العالم يحتفل بميلاد المسيح: المهد لا يزال محتلاً

25-12-2015

العالم يحتفل بميلاد المسيح: المهد لا يزال محتلاً

في كل عام تتجه الأنظار ليلة الرابع والعشرين من كانون الأول الى موطن صاحب الذكرى، حيث يختلط فرح الاحتفال بالحزن من استمرار الاحتلال لمدينة المهد التي يسافر اليها العالم من جميع أرجائه، مستذكرين عيسى المسيح بشجرة ومغارة رمزية لولادة يسوع. عيد يتكرر ممزوجاً بالحزب والدم والرصاص في عدة بلدان عربية بينها سوريا والعراق واليمن ومصر.
هكذا قامت بلدة بيت لحم التي يقدسها المسيحيون باعتبارها مهد السيد المسيح بإستعدادات اللحظة الأخيرة، الخميس، لاستقبال آلاف الحجاج المسيحيين للاحتفال بعيد الميلاد.الاحتفال بالعيد في بيت لحم في الضفة الغربية اليوم (رويترز)
ووقف مئات من رجال الأمن الفلسطينيين على أهبة الاستعداد في البلدة وحولها، وقبل وصول بطريرك اللاتين في القدس وسائر الأراضي المقدسة، فؤاد طوال، ليقود القداس في منتصف الليل في كنيسة المهد.
تقول السائحة البلجيكية أنيمي فانيرمان، "أنا سعيدة للغاية لأنني هنا وأيضاً للفرصة بالاحتفال بهذه المناسبة في هذا المكان. لن تتاح لي هذه الفرصة مرة أخرى لذا فإنها أمر مميز جداً بالطبع لأن هذا هو مهد المسيح وأن أكون هناك في يوم عيد الميلاد لهو أمر رائع".
ولهذه الغاية غادر مئات المسيحيين قطاع غزة، الخميس، في طريقهم للضفة الغربية والقدس الشرقية للاحتفال بعيد الميلاد.
وقالت سلطات العدو الإسرائيلية إنها منحت تصاريح خاصة لثمانمئة من السكان المسيحيين لمغادرة القطاع المحاصر، والسفر إلى الضفة الغربية والقدس الشرقية لمناسبة موسم عيد الميلاد.
واحتشدت العائلات عند معبر "إيريز" الحدودي مع "إسرائيل"، في الساعات الأولى من الصباح. حيث توجه بعضهم نحو بيت لحم، بينما خطط البعض الآخر التوجه إلى بلدات أخرى في الضفة الغربية للاحتفال بموسم العطلات مع أحبائهم.
وقالت وزارة السياحة الفلسطينية إن 1.6 مليون شخص زاروا بيت لحم هذا العام، ومن المتوقع أن يبقى سبعة آلاف شخص في البلدة خلال عطلة عيد الميلاد.

