معرض دنماركي - سوري «لتواصل بين الشرق والغرب»

01-10-2008

معرض دنماركي - سوري «لتواصل بين الشرق والغرب»

صور متتالية في جوار بعضها بعضاً، التقطتها عدستا كاميرا موجهتان الى مكانين مختلفين، واحدة إلى دمشق والأخرى إلى كوبنهاغن. هذا معرض «انعكاسات»، وهو مشروع نظمته «المؤسسة الدولية للدعم الإعلامي» في الدنمارك... التي تريد ان تقول «إننا كبشر لسنا مختلفين عن بعضنا بعضاً كثيراً، لأن طريقتنا في التفكير وإمكاناتنا في المراقبة وانطباعاتنا عن الآخر هي أمور تعتمد الانعكاسات».

المعرض تستضيفه الآن دمشق، في خان أسعد باشا، وسيسافر بعد شهرين الى كوبنهاغن. ولإنجاز فكرته، اختارت المؤسسة الداعمة مصوراً دنماركياً، هانس كريستيان ياكوبسون، الذي يزاول مهنة التصوير الصحافي، والمصور السوري بسام البدر. ولأن المشروع قائم على فكرة الانطباعات عن الآخر، اختارت الجهة المنظمة ان يسافر المصور السوري ليراقب، وتسجل عدسته انطباعاتها خلال اسبوع في كوبنهاغن، وفعل المصور الدنماركي العكس.

أساساً هناك اختلاف في اسلوبي التصوير. إنه المعرض الثاني لبسام البدر الذي تعتمد صوره على السرعات البطيئة للتصوير، واللعب عليها. صوره ما زالت تفضل التشبع بالضوء، وتحويل الهيئات الى أطياف. تتلاشى الحدود وتختلط، وتتغير أبعاد الأشكال، فيما الضوء يترك ليعبث على غير المألوف في ضوابط التصوير. صور من كوبنهاغن، لكنها يمكن ان تكون، صوراً من أي مدينة أوروبية أخرى. ليس فيها معالم تميز المدينة، والتقنية التي التقطت بها في الأساس تضمر تبديد الملامح وتغييبها.

صورة لساحة مضاءة، واللافت فيها أن نور الأضواء يطغى تماماً، وتتراجع هيئات الأبنية لتصير خطوطاً غرافيكية. الأضواء في صور أخرى للبدر تغسل الشارع باللون، وهي الوان يمكن التعجب كيف أمكنها ان تحل في الصورة. انها لعبة الضوء، ومزاجه عندما يترك له ان يأخذ وقته في مزج اللون. صورة اخرى تفوح منها رائحة الشتاء من كثرة ما هي مركزة في شجرة عارية تحتل واجهة الصورة، لنرى المدينة من بين اغصانها.

لكن صوراً أخرى لبسام لم تأت بلافت. صور كان حضور الضوء فيها ثقيلاً على من يسقط عليه، وعلى العين ايضاً. ربما لفشل في ترويض الضوء، او ان ما تصوره في الكادر لم يكن ضمن المتوقع. او ربما هو ارتباكه من مدينة يزورها للمرة الأولى، فهو كما يقول لم يستطع تصوير اي شيء في الأيام الثلاثة الأ ولى للزيارة، إذ كانت المدينة مجرد ابنية جميلة وشوارع نظيفة ليس الا.

ينفي بسام ان تكون صوره تعتمد على الصدفة، ويقول انه يختار منظره ثم تبدأ لعبة التجريب: تغيير فتحة العدسات وسرعات التصوير الى ان يصل الى مبتغاه. قد يصل، او أحياناً تفوق الصورة ما اراده منها او تقل عنه. في صورة له يتحرك خيط ضوء في منحنيات وسط الصورة.

بسام لا يخفي ميله الى الرسم، والتصوير الزيتي، وهو يلتقط الصورة الفوتوغرافية. ويقول ان هذا حنين الى الرسم الذي تركه، لكنه يعود اليه من باب مختلف. يعتبر الكاميرا ريشة رسمه، ويذكّر ان اختراع هذه الآلة أتى اساساً من العلبة المظلمة، ذات الثقب الواحد، والتي كان يستخدمها الرسامون لضبط منظور رسمهم.

المصور الدنماركي حكاية مختلفة تماماً. مختلفة وجميلة على طريقتها. كريستيان مصور واقعي، لكن مزاجه الخاص ينعكس في صوره عن المدينة دمشق، فيعيد ترتيبها. وأنت تشاهد صوره، عن أشياء تعرف تماماً أنها تنتمي الى الشام، يمكن ان تتساءل: كيف تراءت له الأشياء بهذه الطريقة؟ ساحة الجامع الأموي الكبيرة في صور كريستيان مكان للمرح. الطفل يخطو في الهواء ليمسك حمامة، والشمس تتكئ على أعلى السور خلفهما، فيصير جناح الحمامة شفافاً للغاية. طفلان آخران معلقان في الهواء من ركضهما في الساحة، والكاميرا تلتقط ذلك التعبير المنتشي من اللعب في وجهيهما. يروح كريستيان الى مفرق تحت جسر المشاة، ويلتقط الزاوية التي يتفرع فيها الجسر الى طريقين، ويجعلنا نصادف مجموعة اشخاص بوجهات مختلفة على عددهم، وطرقهم متفرعة في وجوههم. يقف المصور الدنماركي في السوق، ويرى بائعي البالونات الكبيرة بطريقة مدهشة. يقرفص امامهما، الشمس خلفهما ويصير البالون دائرة من الضوء الأحمر فوق رأسيهما. هو مزاج المصور انعكس في المدينة، فبعث فيها حياة مختلفة. صور تصب ربما في هدف المؤسسة الدنماركية الداعمة، فهي تقول انه مشروع يأتي لإبراز الحاجة الى تواصل مفيد بين الشرق والغرب.

وسيم إبراهيم

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...