رياضة المدارس مصانع محتملة لأبطال محتملين

25-05-2010

رياضة المدارس مصانع محتملة لأبطال محتملين

“العلم في الصغر كالنقش على الحجر” مقولة صحيحة، ولا سبيل إلى الجدل في صحتها.. ولكن، هل تلقى هذه المقولة آذاناً صاغية لدى القائمين على الشأن الرياضي؟..
إنَّ جواب هذا السؤال بسيط وينحصر في مدى المتابعة والاهتمام الذي تتلقَّاه الرياضة المدرسية، لأنها- بحسب رأي الكثيرين- تعدُّ العمود الفقري والجزء الحيوي المهم في رفع السويّة الرياضية لأيِّ بلد يريد أن يزدهر رياضياً، كما أنها  اللبنة الأولى التي تُستخدم لبناء رياضة وطنية صحيحة، ناهيك عن الفوائد الصحية التي تعود على الطلبة؛ فهي تقيهم من الأمراض، وتعمل أيضاً على تنمية أدمغتهم، وتساعد على التركيز والهدوء وتقوية الذاكرة.
ولكن، هناك الكثير من التساؤلات التي تدور حول الرياضة المدرسية ودورها في رفد المنتخبات الوطنية وعلاقتها بالاتحاد الرياضي العام والأندية الرياضية، وهل مازالت النظرة إلى دروس التربية الرياضية سطحية ومقتصرة على أنها حصة فراغ وفي استطاعة أيِّ مدرِّس أن يتعدَّى عليها لتعويض تقصيره  في بعض الدروس الأدبية أو العلمية الأخرى.
    ¶ عودة الألق إلى الرياضة المدرسية..
أجمع عدد كبير من المهتمين بالرياضة المدرسية أن السنوات الخمسة الماضية، شهدت عودة الألق للرياضة المدرسية بعد غياب لابأس به.
علي طه عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد الرياضي العام ممثل وزارة التربية يقول: “إن الرياضة المدرسية خطت في السنوات الخمسة الماضية خطوات جبارة وحققت العديد من الإنجازات على الساحة المحلية والعربية وآخر هذه الإنجازات كان حصول منتخب سورية لكرة اليد للبنين على المركز الأول في البطولة العربية التي جرت مؤخراً في تونس.”
بدوره أحمد راتب الطباع معاون مدير التربية الرياضية بدمشق، يؤكد أنَّ الرياضة المدرسية شهدت نقلة نوعية بعد الإجراءات التي اتخذتها وزارة التربية بعد معاناة طويلة عاشتها الرياضة المدرسية.
وأوضح الطباع أن وزارة التربية، علمت أن النهوض بالرياضة المدرسية يتطلب تأمين ثلاثة عناصر هي الأدوات والمنشأة والمدرس، لذلك اتخذت خطوات جادة لتأمين هذه العناصر مبيناً أن الأدوات الرياضية أصبحت متوافرة بكثرة في المدارس وذلك بفضل مبلغ الـ 50 ليرة الذي يدفعه الطالب “للتعاون والنشاط” والذي سمح لإدارة المدرسة بشراء المعدات الرياضية. أما في ما يتعلق بالمنشأة، فقد قامت الوزارة بوضع خطة لبناء مدن رياضية في المحافظات تغطي النشاطات الرياضية المدرسية ولقد بدأنا في محافظة دمشق بإنشاء مدينة رياضية في منطقة جوبر تتألف من ملعب كرة قدم نظامي وملعب كرة يد  وسلة ومسبح مغلق وصالة خاصة لممارسة الكرة الطائرة والريشة، بالإضافة إلى صالة مغلقة للعب فيها أثناء الجو الماطر. أما بالنسبة إلى موضوع المدرس، فقد أصبح لدينا مدرسون أكفاء متخرجين في المعاهد والكليات الرياضية، كما أصبح لدينا مدرسون مختصون بكل لعبة.
 ¶ الرياضة المدرسية لم تعد ارتجالاً  
