«عايزين نعيش».. حملة مصرية لمقاومة الإجراءات الاقتصادية

29-11-2016

«عايزين نعيش».. حملة مصرية لمقاومة الإجراءات الاقتصادية

أطلق عددٌ من الشخصيات السياسية والنقابية حملةً لمعارضة الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة مؤخراً في مصر تحت عنوان حملة التصدي لسياسات الإفقار «عايزين نعيش»، للدفاع عن حق المواطنين المصريين فى التنظيم المستقل النقابي والتعاوني للدفاع الجماعي عن مصالحهم، بحسب البيان.إحدى العشوائيات في القاهرة (عن "الإنترنت")
وصدر أمس البيان التأسيسي للحملة، حاملاً توقيع عددٍ من النقابات والاتحادات المستقلة والأحزاب والقوى السياسية، بالإضافة إلى أكثر من 150 شخصية سياسية ونقابية وقيادات شبابية.
البيان أعلن عن إطلاق حملة للتصدي لسياسات الإفقار والخيارات الاقتصادية التي عبرت عنها القرارات الاخيرة التي اتخذها المصرف المركزي والحكومة في الثالث من تشرين الثاني الحالي.
وأكد البيان الرفض الكامل لتلك القرارات، معتبراً أنها تحمل أعباء الأزمة الاقتصادية للغالبية من المواطنين أصحاب الدخول الصغيرة والمتوسطة، ولم تمس المدخرات الهائلة والأملاك الواسعة للأقلية الميسورة من المجتمع المصري.
وأشار البيان إلى غياب آليات الديموقراطية عن الطريقة التي اتخذت بها تلك القرارات، حيث لم يؤخذ برأي الأغلبية التي ستضرر منها، بينما تم التشاور مع شبكات رجال الأعمال وغرفهم التجارية والصناعية.
وأشار البيان إلى الآليات التي ستدعمها الحملة، مؤكداً حق المواطنين المصريين فى التجمع الحر والاحتجاج السلمي، مشيراً في الوقت ذاته إلى قانون التظاهر الذي يمنع ذلك وواصفاً إياه بغير الدستوري، والذي كانت نتائجه إجبار عمال الترسانة البحرية على تقديم استقالاتهم بينما هم يحاكمون عسكرياً، والقبض على عمال النقل العام الذي نطالب بالإفراج الفوري عنهم بحسب نص البيان.
وأوضح الموقوعون على البيان رفضهم لما تذهب إليه الحكومة من أن تلك الإجراءات كانت ضرورية، مؤكدين وجود بدائل أكثر عدالة ومسؤولية، إلا أن السلطة اختارت هذه الخيارات المعادية لحق غالبية الناس، والتي أضرت مباشرة بحياة ملايين المصريين وبقدرتهم على تلبية احتياجاتهم الأساسية من مسكن ومأكل وملبس وقدرة على الحركة والانتقال، ومنهم الملايين من العاملين بأجر الذين فقدوا على الأقل نصف دخولهم.
وحمل البيان دعوةً لكل النقابات والجمعيات والروابط والأحزاب وكل مواطن وفرد، إلى الانخراط في الحملة الشعبية للتصدي لسياسات الإفقار. كما عرض البيان المطالب الثلاثة الرئيسية التي أعلنتها الحملة لمواجهة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة مطلع تشرين الثاني، وهي زيادة الأجور بما يتناسب مع معدلات التضخم، وتعديل هيكل الأجور لتقليل الفجوة بين المداخيل، وإقرار سياسات ضريبية عادلة بحيث تتوزع الأعباء الضريبية بعدل، وفرض ضرائب تصاعدية بشرائح متعددة وتطبيق الضريبة على تعاملات البورصة. وزيادة الأموال الموجهة لدعم برامج الحماية الاجتماعية، وتمويلها من الضرائب المحصلة من الفئات الأغنى.
ورغم مرور ما يقرب من شهر على إصدار الحكومة المصرية القرارات الاقتصادية الأخيرة، والتي تضمنت تعويم الجنيه ورفع أسعار الوقود، ما أدى إلى آثار تضخمية واضحة على الأسواق المصرية، إلا أن الحملة التي انطلقت أمس هي رد الفعل الأول المنظم على تلك الإجراءات.
