إغلاق 57 محلاً وتشريد 150 عائلة في خان سليمان باشا

28-02-2010

إغلاق 57 محلاً وتشريد 150 عائلة في خان سليمان باشا

قضايا عديدة سجلتها محاكم دمشق ضد استملاكات تقوم بها محافظة دمشق ضمن إنذارات وجّهتها المحافظة إلى من تعتبرهم مخالفين أو خارج المخطط التنظيمي، والحجة الجديدة هي الاستثمار السياحي والتي تندرج هي الأخرى ضمن مقولة النفع العام، هذا المسلسل الذي طالت حلقاته
 خان سليمان باشا في دمشق القديمة، واحد من المناطق التي طاولها القانون، وأدى في ما أدى إلى تشريد أصحاب المحلات، على الرغم من أنهم ورثوا هذه المحال أباً عن جد وبطابو أخضر، فهي في القانون حق شرعي لهم، لكن بعد أن رحل الآباء جاءت المحافظة لتضرب عرض الحائط بهذا الحق وتحوله إلى باطل، وذلك مع وجود العديد من  الأحكام القضائية التي نصت على حق بقاء أهل الخان فيه ومن ضمن ذلك قرار محكمة القضاء الإداري تاريخ 23 / 11 / 2000 الذي تضمن: «أن الجهة المدعية (أصحاب المحال في الخان) أبدت استعدادها للبقاء في محلاتها، وتنفيذ خطة الإدارة بجعل الخان بجميع مقاسمه سوقاً للصناعات الجلدية والقيام بما تطلبه المحافظة منها بهذا الصدد، وهذا أمر كان قد أثير في مجلس المحافظة، كما هو ثابت بمحضر الجلسة رقم 6 لعام 1998 الذي ورد فيه اقتراح بوضع الأسس والضوابط التي تجيز لشاغلي المحلات في خان سليمان باشا الموجه إليهم إنذارات بالإخلاء من إعادة استئجار واستثمار هذه المحلات مع تكليفهم بالترميم بإشراف لجنة الحماية والآثار في المحافظة أسوة بما حدث من ترميم خان الزيت والصورانية في البزورية وممارسة العمل حسب ما هو مقرر ومن حيث أن الأصل أن تكون جميع أعمال الإدارة ضمن ضرورات المصلحة العامة، إلا أن ذلك لا يبيح للإدارة إهدار المصالح الخاصة، حيثما أمكنها التوفيق بين ضرورات المصلحة العامة والمحافظة على مصالح الأفراد وحقوقهم المكتسبة ووجب عليها التوفيق، ومادام من الممكن تحقيق الغاية من الاستملاك لإبقاء شاغلي المحلات التجارية في السوق المذكور على أن يلتزموا بالمهن والشروط التي تحددها لهم الإدارة، فإن لجوء الإدارة إلى إخلائهم من محلاتهم، إنما يكون إجراء غير مبرر ويشكل اعتداء على حقوق الأفراد لا تجيزه أحكام القانون»، ولكن كل هذا الكلام لاقى «التطنيش» من قبل محافظة دمشق. 
خان سليمان باشا عبارة عن سوق أثري قديم يمارس فيه بعض المواطنين مهنهم التجارية (أغباني، مواد تغليف، جلديات، أدوات منزلية، بيع عطارة، منسوجات شرقية) وبموجب المرسوم الجمهوري رقم 685 تاريخ 10/6/1975 تمّ استملاك العقار المذكور بكل مقاسمه لتحويله إلى سوق للصناعات الجلدية حصراً.
 وبعد إتمام عملية الاستملاك، قامت محافظة دمشق بإبرام عقد إيجار مع مالكي الخان السابقين لقاء أجرة (تم تخمينها عدة مرات عن طريق القضاء)، إضافة إلى قيامهم بصيانة وترميم المقاسم التي يشغلونها على نفقتهم الخاصة، وعلى هذا الأساس استمر هؤلاء التجار بإشغالهم لمقاسمهم ذاتها، وقام بعضهم بتغيير مهنته تنفيذاً لطلب المحافظة، ولكن المحافظة كانت تبيّت لأمرآخر،حيث فوجئوا بتاريخ14­/12 /1998بإنذارهم لإخلاء المحلات التي يشغلونها، الأمر الذي يخالف القوانين والأنظمة النافذة ومبادئ العدالة، فتقدموا بدعوى أمام القضاء الإداري وأعطت المحكمة الإدارية العليا قراراً بتصديق وقف تنفيذ الإنذارات بقرار قطعي. وبعد متابعة الدعوى، رأت محكمة القضاء الإداري أن الأصل أن تكون جميع أعمال المحافظة ضمن ضرورات المصلحة العامة، ما لا يبيح لها إهدار المصالح الخاصة.. وقد اكتسب الحكم المذكور الدرجة القطعية بعد أن تم رفض طعن المحافظة وأصبح حكماً نافذاً يجب العمل به والتقيد بأحكامه من قبل المحافظة وذلك في العام 2001، إلا أن المحافظة تجاهلت الحكم القضائي المذكور، رغم أن هناك قراراً صادراً عن مجلس المحافظة برقم28/م.د الذي قرر استثمار الخان كسوق للصناعات الجلدية، ويعد المجلس أعلى جهة في المحافظة، ولكن بعد صدور الحكم القضائي، حاولت المحافظة الالتفاف عليه وكذلك الالتفاف على قرار مجلس المحافظة بشكل غير قانوني إطلاقاً. فاجتمع المكتب التنفيذي بتاريخ6­2/10/2002واستناداً إلى مطالعة عضو المكتب التنفيذي المختص أصدر قراراً يحمل الرقم/1635/م ت بالموافقة على توصية اللجنة الفنية وتحويل الخان لأغراض النفع العام السياحية واستناداً لذلك، قامت المحافظة بالاستناد إلى هذا التعديل بالإخلاء الجبري للمحلات التجارية الشاغلة لخان سليمان باشا بتاريخ 29/­10­/2002 متجاهلة تماماً الحكم القضائي المبرم الصادر عن أعلى جهة قانونية قضائية إدارية في سورية ومتجاهلة قرار مجلس المحافظة الملزم.

