استمرار الصراع الإعلامي بين حزب الله وجماعة 14 آذار

05-06-2006

استمرار الصراع الإعلامي بين حزب الله وجماعة 14 آذار

عشية اسبوع معاودة جلسات الحوار اللبناني بين الاقطاب والزعماء في الثامن من يونيو الجاري، بدا المشهد الداخلي وكأنه خارج من «واقعة» امنية فوضوية مخيفة في انعكاساتها الطائفية والمذهبية على شتى الصعد, ذلك ان موجة التظاهرات والاحتجاجات وأعمال الشغب التي تفجرت في مناطق من الضاحية الجنوبية ليل الخميس الماضي و«زحفت» على عدد من ضواحي بيروت ومناطقها إثر بث برنامج ساخر هزلي في المحطة التلفزيونية «ال,بي,سي» متناولاً الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، بدت كأنها فجّرت احتقانات مزمنة من جهة وذهبت بالوضع السياسي برمته الى مناحي جديدة من التأزم من جهة اخرى,
وقد صُدم المواطنون اللبنانيون في الساعات الاخيرة بصراحة هي اقرب الى كشف الحقائق على ما جاء على لسان وزير الداخلية بالوكالة احمد فتفت الذي اختار مقر البطريركية المارونية منبراً لاطلاق مواقف اتسمت بشفافية تامة عبّر فيها عن واقع الحال اللبناني من دون اي قفازات, فتحدث عن استهداف لمناطق «سنية» اكثر من مناطق «مسيحية»، وقال بالفم الملآن ان «حزب الله» خرج خاسراً من هذه التطورات ولم يكن له مصلحة فيها لانه لم يتمكن من ضبطها فيما هو مسؤول في «المربع الامني» الذي يسيطر عليه في الضاحية, كما تحدث بصراحة وأورد ارقاماً دقيقة عن عدد الطلبات المقدمة للتطوع في دورة لقوى الامن الداخلي يبلغ فيها عدد المسلمين الالوف الكبيرة فيما يبلغ عدد المسيحيين المتقدمين المئات وبعض المرات الوفاً قليلة ازاء المسلمين.
وبإزاء هذه التصريحات المثيرة كانت مراجع سنية دينية وسياسية تعبر عن استيائها من موجة الفلتان التي استهدفت المواطنين وإن كانت ترفض اي تعرض للسيد نصر الله, كما ان استهداف نجل الرئيس امين الجميل سامي على ايدي المتظاهرين اثار في المناطق المسيحية جدلاً آخر استعاد جانباً من مضاعفات تظاهرة فبراير في منطقة الاشرفية التي تعرضت حينها لموجة مماثلة خلال تظاهرة احتجاج على الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلّم).
وسط هذا الاحتقان الطائفي والمذهبي طرحت تساؤلات قلقة للغاية عن مآل الحوار اللبناني والى اين سيتم البلوغ به فيما المطروح عليه سلاح المقاومة والاستراتيجية الدفاعية في جلسة الخميس المقبل.
والواضح ان ما جرى ليل الخميس الماضي سيترك انعكاسات مباشرة على منحى الحوار ومناخه كما على الموضوع الرئيسي المطروح, فما نال «حزب الله» تحديداً من هذه التطورات هو في رأي جميع الاوساط المراقبة لغير مصلحته خصوصاً مع اثارة المخاوف العميقة لدى مختلف الطوائف من ان يتحول سلاح هذا الحزب في لحظة ما نحو الداخل مع انعدام الضوابط الكفيلة بابقائه سلاحاً مقاوماً لاسرائيل فقط.
وثمة تطوران حصلا على نحو متتابع وبفارق زمني ضئيل من شأنهما ان يجعلا موقع الحزب التفاوضي على طاولة الحوار أضعف هذه المرة منه قبلها, وهذان التطوران يتمثلان في حادث اطلاق الصواريخ الذي حصل قبل مدة قصيرة عبر الحدود اللبنانية ـ الاسرائيلية وتسببت باشعال الجبهة لساعات, ثم الانفلاش الذي حصل في الضاحية وتمدّد الى احياء عدة في بيروت ما اثار حساسيات سياسية وطائفية.
