ما الهدف من إطلاق صواريخ المنظمات الفلسطينية من لبنان على إسرائيل

21-06-2007

ما الهدف من إطلاق صواريخ المنظمات الفلسطينية من لبنان على إسرائيل

الجمل:     نشر مركز دراسات وأبحاث القوة والمصلحة الأمريكي على موقعة الالكتروني اليوم 12 حزيران 2007م، تحليلاً استخبارياً حمل عنوان (تقرير استخباري موجز: صواريخ الكاتيوشا من جنوب لبنان تضرب إسرائيل).
يقول التقرير:
في يوم 17 حزيران تم إطلاق صاروخين من جنوب لبنان على إسرائيل، وذلك من المنطقة الواقعة بين قرى العدسية وكفركلا الواقعة جنوب محافظة مرجعيون. وتم استهداف مدينة كريات شمونة الإسرائيلية بهذه الصواريخ، وبرغم عدم حدوث أي أضرار بسبب هذه الصواريخ، فإنها تعتبر المرة الأولى التي يتم فيها إطلاق الصواريخ ضد إسرائيل من الجانب اللبناني منذ لحظة انتهاء حرب صيف عام 2006م بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.
هذا، وقد نفى حزب الله عبر تلفزيون المنار أي دور له في هذه الهجمات.
قال الجيش الإسرائيلي بأن الهجوم على الأرجح قد تم القيام به وتنفيذه بواسطة  إحدى الجماعات الفلسطينية التي تعمل في تلك المنطقة (أي جنوب لبنان). وفي الحقيقة فقد قامت جماعة مسلحة غير معروفة تحمل اسم ألوية بدر الجهادية بتحمل المسؤولية عن العملية. وقد ألقت الحكومة الإسرائيلية اللوم على الحكومة اللبنانية، وذلك لأن الهجوم قد تم شنّه انطلاقاً من المنطقة الواقعة تحت سيطرة الجيش اللبناني. ومع ذلك، فقد صرح مصدر مسؤول في الجيش الإسرائيلي لصحيفة ايديعوت احرونوت الإسرائيلية قائلاً بأن (الاستجابة والرد على هذه القضية سوف يكون معقد جد، إذا كان هذا الهجوم قد تم القيام به بواسطة منظمة فلسطينية، وسوف يكون من الصعب جداً علينا أن نقرر بشان الهدف الذي يتوجب علينا الانتقام والثأر منه).
توقيت الهجوم لم يكن يشكل أي مناسبة أو (فرصة سعيدة) للحكومة الإسرائيلية، وقد تم ربطه بشكل وثيق مع الوقائع والأحداث الراهنة المتصلة بالاستقرار الإقليمي: الأزمة العميقة في الأراضي الفلسطينية، الإعلان عن تعيين ايهود باراك وزيراً جديداً للدفاع في إسرائيل، الإشارات المتضاربة التي يتم إطلاقها بواسطة سورية وإسرائيل حول النوايا والمقاصد، التوتر السائد في لبنان بين الحكومة والجماعة الإسلامية التي تعمل في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين، والأزمة الجارية التي تؤثر على عموم منطقة الشرق الأوسط.
أدى الموقف بوزير الدفاع الجديد ايهود باراك إلى أن يعلن عن إمكانية شن هجوم شامل كبير ضد حماس، واستناداً إلى ما ورد في صحيفة صنداي تايمز البريطانية، فإن الوزير الجديد –أي ايهود باراك- يقوم حالياً بصياغة استراتيجية تهدف لتدمير قدرات حماس العسكرية خلال بضعة أيام عن طريق استخدام 20 ألف جندي إسرائيلي. ونشر فرقتين مدرعتين وفرقة مشاة، مع مصاحبة بعض الوحدات العسكرية الهجومية الإضافية وطائرات إف-16.
ومركزة القوات ميدانياً على الأرض سوف تسهل على إسرائيل ضرب حماس، وهو ما يتوجب عليها القيام به إذا كانت تريد وترغب في إرغام الجماعة –أي حماس- على التخلي عن سيطرتها على قطاع غزة. الآن، أصبح فصيل فتح المعتدل بعيداً وبمنأى عن مرمى المدافع والنيران الإسرائيلية، والجيش الإسرائيلي سوف يكون أقل تقيداً بالضوابط والقيود والمحاذير عندما يباشر القيام بإجراءاته داخل قطاع غزة، فحماس أظهرت نفسها بشكل رئيسي وواضح بأنها تمثل قوة عسكرية تقليدية، الأمر الذي يوفر لإسرائيل الذريعة المقنعة للقيام بتدمير حركة حماس. وفي عام 1982، فقد سبق للجيش الإسرائيلي أن قام بمهاجمة منظمة التحرير الفلسطينية  في جنوب لبنان، وذلك فقط بعد أن أصبحت منظمة التحرير الفلسطينية تمثل قوة عسكرية تقليدية نظامية تستخدم العربات المدرعة والمدفعية وتمركز وتحشد وتعبئ آلاف المقاتلين ضمن الألوية والكتائب وما شابه ذلك من القطع العسكرية النظامية، ولم تعد كما كانت من قبل مجرد قوة عصابات، أو ما كانه حزب الله خلال الهجوم الإسرائيلي الذي تم تنفيذه في عام 2006م.