وعن منهاج مادة التربية الرياضية، تحدث ممثل وزارة التربية في الاتحاد الرياضي قائلاً:”لقد قامت وزارة التربية بتشكيل لجنة متخصصة لدراسة مناهج مادة التربية الرياضية وتطويرها وأصبح لدينا منهاج رياضي مدروس، بحيث يتلقى الطلاب المعلومات الرياضية من مرحلة التعليم الأولى حتى المرحلة الثانية بالتدريج مثل بقية المواد، لافتاً إلى أن عشرة ألعاب منهجية يتم تدريسها في المدارس وهي: كرة القدم واليد والسلة والطائرة وألعاب القوى والجمباز والريشة وكرة الطاولة والشطرنج والسباحة.
 ¶ مدارس تخصصية للرياضيين
من جهته، بين طه أن هناك دراسة في وزارة التربية لإنشاء مدارس تخصصية للطلاب الذين لديهم ميول رياضية تبدأ من مرحلة التعليم الأساسي (حلقة ثانية) وحتى نهاية التعليم الثانوي وبعدها يلتحق الطالب بالمعهد الرياضي أو كلية التربية الرياضية.
ويعلق شريف الشريف لاعب نادي الجلاء والمنتخب الوطني بكرة السلة على هذه الفكرة الجديدة بقوله: إن المدرسة هي الركيزة الأساس لجميع الرياضات وفكرة تأسيس مدرسة تعنى بالمواهب أمر جيد وسنقطف ثمارها في المستقبل.
أما الطباع، فطالب أن تدخل علامة التربية الرياضية في المجموع العام للشهادات كبقية الدول المتقدمة رياضياً.
 ¶علاقة متينة أم جهد ضائع
اتفق عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد الرياضي مع معاون مدير التربية الرياضية بدمشق على أن التعاون والتنسيق مع الاتحاد الرياضي وثيق وهناك تواصل مستمر بين الطرفين.
من جهته مروان عرفات (محاضر وخبير رياضي) يرى أنه مازال هناك بعد بين وزارة التربية والاتحاد الرياضي العام واتحاد كرة القدم، وبالتالي سيضيع كل جهد يبذل في الرياضة المدرسية.
ودلل عرفات على صوابية رأيه بقوله، أن الأندية غائبة عن البطولات المدرسية ولا تكلف نفسها بإرسال كشافين للبحث عن المواهب أو مراقبة الخامات الرياضية الصغيرة.
أما الطباع الذي يرى أن اهتمام الأندية بالرياضة المدرسية مازال دون الطموح، فيقول:”أنا أستغرب من بعض الأندية التي تقوم بشراء لاعبين محترفين ولا تلتفت إلى المواهب الوطنية الواعدة التي تفرزها البطولات المدرسية.”
وهو مايوافق عليه علي طه، مضيفاً: يجب على إدارات الأندية أن تسعى وراء المواهب وليس العكس، علماً بأن وزارة التربية تقدم مساعدتها لهذه الأندية وتضع منشآتها الرياضية في خدمة لاعبيها.
وفي هذا السياق يقول طه، إن بعض الاتحادات الرياضية تنبهت إلى هذا الأمر مؤخرًا كاتحاد الجمباز وبدأت فعلا تعتمد على طلاب المدارس لتشكيل منتخباتها الوطنية، معتبرا أنه ليس من مهمات وزارة التربية تجهيز المنتخبات الوطنية، إنما تقوم بصناعة أكبر قاعدة واسعة من اللاعبين فهي تقوم باكتشافها وإعدادها بشكل آني وبعدها يأتي دور الاتحاد الرياضي والأندية في متابعة هذه المواهب ورفدها للمنتخبات الوطنية.
    أهداف الرياضة المدرسية 
يقول خبراء الرياضة، إن الرياضة المدرسية تحقق العديد من الأهداف، منها  تشجيع جميع الطلاب على الممارسة الرياضية المنتظمة لترسيخ عادة حسنة تلازمهم بقية عمرهم والنهوض بالتربية الرياضية داخل المؤسسات التعليمية وتنمية وتفعيل المعرفة الرياضية والحركية لدى التلاميذ.