ومن الواضح ان «حزب الله» يتوجس من «توظيف» قوى الغالبية النيابية لهذين التطورين لتدعيم ما سيدلي به رموز هذه القوى في جلسة الحوار المقبلة من ردود على المطالعة الدفاعية للسيد نصرالله, بل ان هذه الهواجس لدى الحزب قد تبلغ حد التوجس من توظيف خارجي ـ داخلي مشترك لما جرى لحشر الحزب في زاوية التجاذبات والتناقضات المذهبية والطائفية لانه لا يعتبر نفسه مسؤولاً عن نزول الناس الى الشارع بل انه حاول ضبط الوضع واحتوائه لكن سائر الجهات الاخرى المسؤولة امنياً واعلامياً لم تكن على مستوى التلبية المطلوبة لاحتواء الانفلاش بسرعة.
اذن فأزمة الثقة اصبحت اكبر من اي وقت بين فريقي الحوار الاساسيين، ولذلك ستتجه الانظار الى ما يمكن لرئيس «تكتل الاصلاح والتغيير» العماد ميشال عون ـ وهو الممسك بورقة تفاهمه مع «حزب الله» بيد و«بقايا» جسوره مع قوى 14 مارس بيد اخرى ـ ان يطرحه في جلسة الحوار المقبلة علّ بعضاً من قدرة لديه على التوفيق بين الطرحين تشكل قاسماً مشتركاً, ولكن قوى 14 مارس لا ترى ان لدى عون الرغبة او القدرة على العودة الى «موقع ثالث» خلافاً للنظرية المذكورة اعلاه, وهي تعتقد ان ثمة تعقيدات كبيرة حصلت في الايام الاخيرة ولم يعد معها جائزاً الا طرح الامور «ابيض على اسود», ويعكس هذا المنحى ظلالاً قاتمة على مصير الجولة المقبلة للحوار، ما لم يطرأ في الايام الاربعة الفاصلة عنها تطورات تخفف من قتامتها.
وكان «حزب الله» أصدر مساء اول من امس بياناً ردّ فيه على موقف قوى 14 مارس من التطورات التي حصلت ليل الخميس فقال في بيان له: «طالعتنا لجنة متابعة 14 فبراير ببيان تضمن كماً من الدس والأكاذيب لا يمكن السكوت عنها، ويجدر التوقف عندها، وفي مقدمتها: هل قرأ هؤلاء بيان وزارة الداخلية والبلديات حول وقائع ما جرى ليل الخميس ـ الجمعة؟ ولو فعلوا لوفروا على أنفسهم كثيرا من التشويه والإفتراءات وعلى الرأي العام بعضا من حملة التجني والتحريض والفتنة، فليدلنا هؤلاء أين هي الأملاك العامة التي زعموا أنها تعرضت لاعتداءات وصفوها بالخطيرة؟ وأين هي المؤسسات السياحية والتجارية التي ادّعى البيان انه امعن فيها حرقا وتخريبا؟ او اين هي الأماكن الدينية التي تحدثوا عنها فيما الواقع أن المسألة لم تكن اعتداء بل قيام الأهالي باحتضان مركز ديني واحد تحسبا لأي مخل دخيل من دون أن يحصل أي اعتداء عليه, ولو تحرت أطراف 14 فبراير الدقة في حديثها عن هجمات غوغائية على الأحياء السكنية والإعتداءات الخطيرة لوجدت في البند «رابعا» من بيان الداخلية الحجم الحقيقي لما حصل والمحصور في ثلاث أو أربع حالات تكسير زجاج هي مدانة من أي مواطن أتت، لكن تضخيمها في إطار التحريض الطائفي هو الخطر والمدان أكثر، وفي السياق نفسه حديث هؤلاء عن اعتداءات على المواطنين الأبرياء والذي كشف البيان الرسمي محدوديتها، نسبة الى حجم التحرك الشعبي الواسع وحصول محاولات اعتداء عكسية تصدت لها القوى العسكرية والأمنية وأوردت أسماء أصحابها».
اضاف: «ان التناقض الفاضح بين ما أوردته لجنة متابعة 14 فبراير وبين البيان الرسمي لوزارة الداخلية والبلديات والتقارير الأمنية الأخرى، يكذب إدعاءات هذه اللجنة التي بنت موقفها على افتراءات وأكاذيب تسمح لنا عن حق باتهامها بتزوير الحقائق وتضليل الرأي العام والتحريض على الفتنة الداخلية, وان مجموعة تدعي أنها أكثرية لا يمكنها أن تدير البلد بسلوك يشحن الغرائز ويثير الضغائن بين أبناء المدينة الواحدة والوطن الواحد».
