ملك الفيوجن وصوت الشعب

15-08-2008

ملك الفيوجن وصوت الشعب

«لن يغنّي زياد! هذا ما أكّده لنا بعض أعضاء فرقته. الحفلات التي يقيمها في قلعة دمشق ستقتصر على البلوز والجاز... إلا أن بعض المتفائلين يراهنون على «مزاجيّة» الفنان، وتفاعل الحشود التي تنتظره بفارغ الصبر». بغض النظر عن دقّة هذا الكلام الذي قرأناه على الإنترنت، فنحن أمام عيّنة من المراهنات الرائجة هذه الأيام. ليس حدثاً عادياً ذلك الذي تشهده الشام. العاصمة السوريّة على موعد مع فنّان خارج التصنيف، ومشاغب من سلالة منقرضة. وكل يريد زياده. إذ إن الرحباني الابن خريطة متكاملة من المدارس والألوان والأنماط والأشكال الاستعراضيّة والتعبيريّة. لعلّ بعضهم يطالب بـ«عيسى ومخايل» أيضاً، والبعض الآخر يتوقّع سماع تلك الأغنيات الساخرة التي طبعت زمنها، وباتت عنواناً لرفض السائد الثقافي والاجتماعي والسياسي. ما يصحّ على هذا الصعيد في بيروت، يصحّ في الشام وأكثر. أحلام الحريّة نفسها، وكذلك النقمة والرغبة والسخرية والصراخ المكبوت.
زياد الرحباني الذي تتعاطى معه شريحة واسعة من الشباب العربي بصفته سفير الحريّة، وصوت النقد والتغيير، هو أكثر من موسيقي (وممثل وكاتب ومسرحي إلخ). إنّه حالة عامة. يروى أن والده عاصي سأله مرّة، صغيراً، من أين سمع اللحن الذي يدمدمه؟ «في رأسي، إنّه يتردد منذ حين». وريث المدرسة الرحبانيّة العريقة، أخذها إلى أماكن مغايرة، أذُنٌ عند سيّد درويش وأخرى عند أنطونيو كارلوس جوبيم. ننتظره من الشرق، فيأتي من البرازيل مع الـ«بوسا نوفا». لقد مزج التأثرات والأنغام في مختبره: ما نظنّه «جاز» و«بلوز» و«سوينغ»، هو أيضاً «فانك» و«صول» و«ريتم أند بلوز»... زياد هو ملك الـ«فيوجن» بامتياز. الفيوجن كفلسفة حياة. موهبته الموسيقيّة ومناهله المختلفة وإلمامه الدقيق بالتراث العالمي، تتقاطع مع نزقه وقلمه المرّ كـ«معلّق» وكاتب أغنيات وحوارات ومقالات، من الشارع يصطاد الكلمات، فيستخرج الشاعريّة من فجاجتها... وأخيراً يأتي حضوره الشخصي عنصراً أساسيّاً في المعادلة، عازفاً على البيانو أو «كوميديّاً» على الخشبة: كلمة أو حركة، وتنهار الجموع من الضحك.
في التسعينيات فكّر ذات مرّة جدياً في خوض الانتخابات النيابيّة، ثم عدل عن تلك المغامرة. ومع ذلك يمكننا القول إن الفنان الذي تستقبله دمشق الليلة بالأحضان، هو... «صوت الشعب».

بيار أبي صعب

 

ألبومات
بالأفراح (1977)

«بالأفراح» هو مساهمة زياد في الموسيقى الشرقية الكلاسيكية، أدّى عبره «واجبه» تجاه المحافظة على الأصالة قبل أن يتفرّغ لمشاريع تطوير موسيقانا بطريقة تؤمن لها الاستمرارية والتجدُّد بعيداً من الأطلال. هكذا، استعاد على قاعدة تخت شرقي مُطوَّر، روائع لسيد درويش وزكريا وحليم الرومي والأخوين رحباني...

وَحدُن (1979)

إنّه الألبوم الأول الذي افتتح اللقاءات بين زياد وفيروز. حوى «وَحدُن» 5 ألحان متماسكة كالصلب للشاب العشريني، تنوعت بين شرقية مصرية («بعتلك») وشرقية فيليمونية («حبيتك تانسيت النوم» و«أنا عندي حنين») بالإضافة إلى بصمات خاصة لامسَت ذروة النغم التعبيري الحزين («وَحدُن») والشعبي الاحتفالي («البوسطة»).

هدوء نسبي (1985)

ينتمي هذا العمل إلى أكثر المراحل الموسيقية غزارةً في مسيرة زياد الذي ابتعد عن المسرح ليتفرغ لتسجيل أعمال وضعته بين أهم الموسيقيّن في تاريخ الفن العربي الحديث. يُعد «هدوء نسبي» بمثابة سفير موسيقى زياد إلى العالم. أتت الحصة الأكبر فيه موسيقية بقوالب طالت معظم التيارات الغربية في القرن العشرين.

«أمرك سيدنا» و«أبطال وحرامية»

كتب زياد موسيقى وأغنيات مسرحياته من «سهرية» (1973) وصولاً إلى المسرحيتين الأخيرتين (كان لبشارة الخوري مشاركة محدودة في تأليف الموسيقى التصويرية فيهما) عام 1987، كتب الموسيقى التصويرية والأغنيات الخاصة لعملين مسرحيَّين للفنّان أنطوان كرباج: «أمرك سيدنا» و«أبطال وحرامية».

كيفك إنت (1991)

إنه الألبوم الثالث في رحلة الإبداع التي جمعت زياد بفيروز، بعد «وَحدُن» و«معرفتي فيك»، وفيه دفع زياد الواقعية في الكلمة إلى حدودٍ قرّبت فيروز إلى نبض الشارع. يُعدّ «كيفك إنت» اليوم من أهم ما غنّت فيروز لزياد بعدما انتقدته أصوات انضمّت لاحقاً إلى المدافعين عنه، قبل أن تعلوَ مجدداً عند صدور «مش كاين هيك تكون» (1998).

بما إنّو... (1995)

«بما إنو...» هو اللقاء الأخير بين زياد وجوزيف صقر، بعد أكثر من عقدين من التعاون في المسرح والأغنية. صدر الألبوم قبل رحيل جوزيف وبعد عشر سنوات من «هدوء نسبي»، شُغل خلالها زياد بتسجيل أغنيات لفيروز. حوى الألبوم أجمل أعمال الرحباني الغنائية، وشكّل صوت جوزيف الإضافة الوحيدة الممكنة إلى لحنها ونصها.

المصدر: الأخبار


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...