مصر تنهي التعيينات النيابية: برلمـان بـلا «معارضة صديقة»

06-12-2010

مصر تنهي التعيينات النيابية: برلمـان بـلا «معارضة صديقة»

بدت نتائج جولة الإعادة في الانتخابات التشريعية المصرية أمس محسومة منذ الأسبوع الماضي، عندما «اكتسح» الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم الجولة الأولى بنسبة 95 في المئة، ثم قرر أن ينافس نفسه بمرشحين في 114 دائرة من مجمل الـ166 دائرة انتخابية في الجولة الثانية، ما يعنى انه من ناحية الأرقام، ضمن الحزب الحاكم نتائج هذه الدوائر سلفا، لكنه ترك أعضاءه المرشحين فيها، ليتقاتلوا طوال اليوم لنيل كرسي البرلمان.
وجرت الجولة الثانية من الانتخابات وسط جدل أثاره حكم أصدرته المحكمة الإدارية العليا، أمس الأول، وانتقدت فيه اللجنة العليا للانتخابات لسماحها بإجراء الانتخابات في 24 دائرة الأسبوع الماضي رغم قرارات المحكمة بوقفها بعد أن شكا مرشحون معارضون كثيرون من استبعادهم. وقالت المحكمة في بيان «إن عدم تنفيذ اللجنة العليا للأحكام وإجرمصريون يحرقون إطارات السيارات احتجاجاً على منعهم من التصويت في الانتخابات في قرية قرب الدقهلية في دلتا النيل أمس اء مقتضياتها رغم صدورها قبل التاريخ المحدد للانتخابات يعدم كل النتائج المترتبة عليها ويكون تكوين مجلس الشعب مشوبا بشبهة البطلان».
غير أن المتحدث باسم اللجنة العليا للانتخابات سامح الكاشف قال، في مؤتمر صحافي أمس، انه «لا صحة لما ردده البعض بان القضاء الإداري اصدر حكما ببطلان انتخابات الإعادة». وأضاف أن المحكمة «ليس لديها ولاية الفصل في القضايا والنزاعات بين المرشحين» معتبرا أن «إقامة إشكال في التنفيذ يحقق أثرا واقفا للحكم المطلوب تنفيذه حتى لو أقيم أمام قضاء غير مختص».
وجرت المنافسة في الجولة الثانية على 283 مقعدا من إجمالي عدد مقاعد مجلس الشعب البالغ 508 مقاعد من بينها 64 مخصصة للمرأة، وذلك بعد حسم نتيجة 221 مقعدا في الجولة الأولى، بينما تم إلغاء الانتخابات على أربعة مقاعد، بحسب اللجنة العليا للانتخابات.
وعكس المشهد السائد في الجولة الأولى الأحد الماضي، عندما كانت الدوائر التي نزل فيها المرشحون عن جماعة الإخوان المسلمين الـ 130 هي الأكثر سخونة، إضافة الى بعض مرشحي المعارضة، حيث جرت عمليات تسويد واسعة لبطاقات التصويت لصالح مرشحي «الوطني» وأغلقت لجان تصويت بأكملها وتم حرق وتدمير عدد من صناديق الاقتراع تحت عدسات الإعلام، تكررت تلك الأجواء منذ منتصف اليوم وحتى إغلاق باب التصويت في السابعة مساء بين مرشحي الحزب الوطني.
ففي طنطا في الدلتا، تبادل أنصار مرشحي «الوطني» إطلاق النار. وفي بني عبيد، بجوار المنصورة بالدلتا في شمالي مصر اعتدى أنصار مرشح «الوطني» حسين المير بسكين على ابن شقيق منافسه في الحزب الحاكم مكرم رضوان. كذلك اصطدم أنصار عبد الناصر الجابري ومحمد أبو صليب، وكلاهما من «الوطني»، في دوائر الهرم والعمرانية في القاهرة. وسجلت أحداث مشابهة في الإسكندرية، وطنطا، وقنا والغربية.
