سيناريو قوى 14 آذار لاستنساخ رئيس لبناني فاشل على نمط السنيورة

05-09-2007

سيناريو قوى 14 آذار لاستنساخ رئيس لبناني فاشل على نمط السنيورة

الجمل:     أكدت الدراسات والبحوث المعاصرة في مجال العلوم السياسية وجود ما يعرف بظاهرة (الدولة الفاشلة)، وتأسيساً على ذلك، فقد أكدت هذه البحوث والدراسات أيضاً، أن الدولة الفاشلة ترتبط بالضرورة بوجود (حكومة فاشلة) يسيطر عليها (وزراء فاشلون) و(رئيس جمهورية فاشل)، وبإسقاط ذلك على الحالة اللبنانية، نلاحظ كيف استطاعت قوى 4 آذار، أن تقيم مجلس وزراء فاشل، ورئيس وزراء فاشل، وهو أمر أكده الأداء السلوكي لهذه الحكومة منذ تعيينها في 19 تموز 2005م.
• أبرز مؤشرات الحكومة الفاشلة:
ليس من قبيل التحيز أو المعاداة المغالية، إن استخدمنا مصطلح (فاشل)، وذلك لأنه أصبح من أبرز مصطلحات التحليل التي تستخدمها كل مراكز البحوث السياسية، وكليات العلوم السياسية الجامعية، وبالذات في معايرة وتقييم أداء مؤسسات الدولة والسلطات التنفيذية، التشريعية، والقضائية، والتعرف على مدى قدرتها وفاعليتها في تسيير دولاب الدولة، وليتقبل منّا الجميع إن أسقطنا هذا المصطلح على الحالة اللبنانية.
تشير معطيات العلوم السياسية المتعلقة بالدولة الفاشلة إلى المزايا الآتية باعتبارها تمثل المواصفات المعيارية للدولة الفاشلة وبروزها في النظام الدولي والإقليمي المعاصر كظاهرة جيو- سياسية:
أ- الأزمة الاقتصادية المستفحلة بسبب المديونيات والفساد وتدهور الإنتاج والخدمات وغير ذلك ، وتأسيساً على ذلك يعرف الجميع مدى عمق الأزمة الاقتصادية الجارية حالياً في لبنان، ومدى تأثير الفساد المالي والإداري السلبي على كفاءة الأجهزة والمؤسسات، وتصاعد العجز والانكشاف المالي للميزانية العامة، بشكل وصلت فيه المديونية بحسب أحدث الإحصاءات إلى 48 مليار دولار، وهو مبلغ لا يمكن تصوره بالنسبة لبلد مثل لبنان، وبإحصاءات بسيطة يمكن أن نصل إلى الحقائق الآتية حول هذا الرقم:
- إذا وزعنا هذا الرقم على عدد سكان لبنان الموجودين حالياً داخل لبنان، والبالغ عددهم 3 ملايين نسمة، فإن كل مواطن لبناني صغير أو كبير يقع على عاتقه، أو بالأحرى مديناً بمبلغ 16 ألف دولار بما في ذلك الأطفال الرضع الذين لم يتجاوز عمرهم الثلاثة أشهر.
- إذا وزعنا هذا المبلغ على مساحة لبنان البالغة حوالي 10 آلاف كيلومتر، فإن نصيب الكيلومتر الواحد هو 4،8 مليون دولار.. وبكلمات أخرى فإن كل كيلومتر من مساحة لبنان يقع عليه عبء الإنتاج وتحقيق الفوائض والفوائد بما يكفي لتغطية 4،8 مليون دولار.
- إذا قام أصدقاء لبنان المشاركين في مؤتمر باريس للمانحين الأول والثاني والثالث، وهلم جرا.. بدفع كل المبالغ التي التزموا بها دفعة واحدة، فإن كل ذلك سوف لن يغطي ثلث الدين العام.
