اختلاف في تقدير نتائج الهجمات بين أنقرة والأكراد

27-12-2007

اختلاف في تقدير نتائج الهجمات بين أنقرة والأكراد

لفت النظر بيان رئاسة اركان الجيش التركي الذي نشر امس الاول وحظي باهتمام اعلامي تركي واسع.
يتحدث البيان كما بات معروفا، عن نتائج العمليات العسكرية التركية الجوية والبرية ضد معاقل حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل في شمــال العراق. ويبيّن بالكلمة والصورة والفيديو الخسائر الكبيرة التي ألحقها القصف بهذه القواعد ولا سيما انها صـوّرت قبل القصف وبعده.
وأراد البيان ربما ازالة اي شكوك تناولتها الصحافة التركية نفسها عن نتائج الغارات.
ايضا لفت ذكر رئاسة الأركان عدد القتلى الكبير من حزب العمال الكردستاني والذي تراوح بين 150 و 175 قتيلا.
بهذا البيان، دخلت لعبة الصورة والرقم عنصرا في الحرب النفسية على الأكراد ووسط الرأي العام التركي نفسه في ما يبدو تأكيدا «للجدوى الأكيدة» لإصرار رئاسة الأركان على القيام بهذه العمليات حسـب تكرار رئـيس الأركان نفسه ياشار بويوك انيت في اكثر من مناسبة. وبيان رئاسة الأركان ربما يكون مؤشرا الى ان طريق العمليات العسكرية ليس وحده، بل ليس هو السبيل الأنجع لحل المشكلة الكردية في تركيا.
ولعل الحوار الذي اجرته الصحافية التركية المعروفة ياسمين تشاندار لصحيفة «طرف» التركية مع الرئيس العراقي جلال الطالباني سيزيد من غموض الموقف ومن الحرب الاعلامية والنفسية بين انقرة وخصومها من كل الأكراد، اذ ان الطالباني يشكك في صحة المعطيات التركية ويقول ان العمليات العسكرية لم تحقق اهدافها العسكرية. ويردّ السبب الى ان مسلّحي حزب العمال الكردستاني لا يتواجدون في مراكز فوق الأرض بل هم يختبئون في الكهوف وفي اماكن اشبه بالجحور حيث لا يطالهم احد.
ويتساءل الصحافي جنكيز تشاندار عما اذا كانت المعركة ضد حزب العمال الكردستاني قد تحــولت الى مـعركة أرقام. ويقول ان «الحديث عن الدعم الاستخــباراتي الأمـيركي لا يعني نتائج عسكرية مؤكدة فإسرائيل خاضــت ضد حزب الله صيف 2006 حربا مدعومة بكل المعــلومات الاستخباراتية الأميركية وغير الأميركية من دون تحقيق اي اهداف عسكرية». واليوم، يقول تشاندار، ان الدعم الأميركي «في اساسه سياسي». وتساءل «هل تنهي هذه العمليات حزب العمال الكردستاني؟ واذا كان بيان رئاسة الأركان صحيحا بأنه قتل من الأكراد مئتي عنصر فهذا يعني حسابيا بقاء 3800 عنصر أحياء. فهل تنتهي المشكلة بمثل هذه الحسابات؟».
ويذكّر تشاندار بكلام للرئيس عبد الله غول قبل ايام من انه لا بد من حل شامل وواقعي وهادئ وبدم بارد وبمشاركة الباحثين المختصين، للمشكلة الكردية «وهي لا تحل بالقول اننا قتلنا اليوم عشرة منهم وغدا قتلنا عددا آخر وهكذا، بل يجب تغيير البنية التي تنتج الإرهاب». ويؤيد تشاندار هذا الكلام ويقول «وإلا سنبقى نقوم بعمليات حسابية لا تنهي المشكلة تماما كما نفعل منذ 23 عاما!».
وينسجم كلام غول هذا مع ما كان اعلنه قائد القوات البرية الحالي ايلكير باشبوغ في تموز 2005 وكان حينها رئيسا ثانيا للأركان من ان حل المشكلة يأتي في اطار الحدّ من انضمام الشباب الكردي الى حزب العمال الكردستاني من خلال خطة اقتصادية واجتماعية، ولاسيما ان غالبية المنضوين فيه هم من الأميين او ذوي التحصيل الدراسي المنخفض ومن العاطلين عن العمل.
ويرى كبير مستشاري رئيس الحــكومة احـمد داوود اوغلو في حديث لصحيفة «راديكال»، ان «الســياسة المتــبعة حاليا تؤمن ارضية مناسبة في الســياسة تسهّل تطبيق سياسة القوة. فالتحضير السياسي للعمليات حال دون ردود فعل سلبية عليها لا من الغرب ولا من الشرق الأوسط. وهي سياسة وسط بين الإفراط في استعمال الــقوة وبين سياسة القوة الرخوة. سياسة الجزرة والعصا التي نجــحت للمرة الأولى في تركيز الجيش التركي عملياته واهتمامه على جبهة واحدة بينما كان التركيز في الماضي مشــتتا بين الأكراد وقبرص واليونان. اليوم تم تحييد الجبهتين اليونانية والقبرصية».
واذا كانت الأمور بخواتيمها كما يقال، فإن حزب المجتمع الديموقراطي الكردي يتحضر على ما يبدو للتحرك «بطريقة مختلفة» لوقف الهجمات التركية على اقاربهم في الدم والقضية اي على حزب العمال الكردستاني من خلال الاعداد لإقامة درع بشري على الحدود مع العراق من عوائل قتلى حزب العمال الكردستاني ومن مدنيين ونواب اكراد للضغط لوقف الغارات التركية. وهذا ان حدث قد يرسم مسارا مختلفا للأحداث.
ويترافق كل ذلك مع بدء محاكمة النائب الكردية ايسيل توغلوق بتهمة دعم حزب العمال الكردستاني قبل ان تصبح في منصبها، وهي تهمة تستوجب السجن ثلاث سنوات. وقد طلب محامي توغلو وقف المحاكمة بسبب الحصانة النيابية التي تتمتع بها .

محمد نور الدين

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...