سوق العمل في سورية تحكمها «العلاقات» لا الشهادة

28-07-2008

سوق العمل في سورية تحكمها «العلاقات» لا الشهادة

التحدي والمنافسة وإثبات قدرة الطالب على تحمل مسؤولية انجاز عمل من اختصاصه العلمي، هو ما يعنيه مشروع التخرج بالنسبة الى الطلاب الذين يبحثون عن «التميز»، أما من يركض وراء علامة النجاح فقط فمشـروع التـخرج بالنسبة إليه «همّ» يترقب بفارغ الصبر لحظة انتهائه.

تتنوع مشاريع الطلاب باختلاف كلياتهم، بحيث يصل عدد هذه المشاريع إلى المئات في كل عام. وعلى رغم أن الجدة والابتكار صفتان لا بد من أن يتحلى بهما العمل ليستأهل إطلاق لقب مشروع تخرج عليه، غير أن ذلك عائد إلى صاحب العمل نفسه، فمن الملاحظ أن الطلاب لا يتعاملون مع مشاريع التخرج بالمستوى ذاته من الجدية، فبينما يكون بعضهم قادراً على تبني مشروعه إلى درجة اعتباره «مشروع العمر» فيبذل فيه أقصى جهده، يتنحى آخرون ليتعاملوا مع مشروع التخرج على أنه مادة «ينبـغي ألا تأخذ من الوقت والجهد أكثر مما يخصص لأي مقرر دراسي آخر».

- يكشف مشروع التخرج عن الفروق الفردية والتفاوت في الموهبة بين الطلاب، هذا ما يؤكده د. عبدالناصر ونوس (أستاذ في كلية الفنون الجميلة وعضو لجنة تحكيم مشاريع التخرج). يقول ونوس: «من الطبيعي أن يلاحظ الأستاذ المشرف المشروع الذي يتميز بقيمة إبداعية منذ اختيار الفكرة».

وينصح ونوس الطلاب باختيار أفكار تـكون ذات قيمة تطبـيـقيـة ترتبط بالحاجات الفعلية للمجتمع، وفي المقابل يدعو الجهات الحكومية والخاصة الى تحمل مسؤوليتها في تبني الجهود الشابة، ويــأسف لأن «أصــحـاب رؤوس الأمــوال في بـلدنا ليـسوا مستعـدين لتـبـني إلا أنفسهم لأنهم أناس أميون ثقافياً» على حد تعبيره.

- يتفق الطلاب على أن ضيق الوقت يمثل الصعوبة الأكبر في انجاز مشروع التخرج، لذا يلجأ بعضهم إلى تأجيله فصلاً دراسياً «للتفرغ له»، يقول علاء رستم: «استغرق عملي في مشروع التخرج حوالى شهرين ونصف شهر، هذا بالنسبة إلى المرحلة الفعلية من العمل، أما الفكرة فولدت لدي منذ السنة الأولى في الجامعة».

وكان مشروع علاء للتخرج فيلماً قصيراً مدته دقيقتان يعتبره الأول من نوعه في قسم الإعلام في جامعة دمشق «ليس لأنه يتحدث عن فكرة الرقابة في الإعلام السوري فقط، ولكن لأنه جاء على شكل فيلم كرتون متحرك animation»، حاول فيه الشاب أن يوظف موهبته في رسم الكاريكاتير في عمل يأمل أن يجد جهة إعلامية تتبناه ليتحول الفيلم – مشروع التخرج - إلى نموذج لحلقة في برنامج تلفزيوني يطرح الحدث الأسبوعي من خلال شخصيات كرتونية تتحدث عن هموم الناس.

قدرة الطالب في الدفاع عن فكرته لا تظهر فقط خلال عرض مشروع التخرج أو مناقشته أمام لجنة التحكيم، وإنما منذ لحظة اختيار موضوع العمل، غير أن مشاريع تخرج كثيرة تتدخل فيها رؤية الأستاذ المشرف، وعن ذلك يقول شيروان حاجي وهو طالب في قسم التمثيل المسرحي، كان قد شارك مع زملائه في عرض مسرحية بعنوان «ليالي الحصاد» أثارت نقد الصحافة المحلية في أكثر من ناحية، «لو أتيحت لي الفرصة لاخترت نصاً مسرحياً آخر».

ويضيف: «إحدى مشاكل طلاب التمثيل أنهم لا يختـارون النص أو المشرف على العمل الذي سيكون مشروع تخرجهم، فالأمر تابع للإدارة، ونحن طلاب علينا أن نخضع للقوانين، لكن عندما يأتي موعد التحكيم ويكون هـؤلاء الطلاب على خشبة المسرح أمام الجمهور يوجه لهم النقد وكأنهم محترفون».

ويعتقد كل من علاء وشيروان أن مشروع التخرج ربما يكون عاملاً مساعداً في الحصول على فرصة عمل، إلا أنهم يؤكدون في الوقت ذاته أن العلاقات الاجتماعية أو «الواسطة» تلعب دوراً أكبر في الحصول على فرصة وفقاً لمنطق سوق العمل في سورية الذي لم تحكمه حتى الآن قاعدة اختيار الموظف على أساس سيرته الذاتية، والتي تنقسم بين الخبرة العملية والمعارف الأكاديمية ومن بينها مشروع التخرج.

لينا الجودي

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...