وعلى خلفية هذا الرقم، على الوطنيين اللبنانيين أن يتساءلوا: كيف تم إنفاق هذا الرقم؟ ومن قام بإنفاقه؟ ومن هم الذين قاموا بإنفاقه؟.. وغير ذلك، من الأسئلة المشروعة طالما أن الشعب اللبناني وليس قوى 14 آذار هو الذي سيقوم بتحمل عبء دفع هذا المبلغ..
ب- الأزمة الاجتماعية المستفحلة بسبب تزايد معدلات الهجرة، وعدم التكامل الوطني الاندماجي بين القطاعات والفئات الاجتماعية اللبنانية، وذلك بسبب عدم اهتمام النخب التي حكمت لبنان بعملية التخطيط الاجتماعي، وغياب التربية الوطنية، الامر الذي أدى إلى جعل مشاعر الانتماء الطائفي تتغلب على مشاعر الانتماء الوطني، ومن أبرز الأمثلة والشواهد الدالة على ذلك الخلافات والعداوات التي ظلت تنشأ في لبنان حول مسألة الأرض، والتي تنتج من قيام فرد من الطائفة (أ) بشراء قطعة أرض من منطقة الطائفة (ب).
أما الهجرة فقد عمقت الأزمة الاجتماعية، وأدت إلى إضعاف قوى العمل والمهارات، إضافة إلى أنها أدت إلى تكوين جيل من الشباب لا هم له سوى الحصول على الفيزا والسفر إلى الخارج طلباً للعمل في الغرب بأي ثمن حتى ولو كان ثمن ذلك ترك مقاعد الدراسة الجامعية والقيام بجلي الأطباق في المطاعم الغربية.
وبكل أسف تنظر النخب السياسية الحاكمة في لبنان إلى هجرة هؤلاء الشباب باعتبارها مصدراً للدخل الوطني، وتعزيز قدرة هذه النخب في (إنفاق) الأموال الأجنبية المتراكمة في البنوك اللبنانية من جراء تحويلات المهاجرين اللبنانيين، والذين طال الأمد بهم في الاغتراب على النحو الذي  أدى إلى انسلاخهم من البيئة الاجتماعية اللبنانية واندماجهم ضمن البيئات المجتمعية الجديدة، والمغالاة في هذه الانتماءات الجديدة، حتى لو كان الضحية هو لبنان نفسه، وثمة مثال بارز لذلك تجده في المهاجر اللبناني- الأمريكي الجنسية زياد عبد النور، الذي أصبح يقدم طاقاته لجماعة المحافظين الجدد ويهود أمريكا الداعمين لإسرائيل، إضافة إلى قيامه بإنشاء الجمعية الأمريكية لتحرير لبنان والتي يشرف عليها اللوبي الإسرائيلي.
وعلى الصعيد الداخلي، بسبب تمادي النخب السياسية اللبنانية الحاكمة في تجاهل الالتزام بالتوازن في توزيع الموارد والقدرات الوطنية، فقد بدأت تبرز في لبنان حالياً (ظاهرة التهميش) الاقتصادي، والتي بدأت تؤدي إلى ظاهرة التهميش الاجتماعي، ومن أبرز الأمثلة على ذلك إحساس المهمشين اللبنانيين بالنفي وانتفاء صفة المواطنة اللبنانية عنهم، وقد أدى ذلك بالضرورة إلى تفشي واستشراء ظاهرة عدم الاهتمام بالشأن الوطني، والتركيز على متابعة (الموضة) أو التطرف الديني والانتماء للجماعات الأصولية المتشددة، وبرغم تصريحات حكومة السنيورة وزعماء قوى 14 آذار حول لا لبنانية جماعة فتح الإسلام وبأنهم من العناصر الدخيلة التي أرسلها من يحاول استهداف استقرار لبنان، فقد تبين أن عدداً كبيراً من أعضاء جماعة فتح الإسلام هم من اللبنانيين الذين تركوا الأهل والعشيرة والطائفة، واختاروا الانخراط في الأنشطة الأصولية المتشددة.