كما يساعد ربط الصلة بين الرياضة المدرسية والأندية الرياضية واتحادات الألعاب في رفد الرياضة الوطنية بلاعبين موهوبين.
كما يضيف الخبراء أهدافاً ومزايا أخرى للرياضة المدرسية باعتبارها تساعد الفرد على اكتشاف مواهبه وتنميها ذاتياً من خلال استثمار أوقات الفراغ والتمتع بالهوايات المختلفة، وانتقاء الموهوبين من الطلبة رياضياً انطلاقاً من مشاركتهم في منافسات رياضة المدارس وتنظيم الاحتفالات والبطولات المدرسية والمحلية والتي تشكل الفرص الضرورية لصقل مواهب الطلبة وتحسين الممارسة الرياضية التحتية.
وتؤدي الرياضة المدرسية إلى تعليم المهارات الحركية للأنشطة الرياضية المختلفة التي تناسب مع الإمكانات المادية والبشرية والبئية واكتشاف ذوي القدرات والمواهب الرياضية الخاصة ورعايتهم.
     تعاون رياضي
 أكد الدكتور علي سعد وزير التربية أثناء اجتماعه مع اللواء موفق جمعة رئيس الاتحاد الرياضي العام مؤخراً، على أن المنهاج الرياضي لا يقل أهمية عن بقية المناهج التربوية الأخرى في تنشئة وإعداد الأجيال.
وتم الاتفاق على تشكيل ورشة عمل بين الجانبين مهمتها وضع الأسس والضوابط لإقامة تجمعات رياضية للواعدين وإعداد الكوادر والمدربين وتأهيلهم والاستفادة من خبراتهم وإحياء فكرة المدارس التخصصية في المدن الكبيرة ووضع نظام داخلي لها.
بدوره جمعة أكد أن الاتحاد الرياضي سيقدم كل الدعم في الجانب الفني للبعثة الرياضية المدرسية المشاركة في البطولة العربية المدرسية القادمة، لأنها تمثل رياضة الوطن بأكمله.
 أقوال وآراء..
¶ وسيم (موظف) يرى أنَّ الرياضة المدرسية بدأت تتحسن في الفترة الأخيرة، ولكن لابد من بذل المزيد من الاهتمام بها حتى يكون لها دور أكبر وفعّال في المستقبل.
¶ أبو خالد (عامل) يعتقد أن عدد الحصص الرياضية في المدارس قليلة ويجب زيادتها.
¶ ولاء (طالبة) تقترح أن يمارس جميع الطلاب كل صباح درساً رياضياً جماعياً مع الكادر التدريسي قبل دخول الطلاب إلى صفوفهم لمدة ربع ساعة أسوة ببقية بعض الدول الأوروبية، كما تتمنى أن يتم التعرف إلى رغبة كل طالب في الرياضة التي يريد ممارستها وتوجيهه.
¶ محمد (صحفي) يرى أن حصة الرياضة المدرسية لا يمكن أن تصنع بطلاً لوحدها وبالتالي يجب متابعة الطلاب الموهوبين بعد المدرسة.
¶ أبو فادي (مدرب رياضي) يقول: من أسف، مازالت النظرة إلى درس الرياضة متخلفة من قبل بعض الأهالي ولذلك أقترح أن يكون هناك حملة توعية للأهالي بأهمية ممارسة الرياضة في المدرسة وفي الأندية الرياضية.
¶ يوسف (لاعب جودو) يؤكد أن الرياضة أصبحت مقياساً لتطور الشعوب، لذلك فإن الدول المتقدمة تبدي اهتماماً كبيراً بالرياضة، ولاسيما المدرسية منها وترصد لها كل ما تستطيع من دعم مادي ومعنوي، لأنها في النهاية ستمثل هذه الدول في المحافل الدولية في المستقبل.
¶ رانيا (ربة منزل) ابنتها في مرحلة التعليم الأساسي لاحظت أن الرياضة تساعدها على حب المدرسة وتزيد من حيويتها، لذلك تتمنى أن تهتم جميع المدارس بحصة التربية الرياضية، لأن هذا الأمر سينعكس إيجاباً على صحة الطلاب نفسياً ودراسياً أيضاً.


هاني البيات
المصدر: بلدنا

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...