مؤشرات الحرب الأهلية على الأراضي الليبية

24-02-2011

مؤشرات الحرب الأهلية على الأراضي الليبية

Image
182059_129801733758714_122752104463677_202497_263292_n

الجمل: تزايدت مساء الأمس وصباح اليوم حدة الصراع الليبي-الليبي، وبعد مرور يوم واحد فقط من دخول الأزمة الليبية نفق التدويل على خلفية قرار مجلس الأمن الدولي وجامعة الدول العربية وتحركات زعماء الاتحاد الأوروبي، فقد دخلت الأزمة الليبية اليوم في أولى مراحل الحرب الأهلية: فما هي طبيعة الحرب الأهلية الليبية؟ وما هي طبيعة وخصوصية ثنائيات المواجهات الجارية في مسرح الصراع الليبي؟ وما هو تأثير دور الأطراف الثالثة الخارجية المتوقع خلال الفترة القادمة؟
* مسرح الحرب الأهلية الليبية: توصيف المعلومات الجارية
تشهد ساحة الصراع الليبي-الليبي المزيد من التحركات الإستراتيجية والتكتيكية لجهة الترتيب من أجل خوض جولة الصراع المسلح المرتفع الشدة والذي سوف يكون للقدرات العسكرية الدور الرئيسي في كافة حسابات حسم الصراع، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
•    عسكرياً: بدأت عملية اصطفاف فاعلية سلبية عسكرية وذلك لجهة تحركات القطع العسكرية باتجاه تحقيق عاملين، الأول حماية مناطق النفوذ والسيطرة على المنشآت الحيوية إضافة إلى السيطرة على الممرات والموانئ والمطارات الرئيسية، وحالياً تقول المعلومات والتسريبات بأن كل حقول النفط الرئيسية أصبحت تحت سيطرة القوات الموالية لمعسكر معمر القذافي، إضافة إلى أن هذه القوات تسيطر على عقدة المواصلات والطرق الرئيسية المؤدية إلى العاصمة طرابلس، وبالمقابل، تسيطر قوى المعارضة الليبية بشكل كامل على المدن الشرقية الرئيسية من الحدود المصرية والمطلة على البحر الأبيض المتوسط، وهي مدن الشريط الساحلي الشرقي: بنغازي، المرج، البيضاء، درنة وطبرق إضافة إلى الزويغينة وبعض المدن الصغيرة الأخرى الموجودة في المنطقة الشمالية الشرقية. وفي هذه المدن والمناطق استطاعت المعارضة الليبية فرض سيطرتها الكاملة على شئون الإدارة والحكم فيها بعد أن تراجعت سلطة الدولة الليبية بسبب عنف وشدة حركة المقاومة التي وجدت الدعم الكامل بواسطة السكان المحليين. وحالياً، وعلى خلفية حصول حركة المقاومة على المزيد من القدرات العسكرية بسبب انضمام المزيد من العسكريين من أبناء هذه المناطق إلى حركة المقاومة، فإن حركة المقاومة تتحرك حالياً باتجاه مناطق وسط ليبيا إضافة إلى بعض المناطق في الجانب الشمالي الغربي الذي يسيطر عليه أنصار الزعيم معمر القذافي.
•    اقتصادياً: يسيطر نظام الرئيس القذافي على الموارد الاقتصادية المالية والنفطية إضافة إلى القدرات الأخرى، وبالمقابل، أصبحت قوى المعارضة تفرض سيطرتها الكاملة على الموارد البشرية والمادية الأخرى الموجودة في مناطق شمال شرق ليبيا إضافة إلى بعض المناطق الوسطى.
•    سياسياً: استطاعت قوى المعارضة كسب الدعم السياسي إلى المستويين الداخلي والخارجي، وفي هذا الخصوص فهي تتمتع بالدعم السياسي الكامل في المنطقة الشرقية إضافة إلى التعاطف في أوساط سكان المنطقة الوسطى وبعض     المناطق الغربية، وعلى المستوى الخارجي تتمتع المعارضة الليبية بالدعم السياسي الأمريكي والأوربي الغربي إضافة إلى دعم المؤسسات الإقليمية والدولية الرئيسية وخصوصاً مجلس الأمن الدولي وجامعة الدول العربية والأطراف الأوروبية الرئيسية.
