ألبسة الأطفال صناعة محلية بأسعار محلية ولكن!

30-08-2009

ألبسة الأطفال صناعة محلية بأسعار محلية ولكن!

على الرغم من تحرير أسعار جميع الألبسة، الرجالية والنسائية، إلا أنّ ألبسة الأطفال ما زالت تغرّد خارج السرب دون أيّ سبب معروف حتى الآن، ولم تجد ألبسة الأطفال حتى الآن طريقها إلى تحرير أسعارها.
رفضت وزارة الصناعة بداية السماح بتحرير أسعار ألبسة الأطفال، مطالبة وزارة الاقتصاد بالاستمرار في تحديد الأسعار، وعدم تحريرها، والتي بدورها أصدرت منذ نحو عامين قراراً يقضي بإعادة تكليف قطع ألبسة الأطفال، وإلغاء تحرير أسعارها نتيجة الارتفاع الكبير الحاصل في الأسعار، وحجّة الوزارة في ذلك أنّ مبرّرات الصناعيين والمنتجين المطالبين بتحرير أسعار ألبسة الأطفال لا تمتّ إلى الموضوعية والدقة بصلة.
إلا أنّ رابطة المصدّرين وغرفة صناعة دمشق طالبتا بتحرير أسعار ألبسة الأطفال، ذلك أنّ الرابطة اعتبرت أنّ ألبسة الأطفال المستوردة من كافة أنحاء العالم لا تخضع لهذا النظام، وهي حرة في التسعير، ورأت أنّ تحديد أسعارها مجحفٌ بحقّ الصناعيين والمنتجين، وذلك بحسب باسل الحموي، نائب رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها، الذي بيّن أنّ المقصود بتحرير أسعارها ليس ارتفاعها بل إعطائها مرونة أكثر، وتبسيط الإجراءات البيروقراطية المعقدة على أيّ صناعي ينتج من الداخل.
ويضيف حموي: «نحن في غرفة صناعة دمشق نؤيّد مطلب أصحاب ألبسة الأطفال بتحرير نسبة أرباحهم، ونلتزم مع الصناعيين بأن نقدّم في أسواقنا المحلية أفضل أنواع الألبسة وبأقلّ سعر ممكن، ومن البديهي أن يحصل ذلك بعد دخول كمٍّ هائل من البضائع المستوردة من السوق لألبسة الأطفال».

 مقارنة البضاعة المحلية بمثيلتها المستوردة هو ما دفع الصناعيين ومنتجي ألبسة الأطفال إلى المطالبة بتحرير أسعارها، وهذا ما أكّده فراس الجاجة، عضو مجلس إدارة في رابطة المصدرين، بقوله: «مع انفتاح السوق السوري، ودخول البضاعة المستوردة، أصبحت مهمّتنا، بالإضافة إلى التصدير، منافسة المستورد، لكنّ البضاعة المستوردة الآن، فيما يخصّ ألبسة الاطفال، أصبحت تزاحم المنتج المحلي وتأخذ مكانه، والسبب يعود إلى جلب أجزاء بسيطة إلى سورية من بضائع تسمّى «كميات ضخمة من الإنتاج»، وهذه تكون بتكاليف تصنيعية أقلّ ممّا لدينا إلى جانب المنتج الصيني، وموضوع التهرّب الضريبي، إضافة إلى عدم الملاحقة القانونية بالأمور المطلوبة من المحلي، لكن هذا لا يعني أن يفرض على المستورد ما يفرض على المحلي.
والحلّ، بحسب الجاجة، إمّا بإلغاء الاستيراد الذي أصبح مسموحاً به، أو أن نلجأ اليوم إلى تحرير أسعار ألبسة الأطفال على الأقل، مقارنة مع تحرير أسعار ألبسة الأطفال المستوردة؛ أي المعاملة بالمثل، فما هو السبب في أنّ أسعار الألبسة الرجالية والنسائية والجوارب محرّرة، على اعتبار أنّها صناعة محلية، وبماذا تختلف ألبسة الأطفال عنها؟».

