هكذا انتقم «داعش» من «حاشا» لمقتل البلجيكي بين مسكنة وباب الهوى

04-01-2014

هكذا انتقم «داعش» من «حاشا» لمقتل البلجيكي بين مسكنة وباب الهوى

كشفت  قبل حوالي شهر تقريباً، عن حادثة تعذيب حتى الموت تعرض لها «جهادي» بلجيكي تابع لتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، على حاجز تابع لـ«أحرار الشام» (حاشا) في بلدة حزانو بريف إدلب. وقتل مع البلجيكي في نفس الحادثة «جهادي» آخر تونسي الجنسية.
ولم يصدر عن «داعش» أي بيان رسمي حول الحادثة، كما لوحظ أن أنصاره على مواقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» و«تويتر» لم يتطرقوا إلى الحادثة، لا من قريب ولا من بعيد، وذلك في موقف غريب، لاسيما أن «أحرار الشام» كانت قد استغلت قبل فترة قيام عناصر من «داعش» بقتل محمد فارس مروش التابع لها، لتشن حملة إعلامية كبيرة ضد «داعش»، استخدمت فيها أقسى العبارات والأوصاف، مع كيل الاتهامات لعموم التنظيم وكافة قادته وليس فقط مرتكبي عملية القتل.
لكن تاريخ «داعش» وطريقة تعامله مع خصومه، كانت تؤكد أنه لا يمكن أن يسكت على مثل هذه الإهانة التي لحقت به على حاجز حزانو، خصوصاً وأن المنطقة نفسها شهدت، قبل عدة أشهر، ما يؤكد ذلك، عندما تعرض «أمير داعش على الدانا» أبو عبدالله الليبي للاغتيال، فأقدم «الدولة الإسلامية» على اقتحام منطقة حزانو وفرض تسوية على ما يسمى «حلف الفضول» بقيادة الشيخ صلاح حبلص المتهم باغتيال الليبي، وضمنت التسوية للتنظيم السيطرة على قسم كبير من المنطقة، علماً أن منطقتي الدانا وحزانو قريبتان من منطقة معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.صورة عن الاتفاق بين «داعش» و«حاشا» في قضية شلخ
البلجيكي الذي أصبح اسمه الحركي معروفاً، وهو أبو علي البلجيكي، توفي تحت التعذيب الذي مارسه ضده عناصر «أحرار الشام» المرابطون على حاجز حزانو، لذلك استغل «داعش» أحداث مسكنة الأخيرة في ريف حلب، حيث تمكن من أسر عشرات من عناصر «أحرار الشام» من بينهم «أمير معبر تل ابيض» الدكتور حسين سليمان، فانتقم لمقتل البلجيكي بنفس الطريقة وهي التعذيب حتى الموت. فالجثة التي استلمتها «أحرار الشام» لـ«أميرها» على المعبر، كانت تحمل رسالة واضحة «العين بالعين والبادئ أظلم». وكانت جثة حسين سليمان المشوهة تدل على تعرضه لتعذيب قاس جداً في معتقلات «داعش» قبل مقتله، مع آثار تشير إلى إطلاق الرصاص على يديه ورجليه، وكسور في كثير من عظام جسده.
وردّاً على قيام «أحرار الشام» بنشر صور لجثة «أميرها» المشوهة بفعل التعذيب، عمد «داعش» إلى تسريب صور هي الأولى لجثة أبو علي البلجيكي، الذي قتل على حاجز حزانو بعد تعرضه للتعذيب والضرب بأعقاب البنادق من قبل عناصر «أحرار الشام»، وكذلك صور مماثلة لـ«الجهادي» التونسي أبو يحيى الذي قتل معه في نفس الحادثة.
في هذه الأثناء كانت جماعات مسلحة تابعة لتنظيم «داعش» تهاجم حاجزاً تابعاً لـ«أحرار الشام» في بلدة شلخ في ريف إدلب وتسيطر عليه، وتستولي على مجمل الأسلحة والمعدات والآليات المتواجدة فيه، وذلك بعد تكرار حادثة حزانو وقيام عناصر من «الأحرار» بإطلاق الرصاص على سيارات تابعة لـ«داعش»، ما تسبب بمقتل أحد عناصره، وهو ما أعطى الأخير الذريعة المناسبة للهجوم والسيطرة على الحاجز. وانفجر الوضع الميداني بين «داعش» ومجموعات مسلحة اتحدت تحت اسم «جيش المجاهدين» في الاتارب في ريف حلب.
وبلدة شلخ تقع بالقرب من معبر باب الهوى وتحديداً على الطريق بين تفتناز ــ باب الهوى، وهو ما يعيد إلى الأذهان المخطط القديم الجديد لتنظيم «داعش» بالسيطرة على معبر باب الهوى، الأمر الذي يعطيه، في حال تحققه، أفضلية التحكم بأهم معبر حدودي تمر من خلاله الإمدادات العسكرية والغذائية والصحية والمالية و«الجهادية»، علاوة على أنه يعطي من يسيطر عليه الكلمة العليا على غيره من الفصائل الأخرى، لأن بيده قرار منع الإمداد عنها.
