مخرج حزب أردوغان بحظر الحجاب

30-03-2008

مخرج حزب أردوغان بحظر الحجاب

بدأت تتكشف حقيقة الصراع السياسي في تركيا والأسباب المباشرة وراء رفع دعوى لحظر حزب العدالة والتنمية أمام المحكمة الدستورية، في سابقة هي الأولى من نوعها تجاه حزب يمسك بالسلطة وبغالبية كبيرة جدا.
وإذا كانت القاعدة السابقة أن الحزب الذي يمسك بالسلطة لا يطاح به إلا بانقلاب عسكري، فإن «الإطاحة» بحزب العدالة والتنمية الآن تعني وجود «انقلاب» من نوع آخر، أو بواجهة غير عسكرية، أو ما يصطلح على تسميته ب «الانقلاب القضائي».
وكانت سبع منظمات مجتمع مدني واسعة التأثير ومن جميع محافظات تركيا عقدت مؤتمرا بعنوان «نداء الاعتدال»، دعت فيه إلى قطع الطريق أمام الاستقطاب الحاد الحالي، والى أن يبادر كل طرف إلى خطوات تراجعية في المواضيع المختلفة.
وبالتزامن مع هذه الخطوة التي رحب بها رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان، كان الرئيس التركي عبد الله غول يلتقي زعماء المعارضة في البرلمان للبحث في الأزمة الراهنة. وأعلن رئيس المحكمة الدستورية هاشم كيليغ إن المحكمة ستبدأ النظر في مساع لإغلاق الحزب الاثنين المقبل إذا قدم مقرر المحكمة رأيه في الدعوى اليوم.
ماذا تعني عبارة»خطوة تراجعية» بالنسبة للأطراف السياسية؟
من مجمل التعليقات والمعلومات التي رشحت، تقف تركيا أمام مفترق طرق يعيد صوغ أسس الميثاق الذي يحكم العلاقات بين القوى السياسية في ضوء تجربة حزب العدالة والتنمية في السلطة والمعارضة المتشددة من بعض العلمانيين للتعديلات الدستورية التي جرت، والتي يزمع مواصلتها.
ويأخذ العلمانيون على حزب اردوغان انه لم يأخذ بمبدأ التسوية والمصالحة، والتوافق على القضايا الكبرى. فنيل الحزب 47 في المئة من الأصوات لا تخوله التفرد في سياسات البلاد، كما أن وصول الموس إلى ذقنه لحظره لا تعني أن يعدّل الدستور وفقا لهذا التطور بالذات، والتقاؤه مع حزب الحركة القومية وتوفر غالبية الثلثين لا تعني تعديل الدستور تلقائيا، وفي نقطة محددة ومن منظور عددي صرف للسماح للمحجبات بدخول الجامعات.
وكان على الحزب بدلا من تعديلات بالمفرق تناسب مصالح قواعده الشعبية فقط أن ينتظر، كما كان يخطط أصلا، لوضع دستور جديد يأخذ في الاعتبار ما عدّله بالتقسيط، وما يجب أن يبقى من دون تعديل. ومقابل التعديلات ذات الطابع «الإسلامي» كان على الحزب الحاكم أن يقدم ضمانات أقوى ونهائية بشأن حماية مبدأ العلمنة، ولا سيما لجهة عدم ارتداء الحجاب مستقبلا في الدوائر الرسمية، وفي المدارس إلى نهاية المرحلة الثانوية والمعاهد الدينية وما إلى ذلك.
ويقول رئيس تحرير صحيفة «حرييت» ارطغرل اوزكوك إن على رئيس الحكومة أن يسأل نفسه «في ولايتي الأولى نلت 34 في المئة وكانت ولاية من الاستقرار والنمو، ولم أكن على صدام مع وسائل الإعلام. اليوم معي 47 في المئة من الأصوات ومع ذلك لا يوجد استقرار في البلاد ولا استطيع أن افعل ما أريد. لماذا؟». ويوضح انه يجب التفتيش عن نقطة وسط بين متطلبات كل المجتمع وبين متطلبات الديموقراطية.
ويكشف اوزكوك، الذي يمثل التيار المقرب من العسكر والمتشددين من العلمانيين، أن الحل بسيط جدا. وبعدما يذكر أن انتخابات رئاسة الجمهورية أصبحت وراءنا، يدعو إلى «خطوة تاريخية» في موضوع الحجاب، وهو أن تقدم الحكومة ضمانات بشأن العلمنة عبر دستور يقطع نهائيا بعدم المس بها.
ويوضح الكاتب في «ميللييت» فكرت بيلا أن «الخطوة التراجعية» التي تحدث عنها رئيس اتحاد الغرف والبورصات رفعت حصارجي اوغلو تلتقي على أن تتضمن صيغة التوافق التي تدور بين افرقاء الصراع ما يلي:
1ـ أن يمتنع حزب العدالة والتنمية عن تقديم تعديلات دستورية بشأن منع إغلاق الحزب.
2ـ أن تبطل المحكمة الدستورية التعديل الدستوري الذي سمح بارتداء الحجاب في الجامعات.
3ـ أن ترفض المحكمة الدستورية الدعوى المقامة لحظر حزب العدالة والتنمية.
ويرى الكاتب وهاب منيار، في «حرييت»، أن الكرة الآن في ملعب اردوغان، ويبدو أن ردة فعله على نداء الاعتدال كانت ايجابية، لكن هذا لا يكفي بل يجب اتخاذ خطوة تراجعية عملية.
والمثير أن معظم ما يرشح من الكواليس تتحدث عن أن صيغة المصالحة مطلوبة من حزبي العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري، الممثل غير المباشر للقوى العسكرية والمتشددة، حتى يكون التوافق جذريا بين الإسلاميين وحرّاس الكمالية.

محمد نور الدين

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...