ليبيا: الثوار يعدمون الأسرى بعد تعذيبهم والبريطانيون يقصفون سرت

27-08-2011

ليبيا: الثوار يعدمون الأسرى بعد تعذيبهم والبريطانيون يقصفون سرت

في الوقت الذي خفتت فيه حدة الاشتباكات في العاصمة الليبية طرابلس، بدأت الأنظار تتجه إلى سرت التي تعرضت إلى هجمات ضارية شنتها طائرات بريطانية، أمس، بحجة وجود مركز محصن للزعيم الليبي معمر القذافي في المدينة، بالإضافة إلى قوات كانت على مقربة من المدينة، فيما تعرض الثوار إلى نكسة دبلوماسية، مع رفض الاتحاد الأفريقي الاعتراف بهم كسلطة شرعية.عنصر من الثوار يوجه سلاحه الى رجل اتهم بانه من مرتزقة القذافي في طرابلس امس (رويترز)
وفي حين شهدت طرابلس هدوءا هشا، تخلله إطلاق قوات القذافي صواريخ على المطار ما أدى إلى احتراق طائرتين، واصل الثوار محاولاتهم لتحديد مكان القذافي وأولاده. ويحرص المجلس الوطني الانتقالي على العثور على القذافي لإعلان النصر النهائي بعد ستة أشهر من أعمال العنف.
وقال «وزير العدل» في المجلس الوطني الانتقالي محمد العلاقي إن قوات المعارضة تحاصر منطقة في طرابلس يختبئ فيها القذافي وحاشيته، وإنهم يراقبون تواجدهم قبل محاولة الإمساك
بهم. وقال مقاتلون من المعارضة قبل ايام انهم يعتقدون انهم حاصروا القذافي، لكن اتضح ان هذه التقارير غير دقيقة.
ويفيد مسؤولون أميركيون سابقون وحاليون ان الوكالات الاستخباراتية الاميركية تضطلع بدور حيوي في تعقب القذافي، غير انها تحرص على الإبقاء على هذا الدور بعيدا عن الانظار.
ولا تنقص الولايات المتحدة الامكانات التي يمكن الاستفادة منها في تعقب القذافي، بما في ذلك طائرات الاستطلاع ومعدات التنصت فضلا عن المعلومات التي يدلي بها من انشقوا من أقطاب النظام السابق.
- في هذا الوقت، بدأت بوادر ازمة صحية وإنسانية تظهر في طرابلس. ودعت منظمة العفو الدولية إلى وقف اعمال التعذيب وسوء المعاملة في ليبيا، والتي قالت انها تمارس من قبل الثوار وقوات القذافي.
وأعربت منظمة أطباء بلا حدود عن قلقها إزاء النقص الحاد في اللوازم والمعدات الطبية الاساسية في العديد من المستشفيات والمراكز الصحية في طرابلس والتي تستقبل المزيد من الحالات المصابة بالصدمة. ونقلت 17 مريضا من مستشفى حي بوسليم في طرابلس، حيث توفي نحو 80 مريضا لعدم توفر العناية الصحية في المستشفى الذي سيطر عليه المقاتلون الموالون للقذافي لمدة ستة أيام. وتكومت عشرات الجثث المتحللة داخل المستشفى وخارجه.
ويعتقد الثوار أن القذافي لجأ إلى مدينة سرت، التي تعتبر معقلا لقبيلة القذافي، على بعد 360 كلم إلى الشرق من طرابلس. وكرر «الأطلسي» ما قام به في الأشهر الماضية من شن غارات مكثفة على المدن وقوات القذافي، فاتحا الطريق أمام الثوار للسيطرة عليها. وأعلنت وزارة الدفاع البريطانية أن طائرات بريطانية أغارت على مقر للقذافي في سرت.  جثث متحللة متروكة في مستشفى في أحد أحياء العاصمة الليبية طرابلس
ويقترب المعارضون من سرت من الشرق ومن الغرب ويأملون في ان يتمكنوا من اجبار قوات القذافي على الفرار جنوبا لمواجهة أخيرة حاسمة ربما تكون في مدينة سبها الصحراوية وهي قاعدة اخرى لدعم القذافي حيث يعيش العديد من ابناء قبيلته.
ونفى وزير الدفاع البريطاني ليام فوكس أن يكون «الأطلسي» يستهدف القذافي. وقال، لهيئة الإذاعة البريطانية، «المسألة ليست العثور على القذافي بل التأكد من أن النظام ليست لديه القدرة على مواصلة شن حرب على شعبه». وأضاف «كان الهدف من هجومنا على الموقع المحصن في سرت الليلة الماضية هو التأكد من أنه لا يوجد (مركز) قيادة وسيطرة بديل إذا حاول النظام ترك طرابلس». وقال إن الحلف يقدم معلومات مخابرات لمساعدة المعارضين على معرفة مكان القذافي.
وقالت لندن إن طائرات تورنادو دمرت واحدا من القليل مما تبقى للقذافي من أنظمة الصواريخ ارض ـ جو الطويلة المدى بالقرب من مدينة الوطية قرب الحدود التونسية. وأضافت ان طائرات بريطانية دمرت أيضا مركزا للقيادة والسيطرة كان ما زال في أيدي النظام السابق على الطريق المتجه جنوبا من طرابلس إلى المطار الدولي.
وأعلن «الأطلسي» عن تدمير 29 عربة عسكرية بالقرب من سرت كانت ضمن موكب متجه إلى مصراتة التي يسيطر عليها الثوار، وتقع في منتصف الطريق بين سرت وطرابلس. وقال مسؤول في الحلف إن «سرت كانت على الدوام حصنا للنظام، وما تبقى من فلول النظام يستعملونها الآن لشن هجمات، وهم مستعدون للقيام بأي شيء».
وفي الغرب، تستمر المعارك للسيطرة على الطريق الاستراتيجي إلى تونس. وأعلن الثوار أنهم سيطروا من دون مقاومة تذكر على قرية أبو كماش على بعد 15 كلم من الحدود، ويأملون السيطرة على مركز راس جدير الحدودي. وشنت طائرات أطلسية غارات على مواقع لقوات القذافي قرب الحدود التونسية. ويتقدم المقاتلون كذلك باتجاه الشرق نحو زليتن وزوارة اللتين يسيطر عليهما الثوار، لكنهما تتعرضان لقصف الصواريخ من قوات القذافي التي تحاصرهما.