•    اجتماعياً: تلعب العوامل القبلية والعشائرية دوراً كبيراً في عمليات التعبئة السلبية الفاعلة، وفي هذا الخصوص فقد استطاعت المعارضة الليبية كسب دعم ومساندة القبائل في المنطقة الشرقية إضافة إلى عدد لا بأس به من قبائل المنطقة الوسطى، مع وجود بعض قبائل المنطقة الغربية الصغيرة التي أبدت استعدادها للتعاطف مع المعارضة، بالمقابل، مازال النظام الليبي قادراً على كسب دعم ومساندة بعض القبائل الرئيسية في المنطقة الغربية وأيضاً بعض قبائل المنطقتين الوسطى والجنوبية.
بحلول يوم الغد الجمعة، من المتوقع أن تنفجر واحدة من أكبر عمليات الاحتجاج السياسي، وعلى وجه الخصوص بواسطة الجماعات الإسلامية الليبية التي تتمتع بالسند القوي في المناطق الشمالية الشرقية وبعض المناطق الوسطى، وذلك بشكل متزامن مع حملة النظام الليبي الساعية إلى استخدام المزيد من الوسائط ذات الفعالية ليس في صد ضغوط الأزمة السياسية الزاحفة باتجاه المنقطة الغربية والعاصمة طرابلس وحسب، وإنما القضاء وبشكل نهائي على قوام حركة المقاومة.
* المواجهات الليبية وإشكاليات الجغرافيا العسكرية
تبلغ مساحة ليبيا 1.7 مليون كم2 تقريباً، وعلى أساس الاعتبارات الطبوغرافية فهي عبارة عن رقعة أرض واسعة مربعة تنقسم إلى منطقتين تضاريسيتين هما:
-    المنطقة الساحلية: ويمتد بشكل عرضي على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط من حدود مصر إلى حدود تونس.
-    المنطقة الداخلية: وتمتد على بضعة كيلومترات من الشريط الساحلي باتجاه الجنوب حتى الحدود مع السودان وتشاد والنيجر وذلك ضمن ما يعرف بحزام الصحراء الكبرى التي تمتد من ضفة النيل الغربية في مصر وتمتد حتى المناطق الغربية من الساحل الموريتاني.
هذا، وعلى أساس اعتبارات العامل السكاني –الديموغرافي فإن عدد سكان ليبيا البالغ 6.5 مليون نسمة نلاحظ أنه يتوزع على النحو الآتي:
•    الأغلبية العظمى تغطي المناطق الساحلية مع كثافة أكبر في المنطقة الغربية.
•    الأقلية تعيش في المناطق الوسطى والجنوبية ذات الطبيعة الصحراوية.
إذا تصاعدت حدة المواجهات وتحولت إلى حرب أهلية، فإن أبرز سمات هذه الحرب سوف يتمثل في الآتي:
-    القتال العنيف في المدن الموجودة على طول امتداد المنطقة الساحلية وعلى وجه الخصوص أنماط القتال المتعلقة بأساليب حرب الشوارع .
-    الاستخدام المتزايد للمناطق الصحراوية في عناصر المناورة والحركة إضافة إلى استخدام هذه المناطق الصحراوية كعمق إستراتيجي.
-    سوف يلعب عامل الإمداد الدور الرئيسي في حسم الصراع.
وبكلمات أخرى، إذا كانت الحسابات الإستراتيجية المتعلقة بمستقبل الصراع المسلح الليبي-الليبي تنطوي على قدر أكبر من التعقيد فمن الممكن ملاحظة الآتي:
•    تستطيع المعارضة الليبية الحصول على الإمدادات بكل سهولة عن طريق البحر خاصة وأن المدن الرئيسية التي تسيطر عليها المعارضة تتميز بإطلالتها البحرية المنفتحة على البحر الأبيض المتوسط، إضافة لذلك تستطيع المعارضة الحصول على الإمدادات عبر الحدود المصرية، وتقول المعلومات والتسريبات بأن المعارضة الليبية تسيطر على الجزء الشمالي من شريط الحدود المصرية-الليبية.
•    يستطيع النظام الليبي الاعتماد على المخزونات الإستراتيجية الكبيرة والتي تقوم القوات الموالية له بفرض سيطرتها الكاملة على مخزونات هذه الإمدادات وخصوصاً الذخائر وقطع السلاح والعتاد.
