صورة الصحافي في الدراما السورية بين التجميل والتزييف

04-11-2007

صورة الصحافي في الدراما السورية بين التجميل والتزييف

تظهر غالبية الشخصيات التي جسدت العمل الصحافي في بعض مسلسلات الموسم الأخير في سورية،عبدالمنعم عمايري بأحد شكلين: الاول يزيف واقع العمل الصحافي في سورية، والثاني يجمله ويضخم صورته فيظهر الصحافي بمظهر كاريكاتوري مضحك.

في مسلسل «وصمة عار» (من تأليف فتح الله عمر وإخراج ناجي طعمة) تسلط القصة الضوء على رئيس تحرير جريدة «عالم شفاف» رأفت (قصي خولي)، وهو يفبرك التصريحات ليكتب سلسلة مقالات عن جريمة قتل حدثت قرب فيلا رجل الاعمال يعرب القحطاني. هنا يثور غضب القحطاني من كتابات الصحافي فيقول له أحد موظفيه: «هذا الصحافي حاقد وموتور، امهلني بعض الوقت لكي أؤدبه، يجب ألا يكون رد فعلنا سريعاً»، كي لا يقول اننا نقمع الكلمة... والصحافي المذكور متزوج ويعشق امرأة أخرى، ويرتدي أفخم اللباس، ويركب سيارة حديثة، ويدفع مبالغ مالية طائلة لمن يزوده بالمعلومات... خلافاً للصورة التي نعرفها عن صحافيي بلادنا.

والطريف في هذا المسلسل أن من يلعب دور الصحافي هو ابن رئيس تحرير سابق هو عميد خولي (تولى رئاسة تحرير «تشرين» ثم «الثورة» الحكوميتين).

نموذج آخر يطل في احدى حلقات مسلسل «سيرة الحب» (كتبته لبنى حداد ويزن أتسي وأخرجه عمار رضوان). ففي احد المشاهد تحاول صحافية ساذجة لا تتقن أصول المهنة أن تجري حواراً مع سيدة أعمال، فتقع على خادمة البيت التي تستحلي اللعبة وتتقمص شخصية سيدتها. ثم ينشر الحوار في احدى المجلات، ويلفت انتباه كثيرين. وسرعان ما تبدأ الخادمة (كاريس بشار) الجميلة بتلقي الاطراءات أينما ذهبت، الى أن يصل الامر الى تلقيها عرضاً بالزواج من أحد الاثرياء... كل هذا بفضل حوار قامت به صحافية ساذجة تضع آلة التسجيل في فم محدثتها في شكل أقرب الى انعدام الذوق...

أما الشاعر وائل السالم (عبدالمنعم عمايري) بطل مسلسل «ظل امرأة» فنراه صحافياً أقرب الى النجوم، تتهافت الجماهير عليه بينما يعاملهم بشيء من الكبرياء.

وفي مسلسل رسائل «الحب والحرب» يعمل جلال الشخصية المحورية في هذا العمل (قصي خولي) مراسلاً حربياً مع الفدائيين ثم يسافر الى لندن ليتابع دراسته ويصبح كاتباً مشهوراً...

وحدهم صناع مسلسل «زمن الخوف» (كتبه خالد خليفة وأخرجته ايناس حقي)، حاولوا الاقتراب من واقع العمل الصحافي الى حد ما من خلال شخصية جلال الشاب الذي اشترك في مقاومة الغزو الاسرائيلي للبنان عام (1982)، ثم عمل كاتب مقالات سياسية في الصحف اللبنانية...

هذه بعض النماذج الدرامية عن كيفية معالجة واقع الصحافة السورية في الدراما، والتي لا تمت الى الواقع بصلة، وكأن كتاب الدراما ومخرجيها غير مطلعين إطلاقاً على تفاصيل حياة الصحافيين المهنية والحياتية. وهنا نسأل كتاب الدراما، كم صحافياً سورياً يسكن في أحياء راقية وبيوت نظامية؟ كم صحافياً سورياً يمتلك سيارة حديثة؟ وهل يعرفون كم يبلغ متوسط دخل الصحافي في بلادنا؟ وكم دعوى قضائية مرفوعة على الصحافيين بتهمة القذف والتشهير؟ وكم تهديداً يتلقاه الصحافي؟ وهل يعرف صناع الدراما السورية كيف يتعامل المسؤول السوري مع الصحافي السوري؟ ثم هل يحترم صناع الدراما أنفسهم الصحافيين؟

قبل سنوات عدة أثناء عرض مسرحية الرحابنة «المتنبي»، عبرت للفنان جمال سليمان عن استغرابي من أن يكون سعر بطاقة الدخول الى العرض ثلث راتب الصحافي، أما رده فكان: ليس العيب بسعر البطاقة بل العيب في دخل الصحافي!

أحمد الخليل

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...