عملية «أنركست»: أبعدُ من تجسس على طائرات إسرائيل

01-02-2016

عملية «أنركست»: أبعدُ من تجسس على طائرات إسرائيل

كشفت صحيفة «يديعوت احرنوت» النقاب عن أن مساعي الرصد الأميركية والبريطانية من قبرص للنشاطات الجوية الإسرائيلية، لم تقتصر على كشف شيفرة اتصالات الطائرات الحربية والطائرات من دون طيار، وإنما تخطت ذلك لشيفرة تجارب إطلاق صواريخ منظومة «حيتس».
وكانت الأنباء التي نشرت حول هذا الموضوع أثارت عاصفةً في إسرائيل، دفعت حكومة بنيامين نتنياهو بعدها إلى الإعلان عن أنها ستطلب توضيحات من الدولتين الحليفتين حول قضية «أنركست» Anarchist (الفوضوي) التي فضحتها وثائق ادوارد سنودن.فلسطيني ينتظر دوره لتعبئة قارورة غاز في محطة للغاز في وسط غزة. وتقوم محطات الغاز في القطاع بتعبئة القوارير إلى نصفها فقط نظراً لنقص حاد في استيراد الغاز من الأراضي المحتلة (أ ب أ)
ووصفت محافل إسرائيلية مطلعة ما نشر حتى الآن في الصحافة العالمية حول قضية «أنركست» بأنها «التسريب الأخطر في تاريخ الاستخبارات الإسرائيلية». وأشارت «يديعوت» إلى أن أجهزة الاستخبارات الأميركية والبريطانية كانت أيضاً ترصد نشاط الصاروخ المعروف باسم «أنكور الأسود»، وهو صاروخ الهدف في مشروع «حيتس»، ما أتاح لها جمع معلومات استخبارية عالية القيمة. وأضافت الصحيفة أن هذه المعلومة تظهر أيضاً من وثائق العملية التي سربها أدوارد سنودن.
وصاروخ «أنكور الأسود» صاروخ تطلقه طائرة «إف 15»، وهو بصيغته الأكثر شيوعاً يشبه إطلاق وتحليق صاروخ باليستي. وتنتج شركة «رفائيل» الإسرائيلية هذا الصاروخ بالتعاون مع شركة «رايتون» الأميركية Raytheon (التي تصنع صواريخ باتريوت)، ومهمته التشبه بالصواريخ في تجارب منظومة صواريخ «حيتس» وصواريخ أخرى ضد الصواريخ التي تنتجها إسرائيل كجزء من مشروع «حوما» (السور) للدفاع ضد الصواريخ.
وهكذا على سبيل المثال، أعلنت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أنها، في تجربة خاصة في الأول من نيسان الماضي، أفلحت منظومة «عصا الساحر» في اعتراض صاروخ «أنكور الأسود» أثناء تحليقه. والآن يتبين أيضا أن «أنكور الأسود» كان هدفاً للتجسس من جانب أميركا وبريطانيا. وتعتبر ملاحقة الصاروخ الهدف جزءا من متممات العملية الجارية في إطار «أنركست»، وقد نالت اسم الشيفرة «مسار» (Runway).
وكانت قضية «أنركست» قد فُضحت في تقارير نشرت في وقت متزامن يوم الجمعة الماضي في كل من «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية ومجلة «در شبيغل» الألمانية وموقع «ذا انترسبت» الإلكتروني. ونشر أن عملية التجسس المشتركة لوكالتي الأمن القومي الأميركي NSA و«المقر العام للاتصالات الحكومية البريطانية» GCHQ، تعلقت باعتراض بث أقمار صناعية، منظومات قتالية متطورة وطائرات في أرجاء الشرق الأوسط. وكان في مركز هذه العملية رصد منظومة الطائرات من دون طيار الإسرائيلية.
وأشارت المعلومات الصحافية إلى أن عملية «أنركست» أديرت على مدى سنوات من قاعدة حصينة حفرت في أعماق الأرض، ومحاطة بأسوار، وهي مليئة بأجهزة الالتقاط والهوائيات، على قمة جبل ترودوس في قبرص. وجرى الإعلان عن أنه في إطار العملية، أفلح الأميركيون والبريطانيون في فك شيفرة الاتصالات المشفرة بين الطائرات من دون طيار وقاعدتها في إسرائيل، وأنهم عملياً كانوا يرون كل ما يراه مشغلو الطائرات الإسرائيليون: جمع المعلومات من أرجاء الشرق الأوسط، واستخدام الصواريخ والقذائف لتنفيذ اغتيالات واستعدادات للهجوم على إيران.