ج- الأزمة السياسية المستفحلة بسبب اعتماد معطيات (نظرية المؤامرة) كأساس وبرنامج للعمل السياسي، وحالياً يمكن القول بأن (العملية السياسية) اللبنانية الجارية في لبنان، والتي تقودها قوى 14 آذار ومن ورائها حكومة السنيورة، هي عملية بدأت بـ(مؤامرة مؤتمر باريس الأول للمانحين)، وتلتها (مؤامرة) اغتيال رفيق الحريري.. وتلتها سلسلة من المؤامرات، على النحو الذي قبل أن يستفيق الرأي العام اللبناني، فإنه يجر نفسه ضمن قبضة وسطوة تأثير مؤامرة جديدة.. والآن بعد أن انتهى سيناريو (مؤامرة مخيم نهر البارد)، فقد بدأت مؤامرة جديدة تلوح في الأفق، وعلى ما يبدو فإن معطيات هذه المؤامرة الجديدة سوف تتشكل على أساس اعتبارات سيناريو اختيار رئيس الجمهورية الجديد.
• قوى 14 آذار والتخطيط من أجل اختيار (رئيس الجمهورية اللبنانية الفاشل):
انتهت فترة ولاية الرئيس اللبناني اميل لحود والذي عانى كثيراً وبذلك المستحيل من أجل كبح وردع قوى 14 آذار وحكومة السنيورة من مغبة المضي في تعميق أزمات لبنان، وتحويله –إن لم يكن قد تحول- إلى دولة تتمتع بكل المواصفات النموذجية لـ(الدولة الفاشلة).
- في مجال السياسة الداخلية: سعى الرئيس اميل لحود إلى بسط الأمن وبناء القدرات الدفاعية ولولا جهوده وجهود الجيش السوري لما رأى الجيش اللبناني الحالي النور، ولما استطاع زعماء قوى 14 آذار ومن ورائهم السنيورة التشدق والعمل من أجل تجيير إنجازات هذا الجيش لصالحهم. وأيضاً في مجال الأمن الداخلي لعب الرئيس اميل لحود دوراً كبيراً في الحصول على دعم سورية في بناء قوى الأمن الداخلي اللبناني التي فككتها الحرب الأهلية اللبنانية.
- في مجال السياسة الخارجية: استطاع الرئيس اميل لحود أن يدرأ شبح العزلة الإقليمية عن لبنان، وذلك بسبب التزامه بالثوابت العربية وتعزيز دور لبنان العربي، وقد ظل الرئيس اميل لحود يقف حجر عثرة وعقبة كأداء أمام محاولات قوى 14 آذار ومن ورائها حكومة السنيورة، تمرير مخططات جماعة المحافظين الجدد الهادفة إلى سلخ لبنان عن سورية وعن بيئته العربية، وتحويله إلى لقمة سائغة في الفم الإسرائيلي المتعطش لضم أراضي لبنان.
قاوم الرئيس أميل لحود محاولات إدماج السياسية الخارجية اللبنانية ضمن أجندة السياسة الخارجية الإسرائيلية والأمريكية المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط.
الآن على خلفية سباق وصراع الرئاسة اللبناني، بدأت قوى 14 آذار ومن ورائها حكومة السنيورة العمل على قدم وساق من أجل تعيين رئيس جمهورية لبناني، يعمل (تماماً مثله مثل فؤاد السنيورة) ضمن ماكينة قوى 14 آذار، وذلك على النحو الذي يؤدي إلى قيام (شبكة) متكاملة السيطرة على الدولة  اللبنانية.. وقد انخرطت قوى 14 آذار في مخطط السيطرة هذا على النحو الآتي:
- توظيف (مؤامرة مؤتمر باريس للمانحين الأول) من أجل تفكيك التحالف الحاكم.
- توظيف (مؤامرة اغتيال رفيق الحريري) من أجل تسويف العداء لسورية، وإخراج قواتها من لبنان والفوز في الانتخابات البرلمانية.