وقد كان تنظيم «داعش» تمكن في الأيام الأخيرة من العام الماضي، من فرض سيطرته على بلدة سرمدا التي لا تبعد سوى 500 متر عن معبر باب الهوى، حيث اقتحم مقر المحكمة ومقر المخفر اللذين كانا باستلام «جبهة النصرة» وقام عناصر التنظيم برفع راية «داعش» على المقرين وإنزال راية «النصرة» في دلالة على أن البلدة أصبحت ولايةً من ولاياتها، كما اقتحموا عدة مستودعات منها للإغاثة ومنها للأسلحة، واستولوا على كافة محتوياتها.
هذا وتعتبر بلدة سرمدا بوابة معبر باب الهوى الرئيسية، إضافة إلى كونها تحتوي على أهم مستودعات الإغاثة لمعظم المنظمات المحلية والدولية، وكذلك على أهم مستودعات الأسلحة، علاوة على مكاتب الصرافة التي نشطت في البلدة وجعلت منها مركزاً مالياً مهما في المنطقة.
وعلاوة على ما سبق فإن «داعش» كان قد سيطر في أوقات سابقة من الأشهر الماضية، على كل من بلدة الدانا (التي أقام فيها إمارة كاملة) وسرمين وحارم وأجزاء من مناطق أخرى مثل أطمة، وهي جميعها تقع في محيط معبر باب الهوى، ما يعني أن «داعش» أصبح، بعد سيطرته على سرمدا، يفرض حصاراً فعلياً على باب الهوى، وأنه يملك القدرة على اقتحام المعبر والسيطرة عليه وقت يشاء، ولا يحول بينه وبين تحقيق ذلك إلا عدم صدور قرار من قيادته بتنفيذ ذلك حتى الآن، ولكن إلى متى يمكن أن يتأخر صدور القرار؟.
لا معطيات تحدد الإجابة عن السؤال السابق، ولكن اقتحام معبر باب الهوى يبدو شديد التعقيد لجهة ارتباطه بتدخلات أجهزة الاستخبارات التركية ومصالحها في دعم فصائل من دون فصائل، وبالعديد من الاعتبارات الدولية والإقليمية التي جعلت من مكافحة الإرهاب، الممثل بـ «داعش» و«النصرة»، له الأولوية على أي غاية أخرى. وهذا ما يجعل من اقتحام المعبر قراراً يصعب اتخاذه على «داعش» ما لم يكن مضطراً إلى ذلك، وضرورة لا يمكن دفعها إلا بضرر من وزن ضرر إقفال باب الهوى بشكل نهائي من الجانب التركي ومنع حركة المرور عبره ذهاباً أو إياباً.
في هذا السياق، تبرز مبادرة الشيخ السعودي عبدالله المحيسني، الذي تدخَّل للتوسط بين «داعش» و«حاشا» بعد حادثة الهجوم على حاجز شلخ بريف إدلب. فقد وضع المحيسني وثيقة تنص على تأليف لجنة قضائية تضم ممثلاً عن «الدولة الاسلامية» وممثلاً عن «الأحرار» ويكون هو مرجحاً، وإخلاء الحاجز من الطرفين ريثما يتم البت في قضية مقتل «المجاهد» من «داعش».
وقد وقّع على هذه الوثيقة قادة الطرفين، «الأحرار» ممثلة بـ«أميرها» في إدلب «أبو يوسف»، و«داعش» ممثلة بـ«واليها» على إدلب «الشيخ عمر»، مع توقيع شرعي من كل طرف، ابو فهر عن «الدولة الاسلامية»، وأبو عبدالملك الشرعي (الذي برز في أحداث مسكنة الأخيرة) عن «الأحرار».
ولكن الجديد الذي طرحه المحيسني هو أن تعتبر هذه الوثيقة بمثابة النموذج الصالح لحل كافة القضايا المعلقة بين «داعش» و«حاشا» وآخرها أحداث مسكنة، وما انتهت إليه من تعذيب «أمير معبر تل ابيض» حتى الموت، وكذلك قضية معبر باب الهوى والتناحر شبه اليومي بهدف التسابق وفرض السيطرة عليه، وما ترتب عنه حتى الآن من اقتحام الكثير من المقرات والمستودعات في المناطق المحيطة بالمعبر، وكذلك قتل وأسر أعداد كثيرة من المسلحين من كلا الطرفين بسبب تلك الاقتحامات المتبادلة.
فهل تسلك قصة معبر باب الهوى طريق التسويات الذي يحاول الشيخ السعودي أن يشقّه عبر مبادرته الأخيرة، أم أن الكلمة الأخيرة بين «داعش» و«حاشا» ستكون للرصاص دون غيره، كما حدث حتى الآن في كل القضايا العالقة بينهما، خاصةً وأن آخر الأنباء الواردة من بلدة مسكنة تشير إلى أن «امير داعش» في البلدة أبا دجانة الكويتي قرر إعدام «أمير» آخر من «أمراء أحرار الشام» المعتقلين لديه على خلفية اشتباكات مسكنة.

عبد الله سليمان علي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...