 وهاجم رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد بعنف قوى الاكثرية التي اعتبرها «فئة جاءت في ظرف استثنائي وتوهّمت ان لبنان يمكن ان يكون مزرعة لها في سياساتها الغوغائية المرتجلة».
وقال: «اذا كانوا يريدون لبنان محصناً ضد المخاطر، فلبنان لا تبنيه سياسات إثارة البغضاء والتمييز والتسلط الفئوي وتعطيل مؤسسات البلد، من المجلس الدستوري الى مجلس القضاء الاعلى والتشكيلات الامنية وغيرها», اضاف: «بعضهم بدأ يشعر بانه متورط فراح يتصرف كيدياً وامتعاضاً وتخريباً وتدميراً لكل الفرص (,,,) الآخرون افلسوا ومآلهم الى الزوال وهم ليسوا صالحين لبناء هذا البلد في هذه المرحلة حيث يتصرفون من دون تخطيط ولا وعي».
وكان العماد عون قال في حديث الى «المؤسسة اللبنانية للارسال» رداً على التطورات الأخيرة: «حدثت حركة اعتراضية على برنامج في التلفزيون، تناول السيد نصر الله بشكل غير مقبول بالنسبة الى المعترضين، هذا الامر سبّب حركة عفوية نزلت الى الشارع», وقال: «نحن وحزب الله في وضع تفاهُم وليس تحالف، فإذاً هناك نقاط نختلف فيها، واخرى متفاهمون عليها, وهذا لا يعني ان ذلك قد لا يتطور الى علاقة اوسع».
ورداً على سؤال، قال: «مَن قال اننا لا نرفض ما حصل على الارض؟ كل حركة اعتراضية يجب ان لا تتحول اعتداء, هناك اناس لديهم حرية التعبير عن فكرهم، واناس لهم حرية الاعتراض على هذا الفكر, ونحن نرفض ان يتحول الاعتراض اعتداء على الاخرين، لذلك هنا تأتي مسؤولية الدولة لضبط اللعبة عند حدودها, اذن، الدولة غير موجودة، واول ناس نزلوا كانوا حزب الله الذين ضبطوا الوضع حتى وصلت قوى الامن وقوى الجيش وسلموها», اضاف: «ان الحزب الحاكم اليوم الذي لم يترك سلطة هرمية الا وهانها، ويهدد السلطات المعنوية التراتبية, واليوم نسمع تصريحا لسعد الحريري ان المركز الاول (رئاسة الجمهورية) غير موجود، وانا بالنسبة الي، المركز الثاني (رئاسة البرلمان) غير موجود، والثالث (رئاسة الحكومة) غير موجود، والرابع كذلك والقضاء غير موجود, هذا كلام لا يجوز ان يصدر عن حزب حاكم، وأسميه (حزب حاكم) لانهم يتصرفون وحدهم في هذا الحكم»,
 وفي موضوع اخر شرح عون خلفيات انسحاب ممثلي (التيار الوطني الحر) من مهرجان إحياء ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رشيد كرامي في طرابلس، وقال: «ارتفعت بعض الشعارات، ونحن نعتبر انها تشكل استفزازا لقسم كبير من اللبنانيين، مثل (بالدم بالروح نفديك يا بشار)، هذه الشعارات نحن لا نرفعها, اولا ليست من صلب المناسبة، وقد يكون مقصودا بها تحدي فريق كبير من اللبنانيين، لذلك ترك ممثلو التيار الوطني الحر، ولكن بقي النائب عباس هاشم لأنه كان مكلفا بالقاء الكلمة، ثم ترك بعد القائه الكلمة».
وسأل وزير الاتصالات مروان حمادة: «كيف يتم اللجوء الى الشارع علما انه كان يمكن اللجوء الى القضاء وتقديم شكوى»، مستبعدا «ان يكون التحرك الذي حصل عفويا»، وداعيا المتحاورين الى «نزع النهج السياسي من الشارع».
 واستغرب «كيف يطلب من قوى الرابع عشر من مارس عدم اللجوء الى الشارع لاسقاط الرئيس اميل لحود فيما تشغل الاطراف الاخرى الشارع في الكثير من الاوقات».

 

المصدر: الرأي العام

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...