 بعد ذلك، أقدمت المحافظة على التعاقد مع شركة نيسكو السعودية لإعادة تأهيل خان سليمان باشا ليصبح فندقاً من فئة خمس نجوم يضم 30 غرفة وجناحاً ومجلساً واسعاً وحماماً سورياً تقليدياً وقاعة جلوس كوكتيل مقابل مبلغ قدره مليار ليرة سورية. وعندما جاء مندوب شركة نيسكو لاستلام الخان حسب بنود العقد المبرم مع المحافظة، تبين له أن الخان ملحق به منزل سكني تعود ملكيته للمواطن عبد العزيز جراقي ولا يزال يشغله لعدم تأمين المحافظة مسكناً بديلاً له فتردد مندوب شركة نيسكو بتسلم الخان المذكور لمخالفة الشروط العقدية، ولكنه حسم أمره فتسلم الخان مبدئياً مع التحفظ على وجود إشغال جزئي للخان، ما يرتب على المحافظة دفع الشرط الجزائي عن كل يوم تأخير وسارعت المحافظة لتغطية تقصيرها، فنظمت ضبط تحقيق رقم 4395 تاريخ/25 /­10/­2007 استندت إليه في تخصيص منزل المواطن المذكور، علماً بأن قاطنيه اضطروا لتأمين منفذ خلفي لهم بسبب ختم الخان، ولا يزال المواطن المذكور وأسرته شاغلين دار السكن المذكورة حتى تاريخه، ووجود دار سكنية أخرى اعتبرتها مديرية التنظيم والتخطيط العمراني مخالفة رغم أن عمرها أكثر من 100سنة. ‏

