تسيبي ليفني والمفهوم الجديد للسلام الإسرائيلي

11-11-2007

تسيبي ليفني والمفهوم الجديد للسلام الإسرائيلي

الجمل: تصريحات وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني، خلال جولاتها الأخيرة الواسعة النطاق، كانت تتضمن الكثير من الجوانب المضللة، فعلى الصعيد المعلن كانت ليفني تتحدث عن السلام وأهمية السلام لاستقرار المنطقة، ولكن ما لم تتحدث عنه التحليلات والتقارير يتمثل في الأبعاد الإضافية وعلاقة السياسات الإسرائيلية وطبيعة تقاطعات أهدافها مع مفهوم السلام..
* السلام الإسرائيلي، قراءة في الوجه الآخر:
يربط الأدب السياسي الإسرائيلي المعاصر، بين مفهوم السلام ومفهوم الحرب، وذلك على أساس اعتبارات أن طريقة الحصول على السلام تمر حصراً عبر بوابة الحرب، وللتمييز بين السلام كما يفهمه الناس العاديون والسلام الذي يقصده الإسرائيليون، فإن الأدبيات السياسية الإسرائيلية تستخدم تسمية السلام "الجديد" باعتباره الوضع الذي سوف يتحقق بعد قيام الشرق الأوسط "الجديد".
الحرب وفقاً للمفهوم الإسرائيلي هي السلام، والسلام أيضاً بالنسبة لها هو الحرب، والفرق بين السلام والحرب هو كالفرق في موضع حركة البندول عندما يتأرجح يمنة ويسره، وذلك على أساس اعتبارات أن الأمن الإسرائيلي هو البندول الذي يبدأ تأرجحه من نقطة الحرب بحيث يصل إلى نقطة السلام ثم يعود راجعاً إلى نقطة الحرب مرة أخرى، وينطبق هذا الوصف بدقة على السياسة الأمنية الإسرائيلية، فعندما تخوض إسرائيل الحرب تبدأ فوراً بعد انتهائها في إجراء سلسلة من التفاهمات والحوارات والمفاوضات التي تستخدمها إسرائيل من أجل البرمجة لإشعال حرب جديدة من أجل أن يبدأ بعد ذلك زخم عملية سلام جديدة تؤدي إلى حرب جديدة، وعلى هذا النحو، فإن علاقة الحرب بالسلام في السياسة الخارجية الإسرائيلية تقوم على أساس اعتبارات أن السلام يلد الحرب التي تلد السلام الذي يلد الحرب... وهلمجرا.
* تسيبي ليفني وصعود مفهوم الأمن الإسرائيلي:
تحدثت وزيرة الخارجية الإسرائيلية قائلة بأن "أمن إسرائيل" هي المسألة الأكثر أهمية التي يجب أن تتصدى وتهتم بها المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية.
وتقول المعلومات والتسريبات التي أوردتها صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية بأن الوزيرة الإسرائيلية سوف تقوم بطرح وتقديم المفهوم الجديد المتعلق بالموقف الإسرائيلي الجديد إزاء قضايا الأمن الإسرائيلي، أمام مؤتمر الاتحاد الأوروبي الذي سينعقد في العاصمة البرتغالية لشبونة، وسوف يحضره 27 وزير خارجية، ومن بينهم وزراء خارجية الدول العربية المتوسطية التي تعتبر من دول الجوار الإقليمي الأوروبي.
الجانب المعلن في خطاب وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني سوف يركز على أبرز النواتج المتوقعة من مؤتمر سلام أنابوليس، أما الجانب غير المعلن فسوف يركز على بث ونقل الإشارات الجديدة الواضحة، التي مفادها أن إستراتيجية إسرائيل في مؤتمر أنابوليس القادم وما بعده سوف تركز حصراً على اعتماد مفهوم "أمن إسرائيل"، باعتباره الأساس لكل شيء، وذلك وفقاً لأسس الفلسفة السياسية "العملية" الإسرائيلية الجديدة، والتي تعتمد المبادئ الآتية كبديهيات لأسس التعامل الإسرائيلية مع البيئة الإقليمية الشرق أوسطية، والمبادئ هي:
