ممتاز الشيخ: هدفنا تكريس ذهنية العمل الجماعي

02-05-2008

ممتاز الشيخ: هدفنا تكريس ذهنية العمل الجماعي

لا تكاد تمر أشهر قليلة حتى نقرأ خبراً عن تغيير في إدارة التلفزة السورية، فمنذ أشهر استلم منصب المدير العام لـ «الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون» السورية عبد الفتاح عوض، وقبل نحو أسبوعين آلت هذه الإدارة إلى ممتاز الشيخ.

وإذا كانت مثل هذه التغييرات المفاجئة تنطوي على سعي نحو الارتقاء بأداء الإعلام السوري المرئي، فإنها تنطوي، في الآن ذاته، على خيارات غير صائبة من قبل وزارة الإعلام، ذلك أن التغيير السريع يعني أن الشخص الذي اختير للإدارة أخفق في إنجاز مهمته، ما يعني أن القرارات المتخذة غير مبنية على أسس سليمة، إلا إذا كان ثمة حسابات غير مهنية هي التي تتخذ معياراً.

بدا المدير الجديد ممتاز الشيخ متفائلاً، ومنبع هذا التفاؤل نابع من إدراكه طبيعة المؤسسة التي كلف إدارتها، فهي مؤسسة رسمية، لها أجندات وأهداف، وهي لا تهدف إلى الربح، بل تخاطب الجمهور بغرض صوغ رأي عام يتناسب مع تلك الأهداف والأجندات التي تترتب عليها ضوابط معينة. يقول الشيخ : «بالتأكيد ثمة ضوابط وقيود وسياسات يلتزم بها الإعلام الرسمي، وهذا حقه، مثلما هو حق لأية جهة كانت، امتلكت منبراً إعلامياً».

ورداً على سؤال حول الفروق بين هذا الإعلام الرسمي، وبين الإعلام المستقل، يتساءل الشيخ: «هل تقدم المحطات الخاصة على إنتاج برامج غير رابحة كأن تتحدث عن مشكلة الأمية، أو قضايا التنمية؟».

ويرى أن الإعلام المستقل «ينحو، دوماً، باتجاه البرامج الخفيفة المسلية ذات الربح السريع، أما الإعلام الرسمي فهو أشبه بالأب الذي يأخذ مصلحة أبنائه في الاعتبار. ومن هنا فهو لا يلهث وراء الأرباح بمقدار سعيه نحو بث مواد تعالج هموم المجتمع وقضاياه بمعزل عن أي هدف اقتصادي. ومع أن ثمة قنوات مستقلة قليلة أثبتت نجاحها، وتفوقها، فإن ثمة قنوات خاصة كثيرة لا تقدم إلا المبتذل والرخيص، ومع ذلك تتمتع بنسبة مشاهدة عالية مثل قنوات الشعوذة، والأبراج، والأغاني الهابطة».

ويضيف الشيخ: «لست في وارد منافسة الإعلام الخاص أو المستقل لأن هذا الإعلام يملك هامشاً واسعاً من المرونة والاستقلالية، وان كان أيضاً يتقيد ببعض الضوابط والشروط، لكنني سأسعى مع جميع العاملين في الهيئة، إلى تحقيق نوع من المصالحة بين الترويج لتلك الأهداف والسياسات، وبين تقديمها على نحو مرن، وسلس، من دون تشنج».

ويقلل الشيخ من أهمية منصب المدير العام، فهو، أولاً، «مسؤولية وليس امتيازاً، وثانياً لا أستطيع، بمفردي، أن احدث تغييراً جذرياً في وظيفة الإعلام المرئي بمعزل عن الخبرات والكفاءات الموجودة»، وهنا يشير إلى أن «الذهنية العربية، عموماً، تعاني من رهاب العمل الجماعي، فالفرد العربي يجتهد وينجح عندما يعمل بمفرده، وحين يدخل غمار العمل الجماعي فإنه يفشل غالباً، خصوصاً لدى العمل في قطاع عام ينتظر موظفوه الراتب نهاية كل شهر، ولا يفكرون في الاجتهاد والابتكار».

ويلاحظ، مثلاً، أن «الأطباء في عياداتهم الخاصة يتمتعون بسمعة عالية وينجحون في إجراء عمليات معقدة، ولكن حين يجتمعون في مستشفى تابع للقطاع العام يتقاعسون. ومن هنا سأعمل، قدر الإمكان، على تكريس العمل الجماعي والمؤسساتي، وسأحاول ألا أكون المرجعية الأولى والأخيرة للإعلاميين في التلفزيون، بل سأركز على المبادرات الفردية، وبصورة خاصة، على العمل الجماعي، ولدي جملة من التصورات والمشاريع والمقترحات سأسعى إلى تنفيذها بالتعاون مع الخبرات الموجودة، آملاً بأن نتمكن من تطوير أداء الإعلام السوري المرئي الذي لم يستطع، حتى اللحظة، القيام بمهمته على النحو المطلوب والمرتجى».

ويدافع الشيخ، الذي عمل، من قبل، في مديرية الرقابة في وزارة الإعلام، عن آلية الرقابة. وإذ ينفي أن يتأثر عمله الجديد بعمله السابق، يؤكد ان هذه «الآلية متبعة في مختلف دول العالم، غير أن طريقة ممارستها تتغير من دولة إلى أخرى، وذلك تبعاً لمجموعة الاعتبارات السياسية والقيم والأخلاقيات السائدة في هذه الدولة أو تلك، فمن حق أي دولة أن تحمي قيمها وتدافع عن توجهاتها السياسية مثلما تقوم بحماية حدودها الجغرافية». ويرى الشيح ان المعضلة تكمن في «ذهنية الرقيب، لا في الرقابة ذاتها، فهذه الذهنية تفشل في استثمار هامش الحرية المتاح، ولو استثمرت هذا الهامش، بالشكل اللائق، سيشعر المتلقى، آنئذ، بمدى هشاشة دور الرقابة».

ويشيد الشيخ بالكفاءات والكوادر البشرية العاملة في التلفزة السورية، ويقر، وإن بصورة مواربة، بأن التعيين في التلفزيون السوري قائم على أساس الولاء أولا، لا الكفاءة، مشيراً الى أن كل المنابر الإعلامية، من دون استثناء، تتبع هذه الآلية في اختيار موظفيها، فكيف لمؤسسة إعلامية أن ترحب بشخص تتناقض أفكاره مع أفكار المؤسسة التي يعمل فيها».

إبراهيم حاج عبدي

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...