ثمة معضلة لا نجد لها حلاً اسمها الحقيقي غزة

27-04-2007

ثمة معضلة لا نجد لها حلاً اسمها الحقيقي غزة

رشقات صواريخ «القسام» على سديروت كانت غزيرة لكن ليس الى الحد الذي يسقط معه «اتفاق مكة» او تتوقف الاتصالات العربية لتسريع التطبيع مع اسرائيل تحت عنوان «تفعيل المبادرة».
وصفقة تبادل الأسرى الموعودة منذ تسعة اشهر تتعثر, من دون ان يمنع ذلك من عقد لقاءات جديدة بين محمود عباس وايهود اولمرت للبحث في مواضيع «التسوية الدائمة» اي القدس والحدود ومستقبل اللاجئين.
والمساعي المصرية لتجديد الالتزام بالهدنة متواصلة وقد نجحت في تغيير قواعد اللعبة, على امل تعويم ايهود اولمرت في غمرة الحديث عن نشر قريب لتقرير لجنة فينوغراد.
و«حماس» تؤكد انها تستعد لمواجهة جديدة مع اسرائيل بالرغم من ان شيئاً لا يدل حتى الآن على ان اسرائيل تهيئ لغزو جديد. «معاريف» تقول بهذا الصدد «لقد تعلمنا من التجربة بكل اسف. سيطرنا على القطاع لسنين طويلة جداً وقدمنا ضحايا ولم يساعدنا ذلك في شيء. لم ننجح في القضاء على «المنظمات الارهابية». قمنا باغتيالات وأسقطنا من الجو قنابل تزن طناً, وجردنا مناطق, وأدخلنا قوات برية وأخرجناها, واعتقلنا مطلوبين, واطلقنا نيران المدافع على مناطق مأهولة, واغلقنا المعابر, واقفلنا البحر, وهم ماضون لا يردعهم شيء. وعندما توصلنا الى اتفاق سياسي حققنا نوعاً من الهدوء, كما في الاسابيع الاخيرة  نحن نملك الرغبة في معاقبتهم لكن يجب عض الشفاه لأنه يجب ان تحصل على جلعاد شاليط, ولا يجوز ان نحتل القطاع مرة اخرى, لأننا اذا دخلنا لن نحسم شيئاً. هذا هو الواقع الذي يجب ان نفهمه... لا يمكن ان يكون هناك حسم عسكري».
انها معضلة غزة التي تتسبب في التلعثم الاسرائيلي, السياسي والعسكري معاً, في كل مرة يضطر الاسرائيليون الى الرد, والحقيقة ان القيادات العسكرية جرّبت كل الردود العسكرية الموجودة في المدارس الحربية من تصفيات واجتياحات ومدافع ومروحيات ولم يتبدل شيء حتى الآن.
وكل دخول الى غزة يبدو, باعتراف الاسرائيليين انفسهم, دخولاً الى المتاهة, ولو استتبع هذا الدخول استئناف حرب التصفيات واغتيال اسماعيل هنية نفسه, وقطع الماء والكهرباء عن الناس ومنع الحليب عن الاطفال.
غزة تبقى غزة, الشوكة الدائمة في الحلق الاسرائيلي, وصليات «القسام» لا تتوقف ولو دخل الاسرائيليون كل بيوت الغزاويين.
بالرغم من هذه الحقيقة علينا ان نقر بأن «حكومة الوحدة الوطنية» التي ولدت بعد مخاض دموي طال, لم تنجح حتى الآن في وضع حد للانفلات الأمني في القطاع.
هذا الفلتان سياسي بامتياز, بدأ اشتباكاً بكل انواع الاسلحة بين «فتح» و«حماس» ولم يتوقف حتى الساعة. وليس سراً انه ينعكس سلباً على ادارة الصراع مع اسرائيل, كأن يقبل نصف الحكومة المبادرة العربية ويرفضها نصف الحكومة الآخر, وتقبل الرئاسة بالهدنة وتدعو الى توسيعها وترفضها «حماس» او بعض قياداتها على الاقل, الامر الذي يحوّل الحكومة الى حكومة بلا وزن في عملية تبادل الأسرى, ويحوّل محمود عباس الى «طائر يغرّد خارج سربه» في لقاءاته مع ايهود اولمرت.
وكيف يمكن في هذه الحال تفسير ان الرئاسة تعرض التفاوض النهائي مقابل رفع الحصار (الاسرائيلي والغربي) في الوقت الذي تقول «حماس» ان المفاوضات مسألة عبثية؟ وكيف يمكن ان نبرر ان يلتقي عباس اولمرت مرة كل اسبوعين (بطلب من رايس) في حين يعتبر رئيس الحكومة ووزير اعلامها ان هذه اللقاءات بلا جدوى؟
من يصنع القرار الفلسطيني في نهاية المطاف؟
وما جدوى المصالحة الوطنية اذا هي لم تؤد الى توحيد القرار الأمني والسياسي الفلسطيني؟
ومن هو المسؤول في النهاية عن خطف الاجانب, صحفيين او غير صحفيين, في القطاع؟
وما دور منظمة التحرير في ظل حكومة عاجزة عن اتخاذ اي قرار كبير؟
ثم كيف توافق «حماس» على مقررات الجامعة العربية, والدورين الاردني والمصري في التطبيع مع اسرائيل, بكل مقاييس التطبيع المعلنة, في الوقت الذي يردد قادتها ان مجرد الاتصال باسرائيل تنازل مجاني لعدو تاريخي؟
ثمة اسئلة بسيطة ومباشرة تحتاج الى اجوبة بسيطة ومباشرة لا نجدها عند الفلسطينيين ولا عند الاسرائيليين.
كل ما نعرفه, حتى الآن, هو ان العرب ­ كلهم تقريبا ­ مجرد ادوار مصنوعة في واشنطن, وهم مقتنعون جداً بهذه الادوار العلنية والسرية معاً.
ماذا عن «حماس»؟
كيف يمكن ان تكون داخل «المصالحة» وداخل «اتفاق مكة» وخارج هذين المصالحة والاتفاق في الوقت نفسه؟!
لنعترف ان ثمة معضلة لا نجد لها حلاً, وان اسمها الحقيقي غزة.


فؤاد حبيقة
المصدر: الكفاح العربي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...