العراق وتهديد "داعش"
ومع حلول عيد الميلاد هذا العام غداة ذكرى مولد النبي محمد، تشهد مدينة بغداد احتفالات بالعيد في مؤشر لإظهار مشاعر الأخوة مع الطائفة المسيحية التي تعاني بشدة في العراق.
وستضيء الألعاب النارية سماء نهر دجلة كل ليلة من ليالي الأسبوع، في حين وضعت شجرة عيد الميلاد بارتفاع 25 متراً في متنزه ألعاب الزوراء. وفي مخيم زيونة شرق المدينة كان الأطفال يستمعون لترانيم عيد الميلاد، يوم الأربعاء، ويرقصون مع بابا نويل على وقع ألحان الأغاني العراقية.
لكن على الرغم من شعورهم بالامتنان يقول كثير من المسيحيين إن هذه اللفتة جاءت متأخرة للغاية ولن تفيد في تحسين وضعهم في العراق، وطنهم الذي عاشوا على ترابه على مدى نحو ألفي عام والذي جعلهم تنظيم "الدولة الإسلامية"- "داعش" يشعرون على نحو متزايد أن مستقبلهم فيه قاتم.
وتقول مريم (29 عاماً) المعلمة في إحدى مدارس بغداد وهي تشير إلى "داعش"، ان "المسيحيين الذين غادروا العراق لا يريدون العودة، بل أن بعضهم يدفعوننا للرحيل قائلين إنه حتى لو اجتزنا هذه المحنة فإن المحنة المقبلة ستكون النهاية".
ويرى النائب في البرلمان العراقي عماد يوحنا أن تنظيم "داعش" (الذي اجتاح نحو ثلث العراق في العام 2014 في مسعاه لإقامة دولة خلافة) شرد أكثر من 200 ألف مسيحي من محافظة نينوى شمال البلاد مهد الكنيسة الآشورية الشرقية.
ويشير يوحنا الى أن عدد السكان المسيحيين في العراق هبط من 1.3 مليون شخص في تعداد العام 1997 إلى نحو 650 ألف نسمة حالياً، مضيفاً أن عددهم كان سيصل إلى نحو مليوني نسمة في ظل الظروف الطبيعية.
ويلفت الانتباه الى أن الدول الغربية تسهل للمسيحيين في الشرق الأوسط الحصول على تأشيرة دخول لاعتبارات تتعلق بحقوق الإنسان، وهو ما ساهم من دون قصد في تراجع أعدادهم.
وأصبح الغموض يغلف مصير مسيحيي العراق حتى أن بعضهم بات يحن لأيام صدام حسين الدكتاتور الذي حكم العراق لربع قرن انتهت في العام 2003 بقيام تحالف تقوده الولايات المتحدة بغزو البلاد.
ويقول أبو فادي (51 عاماً)، وهو أب لثلاثة يعمل في مخيم زيونة الذي أنشيء خصيصاً لإيواء اللاجئين المسيحيين الفارين من التنظيم الارهابي: "لم يكن هناك أي تمييز تحت حكم النظام السابق الأمور تغيرت بعد ذلك".
ويرى أبو فادي أن "إسقاط النظام السابق سمح للمتطرفين من الطائفتين الذين كانوا مقموعين في السابق بالظهور".
  وارتدى اعضاء في "جمعية نساء بغداد" زي بابا نويل لتسلية الاطفال.
وقال عصام كيركيس، أحد المتطوعين في الجمعية، ان "عيد ميلاد اليسوع المسيح و عيد رأس السنة المجيدة نحتفل مع اخوانا المهجرين من سهل نينوى بالمناسبة احنا جمعية نساء بغداد منظمة غير حكومية نحب نساعد النازحين سواء من المسلمين أو المسيحيين".
وفي القاهرة، أضيئت الشوارع بالزينة استعداداً لعيد الميلاد الذي سيحتفل به الأقباط المسيحيون في مصر يوم 7 كانون الثاني.
لكن بالنسبة للكثيرين هنا ليست الاحتفالات الدينية هي التي تشغل بالهم مع اقتراب رأس السنة الجديدة وإنما محنة الاقتصاد التي تواجهها البلاد.
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما، قد ذكر اليوم أن احتلال تنظيم "الدولة الاسلامية" لبعض المناطق، يعني أن المسيحيين هناك سيتعين عليهم ألا يجاهروا بعقائدهم وإحتفالاتهم.
وقال اوباما في بيان أصدره البيت الأبيض: "في بعض مناطق الشرق الاوسط التي ظلت فيها أجراس الكنائس تقرع لقرون في يوم عيد الميلاد فإنها ستكون صامتة هذا العام".
وأضاف قائلاً: "هذا الصمت هو شهادة مأساوية على الفظائع الوحشية التي ارتكبها تنظيم الدولة الاسلامية بحق هذه الطوائف".
وقال اوباما الذي يستعد للاحتفال بعيد الميلاد يوم الجمعة في هاواي، إنه وزوجته "يتذكران دوماً أن الكثيرين من اقراننا المسيحيين لا يتمتعون بالحق" في الاحتفال علنا.
واضاف قائلاً إن "قلبيهما وعقليهما مع اولئك الذين طردوا من اوطانهم التليدة بسبب عنف وإضطهاد لا يوصفان".

وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...