وبحسب ما نشرت «يديعوت»، فإن وثائق سنودن أظهرت أن اسرائيل تستخدم اسطولاً كبيراً من الطائرات غير المأهولة التي تجمع المعلومات الاستخبارية في غزة، في الضفة الغربية وفي ارجاء الشرق الاوسط، بل واستخدمت، على حد قول الباحثين، في صالح جمع المعلومات عن التخطيط للقنبلة في إيران. وتتسلح طائرتان من هذه الطائرات بالصواريخ والقنابل لتنفيذ الاحباطات المركزة. وتعمل الطائرات من سلسلة قواعد في اسرائيل، بما فيها تل نوف، بلماخيم وعين ـ شيمر.
عملياً، تعد هذه اطلالة الى بواطن العالم السري الاسرائيلي: بنك الاهداف، المقاصد، التفضيلات والقدرات، ومن عيون اسرائيل نحو اعدائها. واستفادت الولايات المتحدة وبريطانيا عملياً من القدرات الاستخبارية الهائلة لاسرائيل ورأتا كل ما رأته حليفتهما. وبحسب مصدر استخباري كبير اطلع على التحقيق، فان «هذه تعد بمثابة هزة أرضية. هذا يعني أنهم أجروا لنا تعرية اكراهية ولا يقل عن ذلك ـ أنه على ما يبدو لا تعتبر أي من وسائل الاتصال المشفرة عندنا آمنة منهم. هذا هو التسريب الاخطر في تاريخ الاستخبارات الاسرائيلية».
ولم تكن إسرائيل الوحيدة ضمن أهداف مشروع «أنركست». إذ تظهر وثائق سنودن عن هذا المشروع عمق وحجم النشاط الأميركي ـ البريطاني المشترك في القاعدة القائمة في قبرص، والتي كانت ترصد «الأقمار الصناعية المرتبطة بجيوش دول أخرى، بينها الصين، الارجنتين، إيطاليا، فرنسا، ألمانيا وإسرائيل»، بحسب ما ورد في إحدى الوثائق. وتقول وثيقة إن «جمع هذه المعلومات يطور قدرات جهاز الاستخبارات الأميركي على فهم القدرات والأهداف التي تملكها القوى العظمى الأجنبية».
في كل حال، فإن وثائق «أنركست» تكشف بالدليل القاطع ما ترفض إسرائيل حتى الآن الاعتراف به، وهو أن لديها طائرات من دون طيار مسلحة، وتقوم بتنفيذ مهام قتالية كالاغتيال أو تدمير أهداف. وقد عرض التقرير المنشور صوراً لطائرات إسرائيلية من دون طيار تحمل قذائف وصواريخ على جانبيها.
كما أن التقرير يبين دور القاعدة في قبرص في مراقبة الطائرات من دون طيار التي استخدمها «حزب الله» في سوريا. وذكر التقرير أن هذه المتابعة وفرت أدلة نادرة ومعلومات استخبارية حول المساعدات الإيرانية للقوات السورية، مشيراً أيضاً إلى أن هذه المعلومات حظيت باهتمام رئاسي أميركي، كما أن تقريراً للاستخبارات البريطانية تحدث عن صناعة إيران لطائرات من دون طيار، وأنها «باتت تصدر لعدد من منظمات الإرهاب».
وبحسب صحيفة «إسرائيل اليوم» المقربة من نتنياهو، فإنه بعد شهر من الأنباء عن تنصت أميركا على رئاسة الحكومة الإسرائيلية، يتوقع مرة أخرى أن تطلب الحكومة الإسرائيلية من الحكومتين البريطانية والأميركية توضيحات حول ما يتعلق بمشروع «أنركست». وكان وزير الاستخبارات الإسرائيلي إسرائيل كتس أعلن أنه «إذا كانت هذه المعلومات صحيحة، فهذا يشكل مساً خطيراً بأمن دولة إسرائيل. والأمر يتطلب فحصاً واستخلاصاً للعبر والدروس. الأمر يتطلب فحصاً داخلياً في إسرائيل من ناحية مهنية».

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...