ازدهار الفساد في دير الزور

27-11-2007

ازدهار الفساد في دير الزور

أثار موضوع سحب القروض العقارية من قبل جمعية المدينة التعاونية السكنية بدير الزور على أسماء عدد من أعضاء الجمعية دون علمهم بعد قيام مجالس الإدارة السابقين بتزوير امضاءاتهم وتواقيعهم وتغيير صفات عملهم موجة عاصفة على مستوى المحافظة وبخاصة بين الأعضاء المنتسبين للجمعية الذي سارعوا بدق أبواب الجهات المعنية لمعرفة فيما إذا كانت هناك قروض قد سحبت على أسمائهم أم لا؟‏

تبلغ قيمة القروض العقارية التي حصلت عليها الجمعية من المصرف العقاري -فرع دير الزور- حوالي 67 مليون ليرة سورية على أسماء أعضاء منتسبين للجمعية يبلغ عددهم 137 عضواً بواقع 500 ألف ليرة سورية لكل عضو من الأعضاء, ويعود تاريخ هذا القرض لعام 2001 وتم منحه على دفعتين الأولى في العام ذاته وتبلغ 44 مليون ليرة بأسماء 90 عضواً والثانية في عام 2005 وتبلغ 23 مليون ليرة بأسماء 47 عضواً وهاتان الدفعتان منحتا خلال مجلسي إدارتين متعاقبتين للجمعية, وتبين فيما بعد أن الجداول والسجلات المقدمة من الجمعية للمصرف العقاري للحصول على القرض المذكور يوجد فيها خلل يشير إلى وجود عمليات تزوير امضاءات عدد كبير من الأعضاء المنتسبين للجمعية والذين سحبت على أسمائهم قروض وهم لا يدرون بها ناهيك عن أن قسماً من هؤلاء مسددين كافة الأقساط المستحقة عليهم للجمعية وليسوا بحاجة لقرض , حتى إن البعض منهم أصلاً هم خارج القطر ولم يطلبوا قرضاً وقد زورت امضاءاتهم أيضاً, مع العلم أن كشف واقعة التزوير لم تكن قديمة وإنما حديثة العهد ولكن بعد أن وقعت الفأس برأس هؤلاء الأعضاء الذين ترتبت عليهم ذمم مالية ليس لهم فيها ذنب وتقدر بحدود المليون ليرة لكل واحد منهم وهي قيمة القرض مع فوائده..‏

عندما ذاع نبأ سحب القروض بين الناس في المحافظة تهافت الأعضاء المنتسبون للجمعية على أبواب الجمعية والمصرف العقاري والمحافظة للوقوف على حقيقة ما يقال وما يتردد في الشارع على ألسنة الناس ومعرفة فيما إذا كانت هناك قروض مسحوبة على أسمائهم أم لا, وكانت الصدمة لقسم من هؤلاء الأعضاء عندما تأكدوا بوجود قروض على أسمائهم عن طريق تزوير امضاءاتهم وهم بالأصل ليسوا طالبين لمثل هذه القروض, وسارعوا على الفور بطرق أبواب الجهات المعنية وتقديم شكاوى بحق من قام بتزوير تواقيعهم وسحب قروض نيابة عنهم, وقد راجع مكتب (الثورة) عدد كبير من الأعضاء المتضررين وتقدموا بعرائض وتصاريح ووثائق (نحتفظ بها) تفصح عن حالة التلاعب التي جرت في الجمعية والمصرف العقاري في عمليات سحب القروض على أسمائهم مؤكدين في تصاريحهم لم يتقدموا بأي طلب لمجالس إدارة الجمعية للحصول على القرض المزعوم ولم يمضوا أو يوقعوا على جداول وسجلات الجمعية المقدمة للمصرف لمنح ذلك القرض, كما أشاروا إلى أنهم سيقاضون من قام بتزوير تواقيعهم جزائياً..‏