يمثل قطاع غزة بشكل متفق عليه، ساحة وميداناً قتالياً شديد الخطورة بسبب الطبيعة المحددة والمغلقة لرقعة أرضه والتي تقع في مواجه حدود إسرائيل ومصر، والبحر الأبيض المتوسط. وقد اصبحت حركة حماس في حالة انكشاف ميداني كامل، ومن ثم تراجعت حركة حماس إلى تكتيكات وأساليب حرب العصابات في مواجهة الاقتحام العسكري الإسرائيلي المحتمل، فإنها سوف تواجه احتمالات الرفض بواسطة سكان قطاع غزة، والذين أصبحوا بالأساس في حالة ترنح بسبب القيود والأساليب والإجراءات المشددة التي ظلت تفرض عليهم بواسطة إسرائيل ومصر والمجتمع الدولي، وبالتالي، فإن شن هذه الهجمات الصاروخية –من جنوب لبنان إلى داخل إسرائيل- على ما يبدو هو محاولة لصرف انتباه إسرائيل بعيداً عما يحدث في قطاع غزة، وذلك على أمل أن يكون تجاوب ورد فعل إسرائيل باتجاه المنطقة الواقعة جنوب لبنان على النحو الذي يرفع التوتر بين إسرائيل وحزب الله. وأيضاً سوف يؤدي إضافة إلى ذلك، إلى تزويد حماس بإمكانية تعزيز وتدعيم موقفها ومكانتها في قطاع غزة. وإذا لم يكن لحزب الله أي دور في الهجمات الصاروخية الأخيرة فمن غير المرجح القول بأن حزب الله لم يكن واعياً أو غير مدرك لأمر الصواريخ التي تم إطلاقها، خاصة وأن حزب الله يمثل المنظمة التي تسيطر تماماً على المنطقة، أي منطقة جنوب لبنان.
من الجدير بالتصديق والمقبول ظاهرياً أن يكون حزب الله قد رغب في اختبار النوايا الإسرائيلية المحتملة، في حالة وقوع أي هجوم. ومن المرجح أن رغبة إسرائيل في تقبل ما حدث كانت رغبة يمليها الوعي والإدراك بأن رد الفعل والاستجابة بالوسائل العسكرية ضد مثل هذه الهجمات يمكن أن تؤدي إلى إعادة فتح جبهة الحرب. وهو التطور الذي لا يتماشى مع مصالح إسرائيل في هذا الوقت بالذات.
سعياً وراء استدراج إسرائيل إلى الحرب جنوباً وشمالاً، فإن الجماعة التي أطلقت هذه الصواريخ، ربما يكون هدفها هو محاولة استغلال الفرصة المتاحة من أجل إضعاف حكومة إيهود أولمرت، طالما أنها تمر بمرحلة انتقالية، وما يبدو مرجح الحدوث على المدى القصير، هو أن ثمة هجوماً ضد حركة حماس في غزة، يمكن أن يؤدي بالمقابل إلى تعزيز قوة ايهود اولمرت السياسية، ولكن، في حالة حدوث أزمة مزدوجة في غزة ولبنان، فإن الحكومة الإسرائيلية سوف تواجه مصاعباً حقيقية وخطيرة في  إدارة الموقف السياسي- العسكري.
النتيجة الأخرى للصواريخ يمكن أن تتمثل في استهداف سورية وإسرائيل ومنعهما من تحسين وتطوير روابطهما –أي روابطهما التفاوضية- ومن الممكن أن يخلق هذا موقفاً تتزايد فيه احتمالات مخاطر المواجهة العسكرية بين البلدين. وخلال الأشهر القليلة الماضية، كانت هناك إشارات مختلفة ومتعارضة بين هذين البلدين، وكانت دعوات واقتراحات التفاوض تختلط بالتبعية والاستعدادات العسكرية والأمنية والسياسية على جماعة فتح الإسلام التي لم يتم القضاء عليها حتى الآن والمتمركزة في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينية الموجود بشمال لبنان.
إن إطلاق هذه الصواريخ يوضح مدى قدرة الجماعات المسلحة مهما كانت هامشية أو صغيرة، على القيام بالتسبب في سلسلة من ردود الأفعال (العسكرية والأمنية والسياسية) الكبيرة في كامل المنطقة. فعدم القيام من جانب إسرائيل برد فعل عسكري بعد هذه الهجمات، قد ساعد في منع إعادة توليد الصراع ضمن أزمة إقليمية واسعة النطاق، وقد وعى الإسرائيليون بذلك على أساس اعتبارات أن محاولة إعادة ترتيب وتشذيب ميزان القوى الهش المتفكك الموجود حالياً على حدود إسرائيل الشمالية، هي محاولة قد تؤدي في هذا الوقت إلى تفويض استقرار إسرائيل الداخلي والأمني والسياسي وإلى تدخل بعض القوى الخارجية. وحالياً تركز إسرائيل على الأزمة في قطاع غزة، وبالتالي فإنها سوف تحاول طوال ما كان ذلك ممكناً تفادي أي تورط في مسارح الصراع الأخرى. وفقط في حالة حدوث الهجوم الكبير الواسع من جهة الشمال بواسطة حزب الله أو سورية، فإن إسرائيل سوف تقوم بالرد والتجاوب العسكري الواسع الشدة.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...