ماذا وراء انفجار زهدان؟

30-05-2009

ماذا وراء انفجار زهدان؟

الجمل: تناقلت الأوساط الإعلامية بمختلف أنواعها التقارير والمعلومات حول قيام جماعة جند الله بتنفيذ تفجير انتحاري في أحد المساجد الشيعية بمدينة زهدان الموجودة في منطقة بلوشيستان الإيرانية ويكتسب هذا الحدث أهمية فائقة لجهة أنه يمثل تطوراً جديداً لاحتمالات تزايد المخاطر التي تهدد إيران من الاتجاه الجنوبي – الشرقي المجاور للحدود الإيرانية – الباكستانية – الأفغانية.
* ماذا تقول المعلومات؟
شهدت مدينة زهدان الإيرانية انفجاراً مروعاً في أحد المساجد التابعة للشيعة الإيرانيين وأشارت المعلومات إلى وقوع 29 قتيلاً، وعلى خلفية الحدث أعلنت جماعة تطلق على نفسها اسم جماعة "جند الله" مسؤوليتها عن الانفجار وتفيد المعلومات إلى أن الانفجار وقع قبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي سيخوضها الرئيس الحالي أحمدي نجاد في مواجهة خصومه السياسيين وسط جدل حول مدى جدوى البرنامج النووي الإيراني وكيفية التعامل مع توجهات الإدارة الأمريكية الحالية التي طرح رئيسها باراك أوباما مبادرة التفاوض مع إيران.
أعلنت السطات الإيرانية عن إلقاء القبض على العديد من العناصر التي يُشتبه في تورطها بالانفجار إضافة إلى تورطها في بعض الأحداث المشابهة السابقة.
* خلفيات الأزمة:
تقع منطقة بلوشيستان في جنوب شرق إيران ضمن منطقة إدارية تحمل اسم محافظة سيستان-بلوشيستان، وتشير الخلفيات إلى المعلومات الآتية:
• كان إقليم بلوشيستان يمثل منطقة واحدة خلال القرون الماضية ولكن تم تقسيمه بين إيران وباكستان وأفغانستان.
• أدى التقسيم إلى نشوء بلوشيستان إيرانية وبلوشيستان باكستانية وبلوشيستان أفغانية.
• يتميز السكان البلوش في المناطق الثلاث بوحدة الانتماء الإثني- العرقي إضافة إلى اللغة البلوشية والانتماء إلى الإسلام السني.
• نشطت خلال الأعوام الماضية الحركات الانفصالية البلوشية في المناطق الثلاثة التي تطالب بفصل بلوشيستان عن إيران وأفغانستان وباكستان لإقامة دولة بلوشية واحدة.
خلال فترة ما قبل الحرب الأفغانية كانت المناطق البلوشية الثلاث تشهد بعض المناوشات بين السكان الشيعة والسنة، وكان إقليم بلوشيستان الباكستاني هو الأكثر عرضة للاضطرابات لأن الحركات الانفصالية الموجودة في بلوشيستان إيران كانت تجد الملاذ في بلوشيستان باكستان التي كانت تتمتع بالحكم الذاتي.
* مفاعيل الأزمة البلوشيستانية: إلى أين؟
جاءت القوات الأمريكية إلى المنطقثة وتمركزت في أفغانستان وباكستان وسعت لاستهداف إيران ولاحظ الخبراء الأمريكيون التناقضات الاجتماعية الكامنة بين شعوب المنطقة. وقد سعت الولايات المتحدة إلى إعادة رسم خارطة التحالفات في المنطقة وفقاً لطريقة تتضمن قدراً كبيراً من الغرابة ويمكن الإشارة إلى ذلك على النحو الآتي:
• دعم الحكومة الباكستانية في حربها ضد الحركات الانفصالية البلوشيستانية الباكستانية.
• دعم الحركات الانفصالية البلوشيستانية الإيرانية في حربها ضد الحكومة الإيرانية.
إضافة لذلك، سعت الولايات المتحدة إلى نقل خبرة الصراع السني – الشيعي الذي اندلع في العراق إلى الساحات الأفغانية والإيرانية والباكستانية وكان من نتائج ذلك قيام حركة جند الله البلوشيستانية الإيرانية باستهداف مساجد الشيعة بدلاً من الحكومة الإيرانية وبالتالي فمن المحتمل أن تكون الخطوة القادمة بالنسبة للأمريكيين هي الدفع باتجاه تعبئة الاحتقانات الإثنو-طائفية بما يؤدي إلى إشعال الصراع السني – الشيعي في جنوب شرق إيران بحيث تنتقل عدواه إلى شمال غرب إيران وجنوب غربها، وغيرها من المناطق والمحافظات الإيرانية التي تقطنها أغلبية سنيّة.
هذا، ومن المثير للغرابة أيضاً أن الحركات الانفصالية البلوشيستانية الإيرانية تتمتع في وقت واحد ليس بمساندة القوات الأمريكية فقط بل بمساندة طالبان الباكستانية والأفغانية كذلك أما الحركات الانفصالية البلوشيستانية في باكستان وأفغانستان فتتمتع في وقت واحد بعداء القوات الأمريكية وحركة طالبان في باكستان وأفغانستان.
من الصعب القول بأن مخطط إشعال الحرب السنية – الشيعية داخل إيران سيحظى بالقبول لأن سكان هذه المناطق أصبحوا أكثر وعياً بأبعاد وخلفيات سيناريو الصراع السني – الشيعي الذي سبق أن اندلع في العراق إضافة إلى أن الدولة الإيرانية ما زالت في موقف القوي القادر على فرض النظام وبالتالي فمن الصعب حدوث أي صراع داخلي طالما أن أقاليم إيران النائية لا تعاني من ظاهرة فراغ القوة والسلطة.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...