من المعروف أنّ أيّ منتج مقيّد لا يصل إلى درجة جيدة تجعله قادراً على المنافسة، وهذا الأمر ينطبق على ألبسة الأطفال التي فقدت مؤخراً القدرة على منافسة أيّ منتج آخر مستورد في السوق، حيث يشير حموي إلى أنّه تم السماح باستيراد ألبسة الأطفال عام 2005، وضمن سياسة اقتصاد السوق الاجتماعي لا يجب أن يكون هناك تحديد للأسعار، بل التنافسية هي التي تفرض على المنتج أو المستورد تخفيض أسعاره، لكي يستطيع أن يستمرّ في مبيعاته ضمن السوق المحلية، لذلك وبعد مرور أربع سنوات أصبح من الضروري تخفيض الإجراءات المعقّدة على الصناعيين، وخاصة منتجي الألبسة».
من جهته يبيّن الجاجة أنّ سورية تعدّ من أهمّ دول العالم في تصدير ألبسة الأطفال، وأهمّ منافس لدول الجوار حتى في مجال السعر، لكن تحديد أسعارها جعلها ثابتة في مكانها، بل أصبحت صناعة ألبسة الاطفال في تراجع مستمر، ويضيف الجاجة: اختلاف أسعارها في السوق يعود إلى اختلاف المناطق، حيث نرى اليوم أنّ بيجامة أطفال في منطقة معينة  ثمنها 150 ليرة سورية، وبيجامة أطفال في منطقة أخرى ثمنها 1500 ليرة سورية، فالموقع الجغرافي يلعب دوراً مهمّاً في اختلاف الأسعار، ومن الصعب مقارنة أسعار محل بيع ألبسة أطفال في الدويلعة بنفس أسعار محلّ في باب توما أو ضمن المول التجاري، وبالتأكيد قطعة الثياب ليست نفسها بل هي مقلّدة وشبيهة لها من حيث اختلاف الأقمشة والجودة الخاصة بها».
ويضيف الجاجة مشكلة أخرى إلى المشاكل التي يعانيها معظم منتجي ألبسة الأطفال: «على التاجر أو المصنع تقديم بيان تكلفة، وبعد ذلك يأخذ التسعيرة المناسبة، لكن، وفوق هذا كله، يعود موظف التموين ويقوم بأخذ قطعة لدراستها وفحصها ووضع السعر لها، لماذا هذه الازدواجية؟ فمن المفروض أنّني قدمت بيان التكلفة التي تكفي دون وجود ضرورة لأخذ القطعة لدراستها، وما يزيد في الطين بلّة أنّه لا يتوفر لدينا اليوم موظف تموين إمكانيّاته العلمية تؤهله لوضع السعر المناسب لأيّ قطعة، ونقع نحن ضحية هذا الوضع المتشابك.. فإلى متى ستستمر هذه الحالة؟

إنّ تحرير الأسعار تمّ على جميع الألبسة، ما عدا ألبسة الأطفال، والسبب ـ كما ذكر حموي ـ كان تأكيد الحكومة على أنّ أسعار ألبسة الأطفال متدنّية، وفي متناول أيّ مواطن، وكون هذه الفترة الانتقالية اللازمة لدخول البضائع من خارج سورية، الأمر الذي جعلها منافسة للمنتج المحلي بعد 4 سنوات، ربما تكفي لاستقرار السوق، وخلق سوق المناخ التنافسي المطلوب».
ومن جانبه يذكر الجاجة: «نحن لا نطالب بتحرير السعر لألبسة الأطفال، بمعنى رفع الأسعار الحقيقية، ولكن نحن مقيدون بالربح الذي فرضه القانون بنسبة 20% للمنتج، والذي يصل – بعد حساب البضاعة «الستوك»، والبضاعة التالفة المرتجعة، والبضاعة المتأخرة في الإنتاج - إلى 5%، دعونا نحرّر أسعار ألبسة الأطفال لكي نخوض في مضمار المنافسة، لذلك أتمنّى ألا يفهم طلب تحرير الأسعار بالنسبة إلى ألبسة الأطفال أنّه ربحي، فالمنافسة هي الأهم، وليس من الضروري أن نفكر في الرخيص، بل الإنتاج حسب طلب الزبون أو المستهلك مع العلم بأنّ صناعة ألبسة الاطفال لها نفس مصاريف السلعة الرجالية والنسائية، لكنها تحسب على أساس أنها قطعة صغيرة».