وفي هذه الأثناء انسحب ثلاثة مستشارين من السلك القضائي من المشرفين على لجان التصويت الرئيسية. وبدت نسبة التصويت أمس منخفضة جدا طوال اليوم. وحسب اللجنة العليا للانتخابات، وهي الجهة المسؤولة عن تنظيم العملية الانتخابية وعينها الرئيس حسني مبارك، فان نسبة التصويت في الجولة الأولى كانت 25 في المئة، ثم تغير الرقم بعد ذلك إلى 35 في المئة، وهي أرقام اعتبرها مراقبو الانتخابات مبالغا جدا فيها.
ورغم انسحاب حزب «الوفد» المعارض وجماعة الإخوان المسلمين من الجولة الثانية احتجاجاً على التزوير الواسع النطاق في المرحلة الأولى، والتي لم يحصل «الإخوان» فيها على مقعد واحد، ترددت أنباء عن خوض بعض مرشحي «الوفد»، مثل رجل الأعمال رامي لكح وغيرهم، جولة الإعادة بمخالفة قرار الحزب.
وكان «الوفد» فاز بمقعدين فقط في الجولة الأولى، اثر بعدها الانسحاب، إلا أن 9 من مرشحيه كانوا أدرجوا في جولة الإعادة، مقابل 26 لجماعة الإخوان. وبينما التزم «الإخوان» بقرار المقاطعة، شارك أنصار مرشحي «الوفد» في جولة الإعادة، ما دفع قيادات الحزب إلى الإعلان عن اعتزامها فصل هؤلاء من الحزب حتى لا يمثلوه في البرلمان.
وخرج حزب «التجمع» اليساري عن إجماع المعارضة بمقاطعة الانتخابات، وخاض بمرشحيه الستة جولة الإعادة، وسط احتجاجات واسعة داخل الحزب ضد قرار المشاركة. ولم يكن مفاجئا تماماً إعلان مرشح الحزب الحاكم عبد الفتاح دياب انسحابه من الإعادة بسبب «تسويد» بطاقات التصويت لصالح مرشح «التجمع» رفعت سيف في محافظة الدقهلية. ويبدو موقف «التجمع» متسقاً مع سياسة قيادته التي بدت متحالفة بشكل غير رسمي مع النظام ضد «الإخوان» طوال العقد الماضي، حتى أن رئيسه رفعت السعيد عُين كعضو في مجلس الشورى.
ورغم تفاوت المساحة بين موقف «التجمع» و»الوفد»، تحول الاثنان عنواناً للمعارضة «الصديقة» للنظام. إذ رغم مقاطعة «الوفد» انتخابات الإعادة، فان قيادته قامت بشراء صحيفة «الدستور» المستقلة ثم فصلت رئيس تحريرها المعارض اللاذع لمبارك وسيناريو التوريث، إبراهيم عيسى، في خطوة اعتبرت «هدية» من الحزب للنظام مقابل منحه في البرلمان الحالي حصة «الإخوان»، التي كانت 20 في المئة في البرلمان السابق. إلا أن تلك «الصفقة» غير المعلنة لم تحقق المرجو منها لحزب الوفد الذي اضطر بعد أن فاز بمقعدين فقط في الجولة الأولى، أن يرد الصاع صاعين.
من جانبه، قال الائتلاف المستقل لمراقبة الانتخابات، الذي يضم منظمات حقوقية مصرية، إن مراقبيه «رصدوا وجود العديد من البلطجية يحملون الأسلحة في حالة تأهب للتدخل لصالح مرشحي الحزب الوطني كما رصدوا تدخل الأجهزة الأمنية، كما وقعت عمليات مزايدة في شراء الأصوات بين مرشحي الحزب الوطني الذين يتنافسون في ما بينهم». وأعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء طارق عطية أن عمليات الاقتراع «سارت بشكل هادئ باستثناء بعض الحوادث».
والى أن تعلن اللجنة العليا للانتخابات نتيجة البرلمان المقبل الخالي من المعارضة، يتساءل كثر عن نسبة الحزب الوطني الديموقراطي «اللائقة» التي ستعلنها اللجنة، وان كانت ستدخل في مساحة الـ97 في المئة أم 90 في المئة لتبدو النتائج «أكثر أناقة».

المصدر: السفير 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...