أمريكا تحط في افريقيا توطئة للهيمنة عليها

02-10-2008

أمريكا تحط في افريقيا توطئة للهيمنة عليها

بدأ، أمس، رسمياً عمل أول قيادة عسكرية أمريكية خصصت للقارة الافريقية، وذلك على الرغم من رفض معظم الدول الافريقية  حتى الآن  الوجود العسكري الامريكي الصريح على أراضيها والقيادة الجديدة التي عين لرئاستها جنرال أمريكي من أصول إفريقية وهو وليام ورلد، ستمارس أعمالها في الوقت الحالي من القاعدة الامريكية بأوروبا (المانيا)، وستتبعها ثلاث قيادات اقليمية تغطي 53 دولة افريقية، كما ضم إليها خبراء أحدهم بدرجة سفير كممثل لوزارة الخارجية الامريكية وبمخصصات وميزانية وإمكانيات عسكرية ضخمة تعكس أهمية هدف السيطرة الامريكية على القارة السمراء بمقدراتها الاستراتيجية والاقتصادية، لاسيما أن الولايات المتحدة باتت تعتمد على النفط الآتي من غرب إفريقيا وبشكل متصاعد.

وعلى الرغم من محاولة قائد “افريكوم” الجديد ومساعديه تصوير وجود وإنشاء هذه القيادة الجديدة على انه يأتي في اطار المحافظة على أمن الولايات المتحدة ومكافحة “الارهاب” وعلى أساس أن زعيم تنظيم “القاعدة” اسامة بن لادن سبق له الوجود في السودان، وكذلك تعرض المدمرة الامريكية كول للهجوم أثناء مرورها باليمن، إلا أن تسليح وتزويد القيادة الامريكية الجديدة وواقع كونها قوات قتالية ينفي بشكل قاطع هذه الأقوال ويتعارض مع مهام مثل “الإنقاذ ومكافحة الأمراض وبالأساس الايدز، وتقديم المساعدات الانسانية” و”التعامل مع المجاعات”.

والجنرال ورلد نفسه ومساعدوه وهو الذي كان في الصومال وقت اسقاط الطائرة الهوك الامريكية وسحل الصوماليين للجنود الامريكيين، يؤكدون أن مهمة قيادة “افريكوم” ليست شن الحروب أو القتال، بل منع الحروب ووضع فرق ومجموعات صغيرة من العسكريين الامريكيين لتدريب وتحسين أداء الجيوش الافريقية المختلفة ما سيزيد الأمن والاستقرار.

ولوحظ أيضاً تحدث قيادات وزارة  الدفاع الامريكية “البنتاجون” كثيراً عما يسمونه “بالخطر الأكبر” وهو “الارهاب الديني”، في اشارة يقصدون بها الاسلام، لاسيما في الدول الفاشلة بالقارة، حيث الفرع الجديد للقاعدة في شمال افريقيا وايضا عمليات القرصنة في شرق القارة وبدأت افريكوم عملياً أولى مهامها بمحاصرة عملية القرصنة الأخيرة على إحدى السفن الأوكرانية.

الملاحظ أن قائد “افريكوم” الجديد كان قد علق على اهتمامات قيادته بقضايا القارة ومنها دارفور بالقول إنه سيعمل مع الحكومات الافريقية المعنية على تدريب قواتها، مضيفاً أن الوجود العسكري الامريكي الفعلي لقيادته في القارة “على التراب الافريقي” ليس بالأمر الحيوي حالياً، بل مهمته تحقيق اضافة للبرامج الأمنية في القارة.

ولوحظ كذلك أن القيادة الجديدة التي كانت اهتماماتها موزعة في الماضي ما بين القيادات الأمريكية لأوروبا والمركزية للشرق الأوسط، أنها مقسمة داخلياً للقارة الإفريقية على أساس دول الشمال (عربية إسلامية) إضافة لدول الحزام الصحراوي (إسلامية) والدول الإفريقية.

وحسب البرامج الأمنية والعسكرية المعنية بها القيادة الجديدة سنلاحظ أيضاً الاهتمام بالوجود بالقرب من مصادر الطاقة والثروة حتى في دول الشمال (ومنها الجزائر) الدول العربية الإسلامية حيث توجد قاعدة أمريكية في جنوب شرق الجزائر بالقرب من المناطق المنتجة للغاز الطبيعي جنوباً وجنوب شرق الجزائر.

وبإعلان تفعيل عمل القيادة الأمريكية الجديدة لإفريقيا سيكون بوسع الولايات المتحدة التحرك بشكل مكشوف للسيطرة على القارة التي نجحت في طرد أحد قطبي الاستعمار القديم (بريطانيا) وتهميش القطب الآخر (فرنسا) وحجتها كالعادة هي محاربة “الإرهاب”.

ومن غير المتوقع أن تصمد الأنظمة الإفريقية كثيراً للضغوط الأمريكية، أو أن يصمد مبرر هذه الدول لمنع الوجود الأمريكي على أراضيها، على أساس عدم رغبتها في تكرار تجربة العراق واستخدام “القاعدة والإرهاب” كمبرر قد يأتي بالفعل بهؤلاء إلى القارة.

وإلى حين تحقيق الهدف الأمريكي للسيطرة على القارة الإفريقية بشكل سريع، فإن واشنطن لن تعرض قواتها للخطر بشكل فعلي، بل ستعمل على تشكيل قوات إفريقية تقوم بتدريبها وتتبع صورياً دولاً متعاونة بالقارة، في حين تقاد فعلياً بواسطة قيادة “افريكوم” ومهمتها أن تكون شرطياً لحراسة المصالح الأمريكية في أنحاء القارة لاسيما في مناطق الثروة والطاقة.

حنان البدري

المصدر: الخليج

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...