«النصرة» ترتكب مجزرة.. والجيش يحاول احتواء سقوط جسر الشغور

27-04-2015

«النصرة» ترتكب مجزرة.. والجيش يحاول احتواء سقوط جسر الشغور

بعيداً عن رمزية جسر الشغور التاريخية، والتي كانت أحد أبرز معاقل جماعة «الإخوان المسلمين» في ثمانينيات القرن الماضي، شكلت سيطرة «جبهة النصرة» على المدينة، قبل يومين، خرقاً في المشهد الميداني في الشمال السوري المفتوح على تركيا، ووسط سوريا الذي يمثل نقطة ارتكاز وحلقة ربط بين القوات السورية المقاتلة، الأمر الذي استدعى إعادة تقييم ودراسة سريعة للمستجدات والبدء بعملية عسكرية واسعة أكبر من مجرد «ردة فعل»، وفق تعبير مصدر ميداني، الذي أوضح أن هذه العملية شكلت حلقة أوسع من العملية السابقة التي مهد لها الجيش السوري لاستعادة مدينة إدلب التي سيطرت «جبهة النصرة» عليها.
الأهمية الاستراتيجية للمدينة الصغيرة دفعت قيادة الجيش السوري الى إصدار بيان عسكري مستعجل، عقب انسحاب قوات الجيش إلى مدينة أريحا، وتمركز قوة صغيرة للدفاع عن المستشفى الوطني الواقع على أطراف المدينة، والذي يضم عدداً من جرحى الجيش إلى جانب مصابين من المواطنين الذين انهالت عليهم مئات القذائف خلال الأسبوع الماضي.
وأكد البيان أن ما جرى في جسر الشغور هو «إعادة تمركز» وانتشار في محيطها، ما يؤكد أهمية المدينة وعزم القيادة العسكرية على استرجاعها، وهو ما لم تشهده مدينة إدلب رغم سقوطها بيد «النصرة»، خصوصا أن سيطرة المسلحين على جسر الشغور تسببت بانقطاع خطوط الإمداد عن مدينة أريحا والقوات المرابطة فيها، وقد تمكن المسلحون من عزل قوات الجيش المرابطة في معسكري القرميد والمسطومة على تخوم مدينة إدلب.
وأوضح مصدر ميداني، لـ «السفير»، أن قوات الجيش السوري انسحبت من المدينة، التي يتجاوز عدد سكانها 150 الف نسمة نظراً للتكاليف البشرية الباهظة التي سيكلفها البقاء فيها، بسبب غزارة الصواريخ التي أطلقت على المدينة من جهة، والأسلحة النوعية والثقيلة التي استخدمها المسلحون في هجومهم، والتي تبين «مدى الدعم الذي تتلقاه الفصائل التابعة إلى القاعدة في هجومها على نقاط تمركز الجيش السوري»، في إشارة الى الدعم التركي المفتوح الذي حوّل الفصائل التي كانت تقاتل بشكل «عصابات» إلى تشكيل يقارب بقوامه «الجيش النظامي»، الأمر الذي تطلب تكثيف استخدام الطيران الحربي لاستهداف الآليات الثقيلة، وهو ما لا يمكن تنفيذه في ظل الكثافة السكانية وتقارب خطوط التماس والتحامها بين المسلحين وقوات الجيش، حيث تم الانسحاب وفتح الطريق للمدنيين للخروج للتقليل من الخسائر البشرية.
وانسحب الجيش السوري نحو مدينة أريحا، وانتشرت قواته في محيط المستشفى الوطني، الذي لا يزال صامداً حتى الآن، وسط تضارب الأنباء حول وصول مؤازرة له وفك الحصار عنه.
في هذا الوقت، تابع مسلحو «النصرة» هجومهم على القرى المحيطة بالمدينة، حيث تمكنوا من اختراق قرية اشتبرق التي ينتمي سكانها إلى أقليات طائفية، وارتكبوا مجزرة بحق نحو 30 مواطناً، بينهم نساء وأطفال ممن بقي في القرية، فيما نزح سكان القرية عبر الأراضي الزراعية إلى القرى والمدن المجاورة.
ردة فعل الجيش الأولى على سيطرة المسلحين على المدينة كانت بتكثيف الغارات على مواقع تمركزهم داخلها، حيث نفذت طائرات حربية عددا كبيرا من الطلعات الجوية، استهدفت خلالها مراكز في محيط المدينة وداخلها، الأمر الذي أوقع «عددا كبيرا من القتلى في صفوف الفصائل المتطرفة»، وفق تعبير مصدر عسكري، موضحاً أن أبرز هذه الغارات تمثلت باستهداف رتل كبير لـ «جبهة النصرة» في منطقة الصوامع في المدينة، حيث قتل أكثر من 50 مسلحاً وأصيب نحو 100.
واستعاد الجيش السوري، والفصائل التي تؤازره، المبادرة على خطوط التماس بين ريفي إدلب وحماه، حيث سيطر على حاجز التنمية في قرية الزارة، وتمكن من إعادة تثبيت قواته في قرية الغانية جنوب جسر الشغور، الأمر الذي وضع المدينة بين فكي كماشة، بالتزامن مع تكثيف القوات المرابطة في أريحا لتحركاتها، وثبات القوات المرابطة في معسكري المسطومة والقرميد رغم المحاولات المستميتة من قبل الفصائل المتشددة للسيطرة على المعسكرين.
وذكر الجيش التركي، في بيان، انه أرسل طائرتين من طراز «إف 16» إلى الحدود مع سوريا أمس الأول بعد اقتراب طائرة سورية من طراز «سوخوي 24»، مشيراً إلى أن الطائرة انسحبت بعد اقترابها لمسافة 1.2 ميل بحري من الحدود التركية.
وأوضح المصدر الميداني أن أهم نقطة في خطة الجيش تقضي بثبات القوات المرابطة وتشديد الخناق على مواقع المسلحين عبر محاصرتهم من أكثر من محور. وشدد على الأهمية الإستراتيجية لمدينة جسر الشغور، موضحاً أن انقطاع خطوط الإمداد عن بعض نقاط الجيش يقضي بالضرورة استكمال العمل العسكري وإعادة ربط القوات وفك الحصار عنها كخطوة أولى، لاستكمال عمليات الجيش في ريف إدلب وصولاً إلى المدينة، الأمر الذي يعني أن المدينة ستشهد المعركة الحاسمة والتي تحدد نتائجها مستقبل إدلب وريفها.
علاء حلبي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...