«هدنة إنسانية» في حلب لفك الحصار عن شرقها

05-08-2014

«هدنة إنسانية» في حلب لفك الحصار عن شرقها

تعمل مجموعة من الوسطاء منذ نحو شهر على إيجاد صيغة توافقية للوصول إلى مصالحة جزئية في مدينة حلب، ستكون الأولى من نوعها لو تمّت، وذلك بهدف إيجاد معبر يصل بين شطري المدينة، الغربي الذي تسيطر عليه الحكومة، والشرقي الذي تتقاسم الفصائل المسلحة السيطرة عليه.
والمعبر مغلق منذ نحو ستة أشهر، بسبب خلافات بين الفصائل على الدخل الذي كان يحققه معبر بستان القصر (كراج الحجز)، من خلال فرض أتاوات على كل من يقوم بنقل البضائع بين شطري المدينة.
ومنذ إتمام المسلحين سيطرتهم على أحياء حلب الشرقية، قبل حوالي العامين، تم فتح معبرين يصلان شطري المدينة، أحدهما يقع في شمالها، وكان يُسمى حينها «معبر النهر»، حيث يمر من فوق نهر قويق على جسر حديدي قام مواطنون بصنعه، في حين يقع الآخر وسط المدينة (معبر كراج الحجز)، وهو الأكثر شهرة، حيث تناوبت الفصائل المسلحة السيطرة على المعبرين، اللذين شكلا ولفترة طويلة مصدر دخل كبير لها، قبل أن تسيطر «جبهة النصرة» على حي الشيخ مقصود بعد معارك مع لجان كردية كانت تسيطر على الحي بالتعاون مع الجيش السوري في العام 2013، حيث تمّ إغلاق معبر النهر نهائياً، ليبقى معبر كراج الحجز الطريق الوحيد الذي يصل بين شطري المدينة.عائلة سورية خلال فرارها من حي طريق الباب في شمال حلب في شباط الماضي (ا ف ب)
ومع بقاء معبر كراج الحجز وحيداً، ونتيجة للدخل الكبير الذي كان يحققه للفصيل المسيطر عليه، فقد اندلعت عشرات المعارك بين المجموعات المسلحة، والتي تناوبت السيطرة عليه، قبل أن تتدخّل «الهيئة الشرعية في حلب» وتنظم عملية السيطرة على المعبر، وانحازت في البداية إلى «أحرار الشام»، قبل أن يشتدّ عود «جبهة النصرة» وتحكم سيطرتها بشكل كلي على المعبر.
وشكل معبر «كراج الحجز» دخلاً لعدد كبير من المهرّبين الذين نشطوا على طرفيه، وقاموا بعمليات تهريب المواد الغذائية والخضار من الجهة الشرقية للمدينة، والممتدة حتى الريف، والدخان وبعض المواد الأولية من الجهة الغربية التي كانت محاصرة حينها.
ومع اشتداد الحصار على مدينة حلب، قبل تأمين طريق حلب ـ خناصر ـ حماه، فرضت «جبهة النصرة» رقابة صارمة جداً على المعبر، حيث أصدر «شرعيو الجبهة» حينها فتوى تعتبر سكان الجهة الغربية من المدينة «كفاراً»، ومنعت إدخال أية مواد غذائية إليها، وقامت بضبط عدد من المواطنين الذين كانوا يحاولون تهريب بعض الطعــام لعائلاتهم، حيث تمّ جلد بعضهم، وسجن آخرين. كما تعرض عشرات المواطنين يومياً إلى إهانــات، قبل أن تقرر «الهيئة الشرعية» التي تتحكم بها «جبهة النصرة» إغلاق المعبر بشكل كلي قبل نحو ستة أشهر، بحجة تسلل «خلايا نائمة» إلى أحياء حلب الشرقية.
ومع إغلاق آخر معبر يصل بين شطري المدينة، أصبح المواطن، الذي يودّ أن ينتقل بين حيّين متجاورين لا تتجاوز المسافة بينها 500 متر، أحدهما تسيطر عليه الحكومة والآخر الفصائل المسلحة، يحتاج إلى نحو ست ساعات من السفر، حيث ينبغي عليه أن يصل إلى خناصر، ومنها يعود إلى حلب، وبالعكس، ماراً على عشرات الحواجز.
وبالعودة إلى موضوع المصالحة، قال مصدر مطلع على الملف إن المصالحة معقدة جداً، وتجري بعيداً عن الأضواء، موضحاً أن الخطوط العريضة للمصالحة تقضي بانسحاب الفصائل المقاتلة من حي الشيخ مقصود، وتسليمه إلى مقاتلين أكراد، يتمّ بعدها فتح طريق بين شطري حلب، يسمح بمرور السيارات أيضاً.
وعن معوقات المصالحة، أشار المصدر إلى أن «جبهة النصرة» تضع كل ثقلها لتخريبها، موضحاً أن «لواء شهداء بدر» أبدى استعداده للانسحاب، إلا أن «النصرة» مازالت متعنتة، حيث يخشى أن تخرب المصالحة وتمنع فتح المعبر.
وعن سبب التحرك لفتح معبر في هذا الوقت بالتحديد، أشار المصدر إلى أن سيطرة الجيش السوري على محيط حلب، وتشكيله طوقاً يفصل بين المدينة وريفها، وفتح طريق إمداد للأحياء الغربية، قلب المشهد، حيث باتت أحياء حلب الشرقية محاصرة، ويعاني فيها ما تبقى من مدنيين من أزمة معيشية كبيرة، وهو أمر تطلب إيجاد حل لهذه القضية، مشيداً بالموقف الحكومي السوري الذي وصفه المصدر بـ«الإنساني».
وبحسب المصدر فإن وسطاء من الأمم المتحدة يعملون على هذا الملف أيضاً، الذي يتوقع الانتهاء منه والتوصل إلى اتفاق خلال أيام عدة، حيث تمّ فتح الطريق بشكل تجريبي قبل أيام من جهة الشيخ مقصود لمدة ساعة واحدة، قبل أن يُعاد إغلاقه، بانتظار التأكد من عدم قيام «جبهة النصرة» بتخريب الاتفاق، وانسحاب المسلحين من حي الشيخ مقصود وتسليمه إلى القوات الكردية.

علاء حلبي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...