«أبو علي الأنباري» قتيلاً... هكذا عاش الرجل الأقوى في «الدولة الإسلامية»

05-05-2016

«أبو علي الأنباري» قتيلاً... هكذا عاش الرجل الأقوى في «الدولة الإسلامية»

لم يكن عبد الرحمن القادولي، المشهور بـ«أبو علي الأنباري»، رجلاً عادياً. أمسك بعصب تنظيم «الدولة الإسلامية»: المال والأمن. عُرِف في بداياته كـ«مستشار أمير المؤمنين». وتردّد لاحقاً أنّه «الأمير الشرعي العام» للتنظيم. وقيل أيضاً إنه مسؤول الشؤون المالية والأمنية، بل الوصي الرئيسي على الغنائم والبترول في العراق، بحسب رجال في «القاعدة» عرفوه عن قُرب.

يوم أعلن الأميركيون نبأ اغتياله، قدّموه بوصفه الرجل الثاني في التنظيم. لم تُحدد الأدوار التي اضطلع بها القادولي، لكنّ المؤكد أنّه كان الرجل الأقوى في أكثر التنظيمات تشدداً في العالم، باعتبار أن «الحجي هو الكل بالكل»، بحسب أحد الوجوه «القاعدية». يُساوي البعض «الأنباري» بـ«أبي مصعب السوري»، باعتباره من منظّري تنظيم «الدولة»
قُتل الرجل مرّات عدّة، بحسب الجناح الإعلامي التابع للقوات العراقية. إلا أن موته الفعلي لم يتحقّق قبل شهر آذار الماضي، حينما أعلن متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية ذلك. في المقابل، أخّر تنظيم «الدولة» إعلان مقتله حتى أيامٍ قليلة خلت، إثر إطلاقه اسم الأنباري على إحدى «غزواته»، بمشاركة «الولايات» العراقية: الجنوب وبغداد وكركوك ونينوى ودجلة والفرات وصلاح الدين.
لم يُحدد أين قتل «الحجي الأنباري». قيل إنه «بغارةٍ لقوات التحالف الصليبي في دير الزور شرق سوريا»، وفي رواية ثانية أنه كان موجوداً في الموصل.
خرج اسم «الأنباري» إلى العلن عقب الشقاق بين تنظيمي «القاعدة» و«الدولة الإسلامية». ويوم أشعل الشيخان أيمن الظواهري وأبو بكر البغدادي صراعاً مفتوحاً بين حَمَلة الفكر «الجهادي» على امتداد العالم الإسلامي، دخل سُعاة «الوحدة» لجمع شمل أهل «الجهاد».
عُقدت جلسات مصالحة تحوّلت بعدها إلى مناظرات ودعوات إلى «المباهلة». وفي آخر جلسة مصالحة، قال مستشار أمير «الدولة»، أبو علي الأنباري، لضيوفه بوضوح «إمّا أن نبيدهم أو يُبيدونا». كان حاسماً. كرّرها ثلاثاً، معلناً الموقف النهائي لـ«الدولة». وبعدها بأيام خرج المتحدث باسم «الدولة»، أبو محمد العدناني، ليؤكّد أنّ «القاعدة انحرفت عن المنهج الصواب»، معتبراً أن «الخلاف ليس على قتل فلان أو بيعة فلان، إنّما القضية قضية دين اعوجّ ومنهج انحرف».
درس القادولي الفيزياء والعلوم الشرعية، ثم عمِل مدرِّساً للفيزياء والعلوم الدينية. وتفيد الرواية الأمنية العراقية بأنه سافر عام ١٩٩٨ إلى أفغانستان. هناك التقى بأسامة بن لادن، قبل أن يعود إلى العراق ويبايع تنظيم «أنصار الإسلام»، والذي كان ناشطاً في إقليم كردستان. بعدها، أسّس «جماعة سرايا الجهاد» في تلعفر، لقتال الأميركيين. قبل أن يُبايع عام ٢٠٠٤ أمير «مجلس شورى المجاهدين» أبو مصعب الزرقاوي، إذ كان بين المنضمين إلى تنظيم «دولة العراق الإسلامية» عام ٢٠٠٦.
سُجن القادولي في سجن بوكا، وقبلها في سواقة في الأردن. ويُقال إنّه تعرّف هناك إلى الزرقاوي. في المقابل، يتداول «الجهاديون» رواية تشير إلى أن القادولي كان من رجال الرئيس العراقي الراحل، صدّام حسين، أي ضابطاً في صفوف الجيش العراقي. «أسلَم» ثم التحق بتنظيم «القاعدة». وقبلها تنقّل بين عدد من التنظيمات «الجهادية».
أصبح «الأنباري» أحد وزراء أبو مصعب الزرقاوي. يُساويه البعض بـ«أبي مصعب السوري»، عبقري «القاعدة». كِلا الرجلين درسا الفيزياء. ويُعدّه جهاديو «النصرة»، أي «الأنباري»، من منظّري تنظيم «الدولة الإسلامية».
له ٣٧ درساً صوتياً في العقيدة، إضافة إلى سلسلة دروس شرعية، يُستند إليها باعتبارها ملخّص المنهج الفكري للتنظيم. وقد لوحظ في أحد التسجيلات المنشورة أنّ الأنباري خاطب أحد جنود «الدولة» بحزم طالباً منه عدم تسجيل الدرس الديني حرصاً على المركزية. عمّم على طلابه حظر تسجيل أي دروس خاصة لـ«الشرعيين» منهم، من دون إذن مسبق، حاصراً ذلك بالمكتب الإعلامي للتنظيم. وبرّر ذلك قائلاً إنّ «الإنسان يُخطئ ويُصيب، ويجب أن تُراجع كل التسجيلات قبل النشر للاطمئنان إلى مضمونها»، لافتاً إلى أن هذا «دليلٌ على حرص التنظيم في أبسط المسائل».
عُرِف القادولي بألقاب وكنى عديدة. من «علاء قرداش» إلى «حجّي إيمان» ثم «أبو علاء العفري» و«أبو علي الأنباري». واشتهر باللقبين الأخيرين. وبحسب وزارة الداخلية العراقية، فإن القادولي تركماني القومية، وُلِد بين عامي ١٩٥٧ و١٩٥٩ في الموصل. لم يُحدّد مسقط رأسه الحقيقي. ورغم أنّه يحمل الكنيتين «العفري» و«الأنباري» فإن ذلك لا يعني سوى أنّه عاش لفترة في هاتين المنطقتين. وذكرت مصادر في التنظيم  أنّه لم يُنعَ رسمياً بعد، لأنّه سوف يؤتى على ذكره في كلمة مرتقبة لأمير التنظيم، أبو بكر البغدادي، أو المتحدث الرسمي باسمه، أبو محمد العدناني، إضافة إلى تحضير مؤسسات التنظيم الإعلامية عدداً من الإصدارات تنعى فيها «الأنباري».
في 14 أيار عام 2014، أعلنت الولايات المتحدة الأنباري «إرهابياً عالمياً». وفي الخامس من أيار عام 2015، رصدت وزارة الخارجية الأميركية مكافأة تصل إلى 7 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه أو قتله. لم يتأخّر ذلك كثيراً. في ٢٥ آذار من العام الجاري، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية مقتل الأنباري في عملية لقواتها الخاصة في اليوم السابق.

