الزواج إلى تعقيد والرابح المواقع الإباحية

26-04-2006

الزواج إلى تعقيد والرابح المواقع الإباحية

الجمل ـ حسان عمر القالش : (سأترهبن . . لم أعد أجرؤ على متابعة التلفاز وبخاصة "شلة" قنوات الفيديو كليبات) .يقولها ابراهيم (29 سنة) نافثا دخان سيجارته المختلط بزفير قلبه الخاوي. هو الذي يعاني أزمة مجتمعية ومرض اجتماعي: الزواج والاستقرار.
لم يعد "التـفـلسف" والتنظير في موضوع الزواج مقتصرا على شريحة معينة تمتلك حدا أدنى من الثقافة والاطلاع. بل صار الموضوع مشاعا ,والكل .. الكل يحدثك به واضعا الساق فوق الساق, ومستخدما نفس المصطلحات والتعابير العلمية واللغوية والتي التقطها من برنامج ما على فضائية ما, ويكملها بنبرة الحكيم العارف بأسرار النفوس.
يدعي برهوم أنه "حبـّيب" عاش كثيرا من قصص الحب امتدت من سن مراهقته وصولا الى ما قبل عامين حين رفع الراية البيضاء و أقلع عن الحب وكف بحثه عن شريكة العمر. في غمرة قصصه كانت محاولات ثلاث لارتباط "خطوبة" لم تتم وأخمدها أهله في مهدها!
فمرة كانت الفتاة من طائفة غير طائفته, والثانية لم تكن على "قد المقام" بالنسبة لأسرته المتعجرفة, أما الأخيرة والتي كانت من تدبير أهله نفسهم لم تتم بعد أن "انفرطت البيعة" واختلفت الأسرتان على مكان إقامة العروسين العتيدين, فبنات أعمام العروس كلهن يقمن في المزة والمالكي وهي ليست أقل منهم كما قالت حماته المفترضة. فلم تسمح إمكانيات إبراهيم وأهله بذلك رغم يسر أحوالهم.
ما العمل الآن؟ لا أستطيع أن أجازف مرة جديدة بالبحث عن زوجة فلا أضمن موافقة أهلي الذين أعتمد عليهم ماديا نوعا ما, ولا أستطيع أيضا ان أعيش منبوذا عنهم. وكـلـت والدتي بالأمر, لم أتصور يوما أن ألجأ الى فكرة "الزواج التقليدي" لكن ما باليد حيلة, العمر يمضي وأنا على أعتاب الثلاثينات ومحيطي الاجتماعي لايسعفني بالتعرف على فتاة لها شخصية تتوافق مع شخصيتي وطباعي ونظرتي للحياة. لقد أديت خدمة العلم من زمن وكذلك دراستي وأزاول عملا محترما أفلا يحق لي أن أستقر؟
ليس لولوجنا في الألفية الثالثة ولا لاعتبار أنفسنا جزءا من العالم الذي صار "قرية كونية" أن يزحزح سلاسل التخلف التي تكبل أرواح ووجدانات وابداعات جيل الشباب قيد أنملة. نحن في الأصل لسنا جزءا من تلك القرية الكونية بل في أحسن الأحوال في الباحة أو الحظيرة الخلفية منها.
عبد الحكيم شاب متعلم ومثقف يعمل في قسم المعلوماتية I.T department التابع لاحدى كبريات وكالات السيارات في احدى دول الخليج, يذهلك مدى الشغف الذي يتحدث به عن أفلام عالمية تطرح مسائل الوجود والحب والحرية, لكن الاندهاش يعود ليصبح فاغرا فاجرا عندما يعود عبد الى سوريا ليكمل نصف دينه, فهو كمن " أكل الفول وعاد للأصول" كما يقول المثل الشعبي, زوّجته والدته من فتاة من قريته بعد أن اشترط عليها أن تبحث له عن فتاة بسيطة و جاهلة! فهو لايريد امرأة تفوقه أو توازيه دراية ومعرفة ومقدرة كي لايقع في هموم ومشاكل "النقار الزوجي". وفعلها!
أي زواج وأي رابطة أقدم عليها عبد؟ كيف لمؤسسة الزوجية هذه القائمة على أفكار بالية أن تنجب من رحمها مؤسسة أسرية صحية وسوية؟ ألم يحن الوقت لنتخلص من كثير من الموروث الأجوف الذي قدمنا الى الدنيا مشوهين مبتوري الفكر والبصيرة؟!
حتى أن أيهم الجامعي الناجح الذي "دوخ" فتيات كليته وكليات جامعة تشرين, و"قلع أسنانه" في صداقات وعلاقات مع الجنس الآخر, أيهم مع كل "دونجوانيته" وأفكاره المتحررة والثورية والمعارضة سقط على رأسه "طب" وتزوج بفتاة هي أقرب الى الطفلة منها الى المرأة أو المراهقة.(لا أستطيع أن أتابع معها على التلفاز برنامجا حواريا ثقافيا كان أم سياسيا ولا حتى نشرة الأخبار, كل ما يجذبها هو روبي وأخواتها وهيفا وشبيهاتها, حتى أن طفلنا الصغير لاتعرف كيف ترعاه, ولاأستطيع تسليمها مصروف البيت لأنها والمسؤولية في شقاق وتباعد وستخرب بيتي وبيت أهلي).يقولها أيهم عاضا أطراف الأصابع وقد غابت نضارة الشباب عن محياه وبدا هرما وكأن مدة صلاحيته انتهت قبل أوانها. مشكلته ليست في سوء الاختيار فقط والذي ظنه صائبا بأن فتاة "درويشة" وتحبه ستصبر معه على سوء أحواله وتعينه على نوائب الدهر وتخفف عنه الألم الذي يعانيه كل شاب منا في إثبات وجوده في بلده, فانقلبت الأمور لتصبح عبئا عليه وزاد الأمر سوءا استعجالهم بالإنجاب. ولد طفل في بيئة متذبذبة ماديا ومتشنجة فكريا وثقافيا.ما ذنب هذا الطفل؟ المصيبة أيضا أن لا وجود لمرأة لا تؤمن سرا أو جهارا بمقولة أن لاشيء "يربط" الرجل بزوجته إلا "الخلفة" أي الأولاد.
في الغرب الذي لا نستورد منه إلا قشوره وانحطاطه الخلقي متعامين عن حضارة مجتمعاته، هناك نواد وجمعيات ومؤسسات تجمع الشباب ببعض وتمنحهم البيئة الصحية للتعارف وتكوين الصداقات والزيجات ربما في المستقبل.
باتت أزمة شبابنا ومرضه المجتمعي تجارة رابحة أفادت منها مواقع الانترنت التي عرفت مكمن المشكلة واستثمرتها ربحيا، مواقع افترست لب العقول وجوارح الأفئدة  سواء منها الإباحية dirty sites أو "وسيطة الخير" الخاطبة التي تناديك وتبرق لك شاشتك وتومضها بدعواتها وعروضها : search for your partner, , looking for love? , find adate online. find afriend who share you love
أمور الدنيا وأحوالها تغيرت واسـتعـر جنونها، وأيام الزواج من بنت العم وتعمير غرفتين في الضيعة الى زوال آخذة معها بساطة العيش ويــسرها. وإذا أراد الشاب منا أن يعود إلى قواعده سالما صدتـه بنت العم الحالمة الآملة هي الأخرى.

 

الجمل

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...