على حد قول الأهالي، فإنهم ملّوا من رفع الدعاوى والمطالبة بحل قضيتهم وإعادة الحق لهم، بعد أن طرقوا كافة الأبواب الحكومية ولم يفتح لهم أي باب، لكن رغم ذلك باعتبارهم أصحاب حق «مابيضيع حق وراءه مطالب» مازالوا مستمرين في تقديم الدعاوى الإدارية والشكاوى ويتمنون أن تكون جهودهم في نهاية المطاف ذات جدوى وأن تعيد لهم المحافظة حقوقهم.
 محمود سكر ( مالك عدة محال في الخان): «خان سليمان باشا قديم ونعمل فيه منذ نحو 200 سنة والخان يعني لنا الكثير من الناحية النفسية والاجتماعية، فضلاً عن الناحية المادية، ويعتبر من أهم عشرة خانات في العالم وفي عام 1975 صدر قرار استملاك بموجب المرسوم الاستملاكي رقم  685 لعام 1975 وتم استملاك العقار رقم 875 شاغور جواني جرى بكافة مقاسمه وتحويله حصراً إلى سوق للصناعات الجلدية، فتحولنا من مالكين إلى مستأجرين وبدأت الدعاوى بيننا وبين المحافظة منذ ذلك الوقت حتى الآن، عندما وجهت لنا إنذاراً لإخلاء المحلات في 14/2/1998 لأسباب نجهلها ورفضت المحافظة التوضيح، فتقدمنا بدعوى أمام القضاء الإداري وأعطت المحكمة الإدارية العليا عام 1998 قراراً بتصديق وقف تنفيذ الإنذارات وإبقاء الشاغلين على وضعهم كمستأجرين وهذا الحكم اكتسب الدرجة القطعية بعد أن تم رفض طعن المحافظة، ولم يتم قبول طعن المحافظة وأصبح حكماً نافذاً، لكن المحافظة تجاهلت حكم القضاء المذكور رغم أن هناك قراراً صادراً عن مجلس المحافظة برقم 28م د الذي قرر استملاك الخان كسوق للصناعات الجلدية، لكن بعد صدور الحكم القضائي حاولت المحافظة الالتفاف على الحكم وعلى قرار مجلس المحافظة بشكل غير قانوني إطلاقاً».
وتابع سكر: «اجتمع المكتب التنفيذي بتاريخ 26/10/2002 واستناداً إلى مطالعة عضو المكتب التنفيذي المختص، أصدر القرار رقم 1635 بالموافقة على توصية اللجنة الفنية وتحويل الخان لأغراض النفع العام السياحية واستناداً لذلك قامت المحافظة بالاستناد إليه بالإخلاء الجبري للمحلات التجارية الشاغلة لخان سليمان باشا بتاريخ 29/10/2002 متجاهلة تماماً الحكم القضائي المبرم الصادر عن أعلى جهة قضائية إدارية في سورية، وأقدمت على التعاقد مع شركة نيسكو السعودية لإعادة تأهيل الخان ليصبح فندقاً من فئة خمس نجوم».
فايز الحلبي( مالك محل في الخان): «قرار الاستملاك ومن ثم إخلاؤنا من محالنا كان له أثر كبير علينا، أولاً في طمس هوية الخان، وقطع رزقنا، وبأي حق يخرجون أصحاب المحلات من محلاتهم».
 موفق زين الدين ( مالك محل في الخان):  «أعمل في الخان منذ 55  سنة وحالياً أعيش على بسطة في الطريق، «وصرت شحاد من ورا المحافظة»، ويوافق محمد زهير دركل ( مالك محل في الخان) زين الدين في رأيه يقول : «أخلتنا المحافظة دون سابق إنذار من أجل منفعتهم وهذا لا يمت للمنطق بصلة؛ فهذا سوق أثري ومهم في سورية، ولايجوز ذلك  «وين الحكومة تشوف شو عم يصير فينا».
 زهير الملقي ( مالك محل في الخان): «كان يعيش من محلي 3 عائلات منذ 50 سنة، واليوم تحول معظمنا إلى عاطلين عن العمل وبعضنا الآخر  تحول إلى عتال في الأسواق».
 يضيف سكر: «المشكلة أن المحافظة لم تنفذ الأحكام وتم إخلاؤنا وعرض الخان للاستثمار، وهذا ينافي المصلحة العامة والخاصة؛ لأن المصلحة العامة «ما بتقول هيك» لأنه عندما تستثمر الدولة عقاراً يمكن تحويله إلى متحف للعامة على سبيل المثال فهذا مصلحة عامة ويسرنا ذلك ولا نخالف، لأن غاية الاستملاك هي النفع العام واليوم أصبحنا في الشارع وخسارتنا كبيرة وضاع تعبنا ورزقنا و»شقاء عمرنا» من أجل فندق خمس نجوم، ويقدر سعر المحلات بعشرات الملايين ونملك في الخان 7 محلات؛ فالخان يوجد فيه 58 محلاً وتعيش عليه  150 عائلة. وما نريد معرفته: ما هي مصلحة المحافظة في قلب قرار الاستملاك من سوق للصناعات الجلدية إلى استملاك سياحي وإعطائه لشركة استثمارية؛ فهذا لا يعتبر المصلحة العامة».
 وبحسب المتضررين في الخان، فإن محافظة دمشق ارتكبت مخالفات قانونية جسيمة تتمثل بإلغاء الغاية الاستملاكية التي قررها المشروع وهي تحويل خان سليمان باشا إلى سوق للصناعات الجلدية وتحويلها إلى غاية أخرى وهي تأهيله كفندق سياحي مخالف لأحكام المرسوم الاستملاكي، ومخالفة القانون رقم/222/ لعام 1963الخاص بالآثار والذي يعتبر المديرية العامة للآثار والمتاحف هي الجهة الوحيدة المخولة بالآثار، وكذلك الامتناع عن تنفيذ حكم قضائي نافذ وقطعي صادر من أعلى سلطة قضائية إدارية مخالفاً أحكام المادة/36/ من قانون مجلس الدولة، ومخالفة قرار مجلس المحافظة الواجب التنفيذ(أعلى جهة في المحافظة) والبت بالموضوع من المكتب التنفيذي، لاغياً بذلك دور المجلس نهائياً، بالإضافة إلى تنفيذ إخلاء جبري غير مشروع وغير قانوني على شاغلي العقار المذكور وعددهم حوالي/60/ محلاً مع عائلات عمالهم، وترتيب شرط جزائي مادي كبير دون مبرر على محافظة دمشق عن كل يوم تأخير جراء العقد المبرم مع الشركة المستثمرة والتحفظ من قبل الشركة المستثمرة على تسلم الخان، إضافة إلى إغلاق منزل على ساكنيه بشكل تعسفي وغير مبال، وكذلك تعرض المحافظة ممثلة بشخص السيد المحافظ لدعوى جزائية بجرم عدم تنفيذ حكم قضائي استناداً لأحكام المادة/36/ من قانون العقوبات.  
  لكن ما لوحظ هو وجود تناقض كبير ولافت في مديريات محافظة دمشق خلال زيارتنا لها حول هذا الموضوع في مديرية شؤون الأملاك (محمود مالو)، ومديرية التنظيم والتخطيط العمراني (عبد الفتاح إياسو)، الذين بدؤوا بركل الكرة كل واحد منهم إلى ملعب الآخر واعتبار القضية تمس الطرف الثاني، وليس له علاقة بذلك، لتنتهي الحال إلى مكتب المهندس بسام جيرودية عضو المكتب التنفيذي والمسؤول عن قطاع السياحة والآثار والذي بدوره أيضا تبرأ من الموضوع واعتبر أن الموضوع منتهٍ منذ عشرات السنين، ومتعلق بمديرية دمشق القديمة ممثلة بمديرها (أمجد الرز) الذي أيضا أبدى استغرابه من هذا الموضوع وطلب العودة إلى مديرية الأملاك والتخطيط العمراني باعتبارها الجهات المسؤولة، ومن ثم اعتبر الموضوع من اختصاص وزارة السياحة، وقال: يمكن أن تسألوا وزير السياحة عن الموضوع.
وكما تقدم المحامي فيصل سرور عضو مجلس محافظة دمشق  في العام 2007 بموجب المادة 40 -41 من النظام الداخلي لمجلس محافظة دمشق وبدلالة المادة 77 من قانون الإدارة المحلية النافذ المذكور بطلب استجواب بسام جيرودية عضو المكتب التنفيذي – مسؤول قطاع السياحة والآثار والذي مضى على وجوده حوالي 21 سنة في المكتب التنفيذي تمهيداً لحجب الثقة عنه نظراً لدوره في توريط محافظة دمشق في المخالفات القانونية والإدارية المذكورة أعلاه، وهنا بدأت عملية الالتفاف على طلب الاستجواب والمماطلة –بحسب ما جاء به أصحاب المحال في الخان- بدعوى تحويل الموضوع إلى الرقابة الداخلية، ثم إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، علماً بأن القانون يقضي بمساءلة بسام جيرودية أمام مجلس محافظة دمشق للتحقيق في مسؤوليته عن الأعمال المنسوبة إليه ومن ثم يصار إلى تحويل الموضوع في حال ثبوته عليه إلى الجهات المختصة.

ريم الغبن

المصدر: بلدنا

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...