•    يستطيع النظام الليبي استخدام الوسائط العسكرية المتطورة مثل المدرعات والدبابات والطائرات وقطع المدفعية، أما المعارضة فتستطيع استخدام العناصر المسلحة وبعض القطع العسكرية التي انضمت لها، إضافة إلى عامل المعلومات الإستخبارية بسبب دعم السكان المحليين.
هذا، و على أساس اعتبارات حسابات الجهة العسكرية الرئيسي، فإن المعارضة الليبية سوف تسعى أولاً وقبل كل شيء لجهة السيطرة على مناطق تمركزها وفي نفس الوقت السعي باتجاه تنظيم الحملات الكبرى من أجل استهداف العاصمة السياسية طرابلس والقضاء على النظام، وبالمقابل لذلك، على أساس اعتبارات الجهد العسكري الرئيسي سوف يسعى النظام الليبي قبل كل شيء لجهة الحفاظ على العاصمة السياسية طرابلس إضافة إلى تأمين مناطق المساندة القبلية ثم القيام بتسوية الضربات المتلاحقة ضد عناصر المعارضة التي تحاول التقدم غرباً.
أما على أساس اعتبارات عامل الإمداد، فإن النظام الليبي الذي يملك حالياً السيطرة النافذة على الموارد والمخزونات الإستراتيجية فإنه سوف يلجأ إلى استخدام حرب الإمدادات بحيث يقوم بتطبيق كل الأساليب التي تجعل المعارضة غير قادرة على الحصول على الإمدادات، بما يؤدي إلى إرهاقها وإضعافها، خاصة أن المعارضة الليبية لم تبدأ باستخدام اضرب واهرب، وإنما لجأت منذ البداية بالاستيلاء على المدن التي يقطنها عشرات الآلاف من الناس، وهذا معناه أن على المعارضة العمل لجهة توفير مقومات الحياة والمعيشة لهؤلاء السكان في بلد يتميز بطبيعته الصحراوية ويعاني من التبعية للخارج في كل شيء، وعلى وجه الخصوص في الاحتياجات الصحية والغذائية، وتقول التسريبات بأن العديد من خصوم النظام الليبي الأوروبيين أصبحوا أكثر تردداً لجهة القيام بتوفير الدعم للمعارضة الليبية، وذلك لأنه سوف يكون دعماً باهظ التكلفة، طالما أنه من الصعب إطعام مدن يقطنها عشرات الآلاف السكان عن طريق السفن والشاحنات العابرة للصحراء! وبالتالي يسعى خصوم النظام الليبي إلى تكثيف الضغط وتوفير الدعم السريع العاجل لقوى المعارضة من أجل حسم معركة طرابلس والاستيلاء على السلطة على وجه السرعة، وفي هذا الخصوص تقول العديد من التسريبات باحتمالات القيام بالمزيد من العمليات السرية التي تستهدف تنفيذ الاغتيالات في أوساط رموز النظام الليبي وعلى وجه الخصوص الزعيم معمر القذافي وأبناءه سيف الإسلام، وخميس القذافي و بعض قادة الوحدات العسكرية وزعماء القبائل والعشائر الداعمة للقذافي، إضافة إلى لسيناريو الاغتيالات المحتمل، تقول التسريبات باحتمالات أن تقوم بعض الدول الكبرى أو ربما حلف الناتو بتنفيذ ضربات عسكرية جوية لجهة القضاء على مراكز القيادة والسيطرة الواقعة تحت قبضة النظام الليبي، وذلك ضمن عملية قصف جوي مكثف لا يتجاوز جدول  تنفيذها الـ 48 ساعة كحد أقصى.
وبرغم هذه الاحتمالات تبقى فرضية الكابوس المزعج والقائلة بأن الزعيم الليبي لم يقم في الماضي بتسليم كل أسلحة الدمار الشامل الموجودة بحوزته، وبالتالي فهناك احتمالات كبيرة أن يكون قد احتفظ ببعض الرؤوس الحربية الكيماوية والتي كما تشير التوقعات بأنه سوف لن يتردد في استخدامها إذا تزايدت الضغوط المكثفة ضده وصول الأمر إلى مرحلة الخطر الوجودي، بما يجعل القذافي يلجأ إلى التقاط الإشارة وإدارك أنه يخوض حرب البقاء والوجود!

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...