قرار تحديد أسعار ألبسة الأطفال جعل العديد من الصناعيين والمنتجين ينتقلون إلى الاستيراد، فهو مجال مربح أكثر، بحسب قولهم، والبعض انتقل إلى إنتاج ألبسة رجالية ونسائية، ويقول الجاجة لا يوجد في مجال ألبسة الأطفال تجار كبار وأصحاب منشآت صناعية، بل الأغلبية هم صغار كسبة، وورشات عمل صغيرة تعمل في هذا المجال، وقد أغلقت نتيجة القرار التعسفي.
ويتخوف حموي من تحوّل مصنعي ألبسة الأطفال من مصانع منتجة إلى تجار مستوردين لهذا الصنف في حال تمّ قرار تحديد نسب أرباح ألبسة الأطفال والالتزام بتقديم بيانات تكلفة، ويضيف: وجّهنا كتاباً إلى وزير الاقتصاد نطلب فيه منه تشكيل لجنة لدراسة هذا الموضوع، وإيجاد الحلول المناسبة للمنتج والمستهلك في آن واحد».   

تقييم سعر العيّنة التي تسحب من السوق يتمّ وفق أسس قديمة جداً تتجاوز العشر، ولا تواكب التطوّر  aمن ناحية الأشياء المضافة إلى القطعة من أقمشة وإكسسوارات حديثة تدفع باللجنة المختصة بفحص القطعة إلى وضع التسعيرة جزافاً، وعلى غير هدى على حدّ قول الصناعيين، ويرى الدكتور أنور علي، الخبير الاقتصادي، أنّ الأصل في القانون هو المنافسة، ويجب أن تحرر جميع أسعار الألبسة، وليس فقط ألبسة الأطفال، وأن تخضع للعرض والطلب، فهذه العملية هي التي تخلق جوّ المنافسة، والآن في ظلّ تحرير التجارة العالمية يعتبر من الأساسي والضروري أن يتمّ تحرير الأسعار لمنع الاحتكار وفقاً لقواعد السوق ومبدأ المنافسة الحرّة، وهذا المبدأ له استثناءات».
بالإضافة إلى أسعار المواد وخدمات القطاعات، وهناك استثناءات في الحالات الطارئة والكوارث الطبيعية، حيث يتم العمل وفق حرية الأسعار، حيث العرض والطلب هو الذي يحكم أنظمة السوق، وإذا كانت المنافسة حقيقية، بناءً على بيانات حقيقية من إدارة الجمارك العامة، وبيانات مدروسة وعلمية، فالمفترض أن ينخفض السعر، والأصل في العرض هم المنتجون والمصنعون، وفي الطلب المستهلكون، فالعرض والطلب يخضعان لقانون حماية المستهلك، وضرورة إلزام المنتج بالإعلان عن السعر، فالمستهلك هو صاحب الخيار، والخيارات متعددة ومختلفة أمامه ومن حقه أن يختار ما يتناسب مع إمكاناته. ويتابع علي: «طبيعة السوق والمنافسة الشريفة والشفافة تؤدي إلى سعر مدروس وثابت، وحتى عندما ترتفع الأسعار فهناك في المقابل قوّة شرائية عند المستهلك، وعندما يكون السعر غير مدروس تتزعزع الثقة بين المستهلك والمنتج، ولهذا فإنّ الجهات المختصّة يجب أن توفّر القوانين التي تنظم السوق لأننا لا يمكن أن نكون منفصلين عن العالم وتحرير الأسعار لا يعني الفوضى، وفي النهاية السوق سوف يوازن نفسه ويضع السعر الحقيقي، والذي يتناسب مع إمكانات المستهلك.

ماريشا زهر- هلا منى

المصدر: بلدنا

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...