• الحرب تتفرع عن الأمن.
• السلام يتفرع عن الأمن.
* مفهوم الأمن الإسرائيلي الجدي وتطبيقات ما بعد أنابوليس:
تقول صحيفة يديعوت أحرونوت بأن وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني، سوف تركز على القيام بترسيخ الفكرة الإسرائيلية الجديدة في أذهان وزراء الخارجية الأوروبيين، وتتمثل الفكرة في أن إحراز التقدم في تحقيق "الدولة الفلسطينية" هو أمر مشروط بأمن إسرائيل باعتبار أن الأمن هو الأساس الرابط بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وأبرز إسقاطات المفهوم الإسرائيلي الجديد سوف تكون على المؤتمر نفسه. بكلمات أخرى، فإن مؤتمر سلام أنابوليس سوف يشهد قيام الطرف الإسرائيلي بمحاولة استخدام مفهوم "أمن إسرائيل" منذ الوهلة الأولى وبشكل استباقي، أي أن إسرائيل ستطالب بأن يكون أمن إسرائيل هو البند الأول في أي اتفاقية، ثم بعد ذلك تأتي البنود الأخرى..
ومعنى ذلك أن إسرائيل سوف تقوم بالمناورة على خطوط مفهوم أمن إسرائيل، وذلك عن طريق إعطاء مفهوم الأمن هذا المزيد من الأبعاد الهيكلية والوظيفية السائلة، غير المحددة، والتي تتضمن قدراً كبيراً من المعاني والتوظيفات بجانب العدد اللامحدود من التفسيرات..
* أبرز الإشكاليات التي يتضمنها المفهوم الإسرائيلي الجديد:
إن التعامل مع المصطلحات الإسرائيلية المتجددة ذات الطبيعة المتغيرة، يؤدي إلى إدخال الاتفاقيات والمفاوضات مع إسرائيل وتفسيراتها في مستنقع قانوني سياسي ودبلوماسي، يحتوي على كل أنماط ونماذج وتداعيات نظرية المؤامرة..
إن قبول المفاوضين العرب، مجرد القبول، باستخدام مصطلح "أمن إسرائيل"، سوف تكون بمثابة البوابة التي تمررهم إلى بيت الشيطان الإسرائيلي، ويبدو هذا الأمر بكل وضوح، إذا طرحنا الأسئلة الآتية المتعلقة بمفهوم "أمن إسرائيل":
ما هو أمن إسرائيل؟ وإذا كانت إسرائيل ترفض إعلان حدودها، فما هي حدود نطاق أمن إسرائيل؟ وما هو المجال الحيوي لأمن إسرائيل؟ وكيف ينظر الإسرائيليون لمعنى ومفهوم ومجال نطاق أمن إسرائيل، إذا كان الإسرائيليون وحكومتهم أكثر إصراراً على عدم القيام بتعيين حدودهم..؟
المزيد من التساؤلات الإضافية يمكن أن يبرز، إذا حاولنا فهم الكيفية التي يدرك بها الإسرائيليون مفهوم أمن إسرائيل، فالأمن كـ"مفهوم مطلق" لا وجود له، إلا في الجنة التي وعد بها الإله، أما الأمن على الأرض فهو "مفهوم نسبي" ولا توجد أي دولة في العالم يمكن القول بأن الأمن قد تحقق فيها بنسبة 100%.
والآن، إذا استطاع الإسرائيليون استخدام مفهوم الأمن بشكل مطلق، وربطوا تنفيذ إسرائيل لالتزاماتها (المتعلقة برد الحقوق إلى الآخرين) بتحقيق أمن إسرائيل، فإن على الأطراف العربية أن لا تتوقع بأنه سوف يكون لها في أي يوم من الأيام مجرد ممارسة حق المطالبة لإسرائيل، إذا لم يعترف ويقر الإسرائيليون مسبقاً بأن حالة الأمن قد تحققت بنسبة 100% لديهم.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...