لعبة الاستخبارات المزدوجة بين إيران والولايات المتحدة

31-07-2010

لعبة الاستخبارات المزدوجة بين إيران والولايات المتحدة

في العام 2007، جزمت الاستخبارات الأميركية «بثقة عالية» أنه «في خريف العام 2003، أوقفت طهران برنامجها النووي، بما في ذلك تصميم الأسلحة النووية وتخصيب اليورانيوم». وما يثير الدهشة هو اعتبار الاستخبارات أن هذا التحول هو نتيجة «زيادة المراقبة الدولية والضغوط الناجمة عن التعرض لأنشطة إيران النووية غير المعلن عنها سابقا».
هذا التقييم، الذي قلل من شأن فرض المزيد من العقوبات على إيران، ثبت عدم صحته في عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما. من هنا، حاولت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن تحلل الأسباب وراء هذا التقييم الذي وصفته «بالكارثي»، حيث اعتبرت أنه «كلف الولايات المتحدة وقتا ثمينا في التعامل مع تهديد جدي».
وانتقدت الصحيفة عمل الاستخبارات الأميركية، إذ رأت أنه «في العام 2007، كانت الاستخبارات تملك الأدلة ذاتها التي كانت جعلتها تستنتج في 2006، بثقة عالية أيضا، أن إيران بدأت سرا العمل على برنامج الأسلحة النووية». وأشارت إلى أن هذه الأدلة تضمنت تقارير تفيد بأن طهران أجرت اختبارا على «بلوتونيوم 210»، وهو عنصر رئيسي في الجيل القديم من صناعة القنابل النووية، إضافة إلى معلومات تم الحصول عليها من جهاز كمبيوتر إيراني تمت سرقته.
وأشارت الصحيفة إلى أن ما ساعد في تغيير هذا الاستنتاج، بالإضافة إلى إعادة تنظيم أجهزة الاستخبارات الأميركية بعد تقرير لجنة الكونغرس حول هجمات 11 أيلول، هو تلقي معلومات استخباراتية سرية جديدة من إيران، تضمنت أدلة مقنعة على أن التسهيلات لبرنامج تصميم الأسلحة، المعروف «بالمشروع 111»، الذي اكتشف على الكومبيوتر المسروق قد توقفت في العام 2003، وصور الأقمار الاصطناعية التي أظهرت أنه تم جرف المباني المشاركة في البرنامج، بالإضافة إلى الاتصالات التي بينت أن العلماء أخلوا الموقع، وشهادة المنشق الرفيع المستوى من الحرس الثوري الإيراني علي رضا عسكري، والتي قال فيها أن العمل بـ«المشروع 111 « توقف.
وأشارت الصحيفة، إلى أن الاستخبارات الأميركية (سي أي ايه) استعانت بشبكة من العملاء الإيرانيين لطالما تعاملت معهم على مرّ السنين، حيث كان يدعي هؤلاء أنهم نجحوا في معرفة طريقة تفكير النخبة الحاكمة في إيران. ولفتت إلى أن هؤلاء، قدموا تقارير دعمت النظرية القائلة بأن طهران قررت التخلي عن برنامجها النووي، دعمهم في ذلك واضعو التقرير العام 2007 الذين ذكروا «عبر أدلة سرية أن قرار إيران بوقف برنامجها النووي يوحي بأنها أقل تصميما على تطوير الأسلحة النووية مما كانت تظن وكالة الاستخبارات».
واعتبرت الصحيفة أن الخلل الذي حصل في نظام التجسس لدى الـ«سي آي ايه» هو السبب في تضليلها. وشرح جيمس رايزن في كتابه «حالة حرب» أن «وكالة الاستخبارات الأميركية تتواصل مع العملاء عبر الأقمار الاصطناعية المتطورة، التي يفترض أن أجهزة الأمن الإيرانية لا تستطيع تعقبها». أضاف، أنه في العام 2004 «قام ضابط في الوكالة عن طريق الخطأ بإدخال بيانات عبر الأقمار إلى عميل، ما ساعد إيران على التعرف تقريبا إلى كل عميل جندته الوكالة». واعتبر أن «هذا الخطأ الكارثي تضاعف، لأنه اتضح في ما بعد أن هذا العميل الذي تلقى البيانات هو عميل مزدوج يخضع لرقابة الأجهزة الأمنية الإيرانية».
وأشارت إلى أن هذا الأمر أتاح للأجهزة الأمنية الإيرانية معرفة جميع التقنيات التي كانت تستعملها الـ«سي أي ايه»، مشيرة إلى أنها كانت عرضة للحصول على معلومات مضللة تفيد بأن إيران تخلت عن طموحاتها النووية في العام 2004، ذلك «أنه ليس أمام العملاء من خيار سوى السماح للأجهزة الأمنية الإيرانية بالسيطرة على المعلومات التي كانوا يقدمونها للوكالة».
أحد هؤلاء، هو العميل شهرام أميري الذي فرّ إلى الولايات المتحدة، ليهرب مرة جديدة إلى إيران في تموز الحالي. فقد قدم أميري تفاصيل حول إنهاء «المشروع 111» والتي يفترض أن تتطابق مع المعلومات التي حصلت عليها الوكالة الأميركية، «وها هي إيران تدعي أنه كان عميلا مزدوجا».
واعتبرت الصحيفة أنه بغض النظر عن السبب وراء المعلومات الخاطئة التي قدمتها الـ«سي آي ايه»، سواء كان بسبب تضليل من إيران أو خطأ منها، فقد قوّضت هذه التقارير احتمال اتخاذ أي إجراء أشد صرامة ضد طهران، لدرجة أن الدول الأخرى صدقت أن إيران تخلت عن برنامجها النووي، وفقدت أي حافز لفرض عقوبات إضافية عليها.
أما المغزى من هذه «القصة المحزنة»، بحسب الصحيفة، فهو أن «التجسس بطبيعته لعبة ذات اتجاهين. فالجواسيس الذين يعتبرون أنهم الأصول في بلد مغلق، قد يتحولون إلى خصوم خطرين جداً».

المصدر: السفير نقلاً عن «وول ستريت جورنال» بتصرف

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...