هوس الرسم على الجسد يغزو صبايا وشباب دمشق

31-05-2006

هوس الرسم على الجسد يغزو صبايا وشباب دمشق

الجمل- تحقيق- ليلى نصر : ما زال السلك الشائك الذي وشمه (هاني الشيخ – 27عاما) على معصمه منذ أربعة عشر عاماً موجوداً للدلالة على الحرية المفقودة في مجتمعنا والقيود الذي تكبله أينما ذهب، فكان هذا الوشم شكلاً من أشكال السخط على حالة القمع هذه، والاختلاف والتميز عن الآخرين في رفضها كما يقول.
في حين أوحت مجموعة الأفاعي التي وشمها شاب آخر طويل القامة بالرعب والهيبة، ووصل بها إلى هدفه في لفت انتباه المحيطين في كافتيريا كلية الفنون الجميلة إلى قوة شخصيته ورجولته المستفحلة.
ممحاة للقلب العاشق
يتذكر (أحمد – 23 عاماً) أيام مراهقته الباكرة حين قام بحفر قلبه الخافق بالحب وسهم يخترقه مع حرف اسمه واسم حبيبته على طرفيه محاولاً إخفاءه في أعلى ظهره حتى لا يلحظه أحد، لكن أمر عشقه افتضح صدفة عندما ذهب مع أهله إلى المسبح فعرفوا بسره المكتوم. وبعد محاولات فاشلة لإقناعه بإزالته وتكليف أحد شيوخ الدين لإقناعه بمنطلق تحريمه الذي يستند إلى الحديث الشريف (لعن الله الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة المغيرات خلق الله)، لم يتنازل عنه إلا بعد خفوت وهج حبه الجارف وانتهائه بحرق الرسائل والصور، فخضع حينها لعمل جراحي محا أثر الحب الأول الذي حكم عليه الفراق، ولكن بصعوبة كما يقول، فعملية إزالته لا تقل ألماً عن صنعه الذي يعتمد على إدخال الحبر والصبغيات الملونة في المستوى العميق من الجلد باستخدام الإبر التي تدفع بالألوان داخل مساحات الجلد، لذا لدى إزالته بالليزر يتم إدخال حزم ضوئية عبر الجلد لامتصاص الوشم وتحطيم جزيئاته.
زوجة..للوشم
 حين كتب (محمد – 30 عاماً) اسم فتاته على ساعده كان لا يزال مراهقاً، وبعد أن تركته التي أحب وتزوجت من سواه، لم يفلح حتى العمل الجراحي في إزالة وشم اسمها، فاضطر للبحث عن فتاة تحمل نفس الاسم للارتباط بها، وصارت (ميساء) زوجته لكنها لن تكون سوى "زوجة لها اسم الحبيبة ".

متلجي
الوشم موجود منذ آلاف السنين، وارتبط بالديانات الوثنية التي انتشرت كحامل لرموزها الدينية وأشكال آلهتها، وكان يستخدم كتعويذة ضد الموت والعين الشريرة وللحماية من السحر، حتى أن هذا الرمز (الوشم) تحول إلى ما يشبه الطقس لدى جماعة المتلجيين (الذين يسمعون فرقة المتل للهارد روك) إلى هوية أو انتماء إذ ليس هناك شخص من هذه المجموعة ليس موشوماً، وهناك أشكال محددة من الوشم لهؤلاء الجماعة كصليب مقلوب أو رأس تنين، أو جمجمة...
بل ويصبح الوشم مبالغاً به إن كنا نتحدث عن (حكيم – 27 عاماً) الذي وشم جسمه كاملاً، وهو متلجي وخريج كلية الفنون الجميلة، ويمتهن هذه المهنة إذ لديه آله صغيرة لصنع الوشم تعمل على البطاريات يتقاضى بين (500- 5000) على الوشم الواحد حسب مساحته وصعوبة نقوشه.
موضة
قد يكون الوشم أحد أساليب التجميل التي تأتي لإخفاء آثار الجروح والحروق في أماكن معينة من الوجه أو الجسم، أو نوعاً من الزينة الدائمة التي تستخدمها النسوة لرسم الحاجبين وحول الشفاه والرموش، أو لتلوين المناطق المصابة بالبقع البيضاء من الجلد... لكنه اليوم بالنسبة لغالبية الشباب تقليد لأبطال ونجوم الأغنية الصاخبة وعبدة الشيطان، أو حتى تقليد لشخص نحبه ويؤثر بنا على مستوى قد يصل أحياناً إلى تغيير بعض من سلوكنا...، هذا ما حدث مع (هبا- 20 عاماً) حين رسمت على ساعدها فراشة صغيرة ووشمت حاجبيها لكي تريح نفسها من عناء الاهتمام بهما بشكل دائم، مقلدة قريبة لها مسافرة تحبها كثيراً، إذ تقول: كنت متحمسة لرسم وشم كما رأيته بالضبط عند ابنة خالي المقيمة في بيروت، بداية لم يرحب والدي بالفكرة لكنه قبل في النهاية تحت إصراري باعتبار أن الوشم صار موضة بين الشباب وتتطور باستمرار لتواكب آخر الصرعات وما نشاهده على الفضائيات وأغاني الفيديو كليب.
سكسي أكثر
يذهب الوشم لدى بعض النساء لأغراض تتعدى حدود التبهرج والزينة، إذ نلاحظ انتشاره في أماكن مثيرة في جسد المرأة وإذ سألنا ( ماري – 25عاماً) عن وشم يظهر جزء منه خارج ثيابها الداخلية في منطقة بين النهدين عن سبب اختيارها هذا المكان لوضع وشم هو عبارة عن نقش زخرفي بألوان متعددة قالت :الوشم سكسي أكثر...هكذا يراه حبيبي.
كما أن تحريمه الإسلامي لم ينهِ الفتيات الملتزمات دينياً عن صنعه، حتى أن محلاً في إحدى بنايات الـ 14 في المزة فيه محجبات يقمن برسم الوشم لزبونات خاصات جداً، محافظات ولا يسمحن أن يقوم شاب بوشمهن باعتبار أن أغلب من يمارس هذه الحرفة من الذكور.
هوية
إذا كان الوشم عند العرب وسيلة للزينة ورمزاً للتميز في الانتماء إلى القبيلة لذلك نجد أن أغلب البدو موشومون بما اصطلح عليه (الدقة) وهي عبارة عن نقوش صغيرة قد نجدها على وجوه البدويات وعلى أيديهن كما نجدها عند الرجال أيضاً، الوشم في هذه الحالة أصبح جزءاً من الذاكرة الاجتماعية وأبعد ما يكون هنا عن الموضة.
وسيكون الوشم في حالات أخرى إفصاحاً عن الهوية الدينية ومثال ذلك الصليب الصغير الذي يوشم على الكف أو الساعد (بحجم أكبر)، هذا ما لحظته خلال جولة طويلة في باب توما، إذ هناك الكثير من الفتيات لهن وشم على هيئة صليب صغير على اليد حيث قالت احدهن: (اليوم وأمام حالة الاختلاط الواسع التي نعيشها على صعيد العمل والدراسة، يعتبر هذا الصليب وسيلة لرسم حدود دقيقة واضحة مع الآخرين لاسيما على صعيد الارتباط والتقارب مع الجنس الأخر).

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...