مفرّق «الجهادي الشامي»

مع بداية «الشقاق الجهادي»، بين تنظيمي «الدولة الإسلامية» و«جبهة النصرة»، لمع نجم أبو علي الأنباري كمسؤولٍ عن تعزيز «الفتق الجهادي». يؤكّد العارفون أنه خلال فترة «النزاع، عيّن أبو بكر البغدادي، الأنباري، مشرفاً عاماً على الشام»، حيث كانت تربط «الأنباري» بزعيم «النصرة»، أبو محمد الجولاني، علاقة وثيقة. ويشيرون إلى أن الأنباري كان يراسل الجولاني بـ«ابني الحبيب»، ويرد عليه الأخير بـ«والدي الحبيب».
ومع تطوّر «العمل الجهادي»، قبيل «الشقاق»، أرسل البغدادي عدداً من قياداته إلى سوريا، غير أن «الحجّي الأنباري» لم يكن محصوراً في بقعة معينة، بل وسعت مسؤولياته وشملت كل المحافظات السورية، باعتباره «المدبّر الأول».
ويشدّد العارفون على أن «المجاهدين ظنوا أن الأنباري هو البغدادي، فالحل والعقد بيده». يكتب التقارير ويرفع التوصيات إلى «أمير المؤمنين». وقد أشار في أحد تقاريره إلى أن «أن الجولاني سينقلب على تنظيم الدولة وسينشق عنها».
وبعد زيارات متبادلة لسوريا والعراق، لكلٍّ من البغدادي والجولاني، أصدرت «مؤسسة الفرقان» كلمة صوتية للأوّل، أعلن فيها إلغاء «الجبهة» و«الدولة»، ودمجها تحت اسم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، بناءً على توصية «الأنباري».

رضوان مرتضى- نور أيوب 

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...