«مونولوجان» قصيران! ..راتبك ومصروفك

25-10-2019

«مونولوجان» قصيران! ..راتبك ومصروفك

كلما وقفت متأملاً مشهدَ الناس إلى جوار الصرافات بعد أن يكونوا قد قبضوا رواتبهم أتخيّلُ كلَّ واحد منهم يجري حواراً خاصاً بينه وبين نفسه على شكل مونولوجٍ دراميّ قصيرٍ كالآتي:

«أوووه يا ربّ يا رحيم… والآن من أين سأبدأ؟ حسناً سأعطي جارنا السمّان أولاً لأنه كل يوم ينطقُ صباح الخير كما لو أنه يقول لي: لا تنسى الديون التي عليك يا جار لقد امتلأت صفحتك حتى آخر سطر. لا، لا… يُفضّل أن أبدأ بحفظ المبلغ المتبقي من أقساط روضات الأولاد. لا، لا…يمكن لمالكي الروضة أن ينتظروا حتى الشهر القادم لن تقوم القيامة

 الأهمّ هو أن أدفع جزءاً من سعر المازوت فلن أعيد تجربة الشتاء الماضي بالبقاء تحت البطانيات وتحت رحمة الطقس وانقطاع الكهرباء وقلّة الغاز. لكن يا إلهي كيف أحتفظُ بهذه المبالغ و«وجع الضرس أصعب من وجع الفلس» بألف مرّة وأضراسي المنخورة جعلت فمي يشبه صواعد ونوازل مغارة «الضوّايات» في طرطوس. آآآخ وهل سيطيبُ لي أن أفعل ذلك وابنتي بحاجة إلى عملية تصحيح بصر ونظّارات طبيّة لتتمكن من الدراسة بالشكل السليم»!؟.

«آه نسيت موضوع الجمعية مع زملائي في الدوام… وقسط تنكة زيت الزيتون لـ«بيت حماي» في الضيعة… وأدوية الضغط والسكّري لوالدي… ولا بأس فلتنتظر زوجتي الحبيبة للشهر القادم فأنا أعدها بـ«بلوزة» جميلة تليق بها وبصبرها وتفهّمها. ولأنتظر أنا أيضاً فليس من الضروري أن «أبعزق» أكثر من نصف الراتب فقط لشراء قميص وبنطلون جديدين… يكفيني ما اشتريته «أوّل عمنوّل» فالأناقة لا تُشترى بالمال؛ فإمّا أن تكون أنيقاً أو لا تكون هذه هي المسألة… كما يقول جدّنا المرحوم «شكسبير»!أمّا مونولوج آخر الشهر فأتخيّلُ جميعَ الموظفين يختصرونه بهذه الجملة البليغة الفخمة المملوءة بأشعّة الأمل والمنبثقة من «صماصيم» الأحشاء والقلوب:«وينك يا أوّل الشهر؟!».

 

 


تشرين -  جواد ديوب

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...