ومنذ الاربعاء يحشد الثوار قواتهم لدعم زوارة المدينة التي يتحدر سكانها من البربر وتقع على الشاطئ على بعد نحو ثلاثين كيلومترا شرق الحدود مع تونس. وكانت زوارة تحررت قبل ثلاثة ايام الا ان قوات القذافي سرعان ما حاصرتها.
وقال منسق الكتائب العسكرية في منطقة الزنتان العقيد عبدو سالم «طلب ثوار زوارة من الثوار في الزنتان ومناطق اخرى محررة ارسال تعزيزات». وأفاد قائد احدى مجموعات الثوار في صبراتة ان التعزيزات في طريقها الى زوارة. وقال بلال منصور ان «الثوار في الزنتان ورجبان وطرابلس والزاوية سيصلون صباح الغد على اقصى حد للمشاركة في المعركة» على العجيلات.
وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع وجيش التحرير الوطني الليبي العقيد الطيار احمد الباني انه لا توجد اية قوات اجنبية في ليبيا وأن كل ما يقال في هذا المجال «لا اساس له من الصحة».
جبريل وأوغلو
وقال رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الوطني الانتقالي محمود جبريل، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو في اسطنبول، «ينتظر الكثير من الحكومة الجديدة بعد سقوط النظام، والإفراج عن الأرصدة المجمدة أساسي لنجاحها». وأضاف إن «هذه الأموال ضرورية لتعمل الخدمات الصحية بشكل طبيعي، وليتم دفع رواتب الموظفين الذين لم يتلقوا أجورهم منذ أشهر». وأعرب عن أمله في ان تشغل ليبيا مقعدها في الأمم المتحدة الشهر المقبل.
اما داود اوغلو فقد رحب بقرار مجلس الامن الدولي تحريك 1,5 مليار دولار من الودائع الليبية المجمدة لتمويل مساعدة عاجلة لإعادة اعمار البلاد. وقال «يجب ان يعاد الى الشعب الليبي ما يملكه». كما دعا الى اعتراف دولي بالنظام الليبي الجديد وبعلمه في الهيئات العالمية.
وقرر المجلس الانتقالي نقل لجنته التنفيذية من بنغازي إلى طرابلس. وقال نائب رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الانتقالي علي الترهوني «أعلن بدء استئناف عمل اللجنة التنفيذية في طرابلس». وأضاف إن رئيس المجلس مصطفى عبد الجليل سيصل إلى طرابلس عندما يسمح الوضع الأمني بذلك.
وأعلن الترهوني، الذي تولى أيضا وزارة النفط والاقتصاد في الحكومة الانتقالية، أن شخصيات من المعارضة المسلحة ستتولى وظائف رئيسية في الحكومة الانتقالية. وبعدما أشاد «بليبيا الديموقراطية والدستورية» ومن سقطوا من القتلى، دعا القوات الموالية للقذافي لإلقاء السلاح واعدا بمعاملتهم «وفق القانون». وقال «إذا ألقيتم سلاحكم وعدتم الى دياركم فلن نثأر منكم، القانون بيننا وبينكم، وأضمن سلامتكم».
الاتحاد الأفريقي
وعلى العكس من الاعتراف الذي حصل عليه المجلس الانتقالي من عشرات الدول، اعتبر رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما، في اديس ابابا، ان المجلس لا يمثل السلطة «الشرعية» في ليبيا بعد لان المعارك تتواصل في البلاد.
وقال زوما، في ختام اجتماع الاتحاد الافريقي، «ان المجلس الوطني الانتقالي في صدد (السيطرة) على طرابلس ويقولون انهم سيطروا على المدينة، لكن لا تزال هناك معارك». وأضاف «المعارك تتواصل، والناس يقتلون، انها معارك عنيفة جدا، وهذا يشير الى تقلب الوضع في الوقت الراهن». واعتبر ان العواصم الافريقية العشر التي اعترفت بالمجلس الوطني الانتقالي في ليبيا «قامت بذلك كتصرف سيادي، لكن الاتحاد الافريقي موحد حول الموقف الذي جئنا نمثله هنا».
ودعا الاتحاد الافريقي الى تشكيل «حكومة انتقالية (في ليبيا) تضم كل الاطراف وتحظى بالترحيب لشغل مقعد في الاتحاد الافريقي»، من دون ان يشير الى المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا في بيانه في ختام قمة مصغرة في اديس ابابا.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الجزائرية عمار بلاني ان بلاده تواصل التزام «الحياد التام»، رافضة «التدخل بأي صفة كانت في الشؤون الداخلية» لليبيا المجاورة. في المقابل اعترفت كرواتيا وبلغاريا ومقدونيا بالمجلس الانتقالي بوصفه السلطة الشرعية في ليبيا.
وكانت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون تعهدت بتقديم الدعم «لليبيا الجديدة» وحثت الثوار على طي صفحة حكم القذافي وتأسيس دولة ديموقراطية آمنة وتأمين مستودعات الأسلحة وإلى الحزم إزاء «التطرف». وقالت «لقد قام الليبيون بهذه الثورة وهم سيتولون بدء المسيرة الموالية لكنهم يستحقون مساعدتنا. لا يزال يتعين القيام بعمل كبير. ان الايام والاسابيع المقبلة تنذر بأن تكون حاسمة». وأضافت «لا يمكن ان يكون هناك مكان في ليبيا الجديدة للثأر والهجمات الانتقامية».
واعتبر وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني، امس، ان ايطاليا وفرنسا لا تخوضان معركة «من النوع الاستعماري» للاستيلاء على ثروات ليبيا. وقال فراتيني، في مقابلة مع الإذاعة العامة، «ليس هناك سباق لمن يصل أولا إلى ليبيا»، نافيا بذلك تعليقات للصحف الايطالية التي تحدثت عن منافسة بين فرنسا وإيطاليا للحصول على أفضل العقود في ليبيا ما بعد الزعيم معمر القذافي.

