صواريخ على الضاحية: من يرغب بمد نيران الحرب إلى بيروت

27-05-2013

صواريخ على الضاحية: من يرغب بمد نيران الحرب إلى بيروت

مَن المجنون الذي رمى الصواريخ على الضاحية؟ سؤال لم يكن لدى المعنيين بالتحقيق، حتى مساء أمس، جواب واضح عنه. الصواريخ التي رُميت، عددها ثلاثة. واحد منها لم ينفجر، سقطت بكيفية بدت معها كأن يد القدر شاءت ألا يكون هناك مجزرة. كان يمكن لسهيل حجازي، الرجل الستيني، أن يُقتل مع أفراد عائلته الأربعة، نتيجةًَ لانفجار صاروخ أصاب منزله الكائن في شارع مارون مسك ـــ الشياح. لا يفصل بين الغرفة التي انفجر فيها الصاروخ، وهو من عيار 107 ملم بحسب ما أوردت الوكالة الوطنية للإعلام، سوى جدار عن غرفة النوم. هذه الصواريخ تحمل رأساً متفجراً بوزن 2 كيلوغرام. كمية تكفي لأن تدمّر غرفة من الداخل، ولكي تخلق صوتاً يفوق قدرة السمع على تحمّله. كأنها المعجزة، إذ لم يصب أحد من العائلة بجروح. قبل ثوان قليلة على انفجار الصاروخ، كان صاروخ آخر ينفجر على بعد مئات الأمتار من الثاني، إذ سقط في معرض للسيارات قبالة كنيسة مار مخايل. إنه الصاروخ الأول، الذي سقط قرابة الساعة السادسة والنصف صباحاً، أدّى إلى إصابة 4 سوريين. هم محمود الحسن، عبد الله الحسن، حسن الحسن وخليل العلي. نقلوا إلى المستشفى وهم مصابون بجروح طفيفة. مكان الانفجار على بعد أمتار من محطة وقود. معرض السيارات يعود للمواطن هيثم يوسف، الذي استفاق على خسارة قدّرها بـ 100 ألف دولار، نتيجة تضرر 17 سيارة. لاحقاً، ترددت معلومات أمنية عن صاروخ ثالث سقط في أحد الأودية جنوب شرق بيروت.
من أين أطلقت هذه الصواريخ؟ ساعات بعد سقوطها كان هذا السؤال الشغل الشاغل لكل المتابعين، إلى أن أصدر الجيش اللبناني بيانه، الذين أعلن فيه أنه عثر «في الأحراج الواقعة في خراج بلدة عيتات على منصتي إطلاق الصاروخين». إذاً، المكان هو خراج البلدة الواقعة في جبل لبنان، بمحاذاة سوق الغرب وبسابا وعين عنوب وكيفون. من اللحظة التي حُددت فيها نوعية الصواريخ، بواسطة الخبراء، كان بالمقدور تحديد الإطار الجغرافي الذي أطلقت منه. فهذه الصواريخ لا يتجاوز مداها الـ 8500 متر، والمسافة الفاصلة بين عيتات والشياح هي 8000 متر تقريباً.
من أطلق تلك الصواريخ؟ ها هو أمين سر ما يسمى الجيش السوري الحر، عمار الواوي، يعلن أن «سقوط الصواريخ على الضاحية هو إنذار، وسيكون هناك تداعيات كبيرة لتدخل حزب الله في سوريا». وأضاف الواوي، مهدداً، إنه «سيكون هناك تداعيات على بيروت وطرابلس والمطار». لاحقاً، وفي تصريح إذاعي له، نفى مسؤول إدارة الإعلام المركزي في القيادة المشتركة لما يُسمى الجيش السوري الحر، فهد المصري، أي علاقه لـ«الحر» بصواريخ الضاحية. ووصف تصريحات الواوي بـ«غير المسؤولة، وسوف أتصل به وأوبخه على كلامه، وأطالبه بسحب تصريحه». من نصدّق هنا المصري أم الواوي؟ هذا التضارب بدا عادياً لمن يعلم بأن هذا التشكيل العسكري أصبح «جيوشاً» متفرقة، وأحياناً كثيرة متناحرة في ما بينها.
بعد شيوع خبر الصواريخ، راحت التحليلات وأحاديث الناس «تتحزّر» عن الجهة الفاعلة. مسؤول قضائي رفيع أكّد لـ«الأخبار» أن «لا شبهة حول أحد بعد، ونحن بانتظار انتهاء التحقيقات، علماً بأن لدينا شكوكاً حول تعمد إطلاق الصواريخ من عيتات للإيحاء إلى دور داخلي، مع استبعاد هذه الفرضية». إلى ذلك، اتصل رئيس الحكومة السابق سعد الحريري برئيس مجلس النواب نبيه بري، مديناً الحادث، واصفاً العمل بـ«الإرهابي والإجرامي كائناً من قام به وخطط له، وخاصة أنه استهدف منطقة آهلة بالسكان الآمنين». وأضاف الحريري: «علينا أن نتنادى لتحذير القائمين على إشعال الفتنة، ووقف مسلسل إضعاف الدولة والتباهي بالحلول مكانها».
وإلى ردود فعل أهالي الضاحية، وتحديداً الذين تتضرروا من الصواريخ، فاجأ صاحب المنزل في الشياح سهيل حجازي الصحافيين الأجانب الذين قصدوه بموقفه. صحافية سويدية، تعمل لوكالة إعلام أجنبية، بدت مدهوشة لقول الرجل لها: «هذا منزلي قد دمرت إحدى غرفه، ولكن لا أسف، فداء للسيد حسن نصر الله... أنا وعائلتي نفديه بالمال والولد». وأضاف حجازي من بين الحطام: «على اللبنانيين أن يشكروا السيد حسن، كلنا نعلم ومن زمن بعيد أن أتباع تنظيم القاعدة والتكفيريين كانوا سيأتون إلى لبنان، ولكن ما فعله حزب الله هو أنه سبقهم وذهب إليهم، هذه قناعتنا قبل خطاب السيد». طلبت منه الصحافية أن يقف قرب الباب لتأخذ صورة له، فقبل، ثم رفع يده بإشارة النصر. تمنت عليه الصحافية السويدية أن يُنزل يده، فرفض، قائلاً: «إما أن تأخذي صورة لي مع إشارة النصر بيدي، وإما لا أعطيك صورة، نحن هنا كلنا مقاومة، ومع الجيش اللبناني المظلوم هذه الأيام. نريد من السيد أن يتابع ما بدأ به ولا يهتم، فلا حدود لثقتنا به». التفت إلى أحد عسكريي الشرطة العسكرية، الواقف عند باب المنزل، قائلاً له: «فضلكم على رؤوسنا أنتم، ونحن مع الجيش وأنتم تمثلوننا كما المقاومة تماماً».

محمد نزال

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...