قفص زجاجي لشرطة المرور لا يسمح له برفع الشارةوقبضات أبواب فاخرة

25-03-2010

قفص زجاجي لشرطة المرور لا يسمح له برفع الشارةوقبضات أبواب فاخرة

نشرت مديرية هندسة المرور والنقل في دمشق كبائن جديدة لشرطة المرور على تقاطعات شوارع المدينة. 
 غرفة صغيرة من الألمنيوم تتسع للشرطي، ضيقة في قاعدتها وتتسع مع ارتفاعها، فيها مقعد صغير لشخص واحد لاستراحة الشرطي ومأخذ كهربائي مع إنارة جيدة المستوى في السقف، ونوافذ كبيرة من ثلاث جهات وباب زجاجي جميل للغاية!.
ويظهر التصميم المنفذ الذي وضع في الخدمة أنه لا يتيح لمنظم المرور أداء عمله سواء في حركات يديه وعصا الإنارة إلى الجانب وإلى الأعلى.
إلا أننا حتى هذه اللحظة لم نر أي شرطي يؤدي عمله من داخل هذه الأكشاك سواءً كان واقفاً أم جالساً، لا في ساعات الظهيرة التي أصبحت تأتي بالحرارة بعد ظهر كل يوم، ولا في ساعات البرد الذي نعيشه في ساعات طويلة من الليل أو بداية النهار.
لنرجع بالذاكرة إلى منصات شرطة المرور القديمة ولنستذكر شكلها ومواصفاتها، ألا يبدو أنها ومع تصميمها القديم أكثر ملاءمة لعمل شرطي المرور خلال الأغلبية الساحقة من ساعات عمله؟.
من يطرح هذا السؤال فسيجد جواباً عن كل ما يبحث عنه، ولكن ما يهم هو: هل آراء الناس بمختلف أعمارهم وأصنافهم متشابهة فيما بينها؟، ذلك لأن أي شرطي التقينا به لم يقبل حتى بمصارحتنا برأيه بهذه الكبائن الجديدة.
وبهذا يبدو أن شرطي المرور قد وفق في هندامه الذي تم اختياره له مؤخراً ولكنه ظُلم في هذه الغرف التي لا يبدو أنه سيلجأ إلى تحت سقفها إلا في القليل والنادر من الأحيان.
قال طالب الماجستير أنس: إن الغرفة الجديدة لشرطي المرور غير ملائمة له على الإطلاق منطلقاً في رأيه من المقارنة بين هذه الغرف وبين المنصات القديمة التي كان الشرطي يقف فيها ويمارس عمله في تنظيم المرور وهو في داخلها ودون أي مشاكل أو عقبات.
استغرب أنس من التصميم الجديد الذي لا ينقصه شيء من الجمالية والكماليات بالنسبة لغرفة صغيرة بهذه الحجم إلا أن- بحسب رأيه- الشرطي لا يحتاج إلى أي شيء من هذه الغرفة إلا لسقفها فقط الذي من المؤكد أنه سيلجأ إليه في حالات هطل الأمطار شتاءً أو في ساعات محددة من الصيف عندما يشتد الحر نهاراً.
وتابع أنس حديثه قائلاً: «إذا وقف الشرطي داخل هذه الغرفة فإنه لن يكون قادراً أبداً على ممارسة عمله كشرطي مرور والذي يتطلب منه التلويح بالعصا التي يحملها في جميع الأوقات للإشارة بها إلى السيارات بضرورة التحرك أو التوقف أو لإفساح المجال في الحالات العادية أو لسيارات الإسعاف في حالات الضرورة».
وخلص إلى أنه كان من الضروري أن تتم دراسة مواصفات هذه الكبائن الجديدة بما يتناسب مع مهنة شرطي المرور.
وكان لأبي علي وهو شرطي متقاعد رأي دقيق، ومن باب الخبرة والممارسة لمهنته كشرطي مرور قال: «تميزت المنصات السابقة التي كان يقف الشرطي في داخلها بأنها تطل على أكبر مساحة ممكنة من الطريق وهو أمر ضروري ومهم جداً للشرطي الذي عليه أن يرى حركة السير من جانب مختلف وأوسع مما يراه السائق أو المارة وغيرهم، أما هذه الكبائن الجديدة فلا تحمل هذه المواصفات على الإطلاق».