- توظيف (مؤامرة القرارات الدولية) من أجل فتح لبنان للتدخل الدولي.
- توظيف (مؤامرة نزع السلاح) من أجل القضاء على المقاومة الوطنية اللبنانية، وجعل الشعب اللبناني أعزلاً في مواجهة طوابير ألوية الدبابات والمدرعات الإسرائيلية.
- توظيف (مؤامرة النفوذ السوري والإيراني) من أجل عزل لبنان عن بيئته الإقليمية ودفعه باتجاه التعامل مع إسرائيل والتبعية لأمريكا.
أحدث المعطيات في مؤامرة سيناريو تعيين رئيس جمهورية فاشل (والتي جاءت على لسان قوى 14 آذار) هي معطيات تحمل الملامح الآتية:
- التهديد بانتخاب رئيس جمهورية لبناني بأغلبية 50% زائد واحد.
- التهديد بعرقلة أي وفاق لبناني حقيقي بين القوى السياسية اللبنانية.
- المشاورات السرية –والتي أصبحت علنية- مع السفير الأمريكي فيلتمان حول مبدأ القيام باختيار رئيس جمهورية لبناني يلبي المواصفات الأمريكية- الإسرائيلية.
- المشاورات السرية –والتي أصبحت علنية- مع اليهودي الامريكي ديفيد وولش مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط حول عملية اختيار الرئيس، وتوفير الدعم اللازم لإنجاح المخطط.
- إطلاق حملة إعلامية داخلية مدعومة من الخارج بواسطة الإعلام الأمريكي والغربي، ضد الرئيس اميل لحود، والمعارضة اللبنانية والمقاومة الوطنية اللبنانية، والترويج بأن سورية تتدخل عن طريق حلفائها في عملية اختيار الرئيس اللبناني الجديد.
وعموماً، سوف تظل معركة اختيار الرئيس اللبناني سجالاً بين طرف وطني لبناني.. وطرف آخر يريد المضي قدماً بلبنان في مسيرة المشروع الإسرائيلي..
- الطرف الوطني يسنده الرأي العام اللبناني، والمقاومة اللبنانية، ورئيس الجمهورية الحالي اميل لحود ورئيس مجلس النواب الحالي نبيه بري.
- الطرف الراغب في مسيرة التبعية، يسنده المال السياسي الأمريكي، والتخطيط الإسرائيلي، ودعم عناصر ومؤسسات اللوبي الإسرائيلي، إضافة إلى أعضاء مجلس النواب اللبناني الذين حملتهم الخلسة وغفلة الزمن وتداعيات نظرية المؤامرة إلى مقاعد مجلس النواب اللبناني، وأيضاً مجلس وزراء فؤاد السنيورة.
لن يتعب الشارع اللبناني كثيراً في معرفة الحقيقة، وإدراك أي نوع من (الرؤساء) تريد قوى 14 آذار اختياره وإجلاسه على رأس لبنان الكبير بأبنائه وشعبه ومقاومته الوطنية، ونشير أيضاً إلى محاولة قوى 14 آذار إفشال التوافق حول اختيار حتى هذا النوع من الرؤساء.. بحيث تنشأ حالة (فراغ دستوري رئاسي)، على النحو الذي يؤدي إلى وضع مهام منصب رئيس الجمهورية في أيدي رئيس الوزراء الحالي فؤاد السنيورة.. ولن نكون بعيدين عن الصواب إن قلنا بأنه استناداً إلى العلاقة بين حجم (الطاقية) و(رأس) من يلبسها، ولما كانت (طاقية) رئاسة الجمهورية اللبنانية تتطلب رأساً بحجم لبنان والشعب اللبناني، فإن هذه الطاقية سوف تظل (كبيرة) على رأس فؤاد السنيورة (الصغير) الذي لا يفهم شيئاً سوى تنفيذ تعليمات سمير جعجع، وسعد الحريري، ووليد جنبلاط.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...