حاتم علي: ثلاثون سنة غيرت المتفرج

17-12-2008

حاتم علي: ثلاثون سنة غيرت المتفرج

أنهى المخرج السوري حاتم علي أخيراً تصوير فيلم »سيلينا«، المعادل السينمائي للمغناة المسرحية »هالة والملك« التي قدمها الرحابنة في العام ١٩٦٧ بسيناريو وحوار الأخوين رحباني، وتمثيل وغناء فيروز، نصري شمس الدين، إيلي شويري، هدى، محمد مرعي، جوزيف ناصيف، وليم حسواني وملحم بركات. الفيلم الجديد سيعرض في افتتاح صالة سينما دمشق، بعد سنوات من إغلاقها لتحويلها إلى مجمع سينمائي ضخم مكون من صالتي عرض تتسع كل منها لمئة وخمسين متفرجاً. انطوان كرباج
»السفير« زارت موقع التصوير وتحدثت إلى المخرج حاتم علي حول ظروف الإنتاج الجديد للعمل، فقال: »هذا حلم قديم لنادر أتاسي (منتج الفيلم، ومنتج أفلام الرحابنة السابقة). بعد أن عرضت المسرحية في السبعينيات جاءت الحرب ولم تسمح الظروف أن يجري تصويرها فيلماً، ثم جاء طلاق فيروز وعاصي وتعثّر إنتاج الفيلم. لكن رغم ذلك ظل المنتج يحلم بإنجاز الفيلم الرابع من سلسلة أفلام الرحابنة، وكان لديه أمل بعودة المياه إلى مجاريها بين فيروز وعاصي. كانت دائماً العثرة بالكتابة، كل محاولات تحويل المغناة المسرحية إلى فيلم لم تنجح، فقرر منصور الرحباني، مع ابنه غدي، كتابة العمل بنفسه للسينما. الفيلم يعتمد مغناة »هالة والملك« ولكنه يفترق عنها في كثير من النقاط، فهو ليس مجرد تصوير للمسرحية، بل إعادة صياغة طالت معظم العناصر الفنية، بدءاً بإعادة توزيع الموسيقى، لتصبح أكثر درامية، كما تم إعادة التسجيل بأصوات الممثلين الجدد. ما جذبني في السيناريو أنه تجربة فريدة تنتمي إلى نوع نادر في السينما العربية، هو الفيلم الاستعراضي الغنائي. اسم منصور ومن قبله عاصي أمر مغر أيضاً، رغم إدراكي أن هذا النوع يتطلب إمكانات إنتاجية كبيرة قد لا تكون متوفرة بين يدي أي مخرج لتنفيذ هذا الحلم، ومع ذلك آثرت التجريب«.
تدور أحداث العمل في ساحة مدينة سيلينا التي تحتفل بعيد سنوي تسميه عيد الوجه الثاني، حيث يرتدي عموم الناس في ذلك اليوم مختلف الأقنعة. لكن الملك هذه المرة يلغي الاحتفال بسبب نبوءة تقول بأن فتاة ترتدي قناعاً سوف تأتي إلى المدينة في هذا اليوم، وستصبح زوجة للملك. وتشاء الصدف أن تأتي هالة وأبوها إلى المدينة ذلك اليوم، حيث الأب بائع زينة، وينتهز الاحتفال لبيع أكبر عدد منها، لكنه يصاب بخيبة أمل، فيترك هالة تبيع وحدها ويذهب إلى حانة. حين يراها أهل المدينة يتعرفون فيها على أميرتهم الموعودة، فيما تحاول هي أن تشرح لهم الحقيقة، ولكن بلا جدوى، ترضخ في نهاية الأمر وتذهب معهم إلى قصر الملك.
تغير الزمن
وبين المغناة والفيلم لا بد ستحضر المقارنة بين ما قدمه الرحابنة وما يقدمه مشتغلو الفيلم، فأين يلتقي الفيلم مع الرحابنة وأين يفترق، يقول علي: »دائماً كان لدينا طموحات أكبر مما نستطيع إنجازه، وهذا الأمر ليس ملك يدي المخرج وحسب، فللأمر علاقة بسقف الإنتاج، وهو منخفض عربياً عموماً، وله علاقة أيضاً بمستوى الممثلين وباقي العناصر من اكسسوارات وديكور، وتقنيات التصوير والغرافيك. الفيلم يستند إلى العالم الرحباني لكنه يحمل بصمة صنّاعه أيضاً، وأعتقد أن المتفرج نفسه قد تغير مزاجه وله متطلبات مختلفة وأصبح له إيقاع وذوق مختلفان. ما كان مقبولاً قبل ثلاثين عاماً قد لا يكون مقبولاً اليوم، وما فعلتُه هو المحافظة على روح الرحابنة، ولكن دون أن أنسى موقفي الشخصي ومزاجي وذوقي الفني الذي يعبر عن ذائقة جيل«.
وإذا كانت الدراما العربية، مسرحاً وسينما وتلفزيون، تعاني فقراً في الأعمال الغنائية الاستعراضية فإن كثيرين يحيلون ذلك أولاً إلى طبيعة الموسيقى العربية، يقول علي: »هذه واحدة من المصاعب الكبيرة، ولا أجزم أنني استطعت أن أجد لها حلاً. الموسيقى العربية بطبيعتها تعتمد على الجملة الواحدة، ليس فيها توزيع متعدد، وفيها كثير من التكرار. هذا يناقض الدراما. حاولنا بإعادة التوزيع وإعادة معالجة الموسيقى، أن نتجاوز الإعادات والفواصل والتكرار بالجمل. كما حاولنا أن نعطي بعداً درامياً للموسيقى من خلال التوزيع وتعدد الأصوات، وكلها محاولات لنقل الموسيقى والأغاني من جو التطريب إلى مناخ فيه صراع وفعل درامي. لا نعرف لأي مدى نجحنا في ذلك«.
ولأن حاتم علي معروف كمخرج تلفزيوني كان لا بد أن نسأله إن كانت عدّة التلفزيون كافية لإخراج فيلم سينمائي: »لا أفهم ماذا تعني عدة التلفزيون. بل إنك تجد أننا في الدراما نشتغل بعدّة السينما. لا أرى فارقاً كبيراً بين عدة السينما وعدة التلفزيون، الفارق بتقنية السرد الذي يكون أبسط في التلفزيون، ثم في تكاليف الإنتاج. في التلفزيون مطلوب كمّ كبير من المَشاهد، بينما تتطلب طبيعة الإنتاج السينمائي اهتماماً بالتفاصيل، وهذا هو الخوف لدى انتقال مخرج من التلفزيون إلى السينما، ينبغي أن لا يأخذ المرء عيوب التلفزيون التي أهمها وأخطرها التبسيط في سرد الحكاية«.
ونسأل أخيراً عن سوق عربية لهذا نوع من الأعمال فيقول علي: »ليس لدي تصور واضح عن الجدوى التجارية، وهل من المكن أن يلقى قبولاً في شباك التذاكر، لكن هذه الأسئلة تضفي على التجربة نوعاً من التشويق وتعطي للمغامرة طعمها«.
يذكر أن ممثلي »سيلينا« هم لبنانيون وسوريون، من بينهم دريد لحام (وكان عُرض عليه دور الملك فتركه ولعب دور شحاذ)، والمغنية اللبنانية ميريام فارس بدور هالة، إلى جانب ممثلين آخرين منهم جورج خباز وإيلي شويري وأنطوان كرباج وباسل خياط وأيمن رضا وأندريه اسكاف.

راشد عيسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...