ومن خلال خبرته أيضاً أكد أن وقوف أو جلوس شرطي المرور داخل الغرفة الجديدة لن تسمح له على الإطلاق- ولو حاول جاهداً- بتنظيم حركة المرور أو معرفة رقم لوحات السيارات التي قد تخالف قواعد المرور، ما قد يساعدها على الفرار وتجنب عقوبة المخالفة بسبب عدم وضوح رقم لوحة العربة بالنسبة للشرطي الموجود في المكان نفسه.
وتطرق إلى مسألة غاية في الأهمية وهي مسألة «الأمان» الذي يوفره الكبين لشرطي المرور مبيناً: إن مستواها المنخفض والقريب من مستوى الشارع الذي تعبره السيارات يعرضه للوقوع ضحية سيارة مسرعة تنحرف عن مسارها لأي سبب من الأسباب. وأكد الشرطي المتقاعد أبو علي ضرورة أن يعاد النظر في وضعية هذه الكبائن الحديثة.
وقدم ثلاثة تلاميذ مدارس رأيهم بهذه الغرف الجديدة وكان لهم ملاحظاتهم المدهشة في هذا الجانب. تلميذ الثانوية أحمد قال: «أخرج صباح كل يوم إلى مدرستي ولا أرى شرطي المرور يقف داخل غرفته ولا حتى بالقرب منها بل يقف بعيداً ليقوم بعمله المعتاد، أعتقد أنها لم تعجبه أو أنها مخصصة لشرطي مرور آخر لم يحن دوامه فيها بعد». أما حسين فقال ضاحكاً: «في البداية ظننت أن هذه الغرف هي كبائن جديدة للهاتف العمومي ولكنت اعتقدت أنها أكشاك بيع لولا أن عبارة شرطة المرور كتبت فوقها. أما طارق فتساءل: «لماذا هذا العدد الكبير من النوافذ التي يمكن فتحها وإغلاقها؟، وكيف سيكون هناك أي عمل لشرطي المرور وهو في داخلها حتى ولو كانت النوافذ جميعها مفتوحة مذكراً أن النوافذ تفتح من جانب واحد ليبقى الجانب الآخر مغلقاً». وقدم التلميذ طارق ملاحظة لافتة تمثلت في تساؤله حول الغاية من هذا البذخ الكبير في قبضة الباب ووصفها كأنها قبضة باب أحد محلات الأزياء الكبيرة أو صالونات التجميل المترفة مع أنها- كما يقول- مخصصة لشخص واحد وهو ليس بحاجة إليها لتكون بهذا الشكل أو الحجم، ولن تكون قبضة عملية وإنما سريعة العطب، وأضاف ممازحاً: «قد يفكر الكثيرون بسرقة قبضتي الباب وتركيبهما في أبواب منازلهم لأن مظهرهما مغر للغاية ومترف».
يبدو من حديث الشارع أن الإنفاق على هذه الغرف الجديدة مرتفع للغاية ومن دون فائدة ولا نعتقد أن أحداً أصابته الغيرة أو الحسد إزاء ما حصل عليه منظم المرور في دمشق بل العكس فالجميع يتمنى لهم الخير وأن يقوموا بواجبهم في أقصى درجات الراحة والهناء نظراً لطبيعة عملهم المجهدة، ولكن- بناءً على آراء الكثيرين- تبدو هذه الغرف مناسبة للكثير من المهن ما عدا مهنة شرطي المرور.
أخيراً يمكن القول: إن صاحب التصميم اهتم برفع عناصر الكلفة دون النظر حقيقة إلى المهمة المطلوبة من المنشأة فما حاجة الكشك لهذه القبضة الفاخرة من الكروم التي لا يحلم مدير ناحية بتركيبها على بابه.
ولماذا هذا السقف المنخفض؟.

حسان هاشم

المصدر: الوطن السورية


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...