أجواء تصعيدية تؤشر إلى صعوبة ولادة الحكومة اللبنانية

26-06-2008

أجواء تصعيدية تؤشر إلى صعوبة ولادة الحكومة اللبنانية

شهدت الساحة السياسية اللبنانية أمس حراكاً سياسياً لافتاً، تمثل بزيارة رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية الى القصر الجمهوري، ولقائه الرئيس العماد ميشال سليمان، بعد أيام قليلة على مشاركة فرنجية في لقاء قيادات المعارضة الرباعي، واعلن فرنجية عن استعداده للتوسط بين الرئيس السوري وزعيم الاغلبية النيابية رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري، فيما أشّر الهجوم السياسي العنيف لقائد “القوات اللبنانية” سمير جعجع، على كل من “حزب الله” ورئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون، الى أن ولادة الحكومة ليست قريبة، وهو الأمر الذي توقعه أحد وزراء الأكثرية، فيما لا زالت عثرات كبيرة تؤخر تشكيلها، ليس أقلها رفض المعارضة اعادة توزير الياس المر، في حقيبة الدفاع دون مقابل ورفض الأكثرية في المقابل اسناد أية حقيبة سيادية الى عون.

وفي أول لقاء يجمع بين الرئيس وفرنجية، أعلن الأخير أمس، من قصر بعبدا، عن استعداده للعب دور الوسيط بين الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس “تيار المستقبل” الحريري، لتسوية الخلافات السياسية الحادة التي نشأت بين الطرفين غداة اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري.وأكد فرنجية ان المسافات قصيرة بين لبنان وسوريا لا سيما بين الرئيسين سليمان والأسد. ورد فرنجية على كلام جعجع بأن السنيورة يمثل المسيحيين أكثر من عون بالقول “بنظر جعجع شاكر العبسي (زعيم تنظيم “فتح الاسلام”) يمثل المسيحيين حتى أكثر”. اضاف: “علينا رمي كل ما حصل في الماضي كي يكون جعجع راضياً”. وعن اجتماعه بعون والامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ورئيس المجلس النيابي نبيه بري قال فرنجية “اننا وراء العماد عون بكل شيء”. وأضاف “نحن لسنا مستوزرين ولا نطمح لأية وزارة”.

في المقابل، أكد بري ان دول العالم بأسره كادت تسأم من الخلافات اللبنانية، ورأى ان طريق تأليف الحكومة المنتظرة لا تزال مقفلة. وأوضح ان “هذا الامر لا يشجّع ولا يطمئن”. وعلق على مؤتمر فيينا بالقول “ان ما حصل في مؤتمر فيينا لاعادة اعمار مخيم نهر البارد يشكل عبرة ودرساً لجميع اللبنانيين لان دول العالم بأجمعها سئمت أو كادت ان تسأم من خلافاتهم”. وأضاف: “ان الاموال التي حصلنا عليها في هذا المؤتمر لا تكفي لاعمار الخراب والدمار اللذين حصلا في طرابلس اثناء انعقاد هذا المؤتمر في العاصمة النمساوية”. وتساءل: “ما نفع ان نجمع قرشين ونصرف خمسة قروش؟”.

وتردد ان هذا الكلام قال بري مثله للسنيورة اول أمس في قصر بعبدا على هامش القمة الروحية.

وفي تعبير عن استمرار المأزق في تشكيل حكومة العهد الجديد، حمل جعجع بعنف على النائب عون، واتهمه بأنه يشكل العقبة الأساسية أمام تشكيل الحكومة، مستخفاً بتمثيل عون للمسيحيين، قائلاً ان السنيورة يمثل المسيحيين أكثر بمليون مرة من عون. وتوجه جعجع “بنداء عاجل” الى الرئيس سليمان للدعوة الى مؤتمر حوار وطني، اتفق عليه في الدوحة، “لطرح الملف الامني على بساط البحث للتوصل الى اتفاق ما”. وطالب “الاجهزة الامنية والمسؤولين الأمنيين ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية والمرجعيات القضائية بالتحرك بكل قوة للحفاظ على امن المواطنين”. ورد على كلام المسؤول في “حزب الله” نواف الموسوي معتبراً ما أسماها “دولة حزب الله تراقب كل مجموعة لبنانية او فرد لبناني وتسمح لنفسها بالتصرف في حق اي فرد وتتحرك بقوتها الذاتية لالغاء اي تحرك بالقوة”. وعن موضوع تشكيل الحكومة قال “حزب الله وحركة أمل في أول أيام تشكيل الحكومة كانوا راضين بالتشكيل ولكن موقف عون كان العقبة الوحيدة للتأليف، وليس لاي فريق سياسي حق مكتسب في اي شيء، بل للطوائف الحق في ذلك، ونتمنى اعلان التشكيلة الحكومية لان العمل الايجابي هو الذي يغلب على كل التحركات السلبية”. وتابع “عون يأخذ الجزء الذي يعجبه ويرفض الجزء الآخر وهو ينطلق من انتخابات 2005 وهو لا يعترف بنتائج تلك الإنتخابات، وهو يعتبر نفسه الممثل الوحيد للمسيحيين،وبالتالي يجب عليه التصرف بحصة المسيحيين، وبالتالي كل الأحزب المسيحية يجب عليها التكيف بالوضع”، مضيفا بأن “جوهر العمل السياسي عند العماد عون محاولة تدمير العمل السياسي عند خصمه، فكل ما قام به هو دمار ومشاكل واختلاق وقائع جديدة، فهذا النمط يتعب المجتمع، وعلينا جميعا تحقيق مشروعه السياسي وليس الكلام عن الانتصارات الوهمية”.

من جهته، رأى عضو كتلة المستقبل الوزير جان أوغاسبيان “ان عملية تشكيل الحكومة تمر بمخاض سياسي وأمني شبيه الى حد بعيد بالمخاض الذي سبق انتخاب رئيس الجمهورية”. وتخوف “من أن تصل عملية تشكيل الحكومة في حال استمرت المعارضة على مواقفها الى طريق مسدود وبذلك يصبح تنفيذ الدوحة في حاجة الى تدخل عربي جديد أو الى اتفاق جديد”. واعتبر ان “لا مؤشرات في الأفق السياسي في ظل المعطيات الراهنة تدل الى ولادة الحكومة قريباً”.

في المقابل، أكد نائب الأمين العام ل “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم ان اتفاق الدوحة فتح مرحلة توافقية جديدة علينا جميعاً استثمارها. وقال ان المعارضة قدمت خمسة اقتراحات لفتح باب الحل وكان جواب الرئيس المكلف الرفض. وحمّل قاسم السنيورة المسؤولية الكاملة عن كل تأخير في تشكيل الحكومة ودعاه ليصارح الناس “ويقول ما هي اقتراحاته وما هي اقتراحات الآخرين بشكل واضح لأنه يعلم بأن وقوفه عند اقتراحات محددة ورفضه لتبديل بعض الوزارات واعطاء المعارضة ما يتناسب معها هو الذي يسبب هذا التأخير”.

من جهته، لفت القيادي في “التيار الوطني الحر” اللواء عصام أبو جمرا الى أن الرئيس اللبناني سيقوم بتحرك يؤدي الى تأليف حكومة العهد الاولى أو يدفع رئيس الحكومة المكلف الى الاعتذار عندما يشعر ان مهلة تأليف الحكومة تخطت الوقت المقبول.

في المقابل أكدت قوى “14 اذار” على ضرورة مواجهة مخطط “حزب الله”، والتمسك باتفاق الدوحة، وعدم الانجرار وراء التسلح والميليشيات.

المصدر: الخليج

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...