فاطمة وأسماؤها

20-11-2006

فاطمة وأسماؤها

«تمتوم» اسم الدلع الذي استقرت عليه فاطمة بعدما اعتمدت «تيما» اسماً لها منذ بضع سنوات.

ومع أن الاسم أكثر الأشياء ملازمة لصاحبه، تعيش فاطمة (25 عاماً) علاقة غريبة مع اسمها. علاقة مرّت بمراحل متعددة يسودها «نفور حاد». وتقول بحزم: «باختصار... أنا لا أحب اسمي».

الكلام مع فاطمة أو الكتابة عنها حذر جداً، فهي تفضّل استخدام «تيما» لمناداتها في كل الحالات. و «تيما» هو أكثر أسماء الدلع شيوعاً، للـ «فاطمات»، إذ إنه مشتق من كتابة الاسم باللغة الأجنبية. وقد تزايد اعتماده اسم دلع على حساب «فطوم» و»فطومة» و»فوفو» وأحياناً «موما»... وغيرها من أسماء ما عادت «على الموضة».

أمّا اختيار «تيما» دلعاً لفاطمة، فكان انطلاقاً من ابتعاده كلّ البعد عن اسمها، ولن يعي المتحدّث إليها أن اسمها الحقيقي «فاطمة» إذا لم تخبره بذلك.

وتحمل فاطمة اسم جدّتها، كونها الحفيدة الكبرى في العائلة. وحرص أهل أبيها على مناداتها باسمها منذ صغرها، حفاظاً على اسم والدتهم التي توفيت، على رغم أنّها عبّرت عن كرهها لهذا الاسم مراراً وتكراراً. ولا تملك «تيما» أي تفسير لذلك، منذ كانت صغيرة، ولكنّها تؤكّد أنها كانت في السابعة عندما نامت باكية لأنها تريد أن تغيّر اسمها. ثم تسخر قائلة: «ومن تواضعي الشديد كنت أريد أن يكون اسمي قمر».

ولجأت فاطمة إلى أساتذتها في المدرسة طالبة المساعدة لتغيير اسمها، ولكنهم أقنعوها بصعوبة تطبيق هذه الفكرة، إذ يتوجب عليها «رفع دعوة على ذويها، بعد بلوغها سن الثامنة عشرة. والبتّ في مصلحة صاحب الدعوى يكون لأسباب وجيهة، منها، على سبيل المثال، أن يلحق الاسم عاراً بحامله، وإلاّ خسر الدعوى».

أذعنت فاطمة لاستحالة تغيير اسمها لكنّها لم تسلّم به قدراً، وبقيت تعترض عليه، وصارت تفضّل الأساتذة أو الأقارب الذين ينادونها باسم عائلتها أو يختارون لها اسم دلع. وبعد أن برّأت أمّها وأسقطتها من لائحة «المذنبين»، حوّلت فاطمة جلّ غضبها إلى عمّتها التي كانت السبب في إطلاق هذا الاسم عليها. وتستغرب فاطمة أن يناديها أحد أفراد عائلتها بـ «تيما»، في حين تعتبر «تيما» أن مناداتها فاطمة من زميل أو صديق هو تأنيب لها.

ولم يحل التقدّم بالعمر دون استمرار شعورها ذاك خصوصاً أن النقاش في هذا الموضوع ما زال يسبب لها مشكلات جدّية.

وتقسمّ «تيما» اعتراضها على اسمها إلى مراحل: فكان أولاً بحثاً عن اسم أجمل لطفلة. وفي أيام المراهقة، تحوّل إلى اعتراض على شيوعه. وتقول: «نادي على فاطمة في الشارع تلتفت عشر فتيات على الأقل». وبعد أن كرّست الصبية «تيما» اسماً لها، أصبحت تصف نفورها من اسمها تعبيراً عن موقف «سياسي». وتشرح: «في أي بلد آخر اسمي يعتبر عادياً، أمّا هنا حيث تستشري الطائفية، يتحوّل تهمة، تُصنّف آرائي على أساسها قبل أن أدلي بها». ولا تفرّق فاطمة، بين اسمها أو أي اسم آخر يحمل دلالات دينية، تتحوّل طائفية، بمفهوم السياسة في لبنان. وتضيف: «لا أكفّ عن التفكير في احتمال قتلي بسبب اسمي، في حال نشوب حرب أهلية جديدة، في ما يُعرف بنوبة الذبح على الهوية».

أحد زملاء «تيما» عرف أنها وفاطمة الشخص نفسه، بعد أكثر من سنة على عملهما معاً. فـ «تيما» تُضطر إلى استخدام اسمها الحقيقي في عملها، وإن كانت تلفظه «فاتيما» عند التعريف بنفسها.

وبين طريقة لفظ وأخرى، واسم وآخر، تتضارب مشاعر «تمتوم» التي اعتادت الكلام عن نفسها بصفة الغائب.

فاطمة رضا

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...