هشام فؤاد، عضو نقابة الصحافيين والقيادي في «حركة الاشتراكيين الثوريين» والعضو المؤسس في الحملة، قال إن «الحملة ليست بداية مقاومة إجراءات الحكومة الاقتصادية، ولكنها محاولة لتنظيم المقاومة الموجودة بالفعل. لقد مثلت القرارات التي اتخذتها الدولة صدمة للشارع المصري، كما أن فزاعة 11 نوفمبر، والإعلان المريب عن انتفاضة للغلابة في ذلك اليوم، وما تلاه من استعدادات أمنية غير مسبوقة، عطلت ردود الأفعال على تلك الإجراءات، ولكن لا يمكن تجاهل حالة الغضب المكتوم في الشارع المصري ومظاهر المقاومة المتفرقة هنا وهناك».
وأضاف فؤاد أن «الحملة تهدف بالأساس إلى الانطلاق من الوضع الموجود بالفعل، والعمل على تنظيمه وتطويره حتى لا نفاجأ بانفجار عفوي بلا هدف، الحملة صاغت مطالب واضحة لمصلحة الفقراء والطبقات الكادحة، كما أنها انطلقت من الكيانات العمالية المنظمة والمستعدة للعب دور فعال في مقاومة تلك الإجراءات، وستسعى لبناء قاعدة للمقاومة في المناطق التي يعاني أبناؤها من آثار تلك السياسات، المصانع والأحياء والقرى والجامعات، وستعتمد على آليات الضغط السلمي والتي أكد عليها الدستور، من احتجاجات سلمية ومؤتمرات وورش عمل وحلقات دعائية وغيرها، وأتوقع مع تزايد آثار السياسات الاقتصادية للحكومة في الفترة المقبلة أن تتزايد وتيرة المقاومة لتلك السياسات خاصة في الأوساط العمالية».
ربما تكون الخطوة التي اتخذت أمس بإطلاق حملة «عايزين نعيش» ضرورية بالفعل لتحويل أي مقاومة للأوضاع الاقتصادية التي خلفتها قرارات الحكومة الأخيرة من الحالة العفوية إلى الحالة المنظمة، خاصة أنها نجحت في جذب الكثير من التجمعات النقابية سواء العمالية أو المهنية، بالإضافة إلى الأحزاب والقوى السياسية المعنية بقضية العدالة الاجتماعية.
إلهام عيدراوس، وكيلة مؤسسي حزب «العيش والحرية» اليساري، من جهتها، قالت إن «الحملة خطوة ضرورية بل إنها جاءت متأخرة لمواجهة سياسات الإفقار التي تنتهجها الدولة منذ فترة طويلة، لكن موضوع تحرير سعر الجنيه وقرارات 3 نوفمبر والاتفاق مع الصندوق كانت تتويجاً لها».
وأضافت عيدراوس أن «أهم ما يميز الحملة في رأيي عدم اقتصارها على الأحزاب والحركات السياسية، بل وجود الأشخاص والكيانات ذات الطبيعة الاجتماعية مثل النقابات لأن هؤلاء أصحاب المصلحة الأساسية في التصدي لهذه السياسات الاقتصادية والإجراءات القمعية التي تتخذها الدولة، ومتوقع ان تتوسع فيها في مواجهة المطالبات الاجتماعية كما فعلت مع عمال النقل والترسانة الخ، وكما تفعل في مواجهة المطالبات الديموقراطية من النشطاء السياسيين والجماعات السياسية».
وشددت عيداروس على أن «آليات الحملة وأدواتها مفتوحة لكل أشكال النضال الديموقراطي وفقا لما تقرره الأطراف المختلفة المشاركة فيها، ونحن في حزب العيش والحرية مؤمنون بأن النضال مع أصحاب المصلحة من المواطنين والفئات الاجتماعية المختلفة المتضررة من هذه السياسات هو الأهم. وفي رأيي المحطة الأولى يجب أن تكون الضغط على الدولة لتفعيل ما يسمى بالمجلس القومي للأجور المنشأ منذ 2003 ولم يفعل حتى الآن، وأيضاً انتزاع قانون الحريات النقابية من براثن مجلس النواب المعادي لكل أشكال التنظيم الديموقراطي كما اتضح من إصداره لقانون الجمعيات الاهلية».
الإجراءات التي اتخذتها الحكومة مؤخرا، هي الأكثر تأثيراً في حياة الطبقات الفقيرة والمتوسطة في مصر منذ عقود، ورغم تأثيرها المباشر والسريع على مستويات المعيشة، إلا أن ردود الأفعال عليها لم تظهر بالسرعة ذاتها. وإطلاق حملة «عايزين نعيش»، والتي ضمت كيانات نقابية وسياسية وأفرادا، يمثل خطوة هامة في الإجابة عن الكثير من الأسئلة في الفترة المقبلة.

مصطفى بسيوني

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...