عن تلازم المسارين البريطاني- الأمريكي وانتهاء صلاحية توني بلير

30-10-2006

عن تلازم المسارين البريطاني- الأمريكي وانتهاء صلاحية توني بلير

الجمل:  تحدث توني بلير رئيس الوزراء البريطاني عن رغبته في التخلي عن منصبه، خلال هذا العام، وبرغم رفضه إعطاء تاريخ محدد لذلك، إلا أن معظم المحللين يعتقدون بأن هذا العام سوف يكون الأخير لتوني بلير في منصب رئيس الوزراء.
ارتبط اسم طوني بلير بالولاء والتبعية الشديدة للسياسة الخارجية الأمريكية، وذلك على النحو الذي دفع خصميه السياسيين غوردون براون (وزير الخزانة البريطاني الحالي والمرشح لرئاسة حزب العمال بدلاً عن توني بلير) وديفيد كاميرون زعيم حزب المحافظين المنافس لحزب العمال إلى الحديث عن الحاجة إلى انتهاج سياسة خارجية بريطانية مختلفة في المستقبل، عما يحدث الآن:
يقول داريو كريستياني الباحث في مركز دراسات القوة والمصلحة بأن التصريحات التي أدلى بها خصوم ومنافسي توني بلير لم تتضمن تحديداً لنوع السياسة الخارجية البريطانية الجديدة في المستقبل، ويشير الباحث كريستياني إلى الجوانب الآتية:
- العلاقة الخاصة البريطانية- الأمريكية: إذ يرى الباحث بأن الجذور المعاصرة لهذه العلاقة تعود إلى فترة الحرب العالمية الثانية التي جمعت ضمن حلف واحد بين أمريكا وبريطانيا في الحرب ضد النازية والفاشية، وأيضاً إلى التعاون المشترك الوثيق بين البلدين في مواجهة المعسكر الشرقي الاشتراكي والشيوعي خلال فترة الحرب الباردة، وبالتالي إذا كان توني بلير قد لعب دورا كبيرا ًفي توثيق عرى العلاقة بين أمريكا وبريطانيا، فإن البديل الذي سوف يأتي بعده لن يكون باستطاعته التخلي عن هذه العلاقة الخاصة، وذلك لأن انتباه الشعب البريطاني الأنجلو- ساكسوني، يظل مشدوداً تماماً الى علاقات عبر الاطلنطي مع الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تعتبر دولة أنجلو- ساكسونية أيضاً.. كذلك بريطانيا من الممكن أن تتدهور مكانتها الدولية بقدر كبير إن تخلت عن أمريكا، خاصة وأن الاستثمارات البريطانية ترتبط بأمريكا، إضافة إلى أن قوة بريطانيا العسكرية لن تسوى شيئاً دون وجودها إلى جانب أمريكا.
- ضعف التأييد والدعم الشعبي لتوني بلير: ويرى الباحث بأن توني بلير قد وصل إلى كرسي رئاسة الوزارة في بريطانيا بسبب رأيه الصريح حول ضرورة الانخراط والتعاطي مع أمريكا في شؤون السياسة الدولية، وذلك على أساس اعتبارات أن بريطانيا لن يكون في مصلحتها السير بالكامل في ركب الاتحاد الأوروبي الساعي للاستقلال عن أمريكا، وإنما من مصلحة بريطانيا أن لا تقترب كثيراً من ركب الاستقلال الأوروبي، وأن لا تبتعد كثيراً عن الوقوف إلى جانب أمريكا، وذلك من أجل أن تحتفظ بريطانيا لنفسها بالقيام بدور الجسر الذي يربط بين أوروبا وأمريكا.
ويرى الباحث أن مشكلة توني بلير الأساسية تتمثل في الأزمة العراقية، وبأنه قام بتنفيذ نفس سيناريو التضليل الذي قام به جورج دبليو بوش في أمريكا والمتعلق بموضوع أسلحة الدمار الشامل العراقية، وتحرير العراق، وبأن الشعب العراقي يؤيد الوجود البريطاني الأمريكي.
وأخيراً نقول: من الصعب على أي رئيس وزراء بريطاني قادم الخروج بعيداً والانفلات عن دائرة العلاقة البريطانية- الأمريكية الخاصة، وذلك بسبب المصالح الاقتصادية الهائلة التي تربط بريطانيا بأمريكا، وذلك على النحو الذي أصبح يشكل عامل قوة لعملة الجنيه الاسترليني (عملة بريطانيا) في مواجهة اليورو (عملة الاتحاد الأوروبي الموحدة)، كذلك فإن الرابطة الانجلو- ساكسونية التاريخية التي تربط بين الشعب البريطاني والأمريكي من الصعب تجاوزها.. إضافة إلى إن جماعات المصالح والطبقات الاجتماعية العليا المؤثرة في القرار، مازالت تطالب بعلاقات أقوى مع أمريكا.. ومن هنا يمكن القول: إن ارتباط وتلازم المسار السياسي البريطاني- الأمريكي في البيئة السياسية الدولية، سوف لن يشهد سوى بعض التعييرات (الديكورية) بحيث يكون السيناريو إزاء العراق، وأفغانستان، والصراع العربي- الإسرائيلي، هو.. هو.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...