تحذيرات دولية من ارتكاب الثوار إعدامات وأعمال تعذيب للمعتقلين
من جهة أخرى دعت منظمة العفو الدولية الى وقف أعمال التعذيب وسوء المعاملة التي ترتكب، بحسب شهادات ميدانية تم جمعها، من جانب الثوار مثلما كانت تفعل القوات الموالية لنظام الزعيم المطارد معمر القذافي.
وأشارت المنظمة في بيان الى شهادات «قوية جدا» جمعليبيون يمرون قرب جثث مرمية في حديقة مستشفى في حي ابو سليم في طرابلس امس (ا ف ب) ها فرعها المحلي في ليبيا، عن ممارسات تعذيب سواء من قبل الثوار أو أنصار القذافي في الزاوية المدينة الساحلية القريبة من العاصمة طرابلس. وأكد مسؤولون عن الثوار للوفد المحلي لمنظمة العفو الدولية انهم لن يكرروا ممارسات انتهاك حقوق الانسان التي مارسها نظام القذافي وذلك خلال لقاء في مدرسة بير الترفاس المستخدمة سجنا لجنود سابقين من قوات القذافي والمرتزقة وأنصار النظام.
غير ان ظروف الاعتقال لدى الثوار بدت سيئة جدا حيث وضع مثلا 125 شخصا في زنزانة واحدة دون ان يكون بإمكانهم التمدد أو التحرك. وقال أحد السجناء انه أصيب بالرصاص في ساقه وضرب بقسوة لدى اعتقاله رغم انه كان أعزلَ وسلم نفسه. وأضاف ان المعتقلين يتعرضون «للضرب والشتم» في السجن. وقال سجناء قدمهم الثوار على أنهم مرتزقة لمنظمة العفو الدولية انهم عمال مهاجرون أفارقة تم توقيفهم في مقار سكنهم أو عملهم بسبب لون بشرتهم.
وحذرت المفوضية العليا للامم المتحدة لحقوق الانسان من عدم اتباع القواعد المنظمة للحروب على خلفية إعلان المجلس الانتقالي للمعارضة الليبية مكافأة لمن يساعد في القبض على القذافي «حيا أو ميتا». وقال المتحدث بلسان المنظمة الدولية روبرت كولفيل «لا بد من احترام حقوق الانسان، التي تنطبق على القذافي كما تنطبق على أي شخص آخر». وقال المتحدث «بالطبع تتعلق القواعد بعمليات الإعدام دون محاكمة والتي تحرمها، سواء في وقت السلم أو الحرب».
وأكد كولفيل ان «الحل الامثل» سيكون اعتقال القذافي حيا ومحاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية حيث يواجه اتهامات بجرائم ضد الانسانية. كما ناشد المتحدث الدولي «كل من في مواقع سلطة في ليبيا، بمن في ذلك الجيش، اتخاذ كل الاجراءات للحيلولة دون وقوع جرائم الثأر والعمليات الانتقامية».

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...