مجلس إدارة الجمعية المؤقت وعلى لسان رئيسه المهندس زياد الكاظم قال: من خلال قيامنا بالعمل للتحضير لدعوة الهيئة العامة لانتخاب مجلس إدارة جديد ولدى مراجعة بعض الوثائق وسجلات الأعضاء تبين بأن مجلسي الإدارة السابقين للجمعية قاما بسحب قروض عقارية على أسماء قسم كبير من أعضاء الجمعية دون علمهم أو موافقتهم الخطية على سحب هذه القروض وذلك من خلال تقديم وثائق وأوراق مزورة للمصرف العقاري الذي قام هو الآخر بمنح تلك القروض إلى إدارة الجمعية دون علم أصحابها وعدم توقيعهم أمام المصرف على الوثائق الخاصة بكل قرض من القروض, وعلى ضوء ما جرى فقد تقدم أكثر من 40 عضواً من أعضاء الجمعية باعتراضات على هذه القروض المسحوبة على أسمائهم سواءً أكان في الدفعة الأولى للقرض أو الدفعة الثانية مطالبين إلغاء القروض التي منحت على أسمائهم ومحاسبة المتسببين بعمليات التزوير, علماً أن قسماً من هؤلاء الأعضاء تقدم أيضاًبشكاوى إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش وإلى وزارة الإسكان. قسم التعاون السكني وإلى السلطة القضائية.‏

وأشار الكاظم إلى أن مجلس الإدارة المؤقت تقدم بكتاب للسيد محافظ دير الزور يوضح فيه ملابسات هذه الواقعة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة, وبدوره السيد المحافظ أحال الموضوع إلى الجهات المختصة للتحقيق فيه ومحاسبة ومساءلة كل من له علاقة بواقعة التزوير وطريقة منح هذا القرض.‏

وباعتبار أن المصرف العقاري طرف بالموضوع وخصوصاً أن هناك من اتهم إدارة فرع المصرف بالتواطؤ مع مجلسي إدارة الجمعية السابقين للحصول على القرض, فقد زرنا المصرف واستوضحنا من السيدة سامية العلي مديرة فرع المصرف العديد من النقاط التي تخص آلية وكيفية منح القرض فقالت: تقدم مجلس إدارة الجمعية بطلب منح قرض مقداره حوالي 68 مليون ليرة سورية وتمت الموافقة على هذا القرض في 25/2/,2001 وحصلت الجمعية على دفعة من القرض في ذلك التاريخ بواقع 44,6 مليون ليرة وإجمالية مع الفوائد 63,5 مليون ليرة وذلك على أسماء 90 عضواً وهؤلاء هم الراغبون بالحصول على القرض وفقاً لسجلات الجمعية المقدمة للمصرف وفي العام 2005 تقدم مجلس إدارة الجمعية بطلب لمنحه الدفعة الثانية من القرض والتي وافقت عليها الإدارة العامة للمصرف العقاري في 9/10/2001 وبموجب موافقة فرع المصرف في دير الزور 12/5/2005 وتبلغ قيمة هذه الدفعة 23.5 مليون ليرة سورية وإجماليها مع الفوائد 32,7 مليون ليرة وذلك على أسماء 47 عضواً وهم أصلاً من أصل إجمالي عدد أعضاء الجمعية والبالغ 200 عضو حسب سجل الجمعية الوارد للمصرف, وكالعادة فإن القرض يتم منحه بموجب جدول تخصص بأسماء الأعضاء الراغبين بالحصول على القرض موقع من قبل العضو يرغب أو لا يرغب بالحصول على القرض ويكون الجدول مصدقاً من الخدمات الفنية والاتحاد التعاوني السكني بالمحافظة وتوقيع وخاتم الجمعية, وهناك عبارة مدونة على جدول التخصص مفادها أن جميع المعلومات الواردة في هذا الجدول مع التواقيع صحيحة وعلى مسؤولية الجمعية.‏

وأوضحت مديرة فرع المصرف بأن الجمعية تترتب عليها ديون للمصرف نتيجة تأخرها عن تسديد الأقساط المستحقة عليها للقرضين الأول والثاني وتعادل 11 قسطاً لتاريخ 4/11/2007 وتبلغ قيمة هذه الديون أكثر من عشرة ملايين ليرة سورية, ولهذا قمنا كإدارة مصرف بإحالة إضبارة الجمعية إلى محامي المصرف وتقرر وضع اليد على الجمعية بمثابة حجز تنفيذي.‏

وسألنا مديرة فرع المصرف فيما إذا كان مجلس إدارة الجمعية في عام 2005 أي خلال منح الدفعة الثانية من القرض قد تقدم بكتاب لسحب هذه الدفعة أم لا مع كيفية صرف قيمتها وما هو المبلغ الإجمالي الذي تم منحه خلال تلك الفترة. فأجابت بأن الموافقة على القرض قديمة وهي منذ عام 2001 ولكن مجلس الإدارة في عام 2005 هو من قام بالتوقيع على العقد لمنح هذه الدفعة مع تقديمه كشوف بأسماء الراغبين بالقرض والبالغ عددهم 47 عضواً, وحصل المجلس من هذه الدفعة 1,9 مليون ليرة إضافة إلى 16,7 مليون من الدفعة الأولى وبهذا تشكل القيمة الممنوحة 18,7 مليون ليرة سورية حولت لحساب الجمعية الجاري وذلك بموجب كشف صرف الدفعة الأخيرة (شف مرحلي) بتاريخ 24/4/2006 وبهذا يكون قد دمج القرض الأول مع الثاني وحصل عليه مجلس إدارة الجمعية.‏

على ضوء واقعة التزوير  فقد أوفد السيد وزير الإسكان إلى المحافظة مدير التعاون السكني في الوزارة موفق قعيري للوقوف على حقيقة الموضوع والكشف عن جوانب ملابساته لإجراء ما يمكن اتخاذه وذلك على ضوء ما يتوفر من وثائق ومستندات ومعطيات تخص عمليات تزوير سحب القرض, فزار قعيري المصرف العقاري واطلع على اضبارة الجمعية والتقى بمجلس الإدارة المؤقت الذي زوده بكل الوثائق والثبوتيات ومن ثم زار فرع الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش كونها الجهة التي تقوم بالتحقيق في هذا الموضوع واتفق مع فرع الهيئة على تشكيل لجنة فنية لدراسة اضبارة وسجلات الأعضاء ولبيان حقيقة القروض, وفي اتصال هاتفي مع مدير التعاون السكني في الوزارة لمعرفة الإجراءات المتخذة من قبل الوزارة حيال هذا الموضوع قال القعيري: لقد أبلغنا السيد محافظ دير الزور باتخاذ الوزارة العديد من الإجراءات وأهمها تحريك الدعوى العامة بحق مجلس إدارة الجمعية السابق لتنفيذه قرارات إدارة وهو بالأصل منهى إدارته بقرار ومن ضمن هذه القرارات موضوع القرض, كما طلبنا من الإدارة العامة للمصرف العقاري تعميم نموذج لطلب يلزم إدارات فروع المصرف بتوقيع طالب القرض في المصرف أضف إلى ذلك الطلب من الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش السرعة في إنجاز موضوع الجمعية واتخاذ الإجراءات اللازمة.‏

بدوره الاتحاد التعاوني السكني بدير الزور وعلى خلفية ما جرى وماحدث من فصول في الجمعية, كيف واجه الأمر, وماذا فعل؟!‏

يقول المهندس طارق عبد المحسن رئيس الاتحاد في المحافظة, لقد تلقينا 29 شكوى مقدمة من الأعضاء الذين سحبت على أسمائهم قروض بطريقة التزوير, وعلى الفور أحلنا الموضوع إلى لجنة الشكاوى والاعتراضات الخاصة بالإسكان في المحافظة برئاسة عضو المكتب التنفيذي المختص وعضوية كل من مدير الخدمات الفنية ورئيس الاتحاد التعاوني السكني, ومن خلال الاطلاع على الشكوى وبيان صحة أقوال الشاكين توصلت اللجنة إلى جملة حلول ومقترحات من بينها رفع مذكرة إلى المصرف العقاري من قبل مجلس إدارة الجمعية لشطب أسماء الأعضاء المقترضين غير الراغبين بالقروض من لوائح المصرف وتحميل كافة الفوائد المترتبة عليهم على أعضاء مجالس الإدارة الذين ساهموا في عمليات تزوير سحب هذه القروض, والعمل على جرد أسماء الأعضاء في سجلات الجمعية لبيان فيما إذا كانت هناك أسماء أخرى غير المعترضين وقد سحبت على أسمائهم قروض دون أن يعلموا بها ليطبق عليهم ما ينطبق على الأعضاء السابقين.‏

وأوضح رئيس الاتحاد التعاوني السكني أن آخر الإجراءات التي اتخذت من قبل الجهات المعنية حيال موضوع عمليات تزوير القروض من قبل مجالس الإدارة السابقين, صدور الكتاب رقم 1123/ص تاريخ 31/10/2007 عن الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش - فرع دير الزور- والقاضي بمنع أعضاء مجلس الإدارة السابقين من الترشيح لعضوية مجلس الإدارة الجديد بسبب كثرة المخالفات المرتكبة في الجمعية وعدم إمكانية السير بالجمعية وفق الأسس السليمة, وقد تم إرسال هذا الكتاب إلى الجمعية عن طريق مديرية الخدمات الفنية للتقيد بمضمونه.‏

عبد اللطيف الصالح

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...