز كتّاب مصر ومبدعيها ومثقفيها نزلوا إلى الشارع. علاء الأسواني، وبهاء طاهر، وإبراهيم عبد المجيد يتصدّرون التظاهرات كلّ يوم، جنباً إلى جنب مع الشباب الثائر. هنا بعض أخبار الجبهة، رغم صعوبة التواصل بسبب الظروف القمعيّة، إلى قرّائهم وزملائهم وأحبابهم خارج مصر.
الروائي بهاء طاهر ينزل كلّ يوم إلى ميدان التحرير. رغم مرضه، بقي حريصاً على مشاركة المتظاهرين فرحتهم. وقال طاهر: «تعال شوف ستات الزمالك كيف خرجو أمس إلى الشوارع تينظفوها». وأضاف صاحب «حب في المنفى»: «الشعب المصري تغيّر في خمسة أيام». ولفت طاهر إلى أنّه كان من بين الذين اتهموا الشباب المصري سابقاً بالسلبية، «وإذا بهم الآن يضربون أمام العالم أجمع أروع مثل. لن تسمع بحادث تحرش واحد رغم هذه الأعداد الكبيرة. لن تجد شعاراً طائفياً واحداً مرفوعاً. الشباب ينظمون المرور بأنفسهم، ويحمون ممتلكاتهم الخاصة والعامة». في الخلاصة، يقول طاهر: «إنها أعظم أيام عشتها في حياتي. أنحني أمام هؤلاء الشباب احتراماً وتقديراً. لقد حاول جيلنا التغيير، لكنه لم ينجح. وأتمنى لهذا الجيل النجاح، وأتمنى أن تستمر هذه الروح فيه إلى الأبد».

الروائي علاء الديب، من جهته، يتابع أخبار التظاهرات أوّل بأوّل. رغم أنّ مرضه الشديد منعه من النزول إلى الشارع، هو واثق بأن الشعب يستطيع كشف التضليل والشائعات، ومواجهة القوى المضادة للثورة، وخصوصاً مع الأخبار التي تروّج لوجود أعمال بلطجة وتصرفات همجية. الشباب من وهجة نظره «يرون هدفهم بوضوح، ألا وهو إسقاط النظام الحاكم، ولا بد من الاستمرار نحو هذا الهدف».

الروائي محمد البساطي قال  مبتهجاً: «المسألة طالت أكثر مما يجب، والفساد تفشّى أكثر مما يُتصوّر، وصبر الشعب المصري طال أكثر مما يجب. نحن شعب صبور نتحمل كثيراً، لكن في النهاية ننفجر... لا بد أن يحدث تغيير. من المحال أن تستمر الأمور أكثر من ذلك». ويرى صاحب «جوع» أنّ النظام «يرقص رقصته الأخيرة»، وأنّه «يحاول التلاعب بالجماهير وأخذها بعيداً عن الهدف المطلوب. لكنّ الجماهير لن تنخدع، وسيسقط النظام خلال أيام».
في المقابل، استغرب الكثير من المثقفين المصريين موقف الناقد المصري جابر عصفور، وموافقته على تولّي حقيبة وزارة الثقافة في الحكومة التي عيّنها حسني مبارك أمس. ورأى كثيرون أنّ هذه خطوة لا تليق بذكاء جابر عصفور ولا بمسيرته، فقد خسر جزءاً كبيراً من رصيده الثقافي وأساء إلى تاريخه